ملخص: يخاف الكثيرون منّا التعبير عن شكرنا للآخرين. فقد نخشى إساءة تفسير جهودنا أو إثارة الشعور بالقلق لدى الطرف المتلقي لرسالة الشكر. أو قد نجد صعوبة في العثور على الكلمات المناسبة للتعبير عمّا نشعر به. وإليك كيفية فعل ذلك بشكل صحيح:
- حافظ على الصدق: يجب أن يكون الهدف من التعبير عن التقدير هو السماح لشخص ما بمعرفة أثر أفعاله عليك وعلى الآخرين، لأنك إذا كنت تخفي نوايا أخرى، فلن تبدو رسالتك صادقة.
- أفصِح عمّا تقدره وأسباب تقديرك له: ركّز على أثر أفعاله عليك واشرح ما تقدره وأسباب تقديرك له. سيساعد هذا الطرف المتلقي للرسالة على فهم أسباب شعورك بهذه المشاعر.
- أرسلها: تُعد البطاقات المكتوبة بخط اليد أعمق أثراً من رسائل البريد الإلكتروني التي قد تتوه وسط مئات الرسائل الأخرى. فاكتب رسالتك على ورقة بيضاء أو ورقة لاصقة أو بطاقة وسلَمها مباشرة إلى المتلقي. وإذا كنت في العمل، فيمكنك أيضاً تركها على مكتبه أو في "صندوق بريده".
نريد جميعاً أن نكون موضع تقدير الآخرين. وسواء كنت قد قبلت مهمة ما على الرغم من اكتظاظ جدول أعمالك فعلياً بالكثير من المهمات أو كنت تعمل خلال عطلات نهاية الأسبوع لإنجاز مشروع تم تكليفك به أو كنت ببساطة تساند صديقاً في العمل عندما احتاج إلى مساندتك، فإن تلقيك لمسة تقدير أو رسالة "شكر" قد يكون له أبعد الأثر في تعزيز شعورك بالرضا عن الجهود التي بذلتها، وتؤيد الأبحاث هذه الرؤية.
فقد أثبتت دراسة حديثة أجرتها شركة ماكنزي أند كومباني أنه على الرغم من اعتقاد معظم أصحاب العمل أن العاملين قد تركوا وظائفهم بأعداد كبيرة هذا العام لأنهم كانوا يبحثون عن تعويضات أفضل، فإن السبب الحقيقي لمغادرة معظم هؤلاء العاملين يرجع في معظم الأحيان إلى عدم شعورهم بالتقدير وافتقارهم إلى الشعور بالانتماء في مؤسساتهم. وتوصّلت دراسة أخرى إلى أن تلقي المزيد من التقدير المتكرر من زملائنا ومدرائنا لا يجعلنا نشعر بالاحترام فحسب، بل يرتبط أيضاً بتحسين مستوى الأداء.
ويمكن تفسير الفوائد العديدة للامتنان من خلال الهرمونات التي تبعث على الشعور بالسعادة والتي يتم إفرازها في أدمغتنا عند التعبير عن الامتنان أو تلقيه. ويُعتبَر الدوبامين والسيروتونين ناقلين عصبيين مسؤولين عن تحسين الحالة المزاجية على الفور. وعندما نقدّم الشكر أو نتلقّاه يومياً، فإننا نقوي هذه المسارات العصبية.
وتكمن المشكلة في أن الكثيرين منّا يخافون التعبير عن شكرنا للآخرين. ولطالما رأيت هذه الظاهرة بحكم عملي في تدريب القادة على فن التقدير وإدماج الموظفين في بيئة العمل. إذ يرغب البعض في التعبير عن تقديرهم في كثير من الأحيان ولكنهم يخشون أن يساء تفسير جهودهم أو أن يثيروا الشعور بالقلق لدى الطرف المتلقي للتقدير. ويجد آخرون صعوبة في العثور على الكلمات الصحيحة للتعبير عمّا يشعرون به أو يخشون أن يُنظر إلى رسائلهم باعتبارها نوعاً من التملُّق أو التشويش على أجندة خفية.
ورغم أن هذه المخاوف قد تكون في محلها، فإنها قد تمنعنا أيضاً من جني الفوائد العديدة للشعور بالامتنان. وقد وجدتُ أن هناك العديد من الطرق المفيدة للتغلب على هذه المخاوف، وتتمثّل إحداها في البدء على نطاق صغير من خلال توجيه رسالة شكر بسيطة. وهناك بعض القواعد البسيطة التي يمكنك اتباعها لضمان أخذ جهودك بعين الاعتبار (وعدم إساءة تفسيرها على نحو سلبي).
قواعد صياغة رسالة شكر هادفة
حافظ على الصدق.
يهدف التعبير عن التقدير في المقام الأول إلى السماح لشخص ما بمعرفة أثر أفعاله عليك وعلى الآخرين. لأنك إذا كنت تخفي نوايا أخرى، فلن تبدو رسالتك صادقة. وعلى الرغم من ذلك، يجب أن تكون كلماتك مدروسة بعناية إذا كنت تريد أن تبدو صادقاً.
حدد السياق.
إذا سبق لك أن فوجئت بتلقي مجاملة من أحدهم، فلا بد أنك تعلم أثرها الطيب، والمُقلِق في الوقت نفسه. يرجع هذا في الأساس إلى أنك تحاول استيعاب كلمات الطرف الآخر في أثناء تفسير نواياه أيضاً، خاصةً إذا تأخر وصول المجاملة أو وصلتك بصورة مفاجئة.
وبصفتك الشخص الذي يقدم الشكر، فيمكنك طمأنة الطرف المتلقي لرسالة الشكر من خلال إطلاعه على سياق رسالتك (أو ما دفعك للتواصل معه) في المقام الأول.
أمثلة:
- كنت أفكر في مشروعنا الأخير خلال عطلة نهاية الأسبوع، وأدركت أنني لم أشكرك على جهودك.
- كنا مشغولين للغاية مؤخراً لدرجة أنني لم أجد الوقت الكافي للتعبير عن امتناني وتقديري لعملك الرائع.
- كنت أقرأ مقالاً في هارفارد بزنس ريفيو حول التعبير عن التقدير وفكرتُ فيك.
أفصِح عمّا تقدره وأسباب تقديرك له.
ركّز بعد ذلك على أثر أفعاله عليك. قد يكون الأمر في بساطة رسم ابتسامة على وجهك في يوم صعب، أو بحجم دعمك خلال فترة صعبة. كن محدداً، واشرح ما تقدره وأسباب تقديرك له. وعند القيام بذلك، ستساعد الطرف المتلقي للرسالة على فهم أسباب شعورك بهذه المشاعر.
المثال الأول:
ما تقدّره:
لعلّك تعلم أن العام الماضي كان عاماً صعباً للغاية بالنسبة لي. إذ كنت أحاول العمل من المنزل مع رعاية والديّ في الوقت نفسه. وعلى الرغم من مشاغلنا الكثيرة، فقد خصَّصت وقتاً في كل اجتماع للسؤال عن والديّ وتفقُّد أحوالي.
أسباب شعورك بالتقدير:
أعلم أنك تفعل هذا بنية صادقة، لكن تفقُّدك لأحوالي جعلني أشعر دائماً بأنني أفضل حالاً وساعدني على اجتياز هذا العام الصعب.
المثال الثاني:
ما تقدّره:
كنت أشعر أمس الأول بالإرهاق التام والوحدة القاسية وأنا أحاول الانتهاء من إعداد التقرير حول نتائج الاجتماع الذي تم عقده مع العميل. أعلم أن الأمر قد يبدو لك بسيطاً، ولكنك أحدثت فارقاً كبيراً عندما تقدّمتَ وعرضتَ المساعدة في تنسيق الوثيقة النهائية.
أسباب شعورك بالتقدير:
يقدّم الكثير من الأشخاص الدعم، لكنهم قلما يضعون أقوالهم موضع التنفيذ، ولا تسعفني الكلمات للتعبير عن مقدار دعمك الذي ساعدني على إنجاز المهمة وجعلني أشعر بأنني جزء من الفريق.
المثال الثالث:
ما تقدّره:
أعلم أنك كنت شجاعاً بما يكفي لتقدم لي ملاحظات صادقة بعد عرضي التقديمي الأخير. وأريد أن أعرب عن امتناني لقيامك بذلك.
أسباب شعورك بالتقدير:
دائماً ما ألتمس تقييمات الآخرين وأتلقى الرد نفسه: "لقد أبليت بلاءً حسناً". لكن ملاحظاتك قد ساعدتني على إعادة التفكير في عرضي التقديمي وقدّمت لي إجراءات عملية يمكنني اتخاذها على أرض الواقع. وذلك هو ما أحتاج إلى تحسينه بالضبط.
اختم الرسالة.
بعد صياغة جوهر الرسالة، حان الوقت لإنهاء رسالة الشكر. يمكنك إنهاؤها بعبارة شكر بسيطة ومباشرة تقول فيها: "شكراً لك"، أو بعبارة أكثر تفصيلاً.
أمثلة:
- شكراً لك مرة أخرى، أقدّر حقاً العمل معك.
- على الرغم من أنني قد لا أقولها طوال الوقت، فأنا أقدّر كل ما تفعله.
- شكراً لك مرة أخرى على دعمك، لقد أحدثت فارقاً حقيقياً معي.
- شكراً لك على كل ما تفعله.
- شكراً لك!
أرسلها:
تُعد البطاقات المكتوبة بخط اليد أعمق أثراً من رسائل البريد الإلكتروني التي قد تتوه وسط مئات الرسائل الأخرى. لذا أنصح بأن تكتب رسالتك على ورقة بيضاء أو ورقة لاصقة أو بطاقة وتسلِّمها إلى المتلقي مباشرة. وإذا كنت في العمل، فاتركها على مكتبه أو في "صندوق بريده". وإذا كان من المتعذّر أن تراه لفترة من الوقت، فالتقط صورة لرسالتك وأرسلها للمتلقي، وحبّذا لو أرسلتَ البطاقة إليه بالبريد.
ويعد إرسال رسالة مكتوبة بخط اليد أمراً مهماً لأن ذلك يتيح الفرصة أمام المتلقي للاستفادة من تقديرك له دون الشعور بالضغط للرد على الفور. وإذا كنت تعلم أن المتلقي قد يشعر بعدم الارتياح تجاه المدح، فخلّصه من أي ضغوط قد توحي له بضرورة الرد على رسالتك، وذلك من خلال قول شيء مثل: "من فضلك لا تشعر بأنك مضطر للرد. أردت فقط أن أخبرك بأنني أقدر العمل معك".
طرق لصياغة رسالة الشكر الهادفة
إذا كنت تفكر فيما يجب أن تقوله عندما تقدم رسالة "شكر" لزملائك، فإليك بعض نماذج الرسائل المستمدة من السيناريوهات الشائعة في مكان العمل:
1) تلقي المساعدة من زميلك عند الحاجة إلى أخذ إجازة.
مرحباً حاتم،
لقد عدتُ للتو من إجازة كنتُ في أشد الحاجة إليها مع أفراد أسرتي. وأردتُ أن أشكرك على مساندتك لي وأداء أعمالي نيابة عني عندما قمت بالإجازة. أعلم أن جدول أعمالك يكتظ فعلياً بالكثير من المهمات، ولكم أقدّر تحمل عبء العمل بالنيابة عني، فهذا يعني لي الكثير. وأريد أن أعرب عن امتناني لتحمُّلك هذه الأعباء.
شكراً لك!
2) الاعتداد بأفعال شخص يُسدي لك صنيعاً حقيقياً. (كأن يرسل لك صندوقاً من منتجات العناية بالبشرة، أو يقيم لك حفلة عيد ميلاد، أو يقدّم لك ملاحظات دوّنها من اجتماع لم يتم تسجيله، أو يتصل بك لتفقُّد أحوالك عندما تعرّضت لوعكة صحية).
أهلاً مريم،
لقد تلقيتُ للتو صندوق منتجات العناية بالبشرة الذي أرسلته وأردتُ أن أشكرك. لعلّك تعلمين أن العمل كان قاسياً خلال الأسابيع القليلة الماضية، ولكم كانت سعادتي بالغة عندما تلقيتُ الصندوق في البريد اليوم. شكراً لك على كل ما تفعلينه لجعلنا نشعر بأننا موضع اهتمامك في العمل. إن هذا يصنع فارقاً كبيراً في حياتنا!
3) دفاع أحدهم عن أحقيتك في الحصول على علاوة أو ترقية.
مرحباً كاميليا،
سمعت من آية أنك قد رشحتني للترقية وأردت أن أشكرك على ذلك. وبغض النظر عن حصولي عليها أم لا، يسرني ويسعدني أنك فكّرتِ بي ورأيتِ أنني جديرة بالمنصب، ولا أستطيع أن أوفيكِ حقك من الشكر على جهودكِ المبذولة في مساعدتي على النمو طوال السنوات الماضية. وأشعر بأنني محظوظة للغاية لأنني قادرة على التعلم منك والعمل تحت قيادتك، وأقدر كل ما فعلته من أجلي.
شكراً لكِ.
4) إقدام أعضاء فريقك على العمل لوقت إضافي من أجل إنهاء بعض المشاريع الصعبة.
مرحباً جمال،
كنا مشغولين للغاية مؤخراً لدرجة أنني لم أجد الوقت الكافي للتعبير عن امتناني وتقديري لك. أعلم أن عبء العمل كان ثقيلاً خلال الأسابيع القليلة الماضية في أثناء عكوفنا على إنهاء مشروعنا الكبير. لقد كنت تعمل بجد واجتهاد عظيمين، وكنت تسهر في العمل ساعات إضافية وتبذل الكثير من الجهد خلف الكواليس لإنهاء المشروع. وأود أن أنتهز هذه الفرصة لأعرب لك عن تقديري لكل ما تفعله ولانضمامك إلى فريقنا. فلم نكن لنتمكن من أداء هذا العمل الرائع لولا إسهاماتك القيمة.
5) إقدام مديرك على منحك الفرصة لتولي رئاسة اجتماع مهم.
مرحباً محمد،
كنت أفكر في العرض التقديمي الذي تم إلقاؤه خلال الأسبوع الماضي في عطلة نهاية الأسبوع، وأردت أن أشكرك عليه.
أعلم أن هذا العميل كان مهماً جداً، وقد تجشمتَ عناء المخاطرة حينما سمحت لي بتولي رئاسة الاجتماع. وأود أن أعبّر لك عن تقديري لما فعلته. وكنتُ قد أوضحتُ في آخر لقاء لنا أنني أرغب في الحصول على مزيد من الفرص، ولكم سعدت بأنك أخذت مطلبي ذاك على محمل الجد وحرصت على تنفيذه. أعلم أن المدراء لا يفعلون ذلك في كثير من الأحيان، لذا أشعر بأنني محظوظ للغاية للعمل معك.
6) تلقي أحد أعضاء الفريق بعض الملاحظات القاسية واتخاذه إجراءً بشأنها.
مرحباً أكرم،
أردت أن أخبرك بأنني أقدر حقاً جهودك المبذولة في العمل من أجل إنجاز الأشياء التي تحدثنا عنها. أعلم أن تلقي ملاحظات قاسية ليس بالأمر السهل، وكثيراً ما يتخذ الموظفون موقفاً دفاعياً في هذه الحالات ولا يفعلون أي شيء حيالها.
وقد لاحظتُ خلال الشهرين الماضيين أنك تحاول حقاً تغيير طريقة تعاونك مع الآخرين. لقد رأيتُك تطرح المزيد من الأسئلة في الاجتماعات وتطلب من الآخرين الإدلاء بآرائهم وتضع توصياتهم موضع التنفيذ. ونتيجة لذلك، لاحظتُ تحسُّن عملك وتحسُّن عمل الفريق ككل.
أريد فقط أن أخبرك بأنني ألاحظ الفارق وأقدّر كل ما تفعله لتحقيق النمو. استمر في ذلك، إنه مصدر إلهام لنا جميعاً!
7) استمتاعك بالعمل مع أحدهم.
مرحباً فريد،
أخذتُ أضحك بشكل هستيري بعد آخر رسالة تلقيتها على "سلاك" وأردت فقط إخبارك بأن العمل معك رائع. أعلم أنك تفعل هذا دون تصنُّع، لكن العثور على شيء يبعث على الضحك أو الابتسام في هذه الأوقات الصعبة دائماً ما يُسعِد يومي. وأحد الأشياء التي تثير إعجابي حقاً هو قدرتك على الانتقال من إلقاء النكات إلى العمل الجاد وإنجاز الأهداف المنشودة. آمل أن تُسعِد هذه المذكرة يومك بالطريقة نفسها التي تُسعِد بها يومي دائماً (وأيام الآخرين)!
شمّر عن ساعديك واكتب رسالة الشكر التي تُلّح على بالك. لن يجعلك ذلك سعيداً فحسب، بل ستُسعِد الشخص الذي يتلقاها أيضاً.