5 قواعد ذهبية من ستيف جوبز لتثق بنفسك وتنجح في العمل

6 دقائق
الثقة في النفس
shutterstock.com/Castleski
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

بعد وفاة ستيف جوبز بعامين، كتب الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تيم كوك، بياناً إلى موظفيه قال فيه: “آمل أن يفكّر الجميع فيما يعنيه ستيف جوبز لنا وللعالم. كان ستيف إنساناً رائعاً وترك العالم مكاناً أفضل. أفكر فيه كثيراً وأجد قوة هائلة في ذكريات صداقته ورؤيته وقيادته. لقد ترك خلفه شركة لم يكن ليبنيَها أحد سواه، وستظل روحه أساس شركة آبل إلى الأبد. سنستمر في تكريم ذكراه عبر تكريس أنفسنا للعمل الذي أحبَّه حباً جماً، وما من تكريم أعظم لذكراه”. حقق جوبز الكثير وفشل في تحقيق الكثير، وفي الحالتين، ثمة ما يمكننا أن نتعلمه منه، ليس فقط في مجال ريادة الأعمال؛ وإنما في تعزيز الثقة في النفس والنجاح في العمل. وإليك أهم 5 قواعد مستلهمة من مسيرة جوبز قد تلهمك لتثق بنفسك أكثر وتُبدع في عملك.

1. “اِبقَ جائعاً، اِبقَ أحمقَ” (Stay Hungry. Stay Foolish)

عبارة تبنّاها جوبز كثيراً وعلقت في أذهان الجميع بعد أن استخدمها في نهاية الخطاب الذي ألقاه للدفعة 114 من خريجي جامعة ستانفورد عام 2005، وهي عبارة طُبعت أساساً على الغلاف الخلفي للطبعة الأخيرة من مجلة علمية أميركية كانت تُنشر بين عامي 1968 و1974، اسمها “كتالوغ كوكب الأرض” (The Whole Earth Catalog).

تختزل هذه العبارة في بساطتها أهم الدروس وأعمقها المتعلقة بالنجاح في العمل والثقة في النفس، فبعيداً عن معناها الحرفي، يمكن تفسير ما قصده جوبز من أن تبقى جائعاً؛ بألا تشبع أو ترضى بما نلته من المعرفة؛ بل أن تسعى إلى المزيد من المعرفة والخبرة والمهارات مثلما يتلهف الجائع لتناول الطعام. أما أن تبقى أحمق، فمعناها ألا تعدّ نفسك الخبير الأعظم في مجالك مهما تطورت؛ بل ما زلت “أحمق” مستعداً بتواضع لصقل مهاراتك وخبراتك، والمخاطرة والخروج من منطقة راحتك، ولا تخشَى ارتكاب الأخطاء طالما أنك تتعلم منها.

تطوير المهارات التي تعتمد عليها في عملك سيؤثر إيجاباً في ثقتك بنفسك، وكذلك الحال أيضاً مع تعلّم مهارات جديدة تماماً. فأيّ شيء تتعلمه، لا بد أن تستفيد منه يوماً. وفقاً لجوبز: “لا يمكنك ربط النقاط بالنظر إلى الأمام؛ يمكنك توصيلها فقط عند النظر إلى الخلف. لذلك عليك أن تثق بأن النقاط سوف تتواصل بطريقة أو بأخرى في مستقبلك. عليك أن تثق بشيء ما؛ حدسك، مصيرك، حياتك، الكارما، أياً كان. لم يخذلني هذا النهج قط وقد أحدث فرقاً كبيراً في حياتي”.

حين تتدرب وتطور نفسك، ستكسب الصفات والمهارات والذكاء اللازم لتحقيق النجاح في أصعب المواقف، ما سيزيد الثقة ويقلل المخاوف بشأن التحديات. بالإضافة إلى ذلك، تمتُّعك بالثقة الكافية للخروج من منطقة راحتك والانخراط في مشاريع صعبة وتحقيق أهداف جديدة سيزيد ثقة أصحاب العمل فيك وفي قدرتك على تحفيز الآخرين.

جدير بالذكر هنا أن خطاب جوبز لخريجي جامعة ستانفورد كان خطاباً عاطفياً ومنظَّماً وملهِماً. على الرغم من أن جوبز لم يكن في ذلك الحين مبتدئاً أو قليل الخبرة، فقد تدرب على الخطاب تدريباً هائلاً، وألقاه على مسامع عائلته عشرات المرات. فإذا كان جوبز رجل الاستعراض الواثق يسعى دائماً للتدريب وصقل مهاراته، فماذا عنا؟

2. كُن مستعداً لطلب المساعدة 

إحدى القواعد الذهبية للثقة بالنفس التي يمكن استلهامها من جوبز هي أن تثق بنفسك ثقة تكفي لطلب المساعدة عندما تحتاج إليها، فما يفرّق بين الحالمين والفاعلين أحياناً هو الجرأة في طلب المساعدة، فالناس معظمهم لا يحظون بالتجارب الجيدة في حيواتهم لأنهم لا يسعون سعياً جدياً من أجلها.

ومن إحدى القصص التي رواها لجمعية وادي السيليكون التاريخية عام 1994 مؤكداً ضرورة امتلاك الثقة للسعي في سبيل ما تريد، أنه عندما كان في الثانية عشر من عمره، أراد تصميم عدّاد تردد، لكنه لم يمتلك الأجزاء الضرورية كلها لبناء المشروع، فما كان منه سوى أن بحث عن رقم بيل هيوليت في دليل الهواتف واتصل به، وللمفاجأة، فإن الشريك المؤسس لشركة هيوليت- باكارد الأميركية للحواسيب والإلكترونيات، بيل هيوليت، ردَّ شخصياً على الهاتف، فقال جوبز: “أنا ستيف جوبز عمري 12 عاماً، أنا طالب في الثانوية وأريد بناء عدّاد تردد وأتساءل إن كان بإمكانك تزويدي بالأجزاء الناقصة! فضحك هيوليت وزوّدني بما ينقصني، ومنحني عملاً أيضاً في ذلك الصيف”.

وأردف قائلاً: “لم يحدث قط أن رفض شخص ما مساعدتي أو أقفل الهاتف في وجهي إبان اتصالي به طالباً المساعدة، لكن معظم الناس لا يمسكون هواتفهم ويتصلون، ومعظم الناس لا يطلبون المساعدة، وهذا ما يفرّق أحياناً بين الأشخاص الذين يحققون الإنجازات والأشخاص الذين يحلمون بها. عليك أن تتصرف، وأن تكون مستعداً للفشل أو الرفض، فإذا بقيت خائفاً من الفشل، فلن تحقق الكثير”.

والآن، هل تعتقد أن طلب المساعدة لا يزيد الثقة في النفس؟ في الواقع، قد تكون الخطوة الأولى اللازمة لبناء ثقتك بنفسك في مكان العمل هي أن تغيّر منظورك عن الثقة بالنفس أساساً؛ فوفقاً للمرشدة النفسية والمعالجة السردية ومؤلفة كتاب “فكّر بعقلية جديدة: دليلك نحو الثقة بإمكاناتك” (reMind: Empowering You to Believe In You)، كريستين تايلور، فإن الأمر يتعلق بطلب المساعدة وقبول التعليقات وخوض التجارب الجديدة، إذ تعتبر هذه الأنشطة أساساً لبناء موظفين واثقين من أنفسهم.

3. ابحث عن الشغف في عملك

كيف يؤثر عملك في حياة الآخرين؟ هل تسهم في زيادة معرفتهم؟ أو تمنحهم حلولاً لمشكلاتهم؟ أو تساعدهم على تجنب المخاطر؟ أو تجعل حياتهم أسهل؟ أو تضفي البهجة على أيامهم؟ فهمك لكيفية تأثير عملك في حياة الآخرين سيزيد ثقتك بنفسك على نحو كبير جداً. وهنا، ثمة درس قيّم نتعلمه من جوبز، وسوف أذكر ما قاله حرفياً: “في بعض الأحيان، تضربك الحياة بالطوب على رأسك، لا تفقد الثقة. أنا مقتنع أن الشيء الوحيد الذي جعلني أستمر هو أنني أحببت ما أفعله. عليك أن تجد ما تحبّه. سيشغل عملك جزءاً كبيراً من حياتك، والطريقة الوحيدة لتشعر بالرضا حقاً هي أن تفعل ما تعتقد أنه عمل عظيم. والطريقة الوحيدة لفعل عمل عظيم هي أن تحب ما تفعله. إذا لم تجده، فواظب البحث. لا تستقر وترضَ؛ فكما هو الحال مع كل الأمور التي يلهف لها القلب، فأنت ستدركه حالما تجده. ومثل كل العلاقات العظيمة، فإنها ستصبح أفضل مع مرور السنوات. لذلك، استمر في البحث حتى تجده. لا تركن”.

4. كُن على ثقة أنك تستطيع فعل الكثير وتحدَّ نفسك

من المعلوم أن جوبز لم يكن يتوقع من فريقه أداءً ممتازاً؛ بل أداء يفوق ما يتصورون أنهم قادرون عليه. وعلى الرغم من أن توقعاته كانت تبدو في بعض الأحيان غير منطقية، فإن التحدي الذي فرضه عليهم، والذي اعتبروه مستحيلاً في كثير من الأوقات، كان يتحقق كما توقع بالفعل. تأخذ قدرة جوبز في دفع الناس على فعل المستحيل شكلاً من أشكال النبوءة التي تحقق ذاتها؛ إذ تؤدي التوقعات الإيجابية للقائد أو الشخصية ذات السلطة المتعلقة بأداء مرؤوسيهم إلى دفع هؤلاء إلى تعديل سلوكهم، وإطلاق العنان لإمكاناتهم الخفية والعمل بجد لتلبية هذه التوقعات.

لذلك، إذا لم تمتلك اليوم قائداً مثل ستيف جوبز يحثّك على فعل ما لا تتخيل أنك قادر عليه، فكُن أنت ستيف جوبز لنفسك. ثِق بنفسك وآمِن بقدراتك، حدد نقاط قوتك واستفد منها، وحدد نقاط ضعفك التي تؤثر في ثقتك بنفسك وعالجها، وابحث عن المشاريع والمهام التي ظننت أنها غير ممكنة وحاول تنفيذها. أكِّد لنفسك أنك تستطيع فعل كل ما يلزم وأكثر.

وسامحوني إن تطرّقت إلى مثال آخر، لكن الشي بالشيء يُذكر. فعندما سُئل محمد علي كلاي عن عدد تمرينات الضغط التي يستطيع تنفيذها، أجاب نحو 7 أو 8 تمرينات! استغرب السائل؛ فعليّ هو البطل الذي فاز ببطولة العالم للملاكمة في الوزن الثقيل 3 مرات، فأوضح أنه يبدأ العدّ فقط عندما يشعر بأنه لا يستطيع القيام بالمزيد. هو يبدأ العدّ في اللحظة التي يتوقف عندها الناس معظمهم عن أداء التمرين. ربما لن تضيف تلك التمرينات السبع الكثير إلى جسد الرياضي، لكنها تضيف الكثير إلى عقله؛ فتلك هي عقلية الشخص الذي يعرف كيف يحفِّز نفسه. العمل إلى درجة لا يمكن بعدها الإنجاز، وحينها العمل أكثر على كل حال. وبالطبع، ليس المقصود هنا أن تحرق نفسك في العمل وألا ترأف بنفسك؛ بل أن تتذكر دائماً أن في داخلك قدرات كامنة، تستطيع إيقاظها عندما تؤمن أنها موجودة.

5. تقبَّل الفشل واعترف بأخطائك وتحمَّل المسؤولية

هل نخطِئ إن قلنا أن انخفاض الثقة في النفس يرتبط ارتباطاً مباشراً بالخوف من عدم الكمال؟ وهل مِن معصوم من الخطأ؟ واجه جوبز صعوبات عديدة وارتكب أخطاء عديدة واتخذ قرارات خاطئة جعلته يخسر شركة آبل التي أسسها بعد خلاف مع مجلس الإدارة. قال جوبز تعقيباً على فشله وطرده من آبل: “لم أكن أعرف حقاً ماذا أفعل لبضعة أشهر. شعرت أنني خذلت الجيل السابق من رواد الأعمال. فشلت فشلاً ذريعاً وعلى العلن أيضاً، حتى إنني فكرت في الهروب من الوادي.. لم أرَ ذلك حينها، لكن اتضح أن طردي من شركة آبل كان أفضل ما حدث معي على الإطلاق. فخلال السنوات الخمس التالية، أسستُ شركة نيكست وشركة بيكسار التي غدت أنجح استوديو للرسوم المتحركة في العالم وأنتجَت أول فيلم طويل للرسوم المتحركة باستخدام الحاسوب. ثم تغيّر مجرى الأحداث، اشترت آبل شركة نيكست وعُدت إلى آبل. أنا متأكد تماماً أنه لم يكن ليحدث أي شيء من هذا لولا طردي من شركة آبل. لقد كان طعم الدواء سيئاً، لكني أعتقد أن المريض يحتاج إليه”.

“في بعض الأحيان وعندما تبتكر، سوف ترتكب الأخطاء. من الأفضل أن تعترف بها بسرعة، ثم تواظب على تحسين ابتكاراتك الأخرى”. لا تسهب في التفكير أو الحديث عن الأخطاء، تقبّل حدوثها، وامضِ قُدماً، ولا تجعل الخسارة أو الخوف من الفشل يقيّدك أو يضعف إيمانك بنفسك. كُن واثقاً مهما خسرت أو فشلت، أنك قادر على بناء كل شيء من جديد طالما أنك تمتلك المهارات المناسبة والعقلية الصحيحة والشغف فيما تفعل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .