ملخص: جميعنا مضطرون إلى الكتابة، سواء كتابة رسائل البريد الإلكتروني أو التقارير أو منشورات المدونة أو حتى المقالات أو الكتب. في الواقع، يعتمد نجاحنا المهني على مدى قدرتنا على توصيل أفكارنا إلى الآخرين عبر هذه الوسائط. ويمكن أن يساعدنا إتقان فن الكتابة على التأثير في الآخرين بقوة أكبر وإنشاء صورة عنا لديهم بأننا أكثر ذكاءً وبصيرة. فيما يلي 5 طرق لتطوير مهاراتك في الكتابة.
- اقرأ ما تكتب بصوت عالٍ. في أثناء القراءة، ستبدأ بملاحظة الجمل التي يمكنك تقصيرها أو التي يجب إضافة بعض التوضيح إليها، والفقرات التي يظهر فيها حشو زائد في حين قد تكفي جملة واحدة لشرح الفكرة.
- تحرير عمل الآخرين. في أثناء التحرير، اسأل نفسك لماذا تمت كتابة شيء ما بهذه الطريقة أو لماذا تم استخدام كلمة معينة مثلاً؟ سيساعدك ذلك على الكتابة بوعي أكبر.
- اسأل نفسك هل تضيف قيمة جديدة أو تكتب شيئاً جديداً؟ إذا وجدت أن ما تكتبه وتنشره ما هو إلا تكرار لنصيحة أو فكرة معروفة للجميع، يتعين عليك التفكير ملياً أكثر لضمان أن ما تنشره يضيف قيمة جديدة.
- اكتب بوضوح أكثر. عندما تراجع مقالتك، جرب هذه الحيلة: احذف أول فقرتين وتحقق إن كان ذلك يجعل مقالتك أكثر وضوحاً.
- أعِد كتابة عملك كي تنغمس في حالة من التدفق الذهني. اكتب عملك على مسودة أولية، ثم اطبعها وأعد كتابتها مرة أخرى على جهاز الكمبيوتر. تسمح هذه العملية بالانغماس في حالة من التدفق الذهني حيث يمكنك إجراء التعديلات لاشعورياً تقريباً.
شئت أم أبيت ذلك، أنت مضطر إلى الكتابة دائماً. في الواقع، يرتبط نجاحك المهني جزئياً بمدى قدرتك على توصيل أفكارك إلى الآخرين عبر رسائل البريد الإلكتروني والتقارير والرسائل الفورية، وربما حتى عبر منشورات المدونة والمقالات والكتب.
للأسف، يميل معظمنا إلى عدم الاهتمام بتطوير مهاراته الكتابية بعد إنهاء مرحلة الدراسة، ونتجاهل أن قدرتنا على التواصل بالكلام المكتوب يمكن أن تلعب دوراً مهماً في مسار حياتنا المهنية. يمكن أن يساعدنا إتقان فن الكتابة على التأثير في الآخرين بقوة أكبر وإنشاء صورة عنا لديهم بأننا أكثر ذكاءً وبصيرة، ويمكن أن يفتح ذلك آفاقاً وفرصاً جديدة أمامنا.
بعد إجراء العديد من المقابلات الشخصية مع بعض الكتاب الأكثر نجاحاً في العالم في مدونة البودكاست الخاصة بي "طريقة عملي" (How I Work)، اخترت لكم الكثير من النصائح التي كان لها الأثر الأكبر في تحسين طريقة كتابتي.
اقرأ عملك بصوت عالٍ
يقول مؤلف الكتب الأكثر مبيعاً في العالم، دان بينك، إن قراءة كتاباته بصوت عالٍ تساعده على صياغة أعماله بشكل أفضل، ويضيف: "كل شيء أكتبه تقريباً، سواء كان كتاباً أو مقالاً، أقرأه بصوتٍ عالٍ كي أتحقق من مدى دقته وجودته".
ويتابع بينك: "هل هناك أي كلمات لا تبدو مناسبة؟ هل هي واضحة وتؤدي المعنى بأفضل ما يمكن؟ بالنسبة لي، أعتبر قراءة عملي وسماعه بصوت عالٍ جزءاً لا يتجزأ من عملية التحرير التي أقوم بها. إنها عملية تستغرق وقتاً طويلاً جداً وشاقة أيضاً، ولكن هذه هي الطريقة التي أتبعها في كتاباتي".
عندما تكتب أي شيء ذي أهمية، سواء كان رسالة بالبريد الإلكتروني لجميع الموظفين أو تقريراً رئيسياً، خذ الوقت الكافي لقراءته بصوت عالٍ في أثناء عملية التحرير. في أثناء القراءة، ستبدأ بملاحظة الجمل التي يمكنك تقصيرها أو التي يجب إضافة بعض التوضيح إليها، والفقرات التي يظهر فيها حشو زائد في حين قد تكفي جملة واحدة لشرح الفكرة. على الرغم من أن هذه العملية قد تبدو مملة وشاقة، فإن كتاباتك ستصبح أكثر وضوحاً وإيجازاً وأكثر فعالية.
تحرير عمل الآخرين
أخبرني الصحفي والمحرر السابق في قسم "سمارتر ليفينج" (Smarter Living) في صحيفة نيويورك تايمز، تيم هيريرا، أن التحرير هو المفتاح لتصبح كاتباً أفضل. يقول هيريرا: "إن أفضل شيء يقوم به الكتّاب لزيادة مهاراتهم الكتابية هي القيام بالكثير من أعمال التحرير".
عمل هيريرا محرر نسخٍ سابق، وقد اكتشف خلال عمله أن عملية النظر إلى عمل شخص آخر بشكل نقدي ومنهجي قد ساعدته على الكتابة بوعي أكبر، لا سيما فيما يتعلق باختيار الكلمات وتركيب الجمل. يقول موضحاً: "عندما تحرر عمل الآخرين، تحاول التركيز على ما هو مناسب أو غير مناسب. لماذا علينا صياغة الكلام بهذه الطريقة هنا؟ لماذا نستخدم هذه الكلمة أو تلك؟ ولماذا يجب تنظيم السياق بهذه الطريقة؟". لقد كان طرح هذه الأسئلة عند النظر في أعمال الآخرين سبباً في جعل هيريرا يعتاد طرحها على نفسه في أثناء كتاباته أيضاً.
نظراً لخبرته، غالباً ما كان أصدقاء هيريرا يطلبون منه تعديل كتاباتهم، وكان دائماً يغتنم الفرصة لأنه كان يراها مهمةً لنموه وتطوره. في محيطك، فكر في تقديم هذا العرض للآخرين الذين يرغبون في تحسين كتاباتهم. يمكنك عرض تحرير منشور قصير للمدونة أو سيرهم الذاتية أو الخطابات التعريفية أو حتى بريد إلكتروني مهم يحتاجون إلى إرساله في العمل. ربما سيردون الجميل بطريقةٍ أو بأخرى.
اسأل نفسك عما إذا كنت تضيف قيمة أو شيئاً جديداً فيما تكتب
إذا كنت تعمل في مجال المحتوى وكنت مسؤولاً عن كتابة منشورات المدونة أو الوسائط الاجتماعية أو المقالات، فإن تحديد ما يستحق النشر هو قرار مهم. أخبرتني رئيسة التحرير التنفيذية في هارفارد بزنس ريفيو والمحررة الحالية في بلومبرغ، سارة غرين كارمايكل، أن زميلها المحرر نصحها في إحدى المرات باستشارة 5 أشخاص أذكياء بشأن أحد المواضيع قبل محاولة الكتابة عنه.
تقول كارمايكل: "إذا جمعت كل هذه النصائح ولخصتها في مقال واحد، فقد لا يكون ذلك كافياً لإنتاج مقالة جيدة لأنها ستبدو مملة وفي نطاق المنطق العام. أعتمد على هذه القاعدة العامة للحكم على إذا ما كان هناك شيء يستحق العمل أو حتى الكتابة عنه في المقام الأول".
تتلخص وجهة نظرها في أنك إذا كررت النصائح أو الأفكار المعروفة للناس، وكتبت عنها بنفس الطريقة التي كُتب عنها في السابق، فقد يتعين عليك عند ذلك النظر بجدية وعمق أكبر لضمان أن العمل الذي ستنشره يضيف قيمة جديدة.
لذلك، وفي المرة القادمة التي تقرر فيها ما هي الموضوعات التي يجب تغطيتها، قم بإجراء بحث على جوجل أولاً لمعرفة ما يقوله الآخرون عنها.
اكتب بوضوح أكثر
بدأت كارمايكل، بعد عملها محررة لسنوات عديدة، تلاحظ نمطاً يتكرر عبر الطريقة التي يبدأ بها العديد من الكتاب مقالاتهم. تقول في هذا الصدد: "يقضي معظمنا وقتاً طويلاً في صياغة مسودة المقال وتحسينها. ولكن هناك احتمال دائماً، سواء في كتاباتي أو عندما أحرر كتابات الآخرين، لحذف الفقرتين الأوليين".
على الرغم من أن أول فقرتين من المقال تفيدان في التمهيد للنقطة التي تحاول طرحها، فإن كارمايكل تقول إن المكان الذي يُحتمل أن تبدأ فيه مقالتك عملياً وطرح فكرتك هو في الفقرة الثالثة أو الرابعة.
عندما تراجع مقالتك، جرب هذه الحيلة: احذف أول فقرتين وتحقق إن كان ذلك يجعل مقالتك أكثر وضوحاً.
أعد كتابة عملك كي تنغمس في حالة من التدفق الذهني
يصف كاتب عمودٍ في صحيفة الغارديان ومؤلف العديد من الكتب الأكثر مبيعاً، أوليفر بيركمان، نفسه بأنه مهووس بالكمال. أخبرني بأن هوسه هذا أدى في كثير من الأحيان إلى تعطل التدفق الإبداعي لديه في أثناء الكتابة، لأنه كان دائماً يخشى أن ما يكتبه قد لا يكون جيداً بما فيه الكفاية.
نُصح بيركمان في إحدى المرات بأن يكتب فقط ويحاول منع المحرر الداخلي (المعروف أيضاً باسم الناقد الداخلي، هو جزء من الكاتب يحافظ باستمرار على جودة الكتابة) من التأثير عليه ويتركه يستريح لفترة من الوقت، لكن الأمر لم ينجح معه؛ يبدو أن محرره الداخلي لا يرتاح أبداً.
لم يجد بيركمان حلاً لمشكلته إلى أن سمع عن استراتيجية اعتمد عليها كتّاب آخرون عانوا من نفس مشكلته. بات الآن يكتب عمله على مسودة أولية، ثم يطبعه ومن ثم يكتبه مرة أخرى على جهاز الكمبيوتر.
تسمح هذه العملية لبيركمان بالدخول في حالة التدفق الذهني، ما يسهّل عليه العمل على تحرير ما يكتب كما يقول: "أجري جميع أنواع التغييرات عندما أعيد كتابة النص مرة أخرى، لكن العملية تصبح تلقائية ودون وعي، تماماً كما هو الحال في أيام الكتابة الجيدة عندما ترى الكلمات تتدفق من عقلك إلى الورقة لاشعورياً تقريباً".
"بالطبع، يجب أن يمر أي كتاب بمرحلة من التحرير حيث يتعين عليك التحقق بوعي من كل كلمة فيه. ولكني وجدت حلاً وسطاً رائعاً بكتابته مرة أخرى، حيث لا يتعين عليك البدء من نقطة الصفر. وبذلك لا داعي للقلق في أثناء الكتابة من أن يكون هناك الكثير من الأخطاء المريعة في مقالتك".
سواء كانت تسميتك الوظيفية "كاتب" أم لا، فإن استثمار الوقت في تحسين كتابتك هو طريقة رائعة للتميز عن الآخرين وإيصال أفكارك إلى العالم بمزيد من الوضوح والتأثير.