تقرير خاص

فن تعزيز قيمة الشركة وربحيتها بإسعاد عملائها وإبهارهم

9 دقيقة
إسعاد العملاء
shutterstock.com/RerF_Studio

لنبدأ بقصة بسيطة لكنها عميقة؛ قصة تجسد مفهوم إسعاد العملاء. في أحد منتجعات ريتز كارلتون، لاحظ أحد العاملين عائلةً تبحث عن ضفدع "كوكي" وسط المساحات الخضراء الكثيفة. وبدلاً من مجرد المراقبة، رأى العامل فرصة لصنع تجربة لا تُنسى. ولما عادت العائلة إلى غرفتها بعد العشاء، استقبلتها مفاجأة: وسادة من الشوكولاتة فوقها ضفدعين من الشوكولاتة، مرفقة برسالة من "كوكي" نفسه. وابتهجت العائلة بهذه اللفتة المدروسة؛ لفتة صغيرة ولكنها مؤثرة للغاية.

تثير هذه القصة سؤالاً مثيراً: كيف يمكن للشركات الاستفادة من إبهار العملاء وإسعادهم بطريقة قابلة للقياس والإدارة، تسهم في النهاية في زيادة نموها؟ وبشكل أكثر تحديداً، كيف يمكن للشركات أن تُؤسِّس لحظات البهجة تلك لتعزيز تجربة العملاء وفي نفس الوقت تعزيز نموها المستدام؟

قبل التعمق في الآليات، من المهم فهم ما يعنيه إبهار العملاء حقاً. فلا يقتصر الإبهار على مجرد إرضاء عملائك؛ إنه مفاجأتهم بطريقة تتجاوز توقعاتهم وتخلق تأثيراً عاطفياً دائماً. ويحدث الإبهار عند تقاطع البهجة والمفاجأة، حيث يصبح العادي غير عادي. وهذا ليس مفهوماً جديداً، لكنه اقتصر في السابق على العلامات التجارية الفاخرة، ويرجع ذلك أساساً إلى التكلفة العالية المتصورة ومتطلبات الموارد. ومع ذلك، مع التقدم الحالي في التكنولوجيا والتحول نحو ممارسات الأعمال الأكثر تركيزاً على العملاء، أصبح لدى الشركات الآن طرق أذكى وأكفأ لتقديم الإبهار الذي لا يتردد صداه فقط مع العملاء بل يحقق أيضاً فوائد اقتصادية طويلة الأمد.

أجرى فريقنا في قطاع النمو والتسويق والمبيعات دراسة متعمقة في ديناميكيات إسعاد العملاء، حيث استطلعنا آراء 25,000 عميل في مختلف القطاعات مثل السياحة والتأمين والخدمات المصرفية. وكانت النتائج مقنعة: لا يقتصر دور البهجة على إسعاد العملاء فحسب، بل إنها تعزز ولاء العملاء وتشجعهم على تكرار الشراء وتسهم بشكل كبير في نمو الإيرادات من خلال فرص البيع المتبادل والبيع الإضافي.

وفي هذا المقال، نناقش هذه النتائج التي تدل على تفوق الشركات التي تعطي الأولوية لإسعاد العملاء. وكشفت دراستنا عن أن تلك الشركات تسبق نظرائها في مقاييس الأعمال الرئيسية، مثل صافي نقاط المروجين، والإيرادات، وإجمالي العائد للمساهمين. وبإعطاء الأولوية لإسعاد العملاء وتنفيذ استراتيجيات ذكية ومستدامة، يمكن للشركات فتح آفاق جديدة لخدماتها وتحقيق عوائد دائمة دون تكبد نفقات باهظة.

للاستفادة حقاً من قوة إبهار العملاء، من المهم تحليل آليات تجربة العميل العقلية والعاطفية. فعلى سبيل المثال، إذا كنت تستقل سيارة أجرة، فإنك تتوقع الوصول إلى وجهتك. وإذا وصلت قبل الوقت المتوقع، فالأرجح أن تكون راضياً عن التجربة. هنا، حدثت استجابة عقلانية ألا وهي رضا العميل، الذي يستند إلى استيفاء المنتج أو الخدمة لتوقعاته. لذلك، يأخذ إبهار العميل وإسعاده الرضا خطوة أبعد بإضافة لمسة غير متوقعة تعزز عناصر الاستبقاء والإحالة والعائد المادي.

إسعاد العميل: نقطة التقاء البهجة بالمفاجأة

من الضروري أن نستوعب أن إسعاد العملاء فن وعلم في الوقت نفسه. فالإسعاد، ونقصد به غالباً قوة إبهار العملاء، استجابة عاطفية تُحفز من خلال مزيج من الفرح والمفاجأة، وهما عنصران، عندما يُدمجان بشكل صحيح، يخلقان تجربة لا تُنسى ومؤثرة.

تمر المفاجأة بأربع مراحل متميزة. أولاً، هناك لحظة تجمد؛ حيث نشعر بالدهشة للحظات بسبب شيء غير متوقع. بعد ذلك، يبدأ عقلنا في محاولة فهم المفاجأة. أثناء هذه المحاولة، نشعر بتغيير؛ تتغير رؤيتنا عندما نكتشف شيئاً جديداً وغير متوقع. وأخيراً، نصل إلى البهجة، وهي شعور عميق يجعلنا نرغب في مشاركة تجربتنا مع الآخرين.

رغم أن المفاجأة قصيرة الأمد، إلا أنها تترك أثراً دائماً في ذاكرتنا. يعمل الحُصين (hippocampus)، مركز المعلومات في الدماغ، بكفاءة عالية عندما نتفاجأ، مما يساعدنا على تذكر المزيد من التفاصيل. أما الفرح، فهو استجابة عاطفية بسيطة؛ سعادة خالصة. وعند مزج الفرح بالمفاجأة، نحصل على تلك اللحظة النادرة والسحرية التي نسميها البهجة.

من المهم أن نلاحظ أن البهجة تختلف عن الرضا. فالرضا استجابة منطقية تعتمد على ما إذا كانت الخدمة أو المنتج تلبي أو تتجاوز التوقعات. فإذا كانت الشركة تلبي التوقعات فقط، يبقى شعور العميل محايداً. لكن عندما يحدث تجاوز غير متوقع لتلك التوقعات، تظهر بهجة العميل وسعادته.

أسعد عميلك تحتفظ به دوماً

لطالما أدرك مؤيدو مفهوم إبهار العملاء بإسعادهم مدى قوته في إنشاء روابط عاطفية قوية معهم، ما يؤدي إلى تحقيق نتائج أعمال هامة مثل زيادة الإحالات والتوصيات، والاحتفاظ بالعملاء، ونمو الإيرادات؛ وهي عناصر أساسية لتعزيز الولاء.

وتُظهر أبحاثنا حول إبهار العملاء باستمرار تحقيق مكاسب كبيرة في مختلف القطاعات والمناطق الجغرافية وأنواع المنتجات، ما يبرز الأهمية العالمية لإعطاء الأولوية لإبهار العملاء في تجربة العميل.

الإحالات: هذا نموذج تطبيقي لقوة تأثير شهادات العملاء. فقد يخبر العميل الراضي صديقاً أو صديقين عن تجربته، لكن أبحاثنا تؤكد أن العميل المبتهج يصبحون من أكثر المروجين لك بحماس. فهو لا يوصي بمنتجك أو خدمتك فحسب، بل يتحدث عنها بحماس. وهذه الدعاية الشفوية لا تُقدر بثمن لأنها موثوقة وفعالة من حيث التكلفة. كما أظهرت أبحاثنا أن إسعاد العميل أشد العناصر تأثيراً في ولاء العملاء.

فنجد أن درجة المروج الصافي لدى العملاء الذين أبهرتهم الشركات فأسعدتهم كانت أعلى بكثير مقارنةً بأولئك الذين كانوا راضين فقط. ففي قطاع السياحة، على سبيل المثال، كانت 28 نقطة، وفي قطاع التأمين 18 نقطة، بينما كانت في القطاع المصرفي 15 نقطة.

الاستبقاء: هذا مجال آخر يلعب فيه الإسعاد دوراً حيوياً. العملاء المبتهجون أكثر ميلاً للبقاء والاستمرار في التعامل مع شركتك. وفي القطاع المصرفي، على سبيل المثال، وجدنا أن الإعجاب يمكن أن يعزز نوايا إعادة استخدام الخدمة بمقدار 25 نقطة مئوية. وظهر نفس النمط في صناعة السفر، حيث كان العملاء المبتهجون أكثر احتمالاً للعودة إلى نفس الوجهة التي سافروا إليها بمقدار 19 نقطة مئوية.

الإيرادات (العائد المادي): هذه غاية أي عمل تجاري. ويميل العملاء المبتهجون إلى الإنفاق أكثر، وهم أكثر انفتاحاً على فرص البيع العابر (cross-sell) (شراء منتجات تقليدية) وترقية البيع up-sell (شراء منتجات بأسعار أعلى). وكشف بحثنا أن في القطاع المصرفي، زاد الإعجاب من البيع العابر بمقدار 30 نقطة مئوية. وفي قطاع التأمين، كانت الزيادة 11 نقطة مئوية، وفي قطاع الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي، كانت الزيادة 15 نقطة مئوية. هذه مكاسب كبيرة تترجم مباشرة إلى إيرادات أعلى. وبالنظر إلى أن هذه الأنشطة مرتبطة مباشرة بالقيمة، فقد أمكننا حساب رابط تقريبي للقيمة التي صنعتها لحظات البهجة تلك.

وعلاوة على ذلك، غالباً ما تشهد الشركات التي تركز على إبهار عملائها نمواً متضاعفاً في الإيرادات الإجمالية. ففي قطاع التأمين وحده، يمكن أن يؤدي إسعاد جزء كبير من العملاء الراضين بالفعل إلى تحقيق إيرادات إضافية تتراوح بين 8 إلى 12 في المائة؛ أي ما يعادل مليارات سنوياً.

محفزات إسعاد العميل

لقد أثبتنا أن إسعاد العملاء يضيف قيمة كبيرة للشركة، ولكن ما الذي يسبب هذا السرور فعلاً؟ من خلال بحثنا، وضعنا قاعدة بيانات شاملة للحظات البهجة التي أعرب عنها العملاء، وتمكنا من تحليل وتصنيف التجارب والمحفزات والتأثيرات طويلة المدى لمختلف العوامل التي تثير بهجتهم. وعلى المستوى الأساسي، وجدنا أن هناك فئتين رئيسيتين لمحفزات السعادة: التميز في الخدمة (جوانب إنسانية غير ملموسة) والابتكار في المنتج. ومن المهم ملاحظة أنه في هذين المجالين، حيث تكون توقعات العملاء مرتفعة بالفعل، نضع معيار الإسعاد في مستوى أعلى.

التميز في الخدمة

يتعلق التميز في الخدمة بأكثر من مجرد تلبية توقعات العملاء؛ إنه يتعلق بتجاوزها بطريقة تشعر بأنها تجربة حقيقية أصيلة. والتفاعل والتواصل البشري عنصر أساسي في هذا الصدد. سواء كان ذلك "باريستا" تعلم لغة الإشارة الأميركية للتواصل مع عميل أصم، أو تخيل لو أن سائق سيارة أجرة قدم لركابه "قائمة" خيارات، تتضمن أشياء أساسية مثل المشروبات والوجبات الخفيفة أو حتى وسائل ترفيه في المقعد الخلفي مثل الألعاب. فهذه اللمسات المدروسة يمكن أن تحول رحلة عادية إلى تجربة رائعة، ما يترك انطباعاً إيجابياً دائماً لدى العميل.

في عالمنا الرقمي، تصبح هذه النقاط البشرية أكثر أهمية من أي وقت مضى. مع انتقال المزيد من المعاملات الروتينية عبر الإنترنت، تصبح التفاعلات المباشرة المتبقية فرصاً جوهرية لإبهار العملاء.

على سبيل المثال، تخيل عميلاً يصف تواصله مع موظف في مركز الاتصال قائلاً: "تحدثنا عن بعض جوانب حياته الشخصية، وضحكنا معاً، وكانت محادثة ممتعة للغاية". يتجاوز هذا النوع من التفاعل نطاق الخدمة التقليدية ويؤسس لعلاقة شخصية، فيعيش العميل تجربة إيجابية لا تُنسى.

وخذ مثلاً عميلةً اتصلت بمتجر رقمي للحيوانات الأليفة في الولايات المتحدة لإعادة كيس طعام كلاب غير مفتوح لأن حيوانها الأليف مات. عندئذ، لم يقم ممثل خدمة العملاء بمعالجة عملية الاسترداد فحسب، بل اقترح عليها التبرع بالطعام لمأوى حيوانات قريب وأعقب ذلك برسالة تعزية شخصية.

بتطبيق استراتيجيات بسيطة وذات تكلفة منخفضة، يمكن للشركات إنشاء بيئات وأدلة عمل تشجع على التفاعل الهادف بين العملاء والموظفين. ومن المثير للاهتمام أنه مع تطور المساعدات الرقمية والمعرفية لتبدو أكثر إنسانية، قد نرى مستقبلاً بعض هذه التفاعلات الممتعة الأصيلة من الوكلاء الرقميين.

عامل آخر قوي للمفاجأة وإثارة الإعجاب هو استعادة الخدمة بشكل استباقي. فقد اكتشفت العديد من الشركات في قطاع الضيافة أنه عندما يختبر الضيوف استعادة خدمة متميزة بعد مواجهة مشكلة، فإنهم غالباً ما يقيمون تجربتهم أعلى من أولئك الذين لم يواجهوا أي مشكلة في أثناء إقامتهم.

ويمتد هذا المبدأ إلى قطاعات أخرى مثل البنوك والتأمين. فعندما يحدث خطأ ما، يتوقع معظم العملاء حلاً معيناً للموقف. ولكن عندما يتجاوز البنك أو الشركة تلك التوقعات أو يعالج المشكلة بطريقة غير متوقعة، فإنه يحل المشكلة، ويقدم كذلك مفاجأة تحول العملاء غير الراضين إلى مروجين مخلصين للعلامة التجارية.

الابتكار في الخدمة

بينما يتعلق التميز في الخدمة بالتواصل البشري إلى حد بعيد، يركز الابتكار في المنتج على الجوانب الملموسة للإبهار والإسعاد. ويمكن أن يشمل ذلك تقديم ميزة غير متوقعة في منتج جديد أو تجربة حسية غامرة تشرك العملاء بطريقة فريدة. فعلى سبيل المثال، غالباً ما تعزز شركات الطيران تجربة ركاب الدرجة الأولى من خلال تنشيط الحواس الخمس؛ تقديم طعام لذيذ، وعطور مميزة، ومقصورات ذات ديكور جمالي، وموسيقى مريحة، وأثاث مريح. فتخلق هذه التجارب الحسية إحساساً شاملاً بالإعجاب يتجاوز الجوانب الوظيفية للخدمة.

يمكن للمنتجات أو الميزات المبتكرة والجديدة أن تثير إعجاباً كبيراً؛ خذ على سبيل المثال شركة تأمين أحدثت ثورة في الصناعة من خلال معالجة المطالبات في غضون ثوانٍ فقط.

وتساعد رموز التقدير الشخصية الشركات على التميز عن منافسيها، خاصة عند التعامل مع عملاء ذوي توقعات عالية. فقد كشف بحثنا في قطاع التأمين عن العديد من الحالات التي أحدثت فيها مثل هذه المبادرات تأثيراً ملحوظاً. وذكرت عميلة أن "ممثل الشركة جاء إلى اجتماعنا ومعه زهور لي وزجاجة شراب لزوجي، كعربون شكر على سنوات ولائنا".

ومع ذلك، من المهم أن ندرك أن التوسع في ذلك يمكن أن يكون مكلفاً للشركة، ولهذا السبب تعتبر بعض الشركات أن إسعاد العملاء استراتيجية باهظة الثمن ومن غير المنطقي الاستمرار فيها. ولكن نتائجنا تشير إلى أنه عندما تبذل الشركات هذه الجهود بشكل انتقائي؛ مثل التركيز على العملاء ذوي القيمة العالية لتعظيم قيمتهم الشخصية، يمكن أن يكون النهج فعالاً إلى حد بعيد. فقد لا تكون الترقية البسيطة لمنتج موجود مؤثرة على الجميع، ولكنها توفر سعادة استثنائية لبعض العملاء. ويبرز هذا أهمية فهم الاحتياجات العاطفية والوظيفية الفريدة لكل عميل وتكييف التجارب لتلبية تلك الاحتياجات، لتعزز في النهاية شعوراً بالولاء.

3 طرق لتنشيط محرك إسعاد العملاء

إذن، كيف يمكن للشركات تحقيق القيمة من إنشاء وإدامة البهجة بشكل منهجي؟ الجواب يكمن في بناء ما نسميه "محرك البهجة"؛ وهو نهج منظم يقيس ويصمم ويوفر لحظات البهجة للعملاء المناسبين في الوقت المناسب ليولد عوائد إيجابية. ومن خلال البحث الذي أجريناه، حددنا ثلاث رافعات رئيسية يمكن للشركات استخدامها لإنشاء محرك بهجة فعال.

قياس إسعاد العملاء وقيمته

الخطوة الأولى في بناء محرك البهجة هي فهم ما تعنيه البهجة لعملائك. ويتطلب هذا مزيجاً من الأبحاث النوعية والكمية للكشف عن اللحظات المحددة التي تتجاوب مع شرائح العملاء المختلفة. ويجب أن يلتقط نظام قياس البهجة القوي شدة الفرح والمفاجأة عبر رحلة العميل، بالإضافة إلى القيمة الإضافية التي تخلقها هذه اللحظات. كما يجب أن يقترن ذلك بقياس القيمة الإضافية المدفوعة بالبهجة عبر الرحلة، بالإضافة إلى طول عمر القيمة الإضافية التي يتم الحصول عليها من خلال أنواع مختلفة من تدخلات الإسعاد.

ويمكن أن تضمن هذه الطريقة تركيز الاستثمار في المجالات ذات العائد المحتمل الأعلى. فعلى سبيل المثال، وجدت أبحاثنا أن لحظة بهجة واحدة في التوقيت المناسب خلال رحلة العميل يمكن أن تزيد الولاء ونية الإنفاق لمدة تصل إلى ستة إلى تسعة أشهر بعد التجربة السعيدة.

من خلال تتبع تأثير تدخلات البهجة على النتائج التجارية الرئيسية مثل الولاء، والبيع العابر، وترقية البيع، واستبقاء العملاء، يمكن للشركات تحسين نهجها لزيادة قيمة إسعاد العملاء باستمرار.

مطابقة التصميم مع التجربة

لا يتعلق تصميم تجارب مبهجة بالإبداع فقط؛ بل يتطلب فهماً عميقاً لمشاعر العملاء ومحفزاتهم. ويتضمن ذلك منهجية تصميم تركز على تحسين المفاجأة والبهجة لكل شريحة مستهدفة. وسواء كان ذلك التصميم أو تلك التدخلات ابتكاراً كبيراً في المنتج أو حتى ملاحظة مكتوبة بخط اليد، فإن الهدف هو صنع لحظات تتجاوب مع العملاء على مستوى عاطفي.

ويمكن دمج تصميم تجارب العملاء المبهجة بشكل سلس في مبادرات بناء القدرات وتغيير الثقافة داخل الشركات. ونظراً لأن الموظفين الذين يتعاملون مباشرة مع العملاء هم غالباً الأكثر تفاعلاً معهم، فإن تمكينهم من تبني هذا التغيير يعد أمراً حيوياً، خاصة مع زيادة المعاملات الرقمية ورغبة العملاء المتزايدة في الحصول على تفاعلات بشرية هادفة. من خلال تزويد هؤلاء الموظفين بالأدوات والعقلية المناسبة لخلق تجارب لا تُنسى، يمكن للشركات ضمان أن يصبح الإبهار جزءاً طبيعياً من استراتيجيتها للتفاعل مع العملاء وإسعادهم.

ديزني إحدى الشركات التي تتفوق في هذا الصدد. فهي معروفة بقدرتها على إبهار الضيوف من جميع الأعمار وفي كل الظروف، حيث تنسق تجارب تفاعل مبهج مع شخصياتها الشهيرة تبدو عفوية وسحرية. هناك على سبيل المثال "فن الماء"، حيث يستخدم موظفو الصيانة مكنسة ودلو ماء لرسم شخصيات ديزني وبيكسار المفضلة على الأرض. فما يبدو وكأنه عمل إبداعي عشوائي هو في الواقع استراتيجية مدروسة جيداً لمفاجأة الضيوف وإبهارهم. كما تمكّن ديزني موظفي المكاتب الأمامية من التعافي من المواقف الصعبة بطرق ذات مغزى، ما يعزز التزام الشركة بالبهجة في ثقافتها.

تقديم تجارب شخصية مبهجة للعملاء من خلال البيانات والذكاء الاصطناعي

قد تختزن الشركة نماذجاً لتدخلات إسعاد العملاء؛ سواء كانت تدخلات كبيرة أو صغيرة، يمكن تفعيلها بناءً على سلوكيات أو تفضيلات العملاء المحددة. وكما تناولنا من قبل، في مقال "هوية التجربة" (Experience DNA)، فإن مستقبل تجربة العملاء يتجه ليكون شاملاً وتنبؤياً واستباقياً، وهذا التطور يشمل أيضاً مجال إرضاء العملاء. وفي عصر البيانات الضخمة، تلعب المعلومات المستخلصة من العملاء دوراً أساسياً في جعل الإرضاء متاحاً وبتكلفة معقولة. وباستخدام البيانات، تستطيع الشركات تخصيص الإرضاء بشكل دقيق وترتيب الأولويات للتدخلات الصغيرة التي تثير السعادة لكل عميل بشكل استراتيجي. ويضمن هذا النهج تقديم الإرضاء بطريقة مستدامة، ويعزز العائد الفوري على الاستثمار الفوري ويزيد من قيمة العميل على المدى الطويل.

لسنوات، اعتبرت شركات عدة إسعاد العملاء رفاهية مكلفة؛ أي ميزة من الجيد الحصول عليها لكنها ليست ضرورة. واليوم، أصبح لدى الشركات فرصة حقيقية لإعادة النظر في مزاياها والاستفادة منها، مع التحلي بالحكمة والفعالية في الوقت نفسه. فعليها ألا تكتفِ بمجرد إرضاء العملاء، بل أن تسعى لإبهارهم. وعندئذ، تصنع تجارب لا تُنسى، وتبني قاعدة عملاء وفية تعزز النمو وترفع معدلات الربحية على المدى البعيد.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي