لاري سمرز: على قادة الأعمال الوقوف في وجه الرئيس ترامب

5 دقائق

نجاح الأعمال ونجاح الولايات المتحدة يعتمدان على بعضهما البعض، يرى وزير الخزانة الأميركية السابق لاري سمرز، أنّ نجاح الأعمال ونجاح الولايات المتحدة الأميركية يعتمدان على "الانفتاح العالمي ونبذ التعصب والاعتماد على الحقائق في اتخاذ القرار". لقد انتقد سمرز، الذي شغل أيضاً منصب رئيس المجلس الاقتصادي الوطني أثناء ولاية الرئيس السابق باراك أوباما، بعض مواقف السياسة الحمائية التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب والقرارات التنفيذية المبكرة، بقوله أنها سوف تقوض اقتصاد البلاد ومصالحها على المدى البعيد. عندما تحدثت معه مؤخراً، حثّ سمرز قادة الأعمال على التمسك بمبادئهم: "إن لم يكن بمقدور الرؤساء التنفيذيين الذين يوظفون مئات آلاف الأشخاص قول الحقيقة للسلطة فمن سيقولها لهم؟". وفيما يلي نسخة محررة من حوارنا.

مضت أيام فقط على دخول هذه الإدارة إلى المكتب الرئاسي. تريد بعض الشركات الانخراط كلياً في الجو السياسي، لكنني أرى أيضاً آخرين يعتقدون أنّ بإمكانهم انتقاء واختيار معاركهم. هل يجب أن يدخل الجميع في المعمعة السياسة الآن؟

سمرز: لا يخفى عليك كم عجيبة هذه الأوقات التي نمر بها حالياً. أرى صور اللاجئين المحتجزين في المطارات عجيبة فعلاً. أرى مشهد الولايات المتحدة وهي توكل اللكمات للمكسيك وتتحدث عن بناء حائط بارتفاع 60 قدماً على امتداد 2,000 ميل أمراً شديد العجب. من لا يرون عجباً في الأمر بالتأكيد ليس عليهم التحدث. لكنني أعتقد أنّ الكثيرين يرونه عجيباً فعلاً، ومن هنا يبدو لي أنّ عليهم التحدث والتحذير.

انظر، هناك أشياء يمكن التصفيق لها. هناك كثيرون يرون أنّ هناك فوائض كبيرة في اللوائح القانونية ويرحبون بالرغبة بتقليصها أو إصلاح نظام ضرائب الشركات.

لكنك لو تحدثت من منطلق مسؤوليتك المدنية، كما يفعل العديد من قادة الأعمال، وإن تحدثت على المدى البعيد، كما يفعل كل قادة الأعمال هذه الأيام، فهل من قضية أهم للشركات الأميركية على المدى البعيد من قضية القيادة الأميركية في العالم؟ من الواضح كثيراً، في الجلسات الخاصة، أنّ العديد من قادة الأعمال تزعجهم الإشارات إلى أننا نتوجه في الاتجاه الحمائي. لكنني لا أراهم يتحدثون ضد الحمائية في العلن.

كيف برأيك يجب أن يكون رد مجتمع الأعمال على أوامر الرئيس ترامب التي لا تؤثر عليهم بشكل مباشر؟ يبدو أنّ هناك مخاطر وفوائد من الخوض في غمار السياسة لكن هناك أيضاً مخاطر وفوائد في محاولة البقاء على الحياد.

يتحدث قادة الأعمال دوماً عن أهمية النظر للأمور على المدى البعيد. من أوجه المدى البعيد دعم المجتمع الذي تنتمي له الشركة. تاريخياً، ليس للشركات سجل حافل في مواجهة الحكومات السيئة سواء كان ذلك في أوروبا في الثلاثينيات أو في أميركا اللاتينية في السبعينيات أو الثمانينيات. يبدو لي أنّ قادة الأعمال (في الشركات العالمية تحديداً) لديهم اهتمام كبير بما ترمز له الولايات المتحدة كنظام عالمي منفتح، وما ترمز له من قيم تمثال الحرية في الانفتاح والحرية كما أسميها، وفي انتقاء حكومة الولايات المتحدة لسياستها اعتماداً على الحقائق والأدلة وليس بناء على الحدس والانطباع. هذه القيم الثلاث جميعها تتعرض لاختبار كبير في الأيام الأخيرة، ويؤسفني ألا أرى قادة الأعمال يخرجون عن صمتهم ويعبرون عن مخاوفهم.

حصل الرئيس الأميركي الجديد على دفعة دعم كبيرة من مجموعة من قادة الأعمال الذين وافقوا على العمل ضمن مجلسه الاستشاري الاقتصادي. سيكون من المهم جداً أن نرى ما إذا كانوا مستعدين للتعبير عن مخاوفهم وقول الحقيقة للسلطة. يتطلب الأمر شجاعة بالطبع. فالشركات تخشى أن يشار لها بتغريدة في تويتر تؤذي سعر أسهمها. لكننا عندما نتحدث عن المدى البعيد، وعندما نتحدث عن القيم المثلى التي نحاول تعليمها في كلية هارفارد للأعمال، والتي يعظ بها الرؤساء التنفيذيون، يبدو لي أنّ الانفتاح العالمي ونبذ العنصرية واتخاذ القرارات بناء على الحقائق هي قواعد أساسية. إنّ الإصرار على أهمية هذه الأمور واجب ومسؤولية قادة الأعمال.

أعتقد أنَّ هناك أشخاصاً في مجلس الأعمال ذاك يفكرون: "أريد أن يكون لدي التأثير على هذه الإدارة. وكي أحظى بهذه الفرصة للتأثير، لا أستطيع أن أقف في العلن وانتقد إدارة ترامب، حتى لو آلمتني بعض الأمور". هل هذا منطقي؟ هل يمكن لأي كان التأثير في هذه الإدارة؟

هذه تقديرات على الأشخاص القيام بها. بالحديث كشخص عمل في مناصب رفيعة في إدارتين رئاسيتين أرى أنّ من يعتقدون أنهم بتعويلهم على مجالس استشارية تجتمع أربع مرات في السنة سيكون لهم تأثير كبير على السياسة العامة هم سذّج جداً. الشيء الوحيد الذي يمكن أن يؤثر على سلوك أية إدارة هو احتمال أن تفقد شرعيتها.

أثبت التاريخ أنّ بقاءك صامتاً كي تحتفظ بفعاليتك (مصيدة الفعالية) ليس إلا وهماً مخدراً أكثر منه واقعاً حقيقياً (سواء كان ذلك في أوروبا في الثلاثينيات، في الشركات في الثمانينيات والتسعينيات، أو ضمن الحكومة الأميركية أثناء حرب فيتنام، أو أثناء ووترغيت).

إذاً هل تنصح الأشخاص في ذلك المجلس الذين لديهم أفكار مختلفة تماماً عن أفكار إدارة ترامب بالاستقالة؟

أنا لا أتوقع ولا أطلب من أحد أن يستقيل كلياً. ما آمله أن يكون هناك حوار صريح ومباشر. من ملاحظتي – وقد رأيت هذا في إدارة الديمقراطيين- أنّ قادة الأعمال كانوا مترددين جداً بإخبار الرؤساء ما يشعرون به حيال السياسات. حالما يصبحون في تلك الغرفة مع الرئيس سيختلف صوتهم تماماً عما كان عليه قبل دخول الغرفة. لطالما حاولت منع حدوث هذا، وكنت أشعر أنه كان بإمكانهم خدمة الرئيس بشكل أفضل بنصيحتهم المباشرة والصريحة.

لكن من أجل الحفاظ على سمعتهم ومن أجل شركاتهم، أنا أنصحهم: إن كانوا ببساطة غير مرتاحين من توجهات القوانين، عليهم ألا يسمحوا بأن تستغّل سمعتهم لإضفاء شرعية على نشاطات الإدارة.

الأمر صعب كثيراً مع هذه الإدارة بالتحديد لأن الرئيس ترامب يحاول الاستفراد بكل شركة لوحدها عند مطاردته لها. ستاربكس تأخذ موقفاً وتقول أنها ستوظف لاجئين، فتنشأ فوراً حركة "قاطعوا ستاربكس" يطلقها مؤيدو الرئيس ترامب. وقد لقيت فعلاً استجابة إيجابية من المستهلكين. لو كنت رئيسياً تنفيذياً تفكر في واجبك المؤتمَن عليه، وتفكر في أنّ لديك مسؤولية على المدى القصير تجاه المساهمين، هل ستختار قول ما يجول في بالك؟

الأمر معقد، وعلى المرء إيجاد التوازن. لكن إن لم يكن بمقدور الرؤساء التنفيذيين الذين يوظفون مئات آلاف الأشخاص قول الحقيقة للسلطة فمن سيقولها لهم ؟

سيكون هناك ولاء من الموظفين والعملاء للشركات التي تدافع عن المبادئ. أما من يُذعنون من الخوف فتنتظرهم أحكام قاسية من العاملين والعملاء المتواجدين في الخارج.

لكن إلى الآن، وخارج القطاع التقني، حيث تحدّث عدد من الأشخاص بقوة، أرى بالنظر للمسار الحالي للأمور أن الصورة تتوجه تحو مزيد من الوضوح.

من الصحيح أيضاً، وهذه ربما نقطة أخرى مهمة، أنّ الأمان في الكثرة. لعل باستطاعة الرئيس التغريد بشكل سلبي حول أحد الرؤساء التنفيذيين، لكنني لا أراها استراتيجية ذكية خوض حرب مع جمعية الرؤساء التنفيذيين أو مع غرفة التجارة أو محاربة المجموعات الصناعية الأكبر أو محاربة كل الاستشاريين في المجلس التنفيذي الذين قام بتعينهم. فن القيادة والسياسة هو ما يحدد ما سوف يكون فعالاً.

أتمنى ألا تكون مخاوفي إلا انعكاساً عن هذه الأيام الأولى، وأننا سنرى الإدارة تعود إلى القيم الأميركية خلال الأيام أو الأسابيع أو الأشهر القادمة. لا شيء سيسعدني أكثر من ذلك، لكنني لا أستطيع القول أنني واثق من حدوث ذلك.

ذكرت عدة مرات الشبه مع أوروبا في الثلاثينيات. كم ترى مدى التشابه في حالتنا الآن؟

أهم ما نتعلمه من التاريخ هو أنّ أفضل طريقة لعلاج الاستبداد يكون في المراحل الأولى بدل الانتظار للنهاية. أنا لا أقول أنّ الديمقراطية الأميركية مفقودة بشكل ما، بل على العكس تماماً، لدي إيمان عظيم في مرونة المؤسسات الأميركية.

لكن مرونة المؤسسات الأميركية ليست شيئاً يحدث من تلقاء نفسه. هو شيء يحدث لأن الناس يرون خطراً ويتخذون خطوات لدرئه. لذا أنا أرى أنّ بإمكان المرء الاستفادة من أكثر الأوقات تطرفاً للتعرف على أنواع الأفكار الأخلاقية المهمة للتعامل مع التهديدات الواسعة النطاق، التهديدات التي تهدد تأدية النظام الأميركي لوظائفه والتي شهدنا بعضها منذ الحرب العالمية الثانية.

هل يمكن اعتبار الرئيس ترامب جيداً للشركات إن هو تمكن من ضبط النظام الضريبي، وإن استطاع إزالة بعض القوانين غير الضرورية، وإن تمكن من ضخ بعض المال في البنية التحتية؟ سوق الأسهم لا بدّ ستشهد ارتفاعاً.

لا أعتقد أنه سيتمكن من فعل أي من هذه الأمور. تخميني أنّ الناس عندما يعودون للنظر في هذه الفترة سيعتقدون أننا كنا جميعنا نعاني من ارتفاع في السكر. وكما هو معروف: أفضل فترة مرت على الأسواق المالية في القرن العشرين بعد حدوث انتخابات كانت بعد انتخاب هربرت هوفر.

من الصعب تصور حدوث شيء أسوأ للشركات الأميركية على المدى الطويل من تضحية الولايات المتحدة بموقعها في قيادة العالم، أو من انطفاء شعلة الحرية والفرصة التي ترمز له الولايات المتحدة، أو من تحول الولايات المتحدة إلى الاعتماد على التعصب والكراهية في اتخاذ القرار بدل الاعتماد على الحقائق والأدلة.

أعتقد أنك إن كنت تؤمن – كما أؤمن أنا والكثير من قادة الأعمال بأنّ نجاح الأعمال ونجاح الولايات المتحدة يسيران معاً، فمن غير المعقول أن تعتقد عندها أنّ مساعدتك للشركات هي مساعدة للولايات المتحدة. عليك أن تؤمن أيضاً أنّ الدفاع عن القيم الأميركية على المدى البعيد أمر جوهري لمصالح الأعمال على المدى البعيد.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي