ملخص: عندما تُعرَض عليك فرصة عمل، قد تمضي الكثير من الوقت في التفكير في الوظيفة ومسؤولياتها. لكن العامل الرئيس الذي سيرسم ملامح تجربتك في الوظيفة الجديدة هو ثقافة المؤسسة التي ستعمل بها. فكيف تميّز ثقافة الشركة السليمة؟ عليك طرح خمسة أسئلة ضرورية في أثناء مقابلة التوظيف قبل قبول عرض العمل الذي بين يديك.
- كيف يصف أعضاء فريقك علاقاتهم ضمن العمل؟ انتبه لوصف المدير لطريقة تفاعله مع الفريق.
- كيف يتبادل الزملاء آراءهم ضمن هذا الفريق؟ انتبه لمدى تقبُّل الملاحظات والآراء، لا سيما عند كبار القادة.
- ما مدى تفاعل كبار قادة الشركة معك؟ عليك معرفة طريقة التواصل داخل الشركة، وهل التواصل متاح أم مقيّد؟
- هل يمكنك طرح مثال لمشروع أداره الفريق مؤخراً؟ أين نجح الفريق وأين أخفق؟ سيساعدك مثال المشروع على اكتساب رؤى أفضل حول كيفية تحقيق الفريق للأهداف ومدى المساءلة ضمن هذا الفريق.
في حال كنت تبحث عن وظيفة حالياً، فإليك سؤالاً أريدك أن تجيب عنه: كيف تتخيل نفسك في الشركة؟
هل ترغب في العمل ضمن فريق يسوده التعاون والسرعة باتخاذ القرارات والقدرة على التكيف مع التغيير؟ هل تريد أن تشعر بالراحة في تركيز كل جهودك في العمل؟ هل تتطلع إلى العمل في شركة تشجع الابتكار مع تقبل الفشل وارتكاب الأخطاء والتعلم منها؟
عندما تُعرَض عليك فرصة عمل قد تمضي الكثير من الوقت في التفكير في الوظيفة ومسؤولياتها. لكن العامل الرئيس الذي سيرسم ملامح تجربتك في الوظيفة الجديدة هو ثقافة المؤسسة التي ستعمل بها.
فثقافة المؤسسة هي الميزة الخفية والتنافسية للمؤسسة التي تميزها عن غيرها. وثقافة المؤسسة هي مجموعة القيم والتوقعات والمعتقدات والسلوكيات واللغة والأنظمة والممارسات السارية ضمن المؤسسة، والتي تعطيك لمحةً عن كيفية إنجاز العمل فيها. وببساطة، تعكس ثقافة المؤسسة طريقة التعامل معك كموظف.
كشفت دراسة ماكريندل التي أجريت مع 1,000 مدير في أستراليا، أن ثقافة المؤسسة السليمة هي الثقافة التي تعزز الاندماج والتنوع والانتماء والسلامة النفسية وهي ذات أهمية كبيرة لاندماج الموظفين ورضاهم.
وكشفت الدراسة نفسها عن العوامل التي تدمر ثقافة المؤسسة. حيث أقرَّ ما لا يقل عن 50% من المشاركين أن انعدام الثقة بين أعضاء الفريق هو السبب الأكثر شيوعاً لانهيار ثقافة الفريق. وتشمل العوامل الأخرى سلبية أعضاء الفريق أو القادة، وغياب أو عدم تواصل القادة، وعدم وضوح حجم العمل وعدم واقعيته، وغياب المساءلة ضمن الفريق.
لذلك يعدُّ فهم ثقافة المؤسسة ضرورياً قبل قبول أي وظيفة جديدة.
لكن كيف سنستطيع فهمها؟ بطرح الأسئلة المناسبة خلال مقابلة التوظيف. فذلك يجعلك قادراً على تحديد مكامن الخطر واتخاذ قرار أكثر استنارة حول الانضمام إلى هذه المؤسسة. كما يمكن أن تميزك هذه الأسئلة عن غيرك من المرشحين لشغل الوظيفة لأنها تظهر لمدير التوظيف أنك مهتم بما يتخطى مسألة الأجر أو الامتيازات.
وبناءً على النتائج التي توصلنا إليها، إليك خمسة أسئلة يجب أن تطرحها خلال مقابلة التوظيف لمعرفة المزيد عن ثقافة المؤسسة.
1) كيف يصف أعضاء فريقك العلاقة فيما بينهم ضمن العمل؟
كشف الاستقصاء الذي أجريناه أن انعدام الثقة يعتبر العامل الأكثر وضوحاً في ثقافات العمل غير السليمة. ففي غياب الثقة، يتجنب أعضاء الفريق التحدث بصراحة أو المخاطرة أو ارتكاب الأخطاء وحتى التعاون، ويميلون إلى بيئة عمل تسودها الانعزالية والتراتبية الهرمية، ويرسمون حدوداً لنطاق عملهم ويحجبون المعلومات ويتخذون مواقف دفاعية.
سيوضح هذا السؤال حال التعاون والثقة ضمن الفريق. ويقدم لمحة عن صاحب العمل لأن بناء علاقات عمل إيجابية والحفاظ عليها مع الفريق أمر مهم بالنسبة لك.
نصيحة من خبير: انتبه لوصف المدير لطريقة تفاعله مع الفريق. هل يصف العلاقات بصفات الصدق والثقة والاهتمام؟ هل يفي أعضاء الفريق بالتزاماتهم و يمثلون قدوة لزملائهم هل يشعرون بالأمان عند مشاركة أفكارهم دون خوف من إطلاق الأحكام عليهم أو إذلالهم؟ حاول أن تستشف إذا ما كان الفريق مبنياً على أساس الثقة. وفي حال بدا مدير التوظيف مرتبكاً أو لا يدري بما سيجيب، فقد يكون ذلك بمثابة إشارة تحذيرية.
ثقافة العمل السليمة هي ثقافة يشعر فيها الجميع بالقدر ذاته من القيمة ويثق بعضهم ببعض للسعي نحو هدف أو رؤية مشتركة. يمكنك المتابعة بطرح بعض هذه الأسئلة:
- كيف تبني الثقة في هذا الفريق؟
- ماذا تعني الاستقلالية لأعضاء الفريق كأفراد؟
- إلى أي مدى يتقبل أعضاء الفريق الاعتراف بالأخطاء؟
2) كيف يتبادل الزملاء آراءهم ضمن هذا الفريق؟
أشار ما يقرب من نصف المدراء في استطلاعنا إلى أن السلبية من قِبل أعضاء الفريق أو القادة قد أسهمت في بناء ثقافات عمل غير سليمة. بينما يعتقد معظمهم أن المواقف السلبية كانت نتيجةً لفقدان التواصل بين أعضاء الفريق، وخاصةً في أثناء النزاعات.
في حال كنت تتطلع إلى العمل مع فريق تشعر معه بأنك عضو فعال ومحترم وذو كلمة مسموعة، فعليك فهم ثقافة تبادل الآراء والملاحظات فيه. حيث تساعدك بيئة العمل المنفتحة والصادقة على الشعور بالقدرة على التحدث والتجربة وارتكاب الأخطاء وتحمل مسؤولية أفعالك.
قد يؤدي طرح هذا السؤال إلى فتح محادثة مع مدير التوظيف حول أهمية إبداء الملاحظات والآراء، ولماذا تهمك وكيف تعتقد أنها تؤثر في أدائك ونموك في العمل.
نصيحة من خبير: حاول أن تفهم آلية (إن وجدت) طرح المشاكل والمخاوف ضمن الفريق. انتبه لمدى تقبُّل الملاحظات والآراء، لا سيما عند كبار القادة.
ابحث عن السمات التي تتوضح عبر الأمثلة التي يقدمها مدير التوظيف. هل هم منغلقون وصداميون؟ وهل تبدو هذه الأمثلة حقيقية؟ هل هي أمثلة محددة أم تعميمات عامة حول أعضاء الفريق؟ في أثناء التدقيق في هذه الأساليب، حاول أن تفهم كيف يدير المدير المحادثات الصعبة: هل يحل القضايا الحساسة بشكل فردي أم يطرح المواضيع المهمة في اجتماعات الفريق؟
قد يغريك الإعجاب بصاحب العمل الذي يدّعي أن الوئام يسود فريقه، لكنه مدعاة للقلق. فلا تخلو فرق العمل السليمة من النزاعات، فهي تدعو الناس للتحدث بصوت عالٍ وتملك نهجاً مثمراً في الخلاف.
يمكنك أن تُلحق هذا السؤال بطلب المزيد من الأمثلة المحددة مثل:
- متى اضطررت إلى تقديم ملاحظات قاسية وكيف تم تقبلها؟
- ما مدى تقبل أعضاء الفريق لفكرة طرحهم لقضايا حساسة أو إشكالية؟
- ما مدى تكرار عملية تقديم الملاحظات وتلقيها ضمن فريقك؟
- هل تجري لقاءات منتظمة مع أعضاء الفريق؟
- ما مدى نجاعة هذه العملية لفريقك؟
3) ما مدى تفاعل كبار القادة في الشركة معك؟
يعتقد 48% من المشاركين في الاستقصاء أن القادة الغائبين أو ضعيفي التواصل قد يسهمون في بناء ثقافة غير سليمة في العمل. وأن قادة المؤسسة مسؤولون عن نشر قيم ثقافة المؤسسة وتطبيقها.
في حال كنت تبحث عن مؤسسة ذات قيادة قوية ورؤية واضحة، فأنت بحاجة إلى فهم آلية تواصل فريق القيادة، وإذا ما كانت تلك الآلية فعالة، وإن كانت هناك فرصة للتواصل معهم لتقديم آراء حول سياسات المؤسسة.
كما سيوضح طرح هذا السؤال اهتمامك برؤية المؤسسة وأهدافها واتجاهاتها. وأنك حريص على معرفة المزيد عن أهداف المؤسسة واتجاهاتها على أمل أن تشارك وجهات نظرك فيها.
نصيحة من خبير: عليك معرفة طريقة التواصل داخل الشركة، وهل التواصل متاح أم مقيّد؟ هل يحضر القادة ويبرزون للعلن في اجتماعات فريق الشركة؟ هل يقتربون من موظفي المؤسسة لتسهيل لقائهم، أم يبقون خلف الأبواب الموصدة؟ هل تعقد الشركة اجتماعات عامة أو اجتماعات إلغاء مستوى إداري لمساعدتك على التعرف إلى قادتك بشكل أفضل؟ لا يمكنك اتباع قائد غير مرئي.
عندما يبذل قادة المؤسسة جهداً للتواصل مع الجميع، فإن ذلك لا يؤدي فقط إلى تحطيم التراتبية الهرمية الموجودة والتي تقسم الفريق إلى "نحن" و"هم" أو "القادة" و"للموظفين". بل يشجع ثقافة التواصل المفتوح، حيث يمكن للموظفين مناقشة مخاوفهم مباشرةً مع القيادة العليا في الحالات الخاصة.
ويمكنك أن تتبع هذا السؤال بالمزيد من التساؤلات حول رؤية المؤسسة:
- أين ترى المؤسسة بعد خمس سنوات؟
- ما مدى تقبُّل فريق القيادة العليا لإبداء الآراء والملاحظات؟
- هل يتم تشجيع أعضاء فريقك على عقد اجتماعات إلغاء المستوى الإداري مع القادة للتواصل معهم؟
- ما الذي يدفعك للعمل هنا؟
4) كيف تقيس مدى النجاح في عمل فريقك؟
أشار واحد من كل مشاركَين اثنين في الاستقصاء أن عدم وضوح حجم العمل أو عدم واقعيته قد أسهم في ثقافات عمل غير سليمة. بصفتك موظفاً جديداً، من المهم أن تفهم مسؤولياتك بوضوح وكيف يمكنك الوفاء بها.
سيساعدك طرح هذا السؤال على التعرف إلى كيفية تحديد المؤسسة لأهدافها، وما تتخذه مقياساً واقعياً لأدائك، وما هي الفرص التي قد تحصل عليها عبر تقدمك في هذه الوظيفة.
نصيحة من خبير: حاول أن تفهم إن كانت مسؤوليات وظيفتك واضحة. هل تفهم مدى أهمية عملك للمؤسسة، وكيف سيؤثر على مهمة الشركة الأكبر؟ هل التوقعات قابلة للتحقيق؟ كيف يتم شكر الموظفين ومكافأتهم؟ ماذا يحدث عندما لا يفي الموظف بالتزاماته؟ يساعد الحصول على فهم واضح للنجاح في منظور المؤسسة في إلقاء الضوء على سلوكيات الفريق.
يمكنك المتابعة بأسئلة مثل:
- كيف تحدد التوقعات أو الأهداف لأعضاء الفريق كأفراد في هذه الوظيفة؟
- كيف يتم تقسيم العمل؟
- ما مقياس النجاح في هذه الوظيفة؟
- ما طبيعة الارتقاء الوظيفي في هذا الفريق؟
- ما مدى تقبل الموظفين لطلب المساعدة عند الحاجة؟
5) هل يمكنك التحدث عن مثال لمشروع أداره الفريق مؤخراً؟ أين نجح الفريق وأين أخفق؟
حين تختار مؤسسة للعمل لديها، من المهم أن تمتلك فكرة عن تعاون فرق العمل فيها وكيف تتعامل هذه الفرق مع الأخطاء والإخفاقات. سيكشف ذلك عن إحدى أهم قيم العمل وهي المساءلة. في الاستقصاء الذي أجريناه، أشار 45% من المدراء أن الافتقار إلى المساءلة يدمر ثقافة المؤسسة.
بدلاً من مجرد السؤال عن كيفية تعاون أعضاء الفريق، سيساعدك البحث عن مثال محدد لأحد المشاريع على اكتساب رؤى أفضل حول كيفية تحقيق الفريق للأهداف وطبيعة المساءلة فيه. يمكن أن يكشف هذا السؤال أيضاً عما يعتقدها المدير نقاط قوة الفريق بالإضافة إلى المواصفات التي يمكن للفريق تحسينها.
نصيحة من خبير: انتبه جيداً لطريقة حديث القائد عن كيفية إنجاز العمل في الفريق. هل وضع أهدافاً واضحة وقابلة للتحقيق عند الإعداد للمشروع؟ ما طبيعة المساءلة ضمن الفريق عن هذه الأهداف؟ هل يدركون نقاط قوة ومساهمات أعضاء الفريق الفردية ويقدرونها؟ هل يدعمون ثقافة العمل التعاوني؟ هل هم منفتحون على وجهات نظر متنوعة ومختلفة؟
يمكنك استغلال هذا السؤال لنقل المحادثة إلى أمثلة على المشاريع الأخيرة التي شاركتَ فيها وكيف عززت شعور التعاون والعمل الجماعي.
استمر في المحادثة عن طريق طرح بعض أسئلة على غرار:
- ما الكلمات التي تصف هذا الفريق في قمة أدائه؟
- ما الحاجة الماسة للفريق حالياً؟
- ما الميزات التي يحتاج إليها الفريق لتحقيق أداء ناجح؟
إن طرح الأسئلة التي تمنحك لمحةً عن المستقبل في مقابلات التوظيف أمر بالغ الأهمية لقبول عرض العمل في مكان يدعمك ويقدر جهودك ويساعدك على التطور.