هل يجب أن يكون لدى شركتك العائلية قانون “لا”؟

5 دقائق

فصل العمل عن المنزل والشركة عن الحب أمر معقد في الشركات العائلية. ويُفترض في أي شركة أن تتمتع الإدارة برأي قوي مسموع في تحديد من يعمل لديها، ولكن يجب ألا تتدخل في تحديد من سوف يتزوج من. ومن الضروري جداً، أن نعترف أن الإخفاق بعد إدخال الأنسباء إلى شركة العائلة سوف يُدمر العائلة والشركة على حد سواء. كما يُمكن أن يتحول الخلط بين العلاقة مع مجلس الإدارة والعلاقة الزوجية إلى وضع سام في أي زواج بسرعة.

هل يجب أن يعمل الأنسباء في الشركة العائلية، وبالأخص إذا كانوا يتمتعون بمؤهلات رفيعة المستوى؟

وجدنا في بحثنا أن العائلات تملك وجهتي نظر متعاكستين في هذه المسألة، فإما أن تحظر انضمام الأنسباء إلى الشركة العائلية تماماً، وتحتفظ بحقوق الملكية والوظائف لأقرباء الدم، أو أن تتبع سياسة شمولية ترحب بالأنسباء، والحالتان تنطويان على مزايا ومساوئ.

وبناء على تجربتك الخاصة في شركتك العائلية، قد يكون اتباع سياسة تحظر انضمام الأنسباء إلى الشركة هو الخيار الأفضل، لأنه يضع قواعد وتوقعات محددة. فكثيراً ما تنشأ صراعات على القوة في الشركات العائلية، وهذه السياسة تُمكن الأزواج من الحفاظ على جانب من حياتهم لا يتداخل مع بقية العائلة. كما أنه يُشجع العائلة على الترحيب بالأنسباء، وعلى تثمينهم كأزواج وزوجات، لا كموظفين. ووجود السياسة بصورة مسبقة يجعلها أمراً غير شخصي، بينما إذا وضعت هذه السياسة بعد انضمام نسيب غير محبوب إلى العائلة فسوف تولد الضغينة. كما يُمكن أن تحد هذه السياسة من الاحتكاك والصدام بين أفراد العائلة الذين ولدوا ضمن الشركة، ومن انضموا إليها بالمصاهرة. وعلى ذلك، فإن وجود فاصل واضح بين الحياة الزوجية وحياة العمل يحد من الضغط على الجميع.

كما أنّ وجود سياسة ضد عمل الأنسباء في شركة العائلة يحد من المخاطر التي تتولد في حال وقوع طلاق، وهذا أمر هام يجب أخذه بعين الاعتبار، إذ يُمكن أن يؤدي وقوع طلاق في شركة عائلية إلى عواقب خطيرة قد تؤثر على حقوق الملكية وحقوق التوظيف والسمعة، ويمكن أن تشكل اضطراباً كبيراً للشركة. لا يمكن أن تحمي العائلات نفسها من هذه المخاطر كلها، ولكن من باب الحيطة، يمكن أن يساعد عقد اتفاق ما قبل الزواج في حماية حقوق ملكية الشركة، ويجب أن يعمل الأنسباء وفقاً لعقود توظيف كأي موظف من خارج العائلة، يضم عقد العمل معه شرط عدم التنافس.

ومع ذلك، تبقى هناك عدة مساوئ لسياسة عدم توظيف الأنسباء، فيمكن للأنظمة المحددة قانونياً، والتي تفتقد للمرونة، أن تُخيف أقرباء الدم أيضاً وتُبعدهم. ترغب غالبية الشركات العائلية في البقاء "ضمن العائلة"، وغالباً ما يُستدعى الأبناء والبنات للانضمام إليها، ولذا، قد تكون تضحيات زوجاتهم وأزواجهم المهنية ضرورية من أجل دعمهم في العمل ضمن شركة العائلة. وبما أنّ الشركات العائلية تُشكل ما بين 80 إلى 90% من الشركات في العالم، قد يصعب على النسيب العثور على وظيفة جيدة خارج شركة عائلته الجديدة. كما يُمكن أن تخسر الشركة كفاءات مؤهلة موثوقة، فمن الممكن أن يُقدّم الزواج أفراداً يتمتعون بكفاءات عالية للعمل فيها.

تشعر عائلات كثيرة، تتبع سياسات تحظر عمل الأنسباء في شركاتها، بالحاجة إلى دعم أنسبائها من خلال تقديم تمويل مبدئي لينشئوا شركاتهم الخاصة (وغالباً ما يُعتبر هذا التمويل دعوة للابتعاد). ولكن غالباً ما تُخفق هذه الاستراتيجية إلا إذا كانت هذه الاستثمارات قائمة على الجدارة، ونوقشت نتائجها بوضوح.

كانت إحدى الشركات العائلية، التي قدمنا لها استشارات، تتبع سياسة صارمة تحظر عمل الأنسباء وُضعت خصيصاً لمنع صهر غير محبوب من الانضمام إليها. وعندما توفي الأب المدير فجأة من دون تحديد خليفته من العائلة، انهارت الشركة بسبب عدم توحد الأخوة حول خطة مستقبلية محددة. كان من الممكن تفادي هذا الانهيار لو كانت القوانين تسمح بانضمام الأنسباء إلى الشركة بناء على الجدارة، فقد كان لهم صهر آخر يتمتع بكفاءات عالية تمكنه من إدارة الشركة.

كما أجرينا مقابلات شخصية مع قادة شركة كبيرة للمشروبات في جيلها العاشر، لم تتبع سياسة تحظر عمل الأنسباء فيها، ويفهم الجميع هذه السياسة ويرحبون بها ويعتبرونها قانوناً مقدساً. وفي الحقيقة، أدت هذه السياسة إلى تنوع أكبر بين الجنسين ضمن الشركة، إذ استلمت البنات زمام الأمور من آبائهن، وازداد إعداد النساء منذ الصغر للعمل في شركة العائلة، وهو ما وسع التنوع في القطاعات والمناطق الجغرافية. ورغم حجم الشركة الكبير، شكّلت هذه السياسة، وغيرها من السياسات في قوانين العائلة، حواجز ضرورية لازدهار العائلة والشركة على حد سواء.

وبالطبع، تكثر الأمثلة التي تُثبت نجاح عمل الأنسباء في الشركات العائلية. في أحدها، واجه زوجان المرض المفاجئ لوالد الزوجة الذي يدير شركة العائلة، فاضطر الزوجان للسفر عبر القارات لتتمكن الزوجة من إدارة شركة أبيها، كما شارك زوجها (الصهر) في الشركة أيضاً وساعدها، وتخلى عن فرص عمل كبيرة خارجها. ازدهرت الشركة، ولكن كانت هناك بعض التضحيات.

وفي مثال آخر، لعب الصهر دوراً كبيراً في دمار شركة عائلية. فقد كان أب وابنه يديران الشركة معاً، واختلفا فيما بينهما، فاستغل صهر لهما (لنسمه سمير) هذا الخلاف للتحالف مع الأب وإخراج الابن من الشركة. ونجح في ذلك مؤقتاً، إلى أن تصالح الأب والابن وأنهيا الخلاف بينهما، وأدركا مكر سمير وطرداه من الشركة. أدى ذلك إلى جفاء بين الابنة (ليلى) وعائلتها، ثم تطلق سمير وليلى في النهاية، ولكن لم ينحصر الضرر في الطلاق فحسب، وإنما بسبب نقص المهنية وفراغ القيادة في الشركة، بدأ موظفو الشركة وعملاؤها بمغادرتها، كما تقاسمت ليلى ملكيتها في الشركة مع سمير. وبالتالي، كانت القرارات بطيئة جداً، وحاول سمير تخريب الشركة بدواعي الغضب والانتقام. وفي النهاية، خسرت العائلة كلها الشركة.

ليست هناك إرشادات موحدة تناسب الجميع فيما يتعلق بانضمام الأنسباء إلى الشركة، ولكن من الضروري أن نفصل بوضوح بين ملكية الأنسباء وتوظيفهم في شركة العائلة، إذ تختلف مسؤوليات هذه الأدوار وسلطاتها اختلافاً كبيراً.

تتميز كل شركة عائلية بناء على علاقات أفراد العائلة فيما بينهم، ومن الضروري أن نفكر بمجموعة المشاكل الكبيرة قبل وضع السياسة. على سبيل المثال، يجب التفكير بطريقة تطبيق أنظمة التسلسل الإداري والتعويضات والتقييم، إذ قد يصعب إجراء تقييم موضوعي لزوجة أحد الأخوة مثلاً، ومع نمو العائلة والشركة، سوف تتضخم هذه المشكلات.

إذا كنت تفكر بضم أنسباء إلى شركتك العائلية، فمن الأفضل أن تفكر في الاقتراحات العامة التالية:

  1. ضع العائلة أولاً. لا يمكن للعائلة المضطربة إدارة شركة ناجحة.
  2. وضح أهداف الشركة وأهداف العائلة وأهدافك الشخصية.
  3. وثق سياسة عمل العائلة. يجب أن تحدد هذه السياسة تعريف "العائلة" وقواعد محددة لطريقة عمل أفرادها المختلفين في الشركة. كما يجب أن توضع قواعد فيما يخص بنية التسلسل الإداري وخطط التعاقب الوظيفي، وتحديد من يحق له مراجعة هذه السياسات.
  4. أنشئ لجنة خاصة بالتعويضات والعدل، مؤلفة من مزيج من أفراد العائلة ومدراء مهنيون يتبعون لمجلس الإدارة، وإذا كانت الشركة صغيرة الحجم، وليس لها مجلس إدارة، يمكنك توظيف مستشار مستقل للمساعدة في وضع نظام التعويضات.
  5. أنشئ ممارسات متينة للموارد البشرية فيما يخص المراجعات والمكافآت وإنهاء الخدمة بالنسبة للموظفين جميعاً، إضافة إلى الشفافية فيما يخص الترقية والصلاحيات.
  6. تعامل مع أفراد العائلة بلطف وادعمهم وأشرك أنسباءك في شركتك.
  7. حاول ألا تُدخل أمور العمل في العلاقة الزوجية، فهي غالباً تشوه نظرة الزوجين إلى بعضهما، والسلبية فيما بينهما تشكل منحدراً زلقاً.
  8. ابذل الوقت وقدم الإرشاد بسخاء، فالزواج صعب بما يكفي من دون انضمام الأنسباء إلى العائلة، مع الشعور بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
  9. أنشئ مخرجاً فرعياً. قبل أن تدعو نسيبك للانضمام إلى الشركة، يجب أن تعرف كيف سوف تخرجه منها. فتعيين معظم الموظفين في الشركة اختياري، ولكن تعيين أحد أفراد العائلة ليس كذلك، لذا يجب أن تُعبر عن مخاوفك كلها مسبقاً، وتوثق نتائج الأداء، وتفرض فترة تجريبية محددة سلفاً، لإجراء المراجعة. وسوف يساهم ذلك أيضاً في إنشاء بيئة تمنح شعوراً بالأمان والعدل.
  10. أنشئ ثقافة آمنة تُطور الكفاءات، وفيها حلقات لتقديم الآراء والتقييمات، وتسعى لتحقيق هدف مشترك. وإذا كان النسيب سوف ينفر من هذه الثقافة، فليبق خارج شركة العائلة.

بغض النظر عما تقرره فيما يخص عمل الأنسباء في شركتك العائلية، ينبغي أن تعتبرهم أفراداً من عائلة الشركة، وأن تُطلعهم على المستجدات في وضعها وسياسات الحوكمة فيها كل عام، وتشجعهم على طرح الأسئلة. فإزالة الغموض الذي يكتنف الشركة يُساعد على سير الأمور بسلاسة في المنزل. احرص على تخصيص وقت للعائلة لا تُناقش أمور الشركة فيه، وذلك لتبني ثقافة العائلة المتينة. يمكن أن يشكل النسيب مصدراً هاماً للقوة والدعم، وكثيراً ما يكون هو البطل المجهول في العائلة وشركتها، وإذا تم احتضانه كما يجب، سوف يُصبح سفيراً عظيماً للشركة وعلامتها التجارية.

تتمتع الشركات العائلية، التي حققت نجاحاً على المدى الطويل، بمجموعة مشتركة من القيم والعلاقات الشخصية الوطيدة والاعتزاز بالعائلة والثقة بين أفرادها، وقد يكون من الصعوبة اختراق هذه الوحدة من خلال ضم نسيب جديد إلى الشركة، وهو يُعتبر غريباً عن العائلة الأكبر. ورغم احتمال تحقيق نتائج إيجابية جداً من انضمامه، إلا أنه قد يكون محفوفاً بالمخاطر ويتطلب تحليلاً عميقاً وسياسات مدروسة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي