إذا خضت مساراً مهنياً غير تقليدي، فستواجه صعوبة في دخول سوق العمل مجدداً أو الانتقال إلى منصب أعلى أو العمل في مجال جديد، مثلاً هل ستراك شركة تسويق مرشحاً مناسباً للقيادة، إذا كنت مختصاً في جمع التبرعات وصاحب شركة صغيرة؟ وهل يمكن لشركة أجهزة طبية أن تراك قادراً على التعلم حول خط إنتاجها إذا عملت في قطاع السيارات أو الضيافة؟ هل سيأخذك مدير التعيينات في الشركة على محمل الجد إذا كنت قد أمضيت معظم السنوات العشر الماضية في العمل التطوعي؟ قد لا تكون المرشح الأفضل في مثل هذه الحالات، ولكن من المرجح أن تقنع مدير التعيينات، أو ممول المشروع أو عضو مجلس الإدارة المستنير بنفسك إذا أوضحت له كيف أن خبراتك ومهاراتك المتنوعة تجعلك مرشحاً أفضل من مقدم طلب التوظيف التقليدي.
كيف يمكنك فعل ذلك؟ من خلال سرد قصتك بطريقة تربط النقاط بعضها ببعض. على عكس المرشح النموذجي، عليك التأكد من أن تسرد قصتك بطريقة تسمح للشخص المقابل برؤية القاسم المشترك في مسارك المهني وفهم مهاراتك المتنوعة والتدريب الذي تلقيته وخبراتك وخياراتك.
لكي يستوعب الآخرون مسارك المهني، ينبغي أن تستوعبه أنت أولاً، لذا حدد الموضوعات الأساسية في حياتك المهنية، وهو أمر يتطلب بعض التركيز والتفكر، وقد يحددها لك فرد من عائلتك أو أحد الأصدقاء أو الزملاء قبل أن تفعل ذلك، مثلاً قد تسمع كلاماً من قبيل:
"لطالما أحببت بناء المجسمات منذ حصلت على مجموعة المكعبات الخشبية في عيد ميلادك".
"أنت لا تستقر أبداً على الوضع الراهن، بغض النظر عن المكان الذي عملت فيه وما أنجزته، فإنك تتطلع دائماً إلى ابتكار شيء جديد".
"أنت تحفز الأفراد، سواء كنت تدير رابطة أولياء الأمور والمعلمين أو تقود فريقاً في العمل، أو تجد أشخاصاً للانضمام إلى مجلس المدينة".
منذ وقت ليس ببعيد، حددتُ موضوعاً متماسكاً في حياتي العملية وشاركته مع عملائي في التدريب المهني مثالاً على كيفية بناء تلك القصة. لقد تعلمت اللغة اللاتينية طوال المرحلة الثانوية وأحببت ترجمة حكاية الإنيادة القديمة إلى ما يشبه اللغة الإنجليزية الحديثة. تخصصت في الأدب في الكلية، وقرأت باللغتين الإيطالية والفرنسية، وكدت أقبل وظيفة مترجمة بعد حصولي على شهادتي، لكنني بدلاً من ذلك اتجهت للعمل في جمع التبرعات لجامعتي وبعد بضع سنوات، التحقت بكلية إدارة الأعمال ثم عملت في مجال التسويق. بعد فترة وجيزة عدت إلى التطوير المؤسسي (الاسم الراقي لجمع التبرعات) وكنت أدرس خلال ذلك للحصول على شهادات علمية في الإرشاد النفسي. بعد حصولي على درجة الدكتوراة، واصلت عملي الخاص، ولكني أضفت أيضاً الاستشارة المهنية وتدريب التنفيذيين إلى مهاراتي.
بالحديث عن خبراتي بهذه الطريقة فإنها قد لا تبدو مترابطة، ولكن ما يربطها كلها معاً هو عملية الترجمة؛ ترجمة نص من لغة إلى أخرى، وترجمة أهمية البرنامج الأكاديمي إلى جهة مانحة محتملة، وترجمة فوائد المنتج للمستهلكين، وترجمة مخاوف العميل إلى طرق ممكنة للمضي قدماً، ومساعدة العملاء على ترجمة مشاعرهم أو أفكارهم أو إمكاناتهم للآخرين، لقد اكتشفت قصتي المتماسكة!
اسأل نفسك، ما نوع المهام التي تحب العمل عليها؟ فكر في أنواع العمليات والأنشطة التي استمتعت بها كثيراً في المدرسة أو العمل أو في المجالات التطوعية أو مع العائلة أو الأصدقاء، ثم فكر في الروابط التي تجمع هذه الأنشطة معاً أو اسأل الآخرين عنها. دون الإشارة إلى منصب أو لقب معين، قد تكتشف أنك عموماً تتقن الاستماع، أو بناء العلاقات أو معالجة المشكلات المعقدة أو مراجعة أساليب العمل التقليدية أو ابتكار رؤية جديدة أو تحفيز الناس للعمل. هذا هو أكثر ما استمتعت به ومن ثم فإنك تمهر فيه لأنك قضيت وقتاً في ممارسته. قد يربط هذا الموضوع الذي ينشأ من تجربتك مجموعة واسعة من الأنشطة بقاسم مشترك يوحدها جميعاً.
الخطوة التالية لتحديد موضوعك هي أن تسرد قصتك. اصنع القصة واغتنم أي فرصة لمشاركتها مع أولئك الذين يمكنهم المساعدة في تطوير حياتك المهنية: مدراء التعيينات أو الممولين، أو الزملاء أو مسؤولي الدعاية، أو المعارف الذين تقابلهم في مناسبة للتواصل أو فعالية محلية.
لا تفكر في الألقاب أو المناصب أو القطاعات، ركز على ما تتقنه باستخدام المصطلحات التي تجمع بين خبراتك المتنوعة والقطاعات التي لا تبدو مرتبطة معاً، والفرص التي أتيحت لك مصادفة لتعلم شيء جديد. لا تقلل من نفسك، فبدلاً من أن تقول إنك لا تبرع في مجال ما تحدّث بثقة عن المجال الذي تبرع فيه.
بعص الأمثلة:
"أنا بارع في بناء العلاقات، ولطالما أثنى مَن حولي على قدرتي في الاستماع إلى احتياجات الناس ومساعدتهم على ابتكار حلول لمشكلاتهم".
"أستمتع بحل المشكلات المعقدة. أحب الخوض في المشكلات الشائكة والعمل بجد لفهم القضايا المطروحة، والوصول إلى جوهر الموضوع".
"أنا أبرع في التفكير الإبداعي، سواء فيما يخص التوصل إلى منتج جديد أو أسلوب عمل جديد. يستحيل عليّ الاستقرار على الوضع الراهن إذا كنت أرى أن بوسع فريقي ابتكار ما هو أفضل".
يمكنك التحدث لاحقاً عن المناصب التي شغلتها أو الشركات التي عملت لديها، لكن حدد أولاً الموضوع الذي تريد أن يفهمه محاورك قبل أن يتساءل: "ولكن هل لديه ما يكفي من الوقت والخبرة والتدريب؟"، فبعد أن تربط النقاط معاً لن يحتاج إلى طرح هذه الأسئلة.
يمكن أن يصبح هذا الموضوع بعد ذلك بطاقة اتصال تستخدمها كما يلي:
- في الجزء العلوي من سيرتك الذاتية، وفي بداية حديث المصعد، وفي الأوصاف التي تقدمها إلى مسؤولي التوظيف وفي مقابلات العمل.
- في عرضك للممولين المحتملين وموادك التسويقية، وافتتاحيات المحادثات.
- في طلب الترقية الذي تقدمه إلى مديرك.
ففي النهاية، أنت تريد التأكد من أن الآخرين يفهمون كفاءاتك والسبب المنطقي الواضح لحصولك على الوظيفة أو التمويل أو الترقية. لا يمكنك أن تتوقع من أي شخص آخر أن يفعل ذلك نيابةً عنك، لذا عليك ربط هذه النقاط بنفسك.