دراسة حالة: عندما يكره اثنان من كبار قادة الفريق بعضهما بعضاً

8 دقائق
النزاع بين القادة

كان من المفترض أن تكون الملاحظات الواردة في المراجعات الشاملة مجهولة المصدر. لكن كان من الواضح تماماً من الذي تقدم بالملاحظات السلبية في تقييم أحد المدراء التنفيذيين. فماذا عن طرق النزاع بين القادة التي تحصل في المؤسسات؟

كيفية حل النزاع بين القادة

إليكم هذه القصة عن النزاع بين القادة. كان لانس بيست، الرئيس التنفيذي لشركة "باركر سبورتس آباريل" (Barker Sports Apparel)، يجتمع مع نينا كيلك، المستشارة العامة للشركة، والتي كانت تشرف أيضاً على الموارد البشرية. وكان يوماً طويلاً في مقر الشركة في مدينة برمنغهام، في إنجلترا، وفي أول المساء، كان الاثنان يتفحصان التقييمات الخاصة بكل مرؤوس من المرؤوسين المباشرين للانس. وصُعق لانس بما رآه في ملف المدير المالي دايمون إيوين. فمعظم المدخلات كانت محايدة، وهو ما كان متوقعاً. فعلى الرغم أنه كان مديراً لامعاً ومحترماً، لم يكن دايمون من أكثر الزملاء وداً. وقد وجد لانس أن شخصاً واحداً من دايمونه تقييماً متدنياً للغاية، ومن خلال الملاحظات المكتوبة، استطاع لانس أن يعرف أنه أحمد لوند، مدير المبيعات في شركة باركر.والذي ذكر في إحدى ملاحظاته: "لم أعمل قط مع مهوس بالتحكم أكثر منه في حياتي".

اقرأ أيضاً: إدارة الاختلافات: التحدي الأبرز في الاستراتيجية العالمية

وقال لانس: "إن هذه التعليقات قاسية للغاية".

وسألته نينا: "هل أنت متفاجئ؟".

واعترف لانس قائلاً: "لا أعتقد".

كان المدير المالي ومدير المبيعات لديه على خلاف منذ بعض الوقت. كذلك احتوت المراجعة الشاملة لأحمد على بعض الشكاوى الحادة حول أسلوب عمله - التي كتبها دايمون من دون شك.

وتنهد لانس. قبل خمس سنوات، عندما تولى منصبه، كان يركز على تنمية الشركة التي أسسها والده، إريك - الرئيس التنفيذي السابق. وكان لدى شركة باركر اتفاقيات مرخصة مع اتحادات رياضية لتسويق بضائع الشركة مع شعاراتها، وكانت قد أبرمت شراكات مع علامات تجارية كبيرة لإنتاج بضائع لأسواق التجزئة، وعندما تولى لانس إدارة الشركة، كانت إيراداتها حوالي 100 مليون جنيه إسترليني. وبعد فترة وجيزة، أبرم شراكة مع الشريك الأكبر للشركة، وهو مجلس مدينة هاول الأميركية. ومثّل التفاوض على الصفقة مع العلامة التجارية العالمية الكبيرة تحدياً، لكنه زاد من النشاط التجاري إلى حد كبير لدرجة أن لانس ومرؤوسيه المباشرين ما زالوا يشعرون كما لو أن ساعات اليوم لم تكن كافية لإنجاز كل شيء. وبالتأكيد لم يكن لديهم الوقت لنزاع داخلي من هذا القبيل.

وسأل لانس: "ما الذي علينا فعله بهذه المعلومات؟"

هزت نينا كتفيها  وقالت: "هذه هي المرة الأولى التي أتابع فيها هذه العملية بنفسي".

وأضافت: "حسناً! من الواضح أنني يجب أن أفعل شيئاً، على الرغم من ذلك. أعلم بأن أحمد ودايمون ليسا أصدقاء، لكنني أتوقع أن يكونا حضارييّن".

أومأت نينا بالموافقة، لكن لانس شعر بأنها تخفي أمراً. وقال لها: "يمكنك أن تكوني صادقة معي، نينا. فأنا أحتاج إلى مشورتك".

قالت مبدئياً: "حسناً! للصراحة، أعتقد بأن هذا هو فقط جزء من المشكلة. يُتوقَّع أن نكون حضاريين، لكن لا يعني ذلك أن نكون متعاونين. نحن نثق بك جميعاً، لكن لا يوجد كثير من الثقة بين أعضاء الفريق".

وسأل، مشيراً إلى التقرير، "إذاً، هل يعتقد الجميع بأن دايمون شخص مزعج؟".

اقرأ أيضاً: كيف تستطيع فرق العمل المدارة ذاتياً تسوية النزاعات؟

هزت نينا رأسها، وقالت: "لا يتعلق الأمر به فحسب، بل يمكنك أن ترى من ردود الفعل أن أحمد ليس قديساً. فهو يثير نزاعات مع دايمون، والتوتر بينهما - وفريقيهما - كان له أثر مضاعف على الآخرين. يمكنك أن ترى الاتهامات. يبدو أن الجميع لا يهمهم غير أنفسهم".

وعلى الرغم من أن لانس كان يكره سماع هذا الحديث عن بيئة العمل، لكنه لم يكن بالأمر الجديد عليه. لقد حاول فقط إقناع نفسه بأن المشاكل كانت تحديات متزايدة وأنها ستحل نفسها بنفسها. فبعد كل شيء، غالباً ما يكون مسؤولو المبيعات والمالية على خلاف في المؤسسات، ولم يكن للنزاع أثر كبير على عائدات شركة باركر. فقد ازدادت العائدات بنسبة 22% في العام الماضي و28% في العام الأسبق.

وبطبيعة الحال، لم يأتِ أي من ذلك النمو بسهولة، وضاعت فرص بالتأكيد. فقد أخطأ الفريق في التعامل مع استفسارات العديد من تجار التجزئة المهتمين بمنتجات الشركة إذ فشل في تنسيق إدخال الاستفسارات في نظام الشركة بسرعة. والآن، يدرك لانس أن ذلك قد يكون علامة على مزيد من التداعيات في المستقبل. وكان عليه إصلاح الأمر. وقال مبتسماً: "كان والدي يريد دائماً أن يقوم بأحد تلك الخلوات المخصصة لبناء الفريق". وكانت هذه طرفة متداولة بين المديرين التنفيذيين في شركة باركر لسنوات. فعندما شعر إريك بالتوتر، ذكر الفكرة، لكنه لم يتابعها.

وضحكت نينا، وقالت: "لسوء الحظ، أعتقد بأننا تجاوزنا ذلك".

هذه الفوضى المتعلقة بموضوع النزاع بين القادة

في صباح اليوم التالي، كان لانس في مكتبه عندما وصلت رسالة نصية من جيهومبا، رئيسة المنتجات والترويج، مفادها: هل تستطيع التحدث؟

ومع علمه أن الأمر لن يكون جيداً، اتصل بها لانس على الفور.

وتخطت الشكليات، ودخلت في الموضوع، وقالت له: "عليك أن تجعلهما على وفاق". ولم يكن على لانس أن يسأل من هما المقصودَيّن. وأضافت قائلة: "لقد وعد أحمد بعينات للخط الجديد في حساب كلاركسون، لكن طلبه يفوق الحدود التي وضعتها إدارة الحسابات، لذلك نحن في حاجة إلى توقيع دايمون، وهو لن يوقع".

كانت هذه معركة متكررة. واتهم أحمد دايمون بوضع العصي في الدواليب واستغلال سلطته لتقويض إدارة المبيعات. ورد دايمون بأن أحمد كان يقود شركة باركر نحو الهاوية، خصوصاً من خلال إعطاء المنتجات في شكل مجاني. فكر لانس في أي جانب سيتخذ، اعتماداً على أي منهما كان يتصرف أسوأ من الآخر. لكنه لم يرد التدخل مرة أخرى. فلماذا لا يستطيعان إيجاد حل وسط؟

وقالت جيهومبا التي كانت تقرأ أفكاره عملياً: "سيبقيان في هذه المواجهة إلى الأبد إذا سمحت لهم بذلك. يبدو الأمر كما لو أنهما في إقطاعيتيهما الصغيرتين. يتصرفان وكأنهما ليسا حتى جزءاً من الفريق نفسه".

وسألها لانس: "هل تحدثتِ معهما عن هذا؟"

فأجابت: "بشأن التعطيل مع العميل كلاركسون؟ بالطبع فعلت. لكن الأمر لا يساعد. إن الوضع فوضى".

لقد كانت العبارة الأخيرة مزعجة. فالفريق لم يكن مثالياً، لكنه عمل على الرغم من ذلك عند مستوى عال جداً.

وقالت جيهومبا بلطف: "سيكون من المفيد حقاً أن تتحدث إليهما".

وفكر لانس في آخر مرة جلس فيها مع أحمد ودايمون. فقد أحضر كل منهما ملفاً مليئاً بنسخ من رسائل البريد الإلكتروني التي تبادلاها حول عملية بيع خسرتها الشركة. وتعجب لانس من الوقت الذي استغرقه كل منهما على الأرجح للتحضير - بغض النظر عن الورق المهدور.

وقال لانس: "دعيني أنظر في الأمر". وأصبح هذا الرد رده الافتراضي.

وقالت جيهومبا: "هل يمكنني أن أخبرك ماذا كنت لأفعل لو كنت مكانك؟ كنت صرفتهما معاً". وعلى الرغم من أن لانس كان يقدّر دائماً صراحتها، إلا أنه فوجئ بما قالته. وأضافت على عجل: "أنا أمزح فقط. ماذا عن جعلهما يعملان مع مدرب؟ أعني، يمكننا جميعاً الاستفادة من شخص ما يساعدنا في التعامل مع النزاعات بالنقاش ومن وضع بعض المعايير الجديدة".

وتساءل لانس عما إذا كانت الملاحظة حول فصلهما فعلاً مزحة لكنه لم يعلق. وقال: "لقد تحدثت مع شركة التطوير القيادي تلك في العام الماضي. كانت لديهم بعض حزم التدريب التي بدت جذابة، لكننا اتفقنا جميعاً على أننا كنا مشغولين جداً بالحسابات الجديدة".

وأجابت جيهومبا: "حسناً، ربما يجب علينا أن نجد الوقت لذلك الآن".

وبعد انتهاء الاتصال، كان لانس لا يزال يفكر في فكرة فصل أحمد ودايمون. كانت الفكرة مرعبة، لكنها قد تكون أيضاً مريحة. لقد سمع عن الرؤساء التنفيذيين الذين قاموا بتنظيف شركاتهم واستبدلوا العديد من كبار المسؤولين التنفيذيين في وقت واحد. ويمكنه أن يحتفظ بجيهومبا ونينا وبعض الآخرين ويضخ بعض الدماء الجديدة. وستكون طريقة مؤكدة لإعادة ضبط ديناميكية الفريق.

التصرف السليم من أجل التخلص من النزاع بين القادة

في وقت لاحق من بعد ظهر ذلك اليوم، في نهاية اجتماع دوري مع الفريق المالي، طلب لانس من دايمون البقاء بعد خروج الآخرين.

وقال له: "سمعت أن هناك تعطيلاً لعينات العميل كلاركسون".

قال دايمون بهدوء: "الأمر المعتاد. على إدارة المبيعات تقليل كمية الطلب. وحالما يفعل أحمد ذلك، يمكنني أن أوقع".

وأضاف قائلاً: "لا يبدو أن أحمد سيتزحزح، ولكنه سيفعل".

وهنا، قرر لانس التدخل. وسأله:

"هل كل شيء على ما يرام بينكما؟"

فأجابه دايمون:"كالمعتاد. لماذا؟ ماذا يحدث؟ تبدو الأرقام جيدة في هذا الربع من العام. نحن على ما يرام".

"أنا أتفق معك من ناحية واحدة، لكن لدي مخاوف من ناحية أخرى. يستغرق إلحاق عملاء جدد ستة أشهر في وقت يكافح فيه الجميع للحصول عليهم".

وقال دايمون بطريقة دفاعية بعض الشيء: "هل يتعلق الأمر بالمراجعات الشاملة؟ حاولت أن أكون منصفاً في رأيي".

فرد عليه لانس قائلاً: "المدخلات مجهولة المصدر، لذلك لا أعرف من قال ماذا، لكن التوتر بينك وبين أحمد واضح".

اقرأ أيضاً: حضر فريقك للبدء بالعمل وإنهاء النزاعات

قال دايمون: "بالطبع هو كذلك. أنا المدير المالي وهو المسؤول عن المبيعات. إذا كان كلانا يقوم بعمله في شكل جيد، فسيكون هناك صراع. وهذا ما أفعله: هذا هو عملي. أنا حارس مجموع الميزانية العمومية، وهذا يعني أنني سأصطدم ببعض الموظفين". لقد سمعه لانس يقول هذا من قبل، لكن دايمون أخذ الأمر خطوة أخرى إلى الأمام هذه المرة. وقال للانس: "إن عدم ارتياحك للنزاع لا يجعل الأمر أسهل".

وجلس كلاهما بهدوء لمدة دقيقة. وأدرك لانس أن عليه أن يفحص قيادته الخاصة كجزء من هذه العملية. وفي الواقع، فتحت المراجعة الشاملة عينيه. لقد وصفه موظفوه بأنه رائد أعمال شغوف وصاحب رؤية، لكنهم علقوا أيضاً على تفضيله إدارة كل شخص على حدة، بدلاً من توجيه الفريق، وميله إلى تفضيل التفكير بالصورة الأعم بدلاً من التركيز على التفاصيل .

قال لانس أخيراً: "حسناً. أفهمك. هذا خطئي. لكن عليك أيضاً التفكير في ما يمكنك القيام به لتحسين هذا الموقف. هناك فرق بين الصراع المُنتِج والصراع القائم على أسس غير صحية، والآن يبدو أن لدينا كثيراً من هذا الأخير".

قد تنهار رؤيتنا

سأله والده عندما تحدثا في تلك الليلة: "هل فكرت في تطبيق واحدة من تلك الخلوات المخصصة لبناء الفريق؟" ابتسم  لانس مرتبكاً وأضاف الوالد: "أنا أعلم أنكم جميعاً لم تأخذوا فكرتي  على محمل الجد".

وأضاف قائلاً: "لأنك لم تقم بوضعها موضع التنفيذ!".

وتابع إريك: "لكنني ما زلت أعتقد بأنها فكرة جيدة. لا أحد يعرف حقاً كيف تكون بعض النزاعات  مثمرة في العمل. إنها ليست مهارة تولد بها. عليك أن تتعلم ذلك".

وقال لانس:"أنا أفكر في الأمر، يا أبي! لكنني لست متأكداً من أنه سيكون حلاً كافياً في هذه المرحلة".

"وماذا عن التعويضات؟". كان هذا شيئاً آخر أثاره إريك في شكل روتيني، فخلال فترة توليه منصب الرئيس التنفيذي، أدرك أن تعويضات المدراء التنفيذيين غير منظمة في شكل يشجع التعاون. لقد استندت المكافآت على الوحدة الفردية والوظيفية وأداء الشركة عند علاوات تساوي 25 و70 و5%.

وقال إريك: "ربما قد حان الوقت لرفع نسبة 5% إلى 10% على الأقل أو حتى 20% ".

وقال لانس: "أود إجراء هذه التغييرات، لكنني في حاجة إلى مساعدة دايمون للقيام بها، ولكنه مشغول. إلى جانب ذلك، يقول كثر من الخبراء إن كثيراً من الناس ينظرون إلى التعويضات على أنها مطرقة وكل مشكلة على أنها مسمار. يَتوقع الرؤساء التنفيذيون من التعويضات إصلاح أي شيء، لكنك عادة ما تحتاج إلى أدوات أخرى. قد أضطر إلى القيام بشيء أكثر قسوة".

وسأله إيرك: "أنت لا تفكر في طرد أي شخص، أليس كذلك؟". كان إريك قد عيّن شخصياً جميع المدراء التنفيذيين الكبار في فريق لانس وكان ولاؤه لهم كولائه لعائلته.

وقال لانس: "بصراحة، خطر الأمر في ذهني. ولكنّي لست متأكداً مما سأفعله من دون أحمد أو دايمون. هما جزء مهم من السبب الذي يجعلنا نحقق أرقامنا كل عام. هما يساعداننا في النجاح. لكنني أنظر إلى الوراء وأتساءل كيف فعلنا ذلك بتنفيذ الخطة بهذه الطريقة. أحتاج إلى فريق يعمل معاً للوصول إلى أهدافنا على المدى البعيد". عندما تقاعد إريك، وضع هو ولانس هدفاً للتوصل إلى إيرادات قدرها 500 مليون جنيه إسترليني بحلول عام 2022. وأضاف لانس: "تبدو هذه المجموعة كما لو أنها يمكن أن تتفكك في أي لحظة. وقد تنهار رؤيتنا مع ذلك".

قال إريك: "أنا آسف. هل تشعر بأنك ورثت كومة من المشاكل من والدك العجوز؟"

فأجابه لانس:"لا، أشعر وكأنني أوجدت هذا الأمر بطريقة ما - أو على الأقل جعلته أسوأ".

فقال إيرك: "حسناً، هناك شيء واحد مؤكد: أنت الزعيم الآن. لذلك سيكون عليك أن تقرر ما يجب فعله".

ما الذي يجب على لانس فعله حيال الصراع بين دايمون وأحمد؟ وكيف يمكن حل النزاع بين القادة الذي يحصل في الشركات؟

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الخلافات بين أعضاء فريقك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي