هل تستطيع أن تدير موظفين إماراتيين أو سعوديين بنفس الطريقة التي تدير بها موظفين من لبنان أو مصر؟
الجواب علمياً؛ لا
في كثير من فرق العمل العربية، قد نسمع شكوى مألوفة: "مديرنا ممتاز… بس ما يفهمنا!".
وهنا تأتي المفاجأة العلمية.
دراسة من الباحثين الإماراتيين عبد الرحمن أحمد، وعلي الحمادي، وعلاء جميل نشرت في مجلة التمويل والاقتصاد والأعمال الآسيوية، تابعت قيادات في جامعات إماراتية، وطرحت سؤالاً مهماً:
هل أسلوب القائد وحده يكفي لإرضاء الموظفين؟
الإجابة كانت: لا.
النتائج كشفت أنّ "الثقافة الوطنية" تلعب دور الوسيط الخفي. القائد قد يكون تحويلياً، ملهماً، أو تشاركياً… لكن إن لم يُراعِ القيم والعادات الثقافية للموظفين، فلن يحقق الرضا.
بمعنى أوضح: القيادة الناجحة يجب أن "تتكلم لغة الناس"، ثقافياً.
تخيل مثلاً مديراً في بيئة عربية تُقدّر الجماعية مثل الإمارات ودول الخليج، يتخذ قراراته بشكل فردي. النتيجة؟ لا يمكن أن ينجح حتى لو كانت قراراته صائبة، الشعور بالراحة والثقة قد ينهار.
وعلي سبيل المثال، أشارت دراسات أخرى عن أسلوب التواصل في دول الخليج العربي المبني على ثقافة وعادات الجماعية مثل الأسرة والقبيلة، بأن الطلب المباشر غالباً ما يغلّف بعبارات دينية ومجتمعية لكي يتم تمريره، مثل: جزاك الله خير، لو سمحت..إلخ.
ما المختلف؟
سابقاً كان يُعتقد أن الأسلوب القيادي (كالقيادة التحولية أو التبادلية) هو العامل الأهم في رضا الموظفين. الجديد هنا هو إثبات أن الثقافة الوطنية هي "الوسيط الخفي" الذي يُغير هذه العلاقة.
الرسالة للمدير العربي؟
لا يكفي أن تكون قيادياً ناجحاً في الكتب، بل يجب أن تكون قائداً يفهم الناس على أرض الواقع.
في الخليج مثلاً، قد يكون احترام التسلسل الهرمي أو روح الفريق أهم من التحفيز الفردي.
خاتمة واقعية لمدراء اليوم:
رغم أن الدول العربية تتشابه في كثير من القيم، فإنها تختلف في تفاصيل ثقافية دقيقة تؤثر في أسلوب القيادة. فمن ينتقل من المغرب أو لبنان للعمل في الخليج، عليه أن يدرك أن المجتمعات ذات الجذور القبلية المحافظة تتعامل مع السلطة والقيادة بشكل مختلف تماماً عن المجتمعات ذات الطابع المؤسسي أو المدني.
الدراسة أشارت بوضوح: العلاقة بين أسلوب القيادة ورضا الموظف تتأثر بعمق بمدى احترام القائد للثقافة السائدة. فإذا تجاهل هذه الثقافة، فقد يفشل حتى وهو يستخدم أنجح أساليب القيادة عالمياً.