تحدّث جون كولمان في مقال “11 كتاباً يجب على كل قائد شاب قراءتها” عن قائمة كتب يوصي بقراءتها، وليس في القائمة كتاب من تأليف سيدة.

وفي حين أن جزءاً مني يحثّني على التصريح بعدم عدالة القائمة، فأنا أذكّر نفسي باستمرار أنها قائمة جون، يوصي فيها بما يشاء. الحق أقول، ما يقلقني وآمل أن يكون مصدر قلق لكم أيضاً هو غياب الصوت النسائي عن مجموعته الكبيرة من كتب مهارات القيادة، أو على الأقل عن أفضل 11 كتاباً يوليها أهمية ويجد فيها الإلهام. والحق أيضاً أن اختيارات جون ليست غريبة في نظر الرجال، أو حتى في نظر النساء، فعندما طلبت مؤخراً من مجموعة من النساء المهنيات الناجحات إعداد قائمة بكتبهن المفضلة في ريادة الأعمال، انحازت القائمة إلى حد كبير تجاه الرجال. وكذلك كان حال قائمتي، منذ أمد ليس ببعيد. هذه مشكلة حقيقية ما لم نكن مقتنعين بأن ليس لدى المرأة ما تدلي به على صعيد صقل مهارات القيادة.

وهو ما يقودني إلى أول كتاب في القائمة الموصى بها:

“نحن” (WE)، لعالم النفس الشهير، روبرت جونسون، الذي يتبع مذهب العالم كارل يونغ. في هذا الكتاب، يبين جونسون أن لكل رجل وامرأة تكويناً نفسياً فيه خصال “ذكورية” و”أنثوية”، ويتمثل الجانب الذكوري في قدرتنا على ممارسة القوة والسيطرة على المواقف، في حين تمثل القدرة على الارتباط والحب الجانب الأنثوي، وحتى يكتمل كل من الرجل والمرأة، لا بد من تطوير ضفتي النفس هاتين. ثم يشرح جونسون أن الرجال والنساء على حد سواء تعلموا النظر إلى القيم الذكورية على أنها مثالية، وتفضيلها على الجانب الأنثوي من الحياة. وربما هذا ما يفسر غياب صوت المرأة عن قوائم كتبنا القيادية. يوضح جونسون في كتابه أن القيادة المثلى لا تتحقق إلا عندما نستفيد من جانبي نفسيتنا الذكوري والأنثوي ونقدرهما.

وفي كتاب“العقلية” (Mindset) تقول عالمة النفس كارول دويك: “نجاحنا لا يكون بقدراتنا ومواهبنا وحدها؛ ولكنه يعتمد على عقليتنا في سعينا صوب أهدافنا، هل هي عقلية محدودة أو عقلية نمو؟”. ومن المهم أن نتسع بنطاق فرصنا حتى نجد فيها تحدياً. لكن على القائد ألا يعتبر أن قدرات أتباعه جامدة، بل أن يؤمن بأنهم قادرون على التغير والتكيف والنضج.

يعتمد كتاب “معضلة المبتكر” (The Innovator’s Dilemma) لمؤلفه كلايتون كريستنسن، (من قائمة جون كولمان) على فكرة عقلية النمو في سياق الأعمال تحديداً. ويعرض النظرية التي غيّرت طريقة تفكيرنا في الابتكار: يدخل المزعزِعون السوق بابتكارات جديدة بسيطة في متناول الجميع، ليفرضوا في النهاية واقعاً جديداً على قطاع بأكمله. ويقدم كريستنسن نظرية وجيهة لتعلم كيفية القيادة، سواء تعلق الابتكار المزعزع بمنتج أو خدمة أو شركة أو بفرد على وجه الخصوص،

العثرات حتمية في تجربة التعلم بالتطبيق العملي. في كتاب “الجرأة الكبيرة” (Daring Greatly)، تساعدنا برينيه براون، الباحثة والمؤلفة والخبيرة في مواضيع الضعف الإنساني والشجاعة والعار والتعاطف، في تفهّم أننا نعيش في ظل ثقافة العار التي تتجسد في عدم قدرة الرجل على إظهار الضعف، وعدم السماح للمرأة برفع سقف أحلامها كثيراً من الأساس، وفي النهاية، يعزلنا إحساسنا بالعار عن الآخرين، ومع ذلك، فلن تتسنى لنا القيادة إلا حين نرتبط بالآخرين (ولأجل المفارقة، هذا يستدعي إظهار ضعفنا).

الكتاب التالي في القائمة هو “تميّز” (Standout) لماركوس بكنغهام. وهو قراءة سريعة تعقب إجراءك تقييماً عبر الإنترنت يحدد أقوى دورين يمكنك النهوض بهما. سيكون عليك التركيز على القراءة عن نقطة قوتك، لذلك، أقترح أن يخوض موظفوك الاختبار بدورهم، وقراءة الكتاب للاستفادة من نصائحه في صقل مكامن قوتهم. ويبين الكتاب الظروف التي تكون فيها أقوى ما يكون، وكيفية استثمار نقاط قوتك هذه في دورك القيادي، وما ينطوي عليه ذلك من مزالق محتملة.

وكي تطّلع على دراسة حالة حول الجمع بين خصالك الذكورية والأنثوية بصقتك قائداً، أوصيك بقراءة “وارن بافيت يستثمر مثل فتاة” (Warren Buffett Invests Like a Girl) للكاتبة لوآن لوفتون، من شركة موتلي فول (Motley Fool) الاستشارية. فإن كنت رجلاً، فستجده تجربة تعلم فعالة للاستفادة من نقاط قوتك الأنثوية، وسوف تجده المرأة تأكيداً لما لديها من نقاط قوة. فسّر البعض كتاب “نهاية الرجال” لهانا روسين بأنه إعلان انتصار النساء على الرجال في معركة النوع، ولكن من يمعن القراءة يجد أن الكاتبة تبرز أهمية نقاط القوة الذكورية والأنثوية التقليدية. وفي كتابنا هذا مزيد من الإيضاح لهذه الفكرة.

يسهل علينا أن ننظر إلى القائد باعتباره شخصاً لا يطيق المعارضة أو المساومة، ولكن الواقع يظهر لنا أن عظمة القيادة تكمن في القدرة على التفاوض حتى الوصول إلى اتفاق. يقول ستيف جوبز: “الابتكار أن تقول ألف لا قبل أن تقول نعم”، وبالمثل هي القيادة؛ يجب أن تتعلم قول “نعم”، لتقود. وفي هذا الصدد، كان كتاب ويليام أوري “قوة الرفض الإيجابي” (The Power of a Positive No) مؤثراً في فهمي لهذه الفكرة، ومن بين العبارات التي أعجبتني في هذا الكتاب قوله: “كلمة نعم هي سر التواصل لا الحماية”. يجمع القائد بين الاثنين،

وحتى ننهض بدور قيادي في الحقبة المقبلة، علينا الإحاطة بقوة التلعيب: أي تطبيق عناصر اللعب وأساليب التصميم على مشكلة لا صلة لها بعالم الألعاب، من قبيل التحديات المتعلقة بالشركات والأثر الاجتماعي. ويعد كتاب “تهشم جدار الواقع” (Reality is Broken) للكاتبة جين ماكغونيغال، من كتب الأعمال القليلة التي استطعت إقناع ابني البالغ من العمر 16 عاماً بقراءتها، ولم أستغرب أنه استمتع به. يركز القائد على المستقبل.

في كتاب “الشركة الناشئة اللينة” (The Lean Start-Up)، يقدم إريك ريس، وهو أحد قادة الفكر في الجيل الجديد ويسير على درب كلايتون كريستنسن، منهجاً علمياً لإدارة الابتكار، سواء في شركة ناشئة قوامها شخص واحد أو في شركة كبرى. ومن أهم نقاطه الرئيسية أن جميع القادة هم رواد أعمال يحاولون تحقيق شيء ما في ظل ظروف شديدة الغموض، ومن الأفكار اللافتة هنا فكرة منتج الحد الأدنى؛ وهي عملية تكرارية لتوليد الأفكار وصنع النماذج الأولية وإلقاء العروض وجمع البيانات والتحليل والتعلم، وأعتقد أنها عملية تنطبق أيضاً على الأفراد، وهي طريقة رائعة للتحايل على نزعة طلب الكمال.

كما أوصي بقراءة كتاب “أهمية الراحة” (Sabbath) من تأليف واين مولر، أوصي به لأنه ممتع لغوياً وأدبياً، كما أن الكتاب يعزز وجهة نظري التي تقول بضرورة أن يكون لدى القائد الناجح بوصلة أخلاقية. يؤكد مولر أهمية أخذ قسط من الراحة والانعزال، تمهيداً للتواصل مجدداً مع القيم الأهم، وكل عناصر النهج الأخلاقي السليم الأساسية.

وإليك توصية إضافية: رواية “البؤساء”، لأنها واحدة من أعظم الأعمال الروائية على الإطلاق، ولأن بطلها جان فالجان قائد يجسد أفضل ما في الذكر والأنثى من خصال ونقاط قوة.

هل هذه القائمة مناسبة لك بوصفك قائداً؟ ليس لي أن أقرر هذا. فهي قائمتي أنا. وسوف تكون لديك قائمتك. وإن قُدّر لك أن تصبح قائداً في مجالك ذات يوم، فاعلم أنك عندما تدرك قيمة مواطن قوتك الذكورية والأنثوية ستنال الاحترام والمحبة، وستسير على درب القيادة العظيمة بحق، حيث يتبعك كثيرون، ربما من دون أن يعرفوا سبباً لذلك. أما هذه القائمة فهي تمثل لي عيون المعرفة التي أتعلم منها فنون القيادة.