ماذا تفعل عندما تفقد وظيفتك التي تمثل هويتك؟

5 دقائق
فقدان الهوية بعد فقدان الوظيفة

ملخص: من الممكن أن نكون ملتزمين بعملنا ومندمجين فيه بشدة، ونرى فيه معنى وتأكيداً إيجابياً لقيمتنا الذاتية، لكن مع ذلك، نحن كأشخاص نحمل معانٍ أكبر من وظائفنا، وليس بالضرورة أن تفقد هويتك إذا فقدت وظيفتك. تقدم المؤلفة 6 استراتيجيات لاستعادة إحساسك بهويتك وتحديدها من جديد بعد فقدان وظيفتك.

العمل هو أكثر من مجرد مصدر رزق بالنسبة لنا، فهو يمنحنا التقدير والمكانة والانتماء واحترام الذات، ويعزز مفهوم الذات لدينا. كما تظهر الأبحاث أن رفاهيتك قد ترتبط بتمتعك بهوية عمل قوية تحددها أهمية وظيفتك بالنسبة لهويتك.

لكن ماذا يحدث إذا فقدت وظيفتك؟ الإقالة من العمل هي تجربة صعبة، مهما كانت ظروفها، لكن عندما يكون ارتباط هويتك الشخصية بعملك قوياً، قد يبدو فقدان وظيفتك كارثياً ويؤدي إلى معاناتك من أزمة وجودية، أو ما يسميه مؤلفو كتاب "المحادثات الصعبة" "تزلزل الهوية"، حتى وإن لم يكن فقدان الوظيفة ناتجاً عن خطأ منك، مثل ما يحدث في حالات الركود أو إعادة الهيكلة.

من المؤكد أن فقدان وظيفتك التي تمثل ركيزة ومصدراً للطمأنينة يؤدي إلى زعزعة استقرارك، ويجعلك تشعر وكأنك ضائع في عرض البحر. في الحالات الأشد، قد يجعلك فقدان وظيفتك تتعدى التشكيك في قيمتك لتصل إلى الشعور بأنك لست جديراً بهذه القيمة أو لا تتمتع بها أساساً. على الرغم من أن استعادة شعورك بهويتك أو إعادة تحديدها سيستغرق بعض الوقت، فلدينا عدة طرق للبدء بهذه العملية، وسنوضحها فيما يلي.

تواصل مع الأصدقاء القدامى

تنعكس هويتنا في علاقاتنا، وستحظى بمرآة جيدة ترى من خلالها صورة واضحة عن طريق التواصل مع أشخاص تعرفهم منذ مراحل مبكرة من حياتك ومسيرتك المهنية ولا تزال على تواصل معهم، مثل أصدقاء الطفولة والجامعة والوظيفة الأولى، فهم يعرفونك منذ فترة طويلة، من قبل أن تصبح مديراً مالياً أو مستشاراً إدارياً أو محامياً للملكية الفكرية، ورأوا فيك قيمة متأصلة من قبل أن تستلم وظيفتك المهمة. ويمكنهم من خلال التحدث إليك تذكيرك بأنك تملك هوية أخرى إلى جانب هويتك في العمل، فأنت صديق وفيّ أو مرشد سخيّ أو مجازِف جريء أو مفكر مبتكر.

اختبر معتقداتك المحدودة

ما الهوية والإحساس بالذات إلا تركيبات عقلية. عندما نشعر أننا عالقون ولا نتقدم في حياتنا، فالسبب في الغالب هو أننا ننظر إلى أنفسنا من زاوية واحدة ثابتة، وغالباً ما تكون عديمة الفائدة. طُرد أحد عملائي، ولنسمه آدم، لأنه تسبب بمعاناة فريقه من الاحتراق الوظيفي. ومن خلال عملنا معاً، اكتشفنا أن لديه اعتقاداً يقيده ويتسبب في سلوكه، وهو أن "قيمته تتمثل فيما ينتجه".

ومن أجل تحدي هذا الاعتقاد أو اختباره، طلبت منه التحدث إلى مجموعة متنوعة من أشخاص يحترمهم وتربطه بهم معرفة شخصية ومهنية، وطرح سؤالين عليهم. السؤال الأول هو: "ما الذي تثمنه أو تقدره في شخصي؟" وهو يهدف إلى جعله يدرك أن الآخرين قد يقدرونه لأشياء أخرى بعيدة عن عمله. والسؤال الثاني هو: "كيف ترى قيمتك كشخص؟" وهو يهدف إلى جذب نظره إلى نماذج أخرى عن رؤية الذات وتقييمها.

وكما توقعت، لم يعكس أي من الأجوبة التي تلقاها أي شيء عن العمل أو عما أنتجه هو أو أي شخص آخر. بل سمع أشياء مثل "أنت أب عظيم، قضاء الوقت معك ممتع، أنت مستمع جيد، وزوج داعم، يمكن الاعتماد عليك دائماً، وجدير بالثقة، وصديق جيد"، وما إلى ذلك. ساعدت هذه المحادثات في تخفيف تمسك آدم بالاعتقاد الذي يقيده بأن "قيمته تتمثل فيما ينتجه"، فتمكن من البدء في تمييز قيمته الشخصية أو تقديره لذاته عن قيمة ما ينتجه في عمله.

إقرأ أيضاً: ما الذي يجب عليك فعله عندما تعلم أن تسريح الموظفين بات قريباً؟

الانخراط في مجموعة أوسع من الأنشطة

في حين أن الثقافة الغربية موجهة بشكل كبير إلى العمل، فلا يزال من الممكن أن نفرط في الالتزام بالعمل والاندماج فيه كما يفعل من يتمتع بهوية عمل قوية. قال الدكتور نيل توكوف، وهو محلل نفسي مقيم في مدينة سان فرانسيسكو: "عندما نفرط في الالتزام بالعمل والاندماج فيه، يكون ذلك على حساب مجالات أخرى من حياتنا يمكن أن نعثر فيها على المعنى والغاية". قد تشمل هذه المجالات علاقاتنا الشخصية وممارسة الهوايات والقيام بأعمال تطوعية، وما إلى ذلك.

يمكن أن يساعدك الانخراط في مجموعة أوسع من الأنشطة في تنظيم وقتك وبناء علاقات جديدة وتعميق العلاقات الحالية، واكتساب الأهمية من مصادر أخرى، ما سيؤدي في نهاية المطاف إلى توسيع نظرتك إلى نفسك وطريقتك في تحديد هويتك. كان آدم يشعر بتوتر شديد لأنه لا يعمل، وبقلق لأنه لم يعد قادراً على تقديم أي منتج يثبت من خلاله قيمته لنفسه، فبدأ بقضاء وقت أطول في الملعب مع طفله الصغير، وتعلم أن يتمهل في حياته قليلاً وأن يكون حاضراً فيما يعيشه، واكتسب رؤية أكثر توازناً عن نفسه تجاوزت حدود هوية العمل التي كان يعتنقها.

تصور نفسك في المستقبل

هوياتنا ليست ثابتة، بل تتطور بمرور الوقت، وقلة من الناس يقولون إنهم لا يزالون كما كانوا قبل 10 أعوم. إلا أن لدينا تحيزاً قد يدفعنا للتمسك بمنظور ضيق نرى من خلاله أن هويتنا الحالية هي هويتنا الأبدية.

اخرج عن هذا المنظور الضيق واسأل نفسك: "من أود أن أكون بعد 5 أعوام أو 10 أعوام من الآن؟" من خلال التركيز على الصورة المستقبلية عن نفسك، ستبدأ في تغيير القصة التي ترويها لنفسك عن هويتك. سيساعدك ذلك على التحرر من العقلية الثابتة التي جعلتك ترى أنك عالق في حالتك الراهنة، وسيغير ذلك سلوكك ويضعه في الاتجاه المرغوب، ما يجعلك تتخذ موقفاً استباقياً، لا تفاعلياً. وكما هو الحال مع أي هدف آخر، ستزداد احتمالات تحقيقه إذا تحدثت إلى الآخرين عنه.

حدد قيمك الأساسية

قيمنا الأساسية هي أحد جوانب هويتنا التي تظل ثابتة إلى حد ما بمرور الوقت. القيم هي ما ندافع عنه ونوليه أهمية كبيرة، وهي جوهر هويتنا. وقد تشمل أشياء مثل الشمول الاجتماعي والنزاهة والإبداع والاستقلال والصدق.

لكن ما يمكن أن يتغير بمرور الوقت هو طريقة تعبيرنا عن هذه القيم وأهميتها النسبية. وعلى الرغم من أنها قد تساعدك في العثور على المعنى والرضا في عملك، فإنها تتجاوز هوية عملك ويمكن أن تتجلى في العديد من المجالات بعيداً عن العمل. كما أنها عدسة أخرى يمكنك النظر من خلالها إلى نفسك.

علاوة على ذلك، يمكن أن تكون القيم هي الأساس الذي يمكن من خلاله استكشاف شخصياتك المحتملة الأخرى في أثناء تفكيرك بشأن الخطوة التالية. على سبيل المثال، كنت أعمل في مصرف استثماري. وتمكنت من التعبير عن قيمة دعم الآخرين من خلال جانب خدمة العملاء من وظيفتي، وعن قيمة التعاون مع من يتمتعون بمواهب كبيرة من خلال العمل مع المسؤولين التنفيذيين في المناصب الإدارية العليا وزملائي الموظفين. لا زلت أعيش هذه القيم بوصفي مدربة تنفيذية، كما أعبر الآن عن قيم لم أعبر عنها من قبل، كالمغامرة والاستقلال، وأكتسبها من عملي في بناء شركة تطوير القدرات القيادية، التي شاركت في تأسيسها، وإدارتها.

احصل على الدعم

قد يكون من الصعب أن تقوم وحدك بإعادة التفكير في طريقة اكتساب المعنى من فقدان وظيفتك، أي أن تقوم فعلياً بالتفكير في طريقة تفكيرك، وخصوصاً عندما تكون في أوج ألمك، مكتئباً أو مدمراً. يمكن أن يساعدك الحصول على الدعم من مدرب أو معالج مختص على التمعن في هذه التجربة والتعلم منها وتجاوزها بنجاح أكبر.

يقول الدكتور نيل توكوف إن هذه العملية تتطلب غالباً نوعاً من الحياد النفسي والفكري، حيث يمكن للمرء التفكير ملياً والنظر إلى نفسه بموضوعية أكبر وطرح السؤال: "أين تكمن الفائدة من كل هذا؟" وقال إنه من الممكن أن يكون العلاج مفيداً جداً لمن يرون أن فقدان الوظيفة "موقف يؤكد قناعة سلبية راسخة لديهم عن أنفسهم"، كالشعور بأنهم غير مرغوب فيهم أو لا قيمة لهم. وضح الدكتور توكوف أن "الأخذ بأفكار شخص آخر وملاحظاته ووجهات نظره يساعدك على استخدامها كأدوات لتوليد أفكار ووجهات نظر جديدة بنفسك". عندما تقوم بذلك، ستتمكن مع مرور الوقت من رؤية نفسك وتجربة فقدان وظيفتك بشكل مختلف.

من الممكن أن نكون ملتزمين بعملنا ومندمجين فيه بشدة، ونرى فيه معنى وتأكيداً إيجابياً لقيمتنا الذاتية، لكن مع ذلك، نحن كأشخاص نحمل معانٍ أكبر من وظائفنا، وليس بالضرورة أن تفقد هويتك إذا فقدت وظيفتك.

إقرأ أيضاً: إسكات النقد الذاتي عقب التسريح من العمل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي