يحقق مندوبو المبيعات أعلى فعالية لهم حين يكون إلى جانبهم العدد الكافي من كوادر الدعم، لكن السؤال هو ما دور متخصص دعم المبيعات؟ وكم يلزم الشركة تحديداً من أعداد موظفي الدعم، وكيف يجب ترتيب عمل هذه المجموعة من الموظفين؟ إنها معضلة "الحد الكافي": فإن كان العدد أقل من المطلوب فإن مندوبي المبيعات لن يتمكنوا من أداء أعمالهم على نحو جيد، وإن كان أكثر من المطلوب فذلك مضيعة للمال بلا فائدة. لكن إن حققت العدد الأنسب فإنك ستساعد فريق المبيعات على تحقيق المزيد من الإنتاجية والنمو.
وبعد النظر في بيانات تفصيلية للمبيعات في 40 شركة مختصة بالصناعات التكنولوجية تمكنا من تحديد بعض الإرشادات التي تساعد على معرفة العدد والنوع المناسبين من موظفي دعم المبيعات والإدارة. وهذا يشتمل على كافة الأدوار غير المرتبطة بتحقيق "عدد" معين من المبيعات مثل موظفي الدعم الذين يتعاملون مع الزبائن بشكل مباشر، وعمليات المبيعات وتنظيمها، وإدارة المبيعات.
اقرأ أيضاً: كيف أعدت شركة ناشئة سريعة النمو فريق المبيعات ليعزز نجاحها طويل الأمد
ولدى تقييم العينة التي عملنا عليها والتي كانت شركات تعمل في مجال الأجهزة والمعدات والآليات الصناعية، وفي مجال تقنيات المعلومات والاتصالات، وجدنا تبايناً واسعاً في حجم كوادر دعم المبيعات التي تعتمد عليها هذه الشركات. كما لاحظنا هذا التباين أيضاً على مستوى كفاءة أقسام المبيعات فيها، حسب مقياس عائد الاستثمار الخاص بالمبيعات (هامش الربح على إجمالي تكلفة المبيعات). حيث كانت أفضل 25% من الشركات التي درسناها قد حققت عائداً على الاستثمار الخاص بالمبيعات أكبر بضعفين مقارنة بالـ 25% من الشركات الأضعف أداءً في القائمة. وقد كان عدد موظفي دعم المبيعات في الشركات ذات الأداء الأقوى أكثر بنسبة 30% مقارنة بالشركات الأخرى.
كيفية تحديد عدد موظفي دعم المبيعات
ويعتمد تحديد هيكلة وعدد موظفي دعم المبيعات في شركتك على أربعة عوامل:
تحديد النسبة الأمثل من موظفي دعم المبيعات:
لقد وجدنا أن تخصيص 50% إلى 60% من موظفي المبيعات للتعامل مع مهام الدعم هو الحالة المثالية. فالعديد من الشركات التي ينخفض فيها العائد على الاستثمار الخاص بالمبيعات توجه أقل من 30% من كادر المبيعات فيها لمهام الدعم. في المقابل فإن وجود نسبة كبيرة من موظفي دعم المبيعات له أثر سلبي على عائد الاستثمار الخاص بالمبيعات، لأن ذلك يؤدي إلى زيادة التكلفة دون إضافة المزيد من الدعم على الخطوط الأمامية. فمعظم الشركات التي فيها 60% إلى 80% من كوادر الدعم تقع ضمن 75% من الشركات ذات عائد استثمار المبيعات الأكثر انخفاضاً.
اقرأ أيضاً: هل تملك فكرة عن نشاطات مسؤولي المبيعات لديك؟
وقد كانت كفاءة المبيعات تستفيد من ارتفاع عدد موظفي الدعم بطريقتين. الطريقة الأولى هي أن موظفي الدعم يوفرون الوقت على مندوبي المبيعات في الخطوط الأمامية مما يتيح لهم زيادة إنتاجيتهم. فقد كان متوسط ما يحققه مندوب المبيعات في واحدة من أفضل الشركات التي درسناها حوالي 5.7 مليون دولار أميركي كهامش إجمالي للربح، فيما كان مندوب المبيعات في شركة أخرى يحقق 1.7 مليون دولار أميركي فقط. أما الطريقة الثانية فهي أن الشركات التي تمتلك الحجم المثالي من كادر الدعم تحقق كفاءة تكلفة أعلى في كافة أنشطة المبيعات، وذلك لأن كادر دعم المبيعات عادة ما يتقاضون أقل مما يتقاضاه مندوبو المبيعات على الخطوط الأمامية. وفي الدراسة التي أجريناها كان متوسط التكلفة على كل موظف مبيعات في الشركات الناجحة أقل بنسبة 15% مقارنة بالشركات الأخرى.
الوصول إلى التركيبة المناسبة لكادر دعم المبيعات
إن مكونات كادر دعم المبيعات لا تقل أهمية عن عدد أفراده. وقد تبين لنا من أبحاثنا أن موظفي مستويي العمليات والدعم الإداري لهم الأهمية القصوى. ففي المؤسسات ذات أداء المبيعات الأعلى كان عدد موظفي الدعم الذين يتعاملون مباشرة مع العملاء مماثلاً تقريباً لعددهم في الشركات الأخرى (30%) ولكن كان عدد الكادر في قسمي العمليات والدعم الإداري ضعف ما عليه في الشركات الأخرى (27% في الشركات الأفضل أداء مقابل 12% في سواها).
اقرأ أيضاً: كيف تطوّر مهاراتك في البيع حتى إذا لم تكن مندوب مبيعات؟
وقد يكون قسما عمليات المبيعات والدعم الإداري في بعض الأحيان ضحية للجهود المبذولة للحد من التكاليف. إلا أنهما قسمان بالغا الأهمية لأنهما يمكّنان موظفي المبيعات في الخطوط الأمامية وموظفي شؤون ما قبل المبيعات من قضاء المزيد من الوقت مع العملاء والتركيز على المبيعات والنمو.
تحديد نسبة المدراء إلى غير المدراء
يظهر تحليل دراساتنا أن الشركات ذات الأداء الأفضل تكون نسبة غير المدراء إلى المدراء فيها 8 إلى 1. أما في الشركات ذات الأداء الأدنى فتكون هذه النسبة أكثر من 10 إلى 1 أو أقل من 5 إلى 1.
فعند إشراف المدير على أكثر من 10 أشخاص فإن قدرته على متابعة موظفي المبيعات متابعة فعالة تتراجع مما يؤدي إلى انخفاض العائد على الاستثمار. أما إذا كان يشرف على أقل من 5 أشخاص، فإن هذا يعني زيادة في التكلفة (بسبب دفع رواتب أعلى لهؤلاء المدراء).
استخدام التقنيات الرقمية لتحقيق المرونة في كافة جوانب عملية المبيعات
إن جني أكبر فائدة ممكنة من عمليات دعم المبيعات يتطلب أن تركز الشركات على وضع عمليات سريعة تتم فيها أتمتة بعض أنشطة الدعم وتوحيدها، أو التخلص منها بالكامل.
يمكن للشركات على سبيل المثال أن تستفيد من أساليب التحليل المتقدمة، مثل نمذجة النزعة الشرائية واستهداف الأسواق الصغيرة، وذلك من أجل مساعدة كادر دعم المبيعات على تصنيف الصفقات بكفاءة أكبر. وقد تساعد رقمنة عمليات تخطيط المبيعات على تحسين العمليات. فقد قامت شركة تقنية عالمية متطورة بأتمتة عملية تخطيط المبيعات لديها وقد أدى ذلك إلى خفض تكاليف التخطيط بنسبة 20% إلى 25% كما ساعد على تحقيق زيادة في الأرباح بنسبة 5% بفضل زيادة مستوى الدقة في التخطيط. فأتمتة عمليات الدعم تساعد على اختيار مندوب المبيعات المناسب لكل صفقة، فينخفض الوقت المطلوب بذله في كل صفقة بحوالي 50%.
وحين تنجح الشركة في إدارة هذه الجوانب الأربعة بالطريقة السليمة فإن النتائج التي ستتحقق تتحدث عن نفسها. فقد حقق أحد أقسام المبيعات في شركة أوروبية عالمية لتصنيع الإلكترونيات نتائج مذهلة حين قرر زيادة عدد كادر دعم المبيعات ورقمنة بعض عمليات الدعم. وكان مندوبو المبيعات قبل هذه التغييرات لا يمتلكون الوقت الكافي للقيام بأعمال المبيعات، وكانت 70% من جهودهم تستهلك في المهام الإدارية ومهام الدعم. كما لم يكن هنالك هيكلية موحدة لأنشطة الدعم والعمليات الإدارية، فقد كانت أنشطة دعم المبيعات تتم بشكل مستقل وغير موحد في كل دولة، وقد نجم عن ذلك غياب العمليات المتناسقة وتكرار في أنشطة المناقصة وتقديم العروض.
ولتغيير هذا الوضع عدّلت الشركة مهام دعم المبيعات وعدد المدراء إلى النسب المثالية التي أشرنا إليها سابقاً. ووضعت إدارة شؤون المبيعات في الشركة مركز خدمة مشترك أوروبياً ووحدت بعض العمليات كتلك المتعلقة بالتعامل مع الطلبات، والتحقق من الائتمان، وتسجيل الرخص، وإدارة المستحقات، وإعداد الفواتير. أما بعض الأنشطة الأخرى التي تتطلب مستوى عالياً من التواصل مع العملاء أو سرعة الاستجابة، كعملية تحديد الصفقات المحتملة، وإدارة النزاعات، وإدارة الائتمان، فقد بقيت تابعة لمكاتب المبيعات المحلية، حيث يكون الموظف أقرب للعميل. وقد ساعد هذا التغيير على زيادة الوقت المخصص لجهود المبيعات الفعلية مع العميل من 30% إلى حوالي 50%.
وظهرت نتائج هذه التعديلات في زيادة الأرباح وخفض التكلفة. فشهدت الشركة زيادة في معدل نجاح الصفقات بنسبة 5% إلى 10% وذلك عبر التحسن الذي طرأ على مستوى رضا العميل، مع انخفاض بنسبة 40% في الوقت المستغرق لإتمام الصفقات. أما فيما يتعلق بتجميع المهام في مركز الخدمات المشترك وتوحيد الأدوات وأنظمة تقنية المعلومات عبر الأسواق المختلفة، فقد كان هنالك تراجع بنسبة 30% في تكلفة عمليات المبيعات وتحسن متواصل على الإنتاجية السنوية بنسبة 2 إلى 3%، خاصة في أنشطة الخط الأمامي.
وفي نهاية الحديث عن دور متخصص دعم المبيعات، إن دعم عمليات المبيعات أمر بالغ الأهمية. فعبر توفير المستويات والأشكال الملائمة من الدعم تتمكن الشركات من تحقيق أفضل معدلات النمو في قسم المبيعات.
اقرأ أيضاً: لماذا تعتبر الخبرة في علم النفس ضرورية لفريق التسويق؟