كيف تُتقن فن إدارة الحوار دون اتخاذ موقف دفاعي؟

3 دقائق
موقف دفاعي

عندما نتخذ موقفاً دفاعياً يصبح من الصعب على الطرف الآخر أن يفهم ما نحاول إيصاله، بل يصبح من الصعب علينا أيضاً الاستماع إليه وفهم ما يحاول قوله. وندخل في صراع لا معنى له، ونتخيل هجمات غير حقيقية فنواجهها بالتصدي والدفاع، وهذا يهدر طاقاتنا ويضر علاقاتنا بدلاً من التركيز على حل المشكلة الحقيقية!

فإذا كنت ذا عقلية دفاعية -ومعظمنا كذلك فعلياً- فمن المحتمل أن تكون على دراية بهذه التجربة؛ إذ ربما حدث ذلك أو لاحظه أشخاص مقربون منك في أثناء مناقشة المشكلات مع مديرك أو زوجتك، وعندما يشيرون إلى موقفك الدفاعي يسوء الأمر، بل ربما تتخذ موقفاً دفاعياً لتنفي موقفك الدفاعي أيضاً. إنك بطريقة ما تشعر وكأنك تعرضت لهجوم! والسؤال: ما الذي كان عليك فعله في ذلك الموقف؟

حسناً، سأخبرك. إنه نهج أسميه “3 خطوات لاستجابة أفضل” يمكن أن يساعدك على تجنب أن تصبح دفاعياً. فعندما يقول شخص ما شيئاً يثير انفعالك ورغبتك في الرد بصورة دفاعية تذكّر هذه الخطوات جيداً:

الخطوة الأولى: فكر في أول شيء تريد قوله أو فعله وتوقف قليلاً وخذ نفساً عميقاً. وإنما أطلب إليك ألّا تفعل أول شيء يتبادر إلى ذهنك لأنه عادة سيكون رد فعل دفاعي على ما تتوهم أنه هجوم أو إهانة أو استخفاف بك.

الخطوة الثانية: فكر في الشيء التالي الذي تريد قوله أو فعله وتوقف قليلاً أيضاً، خذ نفساً عميقاً مرة ثانية. فالحكمة في ألّا تفعل ما يتبادر إلى ذهنك ثانياً بعد التعرض للهجوم هو أنه عادة سيكون انتقاماً، وهذا سيزيد الموقف سوءاً!

الخطوة الثالثة: بدلاً من التصرف وفقاً لدوافعك الأولية، فكر في الشيء الثالث الذي تريد قوله أو فعله ثم أطلِقه. وهذه الخطوة مهمة لأنك ستتجاوز فيها عقلية الدفاع والانتقام متيحاً لنفسك فرصة البحث عن رد أفضل.

إنّ السبب الرئيس لضرورة تجنب اتخاذ موقف دفاعي، هو أنه عادة يؤدي إلى ردّ فعل مماثل من الطرف الآخر. أمّا توجيه التركيز للبحث عن حلول، فإنه يخلق بيئة يجد فيها المرء نفسه أكثر ميلاً إلى العمل التعاوني. فإذا كنت تواجه صعوبة في الاستجابة بطريقة ليست دفاعية أو انتقامية بل موجهة نحو الحل، فركز على أن تكون إيجابياً؛ لأنّ الشخص الإيجابي هو شخص يستمع باهتمام إلى أفكار الطرف الآخر ثم يضيف إليها بطريقة بناءة.

وتتمثل إحدى الطرق لتكون إيجابياً في استخدام عبارة “هل يمكنك التوسع في حديثك عن (كذا)؟”؛ لذا فكّر في الكلمات التي يركز الطرف الآخر على استخدامها في وصف موضوعه المعين ثم اطلب منه أن يتوسع في هذا الموضوع. إنّ هذا النهج سيمنحك وقتاً للتفكير والهدوء، وسيشعر نظيرك بأنك تستمع إليه باهتمام، بل إنك بذلك ستجرّد الطرف الآخر الذي قد يضمر نوايا سيئة من حجته للهجوم عليك. وهناك طريقة أخرى لتكون إيجابياً وهي طرح أسئلة مثل “إذا اخترنا هذا النهج، فما هي الخطوة التالية لمواصلة التقدم؟” أو “إذا اخترنا هذا النهج، فكيف يمكننا تعظيم فوائده؟”.

وبالمثل، يمكنك أن تغيّر أسلوب “نعم، ولكن” إلى “نعم، و”؛ لأنك عندما تستخدم “نعم، ولكن” في محادثتك قد يفسرها الطرف الآخر على أنك تقول بطريقة مهذبة أن كل ما قِيل قبل ذلك يجب تجاهله، وأن عليه الانتباه فقط إلى ما ستقوله بعد “لكن”؛ إذ من المذهل كيف يمكن لعبارة “نعم، ولكن” أن تعطي معاني أعمق بكثير من كلمتيها الاثنتين! وأمّا عبارة “نعم، و”، فإنها تثبت صحة ما قاله الشخص الآخر وتضيف إليه بطريقة بناءة. فمثلاً، يمكنك قول “نعم، هذه نقطة جيدة ولتعزيزها أكثر…” أو “نعم، سمعت كل ملاحظاتك ودعنا نتعاون في إيجاد أفضل طريقة لدمجها…”.

فإذا وجدت نفسك في كثير من الأحيان في محادثات دفاعية بحيث يبدو أنك تدخل في جدل من دون سبب وتكرر قول أشياء مثل “أعتقد أننا نتفق هنا بالفعل”، فربما أنك تستخدم عبارة “نعم، ولكن” بدلاً من قول “نعم، و”.

ولكن ماذا لو كان الطرف الآخر يتقصد مهاجمتك حقاً على نحو غير منصف؟ ماذا لو قال شيئاً تعتقد فعلاً أنه غير صحيح؟ هل سيكون من المناسب في هذه الحالة استخدام عبارات مثل “نعم، و” أو “هل يمكنك التوسع في هذه النقطة…؟”؟

في هذه الحالة، يمكنك تجربة نهج “المواجهة الخاضعة للرقابة” بصفته طريقة لنزع فتيل التصعيد. ويكون ذلك بأن تتوقف مؤقتاً عادّاً بصمت حتى الثلاثة بعد أن يتحدث الطرف الآخر. وسيؤدي هذا إلى تجنب تصعيد المحادثة، بل قد يتسبب في توتر نظيرك. فإذا حدث ذلك فاعلم أنه سيكون في صالحك في حال لم تنجر إلى استفزازه؛ لأنك بذلك ستضع نظيرك في موقف غير مألوف له، وهذا سينزع فتيل التوتر ويخففه إلى حد ما.

وعند هذه النقطة، انظر إليه بتمعن وهدوء وثبات وقل: “ماذا قلت؟ لنتوقف قليلاً هنا لأنني أشعر بانفعال شديد وأنا أدرك أنني إذا لم أهدأ قليلاً فإن أي شيء سأقوله أو أفعله الآن سيجعل هذه المحادثة أسوأ! وأنا لا أرغب في ذلك مطلقاً”.

ثم توقف قليلاً وخذ نفساً عميقاً وقل “حسناً، ما هو واضح لي أن هناك شيئاً ما يحبطك. برأيك، ما الذي عليّ فعله لأخفّف من إحباطك هذا؟ إذا كان ذلك ممكناً ومعقولاً لكلينا ومفيداً للمعنيين جميعهم، سأكون سعيداً بالالتزام به. ومع ذلك، إن لم يكن ذلك عادلاً أو في مصلحة الأطراف جميعها، فستجدني أواجه مشكلة في الموافقة عليه”.

بعد ذلك، التزم الصمت ودعه يردّ، فإنْ لم يبدُ رده منصفاً وفي مصلحة الجميع، فقل: “أجد صعوبة بعض الشيء في فهم كيف سيكون هذا النهج منصفاً للجميع ويخدم مصالحهم الفضلى. هل يمكنك تقديم تفسير بديل، أو ما رأيك في أن نتبادل الأفكار معاً لإيجاد طريقة لتحقيق ذلك؟”.

ختاماً كن على يقين أنك بتحليك بالثبات والدفاع عن مبادئ الإنصاف والعقلانية والصالح العامّ، ستكون قادراً على إظهار الحق بصورة أفضل، وسيجنّبك هذا الوقوفَ في وجه محاورك بطريقة دفاعية أو استفزازية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .