متى يمكن أن تبدأ بفرض الرسوم على زوار أو مشتركي الموقع الإلكتروني الريادي لقاء الخدمات التي يقدمها.
إليكم هذه القصة التي تتحدث عن قوة الشركات الناشئة، خرج إدوارد وسايمون على دراجتيهما في رحلة، على بُعد أميال من ساحل كاليفورنيا، في محاولة للبحث عن مكان هاديء لمعالجة المشكلات المتراكمة والضغط الناتج عن العمل، ركنا دراجتيهما تحت شجرة الكينا أمام مركز للمؤتمرات. وقد اختارا هذا المكان عمداً لركن الدراجة، فقد علما أن شركة فندرز بلاتفورم (FundersPlatform)، وهي شركة منافسة لشركتهما الناشئة آند فاوند (AndFound)، تُقيم حدثاً هناك، وكان لديهما الفضول لمعرفة أي نوع من الحشود قد جمعت هذه الشركة، ثم اكتشفا ذلك قريباً؛ حيث نادتهما صديقتهما القديمة سينثيا فاينالي وهي أحد المستثمرين الممولين والذين يطلق عليهم "المستثمرون الملائكة" المعروفين في وادي السليكون: "إدوارد وسايمون! ماذا تفعلان هنا!". فسألها إدوارد: "ما الذي تفعلينه أنتِ هنا!"، فقد افترضَ أن شركة مثل فندرز بلاتفورم لن تتمكن من الوصول إلى شخصية مرموقة مثل سينثيا. وقد بدا على سايمون أنه تفاجأ كذلك، حيث نظر إلى الأسفل وشغل نفسه بدراجته.
أجابت سينثيا: "أنا أحبكما وأحب موقعكما لكني أيضاً أريد البقاء مطلعاً على آخر المستجدات في القطاع". "العاملون هنا يقومون بعمل جيد يجمعنا نحن المستثمرون الملائكة مع الشركات الناشئة الواعدة، تحدّثت إلى 20 رائد أعمال اليوم، ولكن لا تقلقا فهم لا يشكّلون خطراً عليكما". وأضافت: "الرسوم التي يفرضونها كبيرة، فهي تبلغ بضعة آلاف بالنسبة للشركات، و500$ لكل صفقة بالنسبة للمستثمرين، ولهذا أعتقد أنهم لن يتمكنوا أبداً من منافسة الخدمات المجانية".
اقرأ أيضاً: كيف يساعد مسرّع الأعمال الناشئة في مستشفى بوسطن للأطفال على إطلاق الشركات؟
المجانية، كانت الوصفة الناجحة لشركة آند فاوند، وهي منصة على الإنترنت تربط المستثمرين بمجموعة مختارة بعناية من الشركات الناشئة. وهو السبب الذي جعل هذه الخدمة، والتي أُطلقت في عام 2012، تحصل على شعبية واسعة بين المستخدمين. ولكن في الوقت نفسه يُحتمل أن تكون هذه الميزة هي ذاتها إحدى نقاط الضعف في نموذج الأعمال الذي تعتمده الشركة، فقد كانت هذه المشكلة هي التي أثارت جدلاً أدّى دفع كلاً من إدوارد وسايمون للخروج من مكاتبهم وركوب الدراجة.
وضع إدوارد خوذته مجدداً وقال: "أنت على حق، لا يمكنك منافسة خدمة مجانية طالما أنها مستمرة ومنتشرة!".
صفعة قوية لثقافة وادي السليكون!
كان إدوارد ويلز و سايمون آدمز أصدقاء منذ أن كانا طالبَين في كلية الهندسة في جامعة ستانفورد، وقد شارك كل منهما في العديد من الشركات الناشئة قبل أن يوحّدا جهودهما لبدء شركة آند فاوند. في البداية كان هذا المشروع مجرد ملء للفراغ بين وظائفهما الأخرى، وطريقة لرد الجميل لمجتمع ريادة الأعمال والاستثمار. وفي الوقت نفسه يُعطي هذا المشروع صفعة قوية للثقافة التي رسختها صناديق الاستثمار المبنية على المنافسة والحصرية. استمتع سايمون خاصة بهذه الفكرة لكونه اختبر مباشرة عالم وادي السليكون- وكرهه أيضاً- كشريك في عدة شركات. من وجهة نظره، لم يكن معجباً بثقافة وادي السليكون؛ فالشركات هناك تعرف عن التمويل أكثر مما يعرفه روّاد الأعمال، ولكنهم نادراً ما يقدمون توجيهات لمن يحتاجها ويميلون إلى دعم الأشخاص الذين يعرفونهم مسبقاً.
بدأت منصة آند فاوند كمدوَّنة لعدة موضوعات مثل كيفية إيجاد التمويل، وتأسيس الفريق ووضع خطة عمل. عندما بدأ إدوارد وسايمون بالاستماع إلى روّاد الأعمال الذين يطلبون تحويلهم إلى مستثمرين ملائكة، فقرّرا إنشاء قاعدة بيانات شاملة للمموّلين باستخدام معلومات تم جمعها من المموّلين أنفسهم، مثل الأشياء التي يهتمون بتمويلها والمستويات السابقة من الاستثمار وما إلى ذلك.
وبعد فترة، أصبح إدوارد وسايمون يلعبان دور الوسيط؛ بالربط بين المموّلين والناس من خلال قاعدة البيانات. ثم كانت خطوتهما التالية هي تعيين مهندسين لتطوير تقنية تسمح للشركات الناشئة بإنشاء ملفات شخصية عبر الإنترنت مثل صفحات فيسبوك، وتسمح للمستثمرين أيضاً بتصفية نتائج البحث، على سبيل المثال للبحث عن مموّلين عملوا سابقاً مع شركة جوجل أو تخرجوا من جامعة هارفارد أو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي).
نتيجة للاهتمام الكبير الذي تلقاه الموقع، قرر إدوارد وسايمون تأسيس شركة وجمعا المال من بعض المستثمرين الملائكة. كما لم يهتمّا بالإيرادات؛ فقد كان التركيز على نمو عدد المستخدمين وعلى الجودة. في الواقع، فقد اختارا عمداً عدم فرض رسوم لأنهما شعرا بأن القيام بذلك سيُبعد أفضل روّاد الأعمال والمستثمرين، وأنه بمجرد فقدان هؤلاء المشاركين قد تنهار الشركة بأكملها. وافترضا أنه كلما زادت قيمة الموقع بالنسبة لمجمتع الشركات الناشئة، ستظهر تدريجياً طريقة ما لتحقيق الدخل للشركة.
اقرأ أيضاً: كيف لريادة الأعمال أن تستفيد من الثورة الصناعية الرابعة؟
وخلال وقت قصير استطاعت الشركة جمع معلومات حول ما يقارب 10 آلاف مستثمر و100 ألف شركة، بدءاً من صالونات الشعر وانتهاء بالشركات التقنية الناشئة. كما ساعدت خوارزميات التدقيق الإلكتروني على إبراز أفضل المُنضمّين الجُدد، وإتاحة الفرصة لكل مشروع لعرض التفاصيل بشكل فردي. بمعنى أن هذا الموقع كان بمثابة مركز تواصل اجتماعي منفتح يُتيح لمستخدميه متابعة مستخدمين آخرين وشركات والتعليقِ على منشوراتهم والإعجاب بتحديثاتهم. مما شجّع على استخدامه من قبل المهتمين في مجال الشركات الناشئة، بما في ذلك التابعين لوادي السليكون.
لم يكن إدوارد وسايمون اللاعبين الوحيدَين في هذا المجال. وعلى أي حال فقد قدمت المسرِّعات في وادي السليكون وأماكن أخرى تدريباً لروّاد الأعمال وفرصاً لتقديم الأفكار للمستثمرين. وقد كانت شركة فندرز بلاتفورم إحدى المنافسين؛ وكان من المفترض أنها تأتي بعد شركة آند فاوند من حيث النمو والربح، حيث يحتوي موقعها فقط بضعة آلاف من المستثمرين، ولكن من ناحية أخرى كانت تتقدم على آند فاوند: فقد جمعت تمويلاً بقيمة 10 مليون دولار منذ مراحلها الأولى. أما آند فاوند فقد اختارت ألا تجمع فلساً واحداً في مرحلتها الأولى.
لا تقل لا أبداً!
في طريقهما إلى منطقة ماونتن فيو، صرخ سايمون، لكن صوته سرعان ما ضاع في الريح. أوقف إدوارد بصعوبة دراجته وصرخ: "ماذا قلت؟"، فأجاب سايمون صارخاً: "قلتُ أننا لن نفرضَ رسوماً على المستخدمين مقابل أن نجمعهم". دفع إدوارد الدراجة منطلقاً وتقدم شريكه في الدراجة واستمر هكذا حتى نهاية الرحلة. كانت معارضة سايمون الصارمة لفرض رسوم على المستخدمين هي السبب وراء إيقاف محادثة نموذج العمل في ذلك اليوم. ولكن إدوارد كان يعلم أن عليهما متابعة النقاش، ولكن ليس على دراجتيهما. عاد إدوارد بتفكيره إلى اجتماع عُقد الشهر الماضي مع هاب بريج، وهو مستثمر ثري وذو علاقات أقوى من سينثيا. قام بدعوة إدوارد وسايمون للقدوم إلى لوس أنجلوس على متن طائرته الخاصة وأرسل سيارة لتقلّهما إلى منطقة مارينا نيوبورت بيتش، وأخذهما برحلة على متن مركبته التي كانت كبيرة جداً لدرجة أن إدوارد أضاع الاتجاهات فيها. كان الهدف من هذه الرحلة هو البحث عن السمكة الضخمة والغريبة والتي تظهر أحياناً تحت سطح الماء مباشرة. لكن إدوارد وسايمون علماً أن نية هاب الحقيقية هي اختبار شركة آند فاوند عن قُرب واتخاذ قرار بشأن الاستثمار فيها. وكان يتحدث بشكل غير رسمي، ولكن حديثه كان يتعلق بتقديم تمويل لا يقل عن 10$ مليون دولار، وقد يصل إلى 25$ مليون دولار، وهو ما أثار اهتمام إدوارد الذي يعتقد أن الشركة بحاجة ماسّة إليه لتعيين موظفين وتطوير البنية التقنية والحفاظ على النمو. ولكن المشكلة أن هاب كان يبحث عن شركة تملك إمكانية نمو هائلة في الإيرادات، لكن إدوارد أوضح سبب اهتمامه هو وسايمون كثيراً بموضوع الجودة والمجانية، ولماذا لم تصل آند فاوند إلى مرحلة البحث عن الإيرادات. ثم قام سايمون باستعمال كلمة "مطلقاً"، تعكر مزاج هاب فجأة وقال بأن الوقت أصبح متأخراً من أجل البحث عن السمكة واتجه عائداً إلى الشاطئ.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن للشركات الناشئة النجاح في عالم يسيطر عليه فيسبوك وجوجل؟
لقد فهم إدوارد لماذا أصرّ سايمون على عدم فرض رسوم على المستخدمين؛ فقد كان ينظر هو أيضاً إلى آند فاوند باعتبارها خدمة حيوية لروّاد الأعمال والمستثمرين الموهوبين جداً، والذين يعانون من صعوبة في الحصول على تمويل. ولكن إدوارد كان يرى أنه لا يمكن للموقع أن يستمر لفترة أطول - ناهيك عن مواكبة منافسيه - دون تدفق للسيولة.
كانت هناك حلول بديلة لفرض رسوم على المستخدمين وقد قام إدوارد وسايمون بمناقشتها في طريق عودتهما من لقاء هاب. أولاً، بوابة الموهبة الجديدة في الشركة. إدراكاً لمدى صعوبة إيجاد موهبة رياديّة، أنشأ إدوارد وسايمون قسماً في موقع آند فاوند لربط الشركات الناشئة بالباحثين عن عمل في مراكز التقنية من جميع أنحاء البلاد، حيث يُسمح لهم بالبحث المعمّق كما يبحث المستثمرون عن الشركات. كانا حينها يقدمان 2,000 تعريفاً أسبوعياً لصالح 3,000 مرشّح، وقدّرا أن هذه الخدمة يمكنها أن توفر أكثر من 25,000$ تدفعها الشركة كرسوم بحث عن موظفين بمبلغ أو أكثر عبر رسوم التوظيف. كانت الخدمة حينها مجانية، ولكنها كانت بالتأكيد مصدراً محتملاً للإيرادات والتي لم تكن لتتعارض مع مهمة آند فاوند الأساسية بربط أفضل المستثمرين مع أفضل الشركات الناشئة.
يمكن للأدوات والوثائق التي قام إدوارد وسايمون بتطويرها لتسهيل عملية التمويل أن تولّد إيراداتٍ أيضاً. فقد أُتيح العديد منها بشكل مجاني على شكل تدوينات، ولكن ربما يمكن لآند فاوند أن تفرضَ عضوية مدفوعة أو اشتراك للحصول عليها. وكان هناك خياران آخران ينطويان على المعاملات الاستثمارية نفسه، والخيار الأول تمثّل في مهمتها لإضافة الطابع الديمقراطي على عالَم الشركات الناشئة فقد تشاركت مع أحد الوسطاء لتسهّل على المستثمرين الصغار الاستثمار في صناديق صغيرة، بدلاً من شركات ناشئة فردية. لم تكن آند فاوند تجمع المال من خلال عملها كمسهِّل، ولكن كان يمكنها أن تقرّر تحصيل نسبة من رسوم الوساطة. أما الخيار الثاني فهو تقديم منتج ساعد المستثمرين الملائكة على الاستفادة من خبراتهم من خلال تجميع التمويل من مستثمرين آخرين عبر الموقع. وبدلاً من فرض رسوم مقابل الخدمة، كان يمكن لآند فاوند أن تنظم الأمر ليكون كل استثمار من هذا النوع بمثابة تمويل منفصل. وإذا استطاع المستثمرون تحقيق ربح، يمكن لآند فاوند أن تحصلَ على جزء صغير من الربح. ولكن لم تبدُ أياً من هذه الخيارات جيدة لتحقيق الربح، ولذلك وكما حدث عدة مرات سابقاً، قرّر إدوارد وسايمون إيقاف النقاش.
نقطة الخلاف
كان الوقت متأخراً جداً عندما عادا إلى مكاتبهما في آند فاوند؛ حيث كان الجميع قد خرجوا إلى منازلهم. جلسا على كرسيَّين بعد أن كانا منهكَين جسدياً ونظرا إلى بعضهما وقال إدوارد:"علينا أن نقوم بالبحث عن تمويل". لم يُجب سايمون، فتابع إدوارد قوله: "نحتاج إلى ضِعف عدد الموظفين الموجودين حالياً"، وأكمل: "لقد تجاوزنا مرحلة طرق باب المستثمرين الملائكة أو المؤسسات بكثير". وأخيراً قال سايمون: "شخصياً، أعتقد أننا يمكننا أن نبقى كما نحن لفترة من الزمن"، وأضاف: "لكنني لا أعارض جولة تمويل". واعتبر أن الشركة بحاجة للبحث عن نموذج للإيرادات؛ "فإذا كان هدفنا جمع 10 إلى 25 مليون دولار في مرحلة تقييم ما قبل الاستثمار لما قيمته 100 إلى 150 مليون دولار، سيحتاج المستثمرون المهتمّون بالاستثمار عالي الجودة إلى رؤية كيف سنحصل على تقييم بقيمة مليار دولار خلال أعوام قليلة حتى يحصلوا على عائد على استثماراتهم". "دعنا نفكر بجدية حول استثمار كل هذه الأشياء التي تحدثنا عنها، بما في ذلك بوابة الموهبة والأدوات ورسوم الوساطة المشتركة والفائدة، كاستراتيجيات لتحقيق دخل". ثم سأله إدوارد:" ولكن هل هذه الأشياء التي ستوصلنا إلى هدفنا قد تكون هذه المصادر قادرة على جلب القليل من المال، ولكن حتى في حال جمعها مع بعضها على الأرجح أنها لن تولّد النمو المطلوب". فأجاب سايمون: "أعتقد أنك مخطئ في هذا الأمر، فلن نستطيع أن نعلم ما سيحدث إلا إذا قمنا بالمحاولة، وحتى إذا كنتَ محقاً كل ما سيكون علينا فعله هو التوصّل إلى خيارات إضافية لتحقيق الدخل - شيء ما يوجّه اهتمام الأطراف الثالثة نحو العمل الذي نقوم به". "ولكن لا يمكننا الاعتماد على بقايا من عروضنا وتجمّعنا، ما نحتاجه حقاً هو تدفّق الإيرادات الصادر من صلب عملنا ومصدر قوتنا، والذي هو وصل الشركات الناشئة الجيدة بالممّولين الجيدين". قال سايمون محبَطاً :" إذاً لنوجّل جولة التمويل هذه". "في مجال عملنا، تعدّ مدة الستة أشهر بمثابة قرن من الزمان، يمكن أن يصل نمو عدد زوار موقعنا في ذلك الوقت إلى نسبة 200% مما يمكن أن يحسّن القيمة المحتملة لجميع مصادر الإيرادات التي تحدثنا عنها بشكل كبير، وقد تغيّر من تقييمنا وتجعلنا أقل عرضة لتسييل الأسهم بسبب جولة تمويل الأسهم فئة A. قلتُ ذلك سابقاً ولكن سأقوله مجدداً: إذا التزمنا بنموذج للربح الآن فإننا نخاطر بعملنا". يرد إدوارد محبَطاً:" ستة أشهر؟ نحن بالكاد نستطيع التعامل مع الأشياء التي يتوجب علينا فعلها. تطوير الخوارزميات وصيانة الموقع والاستمرار في مراجعة جميع الشركات الناشئة والاختيار المناسب منها لعرضها على المستثمرين - والقائمة تطول. بمجرد أن يضعف الموقع، ستفشل شركتنا". ثم أكمل: " قد لا تبدو (فندرز بلاتفورم) كمنافس الآن، ولكن انتظر حتى تبدأ بضخّ المال لدعم عملياتها- حينها سنضعف نحن". قال سايمون: "لن تفشل شركتنا مطلقاً لأننا أفضل شيء حدث لمجتمع الشركات الناشئة على الإطلاق. كما أننا نقدم خدمة مجانية". جمع سايمون في جملة واحدة بين ثلاث كلمات وهي "مطلقاً" و"أفضل" و"مجانية"- وهي ما وضع شركة آند فاوند في وضعها المميز الحالي. ولكن إدوارد كان أكثر وضوحاً في رده الغاضب بقوله :" المجانية لا تعني الأفضل. ليس على المدى الطويل، سترى بنفسك أن المجانية ستحوّلنا إلى أفضل شركة ناشئة لم تنضج أبداً".
كيفين لاوس
مدير العمليات في موقع (AngelList) الذي يربط روّاد الأعمال بالمستثمرين الملائكة.
قد يكون الالتزام بنموذج عمل قبل نضج الشركة أمراً قاتلاً. وإذا بدأتَ بتحقيق دخل من خلال عروضك بوقت مبكر جداً، قد ينتهي بك الأمر كخاسر في سوق تهيمن عليه شركة كانت قادرة على الاعتماد على رأس المال بدلاً من الإيرادات. وهذا لأن الجهود المبذولة لتحقيق دخل يمكن أن تبعد تركيز الفريق عن الجهود اللازمة لتحقيق النمو وتوجهها نحو ما يمكن أن ينفّر العملاء وأن توقف من نشاط الشركة. فالإعلانات على سبيل المثال قد تنفّر المستخدمين من العروض الأساسية. كما أن المنتجات المدفوعة تنتشر بين الناس بشكل أقل من تلك المجانية.
على إدوارد وسايمون أن يجدا مستثمرين أثرياء يتشاركون الرؤية نفسها مع آند فاوند ويؤمنون بقدرتها على النجاح. بوجود هذا النوع من الدعم، سيكونون قادرين على التركيز على النمو في المستقبل القريب، وتأجيل خطوة تحقيق الربح حتى تستطيع آند فاوند الهيمنة على السوق.
وجد موقع فيسبوك مثل هذا الدعم. وكذلك الأمر بالنسبة لموقع يوتيوب. ولأن عمل الشركة هو في مجال البحث عن ممولين، يُعد إدوارد وسايمون في موقع يسهّل إيجادَ أشخاص من بين المستخدمين مؤمنين بفكرتهما، وزيادةَ رأس المال دون الكثير من التنازل. ولكن من المؤكد وجود احتمالية عدم إيجاد مثل هؤلاء المستثمرين، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن رؤيتهما خاطئة؛ فقد يكونان غير قادرَين على شرح رؤيتهما بشكل مقنع للآخرين. أو قد يكون ببساطة سوء حظ في إيجاد رأس المال المخاطر. ولكن مهما يكن السبب، إذا لم يجتمعا بالمستثمرين المناسبين، سيكون على إدوارد وسايمون أن يتجها نحو تحقيق الدخل عن طريق العروض الموجودة على الموقع مثل بوابة الموهبة، ولكن في هذه الحالة عليهما تحقيق ما يكفي من الإيرادات للحفاظ على الشهرة ومواصلة النمو. عليهما أن يفكرا في خيارات تحقيق الإيرادات على أنها مصادر مؤقتة لازمة لعمل الشركة بدلاً من كونها حلاً لمشكلة الإيرادات.
هذا لا يعني أن على إدوارد وسايمون التوقف عن التفكير في مسألة نموذج العمل بشكل كامل. قد تترسّخ ثقافة المجانية بسرعة عند أصحاب المصلحة. من المهم جداً أن يحقّق المؤسسون تقدّماً نحو إنشاء نموذج مستدام ومربِح يقبله المستخدمون بحيث تستطيع الشركة معرفة كيفية تحقيق الدخل عندما يحين الوقت المناسب. غالباً ما تسمع عن أهمية "ملاءمة المنتَج للسوق"؛ وهذا ما يتطلب من الشركة الناشئة أن تفكر بعناية أيضاً في كيفية ملاءمة نموذج الإيرادات الخاص بها مع احتياجات السوق وتوقعاته.
على إدوارد وسايمون أن يفهما بشكل دقيق أنواع المبادرات المحققة للأرباح التي قد يُنظر إليها على أنها تتعارض مع مهمة آند فاوند المتمثّلة في ربط أفضل روّاد الأعمال بأفضل المستثمرين. حماية هذه المهمة أمر أساسي لأنه ما سيجذب الموظفين والمستخدمين والمستثمرين، ويحافظ عليهم في المراحل الجيدة والسيئة أيضاً. أي خطوة قد تخالف وجهة نظر أصحاب المصلحة حول أحد مبادئ الشركة سيكون خطراً بل وأقرب إلى التهور.
جينيفر لوم
رائدة أعمال ومن المستثمرين الملائكة وإحدى مؤسسي شركتي أدلفيك (Adelphic) و أبريكوت كابيتال ( Apricot Capital) ومستشارة للشركات الناشئة في جامعة MIT و(Techstars) و(500 ستارت أبز).
لا يمكن لأي شركة ناشئة أن تعيش على تمويلها التأسيسي إلى الأبد. يمكن لـإدوارد وسايمون أن يؤجّلا الالتزام بنموذج عمل لفترة أطول، ولكن في هذه الأثناء عليهما اختبار استرتيجيات الربح، وأن يتعلّما أكثر حول ما قد ينجح والعكس. كما عليهما التفكير في كيفية تقديم الخدمات المدفوعة في موقع آند فاوند والوقت المناسب لذلك.
هناك تصور سلبي في مجتمع التقنية، وهو أن بعض الشركات والأفراد يستفيدون من روّاد الأعمال عديمي الخبرة الذين يمرون بخطوات عملية جمع التبرعات. وهذا ما يشعر به إدوارد وسايمون تماماً. لذلك يمكنني فهم تخوف سايمون من التخلي عن نموذج عملهم "المجاني". لعلّه يفترض أنهم إذا بدؤوا بفرض رسوم على موقعهم فإن المجتمع سينظر إلى آند فاوند على أنه مجرد شركة نهب أخرى تكسب الأموال عن طريق روّاد الأعمال، وأنها لاتختلف عن شركة فندرز بلاتفورم التي تفرض رسوماً مرتفعة مقابل جمع روّاد الأعمال والمستثمرين الملائكة مع بعضهم. شهدتُ بعض الحالات التي فرضت على الشركات الناشئة دفع 5,000 آلاف دولار مقابل فرصة توصيل أفكارها إلى المستثمرين، وهذه ممارسات متعبة حقاً مع للشركات الناشئة.
لكن آند فاوند تعمل بشكل جيد منذ عدة أعوام، وقد أثبت إدوارد وسايمون حتى الآن أنهما مهتمّان فعلاً بروّاد الأعمال، كما أنهما التزما فعلاً بمهمة الموقع المتمثّلة في توفير إمكانية أكبر للمؤسسين للوصول إلى رأس المال وزيادة الشفافية في عملية جمع التمويل. وقد فتحا فرصاً للتمويل في جانبي السوق. فبالنظر إلى عدد المستخدمين النشطين والمتفاعلين في الموقع، يجب أن يكون إدوارد وسايمون على ثقة تامة برابطة الثقة التي كوّناها مع هؤلاء المستخدمين. ونتيجة لذلك، فإن مجتمع آند فاوند يكسب الكثير من القيمة من خلال الموقع، وعليه أن يدرك حاجة آند فاوند إلى بناء عمل مستدام. وطالما أن سياسة آند فاوند هي الصراحة والشفافية حول ما يتعلق بالرسوم، أؤمن أن المستخدمين سيكونون على استعداد لدفع رسوم مقابل بعض الخدمات والمزايا في الموقع.
أنا مندهشة من تردد المؤسسين في تجربة الأفكار المولّدة للربح؛ فأنا مؤمنة قوية بالتجربة والاختبار، وهناك العديد من الفرص أمام آند فاوند لتعلّم المزيد حول استعدادية المستخدمين للدفع. لقد قام إدوارد وسايمون بعمل رائع جداً بابتكار طرق بسيطة وقيمة لتسهيل تواصل روّاد الأعمال والمستثمرين والباحثين عن عمل مع بعضهم؛ وعليهما الآن التركيز على اختبار كل من هذه الابتكارات كمصدر محتمل للإيرادات.
لنأخذ على سبيل المثال بوابة الموهبة وهي خدمة توفر الكثير من المال على المؤسّسات. عادة ما يتقاضى خبير التوظيف ربع إلى ثلث راتب الموظف الجديد في السنة الأولى؛ بمعنى أن الشركات التي تقوم أصلاً بدفع رسوم توظيف، ستكون على استعداد لدفع رسوم أقل لآند فاوند مقابل خدمة مشابهة.
الموهبة هي ليست العمل الأساسي لآند فاوند، ولكن في المراحل الأولى لبناء شركة ما فإنه من غير المألوف لشركة ناشئة أن تعتمد على نشاطات غير أساسية كهذه لتحقيق ربح. لقد عملتُ في شركة ناشئة اشتقّت أرباحاً كبيرة في وقت مبكر من منتجات لم تكن الأساس في عمل تلك الشركة. بالتأكيد على الشركة الناشئة أن تتخذ قرارات حكيمة حول تخصيص مواردها المحدودة. ولذلك على آند فاوند أن تكون ثابتة في تركيزها على على مهمتها الأساسية: المساعدة كوسيط في إتمام الصفقات. ولكن عليها أيضاً أن تجرب خيارات أخرى للربح على شريحة صغيرة ومحددة من مستخدميها.
ليس هناك وقت للخسارة، وسايمون محق تماماً بشأن قوله إن ستة أشهر بالنسبة لشركة ناشئة في قطاع سريع النمو هي بمثابة قرن!
تعليقات مجتمع هارفارد بزنس ريفيو
التركيز على المنتج
يبدو أن إدوارد وسايمون يملكان قاعدة بيانات هائلة من المستثمرين؛ لذلك عليهما أن يكونا قادرين على إيجاد مستثمرين يؤمنون بالنهج المتّبع في شركة فيسبوك وهو: صمّم منتجاً جيداً أولاً ثم أهتم بتحقيق الإيرادات لاحقاً. إذا كانا يعتقدان خقاً أنهما يقدمان أفضل خدمة، سيتدفق سيل الإيرادات قريباً.
أرجان توبان، مؤسس ومؤثر على وسائل التواصل الاجتماعي.
ابدأ برسوم رمزية
فرض رسوم شهرية بقيمة 2.99 دولار فقط على 100,000 مستخدم سيُنتج ربحاً فورياً بقيمة 300,000 دولار شهرياً أو 3.6 مليون دولار سنوياً. أعتقد أنه حتى سايمون سيتقبل دفع مبلغ 2.99 شهرياً مقابل الوصول إلى القيمة التي ينتجها آند فاوند. سيكون هذا بمثابة محاولة كسر الجليد وإجبار آند فاوند لتجميع المشاركين.
براين فلورداي، رئيس تنفيذي للعمليات، خدمات الموظفين، SET SEG.
ادعم جانباً واحداً من السوق
يُعدّ المشتركون من الشركات الناشئة أحد مشتركي آند فاوند. فإذا قام إدوارد وسايمون بإزالة جميع المستثمرين من الموقع، سيبقى لديهما ما يشبه موقع الفيسبوك الذي يضم معلومات تتعلق بقوة الشركات الناشئة. أما إذا أزالا ما يتعلق بالشركات الناشئة، سينتهي العمل تماماً. لذلك يجب أن تبقى جميع الخدمات مجانية بالنسبة للشركات الناشئة - ولكنني لا أرى سبباً يمنع من توليد الإيرادات من خلال فرض رسوم على المستثمرين.
تان مينه نجو، جامعة بوكوني.
اقرأ أيضاً: 3 أمور تحفز نمو ريادة الأعمال في أفريقيا