ملخص: أتعتقد أنك مستعد لاتخاذ قفزة نوعية باتجاه إنشاء شركتك الخاصة (قفزة نوعية في ريادة الأعمال)؟ إذا لم تكن قد حددت فكرة شركتك بعد لكنك واثق من أن ريادة الأعمال هي ما يناسبك، فمن الضروري أن تسعى إلى تحديد شغفك الحقيقي، وهذا يستدعي الاستكشاف من خلال ممارسة الهوايات والأعمال الإضافية الجانبية ودروس تعليم صناعة المنتجات في المنزل. ما أن تترسخ فكرة شركتك، من الضروري أن تسعى إلى التعلم من أجل توسيع قاعدة معلوماتك. ابدأ بإجراء بحث حول القطاع الذي تريد الدخول إليه والمشهد التنافسي فيه كي تتمكن من التوصل إلى طريقة لتمييز نفسك. اطرح أفكارك على أصدقائك وعائلتك فهم بمثابة مجموعة مناقشة واختبار لأفكارك، وتطوع في مؤسسات تعمل في نفس المجال كي تكتسب خبرة عملية، وألّف محتوى فكري حول مجال عملك وانشره كي تؤسس لنفسك بوصفك قائد فكر في قطاعك الجديد، وابنِ شبكة علاقات واحضر الفعاليات والنشاطات التي تقام في القطاع. يجب أن تفهم أن إطلاق مشروعك ما هو إلا بداية الرحلة ومنحنى التعلم.
القفزة هي ذاك الشعور المبهج الذي يتملكك عندما تتوصل إلى فكرة مشروع شركة جديدة، لكن تخصيص وقتك بالكامل لها يعني مجازفة كبيرة، فمن الممكن أن يؤدي بناء شركة ناشئة من الصفر إلى إضعافك من الناحيتين العاطفية والمالية لاسيما إذا لم تتوفر لديك شبكة أمان. وفي خضمّ الاضطراب الناجم عن أزمة "كوفيد-19"، يجب أن نأخذ في حسباننا أن الظروف الاقتصادية قد لا تكون في صالح من يحاول تمويل شركته أو الانتقال من عمله في وظيفة بدوام كامل. وفي نفس الوقت يجد كثيرون أنفسهم مجبرين على ترك وظائفهم في هذه الأزمة، ولذلك قد يكون الآن هو أنسب وقت لهذه النقلة. لكن في أي ظرف كان، إذا لم تفعل هذه القفزة فقد لا تتمكن من تحقيق أحلامك بالاستقلالية على الإطلاق. ربما كنا بحاجة إلى الروح الريادية الآن أكثر من أي وقت مضى.
مبادئ أساسية لضمان استمرار شركتك الناشئة
لكن، تبوء شركات ناشئة كثيرة بالفشل مهما كانت فكرتها عظيمة ومهما بلغ إصرار مؤسسها. وبناء على خبرتي في تأسيس شركة "شميتس ناتشورالز" (Schmidt’s Natural) وتنميتها بدءاً من مطبخ منزلي مروراً بالتغلب على عقبات كانت تشكل تهديداً لها وصولاً إلى استحواذ شركة "يونيليفر" عليها، تمكنت من فهم بعض المبادئ الأساسية التي يمكن لرائد الأعمال اتباعها من أجل ضمان استمرار شركته، وهي كما يلي:
حدد التزاماتك: نحو نفسك أولاً ثم نحو الشركة
تتطلب ريادة الأعمال امتلاك حب قوي لما تفعله، وإذا لم يكن عملك نابعاً من قلبك بصورة كاملة فلن تتمكن من تحقيق الكثير. لذلك احرص على منح الأولوية لإجراء حديث صادق مع نفسك وافسح مجالاً للمرونة في أثناء تطورك. سل نفسك: إذا نجحت خطتي بالفعل، فهل أنا مستعد للبقاء في هذه الشركة على المدى الطويل؟
إذا لم تكن قد حددت فكرة شركتك بعد لكنك واثق من أن ريادة الأعمال هي ما يناسبك، فمن الضروري أن تسعى إلى تحديد شغفك الحقيقي، ستحتاج في ذلك إلى عملية استكشاف. بعد تخرجي من الجامعة بدأت بالارتقاء على السلم الوظيفي في الشركة التي عملت بها حتى وصلت إلى منصب واعد في الموارد البشرية في مدينة شيكاغو الأميركية. كنت أشعر بالأمان من ناحية الأمور المالية والامتيازات، لكني لم أشعر بالرضا وكنت أرغب في مزيد من الاستقلالية والابتكار في عملي. وبما أني كنت أعلم أن الموارد البشرية لم تكن هي المسار الذي أبغيه، غادرت مكان إقامتي وانتقلت بصورة نهائية إلى مدينة بورتلاند، وهناك التزمت بعملية سبر لأعماق ذاتي وعزمت على اكتشاف شغفي وهدفي ومهاراتي الكامنة التي لم أكتشفها بعد.
بعد ممارسة سلسلة من الهوايات وبعض الأعمال الجانبية (بدءاً من الحفر على الخشب والتصميم الداخلي وصولاً إلى زراعة إسفنج اللوف)، عرفت أخيراً العمل الذي أريده، وكنت أبلغ حينها 31 عاماً وفي الشهر السابع من الحمل. إذ كنت قد حضرت دروساً لتعليم صناعة بعض المنتجات في المنزل، فأيقظت شغفي في صناعة منتجات العناية الشخصية وبيعها. عرفت أني مستعدة للالتزام جديد، وهذه المرة كان التزاماً تجاه الحياة، وهو أن أعيشها بوصفي رائدة أعمال.
طور قدراتك: اكتسب المهارات والصلاحيات
ما أن تترسخ فكرة شركتك، من الضروري أن تسعى إلى التعلم من أجل توسيع قاعدة معلوماتك. ابدأ بإجراء بحث حول القطاع الذي تريد الدخول إليه والمشهد التنافسي فيه كي تتمكن من التوصل إلى طريقة لتمييز نفسك. اطرح أفكارك على أصدقائك وعائلتك فهم بمثابة مجموعة مناقشة واختبار لأفكارك، وتطوع في مؤسسات تعمل في نفس المجال كي تكتسب خبرة عملية، وألّف محتوى فكري حول مجال عملك وانشره كي تؤسس لنفسك بوصفك قائد فكر في قطاعك الجديد، وابنِ شبكة علاقات واحضر الفعاليات والنشاطات التي تقام في القطاع.
عندما أسست شركة "شميتس ناتشورالز" في عام 2010، منحت الأولوية للأعمال الإضافية ضمن القطاع والتي كانت ذات صلة بشركتي، مثل تحضير منتجات العلامات الخاصة وصناعتها لصالح المنتجعات المحلية، وإنشاء مجموعات أدوات صنع منتجات العناية الشخصية في المنزل لطرحها في متجر إلكتروني، والتدرب في متجر للأعشاب، حتى أني عملت أمينة صندوق في متجر محلي، حيث تمكنت من مراقبة تعامل الزبائن مع منتجاتي المعروضة على رفوفه.
يجب أن تفهم أن إطلاق مشروعك ما هو إلا بداية الرحلة ومنحنى التعلم. في الحقيقة، مع نمو شركتك الناشئة ستكون ملزماً بالابتعاد عن منطقة راحتك أكثر فأكثر، إذ تعمل على بناء خبراتك ومهاراتك القيادية إلى جانب التعامل مع مشهد التمويل المعقد.
موّل مشروعك: وازن النتائج المالية
هذا هو الجزء الأسهل بالنسبة لرائد الأعمال العريق الذي يتمتع بشبكة علاقات قوية، أما بالنسبة لبقيتنا فهو المأزق. بالنسبة لشركتي "شميتس ناتشورالز"، اخترت أن أمول نفسي بنفسي، هذا يعني أني كنت مفلسة تماماً، لذلك كان عليّ الاستمرار في الوظائف الإضافية إلى أن تتمكن شركتي من تحقيق الاستقرار المالي الكافي للاعتماد على نفسها. لو أن الأمور سارت على نحو سيئ جداً لكانت تلك نهاية حتمية للشركة. وبالفعل، مرت الشركة بفترات واجهت فيها ضائقة مالية شديدة، وأنا ممتنة لصحتي وقدرتي على توفير التمويل المبدئي لشركتي مما جنيته من أعمالي الإضافية.
صحيح أن هذا النوع من التمويل الذاتي ليس مناسباً للجميع، إلا أنه من الضروري أن تتمكن من اتباع الطرق المالية المناسبة كي تصل بشركتك إلى تحقيق الأرباح. فشركتك لن تستمر من دون تدفق نقدي، سواء كان عن طريق القرض أو حقوق الملكية أو التمويل القائم على الإيرادات، أو الاستعانة بشريك أو شريك مؤسس، كما أنها لن تستمر إذا استعجلت بالقفزة واستعنت بترتيبات التمويل غير المناسبة.
ينطوي كل خيار من خيارات تمويل شركتك على قدر من المجازفات التي يجب أن تكون مستعداً لفعلها إلى جانب الضمانات التي تعتمد عليها في تحقيق رؤيتك. وكلما زادت المخاطر قلّت احتمالات النجاح، لكن بعض المجازفات تستحق فعلها. وفي النهاية، يجب أن تطرح على نفسك السؤال التالي: "ماذا يعني وضع كل ما أملكه في الشركة بالنسبة لي؟"
حقق التكامل في حياتك ونظّمها كي تحقق الاستدامة
قد تكون قدرتك على التوفيق بين عملك كرائد أعمال والأجزاء الأخرى من حياتك هي أصعب مهمة على الإطلاق. ببساطة لأنه ليس من السهل التعامل مع المطالب التي تصرفنا عن أصدقائنا وأسرنا والأمور التي تشكل متعة شخصية. وإذا عملت بعزم ومرونة قدر الإمكان على دمج شركتك الناشئة مع نمط حياتك فستتمكن من حماية صحتك النفسية وعزل علاقاتك عن الضغوط الخارجية.
وفيما يتعلق بالعائلة، فكر بإدخال أعمال روتينية في عطل نهاية الأسبوع وأوقات تناول الطعام والاستعداد للنوم. وامنح المناسبات التي تخص العائلة والأصدقاء أولوية في جدول مواعيدك، واحذر من خوض مناقشات جدية حول الأعمال في المنزل، لكن لا تتجنبها بالكامل لأن إشراك معارفك في تقديم آرائهم وملاحظاتهم مفيد وممتع أيضاً، لذا حاول أن تشركهم في أكثر الجوانب إمتاعاً من عملك كتطوير المنتجات أو التسويق. يمكن أن تؤدي تجربة ريادة الأعمال إلى انعزالك عمن حولك، لذا فالتوصل إلى طرق لإدخالهم إلى عالمك هو طريقة لبناء جسر يحافظ على اتصالك بالعالم الخارجي.
قد لا تتمكن من تحقيق التوازن بادئ الأمر، ولا بأس في ذلك. في عام 2010، أصبحت أماً ورائدة أعمال في نفس الوقت. وبدلاً من محاولة التمسك بحدود صارمة، كساعات العمل المحددة في المكتب، تمكنت من خلال التوصل إلى طرق لدمج هاتين الهويتين من تحقيق المرونة والرضا الشخصي اللذين يعودان بالفائدة على كلا الدورين. عندما كان ابني أوليفر رضيعاً، كنت أعمل بهدوء في المطبخ في أثناء قيلولته، فأصنع المنتجات على الموقد أو أراجع الاتصالات والرسائل الإلكترونية بيني وبين التجار، إذ لم يكن من السهل أن أقوم بهذه الأعمال وهو يلعب إلى جانبي ويسبب الكثير من الضوضاء. وكنت أصطحبه عندما كنت أستقل سيارتي لاستلام بعض المكونات أو توصيل الطلبيات إلى مكتب البريد، وعندما كنت ألقي خطاباتي الترويجية في المتاجر كنت أدخل إلى القاعة وأنا أحمله بيد وأمسك صندوق المنتجات باليد الأخرى. لم تضرني رفقة طفل لطيف عند إتمام الصفقات، واستمتعت بكل ثانية قضيتها معه في رحلاتنا.
على الرغم من جميع الصعوبات، فريادة الأعمال جديرة بكل هذا العناء، على الأقل بالنسبة لمن يزدهرون في المجالات غير المتوقعة مثلي، ولا يمانعون التعرض لمواقف محرجة بين الفينة والأخرى، ويشعرون بالحماس للتعامل مع التحديات التي لا تنتهي. ينطوي الأمر على المتعة والفوضى وشيء من الخطر.
وإذا كنت تتساءل عما إذا كنت قادراً على فعله، لكنك وصلت إلى هذه المرحلة، فأنا أشجعك على فعل هذه القفزة النوعية في ريادة الأعمال. فأنت لن تعرف كيف سيبدو الأمر حتى تجربه.