ملخص: على الرغم من أن برامج المكافآت مصممة لتوفير أموال الزبائن، يتضمن معظمها قيوداً تحول دون تحصيل الزبائن تلك المكافآت، كسياسات الحد الأدنى للإنفاق أو تواريخ انتهاء الصلاحية التي تحد من قدرة الزبائن على جني فوائد البرنامج فعلياً. وعلى الرغم من أن تلك القيود محبطة للغاية، تشير البحوث الجديدة إلى أنها قد تكون صفقة رابحة لكل من الشركات وزبائنها عند إعدادها بشكل صحيح. وعلى وجه التحديد، تمكّن قيود تحصيل المكافآت الشركات من تجزئة التسعير بحسب زبائنها، ما يتيح لها تلبية مزيد من احتياجاتهم. وللقيام بذلك، يمكن للشركات الاستفادة من بحوث سوق القطاع وبيانات الشراء السابقة لوضع قيود من شأنها أن تفصل الزبائن إلى مجموعات وفقاً لتواتر عمليات شرائهم والمبلغ الذي يُحتمل أن ينفقوه. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تضمن الشركات مشاركة قواعد البرامج بوضوح لتتجنب إثارة دهشة الزبائن. ويمكنها من خلال هذا النهج تصميم برامج مكافآت تعظّم الأرباح ورضا الزبائن، ما يؤدي في النهاية إلى خلق مزيد من القيمة للجميع.
هل سبق لك أن اشتركت في أحد برامج المكافآت، لتكتشف بعد عدة أشهر أن نقاطك قد انتهت قبل أن تتاح لك فرصة استخدامها؟ إن حدث ذلك بالفعل، فأنت لست وحدك. إذ تظهر البحوث أن أعضاء برامج الولاء يخسرون ما يصل إلى ثلث المدخرات التي كانوا ليحصلوا عليها من تلك البرامج بسبب قيود التحصيل، كسياسات تواريخ انتهاء الصلاحية والحد الأدنى للإنفاق والمتطلبات الأخرى التي تعيق الزبائن من جني فوائد العضوية فعلياً.
وتُعدّ قيود تحصيل العروض والمكافآت تلك شائعة للغاية. فقد أجرينا استقصاء مع أفضل 100 تاجر من تجار التجزئة في الولايات المتحدة ووجدنا أن 85% من برامج المكافآت التي تقدمها تلك الشركات تضمنت شكلاً من أشكال القيود. على سبيل المثال، يضع العديد من شركات الطيران وسلاسل الفنادق حداً أدنى لعدد النقاط المطلوبة للحصول على تذكرة طيران أو ليلة إقامة مجانية، لكن قد يخسر الأعضاء الأميال ونقاط المكافآت بعد فترة من عدم النشاط. تحفز تلك الأنواع من السياسات الزبائن على إنفاق المزيد بالفعل، لكنها تُعتبر أيضاً مصدراً رئيسياً لشعورهم بالإحباط، وقد تدفع البعض منهم إلى إلغاء عضوياتهم. هل يمكن أن تجني الشركات فوائد دمج قيود التحصيل في برامج مكافآتها دون أن تخسر زبائنها؟
ابتكرنا لاستكشاف هذا السؤال نموذجاً اقتصادياً يحدد أثر قيود تحصيل العروض على عمليات شراء الزبائن وقرارات استخدام المكافآت. كما حللنا أيضاً الميزات الرئيسية لأفضل 100 برنامج من برامج المكافآت طورها تجار التجزئة في الولايات المتحدة، وأجرينا سلسلة من المقابلات الشخصية المتعمقة مع كبار المسؤولين التنفيذيين لفهم الأساليب التي تتبعها الشركات في تنفيذ تلك البرامج بشكل أفضل، وتحديد ماهية الأساليب الناجحة وغير الناجحة. وأظهرت تلك التحليلات أن قيود التحصيل قد تكون صفقة رابحة لكل من الشركات وزبائنها، شرط أن تُعدّ بطريقة صحيحة.
تتيح قيود التحصيل تجزئة السوق بناء على التسعير بفعالية.
وعلى وجه التحديد، وجدنا أن قيود تحصيل العروض توفر آلية لتجار التجزئة تتيح لهم تجزئة السوق بالسعر على نحو فعال في السياقات التي يكون إدراج أسعار مختلفة فيها أمراً غير ممكن، ما يحقق في النهاية توافقاً أفضل بين عروض الشركة واحتياجات الزبائن. وللقيام بذلك، يمكن للشركات استخدام سجلات الشراء السابقة، أو نتائج الاستقصاءات، أو بيانات بحوث السوق الأخرى لتحديد مدى استعداد زبائنها للدفع (أي المبلغ الذي يرغبون في إنفاقه) وتواتر عمليات شرائهم (أي عدد المرات التي يحتمل أن يجروا فيها عملية شراء). وبمجرد أن تحدد الشركة نطاق هذين المقياسين الرئيسيين، يمكنها وضع قيود تحصيل تقسم الزبائن استناداً إلى تواتر إنفاقهم ومقداره، ما يعني فرض أسعار مختلفة على مجموعات الزبائن المختلفة.
على سبيل المثال، إذا كان المقهى يكافئ الأعضاء بفنجان قهوة مجاني مقابل كل 4 أكواب اشتروها خلال نطاق زمني معين، فسيكون السعر الفعلي لكل فنجان قهوة يدفعه الزبون الذي يستفيد من المكافأة أقل بنحو 20% من سعر فنجان الزبون الذي تنتهي نقاط مكافأته قبل أن يشتري 4 أكواب. تتيح قيد التحصيل للشركة تقديم سعر فعال أقل للزبائن ذوي الاستعداد الأقل للدفع الذين يجرون عمليات شراء متكررة، بينما يفرضون سعراً أعلى على المشترين ذوي الاستعداد الأكثر للدفع الذين تكون عمليات شرائهم أقل تواتراً.
وعلى العكس من ذلك، إذا اختار المتجر عدم استخدام تاريخ انتهاء الصلاحية، فسيضع السعر نفسه لجميع الزبائن، ما يعني إما زيادة التسعير على الزبائن ذوي الاستعداد الأقل للدفع، أو اتخاذ قرار بعدم الاستغلال الأمثل للأموال المستثمرة عن طريق رفض تحصيل رسوم توازي المقدار الذين سيكون الزبائن الأكثر استعداداً للدفع على إنفاقه.
ولن ينجح ذلك بالفعل إلا إذا وضعت الشركات قيود تحصيل صحيحة، وستعتمد العتبات المثلى على كل من القطاع وقاعدة الزبائن المحددة. بشكل عام، كلما زاد عدد الزبائن الذين يشترون منتجك، أصبحت مدة الصلاحية أقصر. على سبيل المثال، يشتري معظم الناس مواد البقالة كل أسبوع، لكنهم لا يسافرون إلا بضع مرات في السنة، وهو ما يوضح سبب وضع متاجر البقالة فترات انتهاء صلاحية أقصر بكثير من شركات الطيران. وذلك ما تؤكده بياناتنا أيضاً؛ فمن بين أفضل 100 تاجر من تجار التجزئة في الولايات المتحدة، يبلغ متوسط مدة انتهاء صلاحية نقاط مكافأة متجر البقالة نحو أسبوع، بينما تمنحك المتاجر المتخصصة مثل غيم ستوب (GameStop) وديكس سبورتنغ جودز (Dick’s Sporting Goods) ما يصل إلى عام لاستخدام نقاطك.
لكن الأمر لا يتعلق بمتوسط تكرار عمليات الشراء فقط. فقد أظهر تحليلنا أيضاً أنه إذا كان الزبائن يختلفون بشكل كبير في تواتر عملية الشراء، فستحقق الشركات فائدة أكبر من فترات انتهاء الصلاحية الأقصر، بينما إذا كان لدى الزبائن تواتر شراء متماثل، فستكون فترة انتهاء الصلاحية الأطول أكثر فائدة. ويرجع ذلك إلى صعوبة تقسيم الزبائن إلى قطاعات سوقية عندما يكون تواتر عمليات الشراء لديهم متماثلاً، وهو ما يتطلب وجود فترة انتهاء صلاحية أطول لفصلهم بشكل فعال إلى مجموعات هادفة.
قد تكون قيود تحصيل العروض صفقة رابحة للطرفين، شرط إعدادها بشكل صحيح.
من المؤكد أنه لا تزال توجد مخاطر محتملة مرتبطة بقيود التحصيل. أولاً، أظهر تحليلنا أن تلك القيود قد تكون مفيدة للطرفين شرط إعدادها بشكل صحيح، لكنها قد تسفر عن نتائج عكسية أيضاً إذا لم تلب شروط انتهاء الصلاحية أو العتبات الأخرى احتياجات الزبائن. على سبيل المثال، عندما طورت منصة ديدي (Didi) للنقل التشاركي نظاماً جديداً للمكافآت يفرض على السائقين إكمال أكثر من 30 رحلة أسبوعياً للحصول على المزايا المرتبطة بسائقي الدرجة الأولى، اشتكى الكثيرون من أن الراتب الصافي المنخفض وممارسات القيادة غير الآمنة دفعتهم في النهاية إلى التوجه إلى تطبيقات المنافسين.
ثانياً، ستعتمد قدرتك على تصميم قيود تحصيل فعالة على وصولك إلى البيانات المتعلقة بالسلوك السابق للزبائن الفرديين، تماماً كما هو الحال مع أي استراتيجية أخرى لتجزئة الزبائن. ومع ذلك، وجدنا أن القيود قد تكون فعالة حتى مع وجود حد أدنى من الرؤى الثاقبة فيما يتعلق بتفضيلات الزبائن، وقد تمكنت بعض الشركات من تحقيق النجاح من خلال البرامج التي تستند إلى تحليل التكوين العام لسوقها فقط، من دون الاعتماد على المعلومات على الصعيد الفردي فيما يتعلق بتواتر عمليات الشراء الفعلي لزبائنها أو استعدادهم للدفع. وعلى الرغم من أن العديد من جهود التخصيص تتطلب بيانات شخصية واسعة النطاق، فقد توفر قيود التحصيل طريقاً مختصراً، فهي توفر للشركات العديد من المزايا نفسها دون الحاجة إلى إجراء استثمار مُكلف في جمع بيانات الزبائن والحفاظ عليها.
وأخيراً، حتى لو كان تصميم البرامج جيداً، قد يمثّل الضعف في التواصل قيد رئيس. ولتجنب إحباط الزبائن، يجب على الشركات شرح هياكل برامج المكافآت بوضوح وشفافية، وتجنب اللغة الاصطلاحية، أو القواعد المعقدة، أو التفاصيل المبهمة. على سبيل المثال، تعرّض برنامج مكافآت أولد نيفي (Old Navy) لانتقادات مؤخراً بسبب تعقيده وإرباكه الزبائن المخلصين وإثارة غضبهم.
وبالمثل، يجب على الشركات التأكد من أن يكون الأعضاء على دراية كاملة بشروط انتهاء الصلاحية، وأنهم يتلقون تذكيرات كافية قبل انتهاء صلاحية نقاطهم. على سبيل المثال، كان للعديد من سلاسل الفنادق في بياناتنا فترات انتهاء صلاحية مدتها 24 شهراً، لكنها ستبدأ إرسال تذكيرات شهرية بعد 12 شهراً، ثم تزداد إلى إشعارات أسبوعية خلال الشهرين الأخيرين (تقلل تلك التذكيرات من مخاطر إثارة دهشة الزبائن الذين خسروا المكافآت، وتعزز أيضاً فرص إجراء عمليات شراء، ما يؤدي مرة أخرى إلى تحقيق ربح للطرفين). تقدم بعض السلاسل أيضاً خيارات للزبائن لاستخدام نقاطهم بطريقة أخرى إذا لم يكونوا بحاجة إلى غرفة في فندق قبل انتهاء صلاحية نقاطهم، مثل شراء البضائع أو بطاقات الهدايا، أو التبرع، أو تمديد تاريخ انتهاء الصلاحية، أو زيادة تعزيز مستويات ثقة الزبائن ورضاهم.
في النهاية، لا يوجد تصميم مثالي لبرامج المكافآت. لكن يمكن للشركات من خلال اتباع نهج مستند إلى البيانات بشكل متعمّد تطوير قيود تحصيل تحقّق الربح للطرفين، ما يخلق قيمة كبيرة لكل من الشركات وزبائنها.