5 دروس مستلهمة من كتاب “فن إدارة المواقف”

5 دقائق
كتاب "فن إدارة المواقف"
shutterstock.com/FreelySky
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: كتاب “فن إدارة المواقف” عبارة عن مجموعة من القصص القصيرة تلهم القارئ لإعادة النظر في مواقفه وتغييرها إلى الأفضل؛ إذ يستخلص الكاتب من هذه القصص حكماً تسهم في تحقيق كل من النمو الشخصي والمهني إن أراد القارئ تطبيقها.

في العالم الديناميكي لإدارة الأعمال وتنمية الذات، حيث كل فكرة هي نقطة انطلاق نحو النمو المهني والنمو الشخصي، يظهر كتابٌ يتحدى السرد التقليدي؛ كتاب “فن إدارة المواقف” للمؤلف محمد بن عبدالله بن محمد الفريح، الذي يجمع في صفحاته الثلاثمائة نحو 160 قصة قصيرة ملهمة، ليس بغرض التسلية فحسب، على الرغم من أن قراءته ممتعة فعلاً؛ وإنما بهدف التنوير؛ إذ تكشف كل قصة عن حكمة تنتظر تطبيقها في السعي نحو تحقيق النجاح وتطوير الذات. ومن خلاصة هذه القصص؛ إليك 5 من أهم الدروس التي قد تساعد على تحقيق كل من نموك الشخصي والمهني وإدارة المواقف العملية والحياتية بحكمة.

5 دروس مستلهمة من كتاب “فن إدارة المواقف”

1. أحبب ما تفعله

تروي إحدى قصص الكتاب أن مديراً للإنشاءات سأل ثلاثة من العمال عما يفعلونه، فأجاب أولهم بغضب أنه يكسر الأحجار الصلبة بأدوات بدائية، وقال الثاني إنه يشكّل هذه الأحجار إلى قطع قابلة للاستعمال، وهو عمل متعب وممل لكنه ضروري لكسب قوت اليوم وإطعام الأطفال، أما الثالث فأجاب: “أنا أبني ناطحة سحاب”. والعبرة وفقاً للكاتب هي أن “تنظر دائماً للأمور من الزاوية الإيجابية، وتتمتّع بما تعمله، ولا تحبط نفسك فيما تفعل، فالحياة تستحق منك أن تبتسم وأنت تعمل”. 

ومما لا شك فيه أن حب العمل يعزز الالتزام ويزيد الإنتاجية ويلهم الآخرين ويقوي بيئة العمل الإيجابية. بالإضافة إلى أن القدرة على الاستمتاع بالعمل هي العامل الرئيسي للوصول إلى حالة التدفق؛ وهي الاستغراق الكامل في أداء عمل ما والإحساس بالمتعة والإبداع وتدفق الأفكار. في المقابل، وإذا ما نظرت إلى كل مهمة تُكلَّف بها على نحو سلبي، فإن هذه العقلية ستصعِّب عليك إكمال مهامك بالفعل. يمكن القول إن الشغف لا يدفعك نحو الاستمتاع بالعمل فحسب؛ وإنما يساعدك في التغلب على العقبات في مكان العمل. لذلك، ابحث عن الشغف في مهامك اليومية الشاقة أو الرتيبة باستخدام هذه النصائح:

  • انسجم مع رؤية المؤسسة: افهم كيف يؤثر عملك في حياة الآخرين، وأدرِك قيمة مهامك في سبيل تحقيق رسالة الشركة، فإدراك أهمية جهودك يسهم في الشعور بالهدف والشغف.
  • تعاوَن مع الزملاء: تعرَّف إلى قدرات الزملاء، ناقشهم وتعاون معهم، فالتعاون يعزز الاهتمام بالعمل ويزيد الحماس ويخلق بيئة عمل أكثر إيجابية.
  • انغمس في عملك: عندما تزداد ارتباطاً بمكان عملك وزملائك، عليك حينها أن تبحث بنشاط عن طرائق للتحسين وإجراء تغييرات إيجابية. اسأل نفسك: “ما الذي يمكنني فعله اليوم لتحسين أداء عملي؟”. تحمُّل المسؤولية الشخصية عن التحسينات يعزز الشغف بواجباتك.
  • حافظ على عقلية إيجابية: كُن واعياً بالفوائد التي تحققها لنفسك من خلال أداء عملك، وفكِّر على نحو إيجابي في إسهاماتك، ما سيجعل المهام اليومية أكثر متعة وأسهل إتقاناً.

تذكّر نصيحة ستيف جوبز: “الطريقة الوحيدة لتشعر بالرضا حقاً هي أن تفعل ما تعتقد أنه عمل عظيم. والطريقة الوحيدة لفعل عمل عظيم هي أن تحب ما تفعله، فإن لم تجد ما تحبه، فواظب البحث”.

2. طوّر نفسك

“إن عدم إحاطتك بتفاصيل عملك من شأنه أن يفوِّت عليك فرصاً ذهبية”. في الحقيقة، القصة وراء هذه الحكمة طريفة فعلاً، لكن ليس بالمستطاع ذكرها هنا. يمكنك قراءتها في الكتاب تحت عنوان “القس والراهبة”. عموماً، العبرة هي أن تبدع وألا تتوقف عن التعلم أبداً مهما حصّلت من العلم والخبرة. لذلك، حاول دائماً تطوير المهارات التي تعتمد عليها في العمل، وأن تتعلم مهارات جديدة مختلفة يمكنك تطبيقها في مجال عملك، ما سيساعد على زيادة إنتاجيتك، وتعزيز قدرتك على البقاء منظماً، وتمكينك من تولي المهام الجديدة بثقة أكبر.

3. بسِّط المشكلات

من القصص المعبّرة التي أوردها المؤلف في الكتاب، أن إذاعة بثّت على الهواء سؤالاً غريباً، مفاده أن منطاداً يحمل 4 علماء على متنه؛ في الفيزياء والكيمياء والفلك والأحياء. لكنهم يقررون عندما يبدأ المنطاد بالترنح أن يرموا أحد العلماء حتى ينجو البقية، فمَن من العلماء يا تُرى يمكن الاستغناء عنه؟ تلقت الإذاعة إجابات عديدة، وأرُفق كلّ منها بتحليل علمي يفسر سبب اختيار هذا العالِم دون أولئك. أما الإجابة فكانت على لسان فتاة في السادسة من العمر؛ إذ قالت: “نرمي أثقلهم وزناً!”. يقول الكاتب إنه “يلزمنا في أحيان كثيرة أن نفكر بطريقة طبيعية لإيجاد حلول للمشكلات التي تواجهنا دون الخوض في التفاصيل؛ إذ ليس هناك طائل من ترديد المشكلات من دون حل”.

تسلط هذه القصة الضوء على أهمية البساطة والتفكير العملي عند مواجهة التحديات، فكثيراً ما يكون للمشاكل المعقدة حلولاً مباشرة لا تتطلب تفكيراً زائداً ولا تحليلاً معقداً. وإليك بعض الخطوات الفعالة لتبسيط المشكلات:

  • اعترِف بالمشكلة: حددها بوضوح.
  • حلِّل المشكلة: قسِّمها إلى أجزاء أصغر من أجل فهم التفاصيل الدقيقة على نحو أفضل، ثم حدِّد الأولويات التي ينبغي حلها على أساس الأهمية والإلحاح، وابحث عن المعلومات ذات الصلة، وتجاهَل التفاصيل غير الضرورية.
  • ركِّز على الحلول: اعتمد على البساطة في حلولك وانفتح على كل الحلول الممكنة، بما في ذلك الحلول غير التقليدية. فبدلاً من التفكير في إما هذا الحل أو ذاك، جرب التفكير بحلول أكثر إبداعية.
  • تواصل مع الآخرين: ناقش المشكلة مع الآخرين للحصول على وجهات نظر مختلفة وحلول محتملة.
  • قيّم تقدمك في تنفيذ الحل بانتظام: وعدِّل النهج الخاص بك إذا لزم الأمر.

ومن المهم أن تتبنَّ عقلية التحسين المستمر والتعلم من كل تجربة ومشكلة، وتتذكر أنّ البساطة تعزز الوضوح والفعالية، لذا من الأفضل أن تتخلص من التعقيدات غير الضرورية وتركِّز على القضايا الأساسية المطروحة.

4. اخرج من منطقة الراحة 

ورد في الكتاب قصة صياد محظوظ لطالما حسَده أصدقاؤه على كثرة السمك الذي يعلق بصنارته، لكن الغريب أن الصياد كان كلما اصطاد سمكة كبيرة فكّها وأعادها إلى البحر، في حين لم يحتفظ إلا بالسمك الصغير الحجم. وعندما سُئل عن السبب، أجاب: “لأني أملك مقلاة صغيرة”. والحكمة التي أوردها الكاتب هنا: “أننا نفعل كل يوم ما فعله هذا الصياد؛ إذ نرمي خلفنا الأفكار الكبيرة والأحلام الرائعة والاحتمالات الممكنة لنجاحنا على أنها أكبر من عقولنا وإمكانياتنا”. لذلك، من المهم أن تتحدى أفكارك عن نفسك وأن تؤمن بقدراتك، وذلك بأن تحدِّد نقاط قوتك وتستفيد منها، وتحدد نقاط ضعفك التي تؤثر في ثقتك بنفسك وتعالجها، وألا تخشى الانخراط في المشاريع والمهام التي ظننت أنك غير قادر على فعلها. أخبر نفسك بأنك تستطيع فعل كل ما يلزم وأكثر. وتذكّر أن “التغيير يبدأ من الداخل، ومن العقل قبل الجسم”، وفقاً للمؤلف.

5. تحلَّ بالذكاء العاطفي

إضفاء اللمسات الشخصية عند التعامل مع الموظفين، ومع الناس عموماً، يمكن أن يكون له تأثير كبير؛ فإمطارهم بكلمات المديح والتشجيع، وحتى المصافحة باليد أو العناق يمكن أن يزيد من أدائهم”. وهذه حكمة مهمة جداً، ليس على صعيد الحياة الشخصية فحسب؛ بل على صعيد الحياة المهنية أيضاً، فثمة حاجة كبيرة إلى تطوير القدرات البشرية على العمل مع الآخرين والتعاون معهم بغية تحقيق الأهداف المهمة. تقول مدربة الذكاء العاطفي والعميدة المشاركة السابقة في قسم التعليم المستمر في جامعة هارفارد، مارغريت أندروز: “إن الذكاء العاطفي أمر بالغ الأهمية في بناء العلاقات والحفاظ عليها والتأثير في الآخرين، وهي مهارات أساسية تساعد الأشخاص طوال حياتهم المهنية وفي أي مكان يجدون فيه هيكلاً تنظيمياً”. وعلى الرغم من أن عملية تطوير الذكاء العاطفي هي عملية مستمرة وتختلف من شخص إلى آخر، فإن الإجراءات التالية ستقود نحو وعي ذاتي أكبر وتعاطف ومهارات اجتماعية أفضل، وفقاً لأندروز:

  • تعرَّف إلى مشاعرك وسمِّها: تعرف إلى المشاعر التي تعتريك إثر المواقف المرهقة، وكيفية ردك على هذه المواقف، وفكر فيما إذا كنت تستطيع التوقف قليلاً وإعادة النظر في طريقة ردك مستقبلاً. فالتعرف إلى المشاعر وتسميتها وتخفيف ردود الفعل هي أولى الخطوات نحو التحلي بالذكاء العاطفي.
  • اُطلب الدعم: اسأل المدراء أو الزملاء أو الأصدقاء أو العائلة عن تقييمهم لذكائك العاطفي، وكيف يرون استجابتك للمواقف الصعبة ومدى نجاحك في التعامل معها، ومدى قدرتك على التعاطف والتأقلم. جهِّز نفسك بأنّ ما ستسمعه منهم لن يعجبك غالباً، لكنه سيفيدك حتماً.
  • اقرأ الروايات والأدب: قراءة الروايات والخيال الأدبي تساعد على فهم أفكار الشخصيات ودوافعهم وأفعالهم، ما قد يساعد على تعزيز الوعي الاجتماعي وتحسين التعاطف، وفقاً لدراسة منشورة في مجلة ساينس (Science) عام 2013.

ختاماً، يقول الكاتب: “من أيّ باب تأتيك الحكمة والرأي الصائب، فخُذها دون تردد، ربما من قريب لديك جداً، وربما من شخص لم تقابله إلا مرة واحدة”. وفعلاً، لا يعلم الإنسان من أي مكان يحصل على الحكمة أو الإلهام ولا من أيّ كتاب.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .