ملخص: ينبغي للمتحدث المؤثر الحرص على انتباه جمهوره عند إلقاء خطابه. إذا لاحظت أن الجمهور بدأ يشرد بتفكيره خلال العرض، فإليك أربع طرق تساعدك على استعادة انتباه الجمهور من جديد: 1) لا تبقَ ساكناً في مكان واحد. ولا تبالغ في التنقل من مكان إلى آخر أيضاً. حين تستخدم هذه الطريقة بذكاء سيظل الحضور يخمّن كل مرّة المكان الذي ستنتقل إليه تالياً، ما يعني أن أنظارهم ستبقى مركزّة عليك. 2) زاوج بين السّرعة والتأنّي في إلقائك عندما تتعمد تغيير سرعة حديثك، سينتبه الجمهور إلى ذلك. 3) اخفض صوتك. غالباً ما يكون رد فعلنا عندما نلاحظ أن الجمهور غير منتبه هو رفع أصواتنا، وزيادة سرعة حديثنا، وإحداث ضجة أكبر. خالف هذا النهج والتزم الهدوء. 4) قدّم قصة أو مثالاً من الواقع إذا أصبح عرضك التقديمي تقنياً للغاية، فاقتبس مثالاً من أرض الواقع لتسهّل على الجمهور فهم وجهة نظرك.
وفي الحقيقة، يمكنك بسهولة معرفة اللحظة التي خسرت فيها إصغاء جمهورك في أثناء إلقاء عرضك التقديمي، سواء مع بدء الحضور بتصفح هواتفهم أو تبادل رسائل نصية خلسة. أو مع تمدد البعض على الكراسي بتكاسل والضرب على الأرض بأقدامهم بدلاً من أن تكون أجسادهم مائلة نحوك ويتابعون ما تقوله من أفكار باهتمام. أما الأكثر جرأة، فقد يبدؤون بالتهامس فيما بينهم.
وبصفتك متحدثاً، سيكون ذلك محبطاً لك لأنك تحاول إيصال معلومات مهمة لجمهورك، ولكن صار واضحاً أنه فقد الاهتمام بعرضك. لذا ففرصتك الوحيدة لإيصال صوتك من جديد هي العثور على طريقة ما، أياً كانت، لاستعادة اهتمامهم.
بصفتي متحدثة محترفة ألقت أكثر من 300 خطاب على مدى نصف العقد الماضي، تعاملتُ مع جماهير كثيرة في خضم ظروف متنوعة، بدءاً من الجمهور الجاد (المتمثل في الموظفين الذين يتذمرون من خبر جديد عن مشروع إعادة تنظيم وشيك) وصولاً إلى الجمهور متبلد الحس (حيث كنت أحارب لأن يسمعوني بين رنين آنية المائدة في أثناء فترة الغداء). إليك أربع استراتيجيات ساعدتني في استعادة السيطرة على الجمهور.
الاستراتيجية الأولى وإحدى التقنيات المفضلة لدي لاستعادة انتباه الجمهور، هي التنقل إلى مكان آخر بالمنصة. يلجأ العديد من المتحدثين إلى إلقاء خطاباتهم من وراء المنبر، مقيدين بإعدادات المنصة الاعتيادية. إذ عادة ما يمنح ذلك المتحدثين المبتدئين شعوراً بالأمان لأنه يوفر لهم مكاناً لتخبئة ملاحظاتهم وأنفسهم من أعين الجمهور. ولكن ذلك يعني بالمقابل أنهم سيفوّتون فرصة كبيرة للاستفادة من حضورهم المادي.
إذا ظللت ثابتاً في مكان واحد وأمام جزء من الجمهور، فسيساعدك الانتقال إلى الجهة الأخرى من المنصة في استعادة انتباه باقي الجمهور. حيث إنّ اقترابك المفاجئ سيجبر الجمهور على التركيز عليك، سواء من باب اللباقة أو للمفاجأة. ويمكنك أخذ خطوة إضافية إذا لم تكن على منصة، ألا وهي التجول في أرجاء القاعة. لكن لا تبالغ في التنقل من مكان إلى آخر. حين تستخدم هذه الطريقة بذكاء سيظل الحضور يخمّن كل مرّة المكان الذي ستنتقل إليه تالياً، ما يعني أنّ أنظارهم ستبقى مركزّة عليك.
والاستراتيجية الثانية هي تغيير سرعة إلقائك يعلم الجميع أن التحدث بوتيرة رتيبة يقتل انتباه الجمهور، ولكن غالباً ما يرتكب المتحدثون خطأً بديهياً وهو إلقاء الخطاب بوتيرة واحدة، حتى إذا كانوا يتمتعون بصوت ذي نطاق واسع.
فنرى المتحدثين السريعين يمطرون جمهورهم بوابل من الكلمات، والمتحدثين البطيئين ينطقون الكلمات بتشدّق وتثاقل، بينما يغرق الجمهور في الضجر والرتابة. بالمقابل، حين يتعمد المتحدث تغيير سرعة حديثه، ينتبه الجمهور إلى ذلك. ما الذي اختلف؟ لماذا يبدو هذا الجزء مميزاً؟ وبهذه الوسيلة، سيستعيد انتباه جمهوره إلى محتوى خطابه.
وقد يؤدي تخفيض الصوت أو التوقف لوهلة إلى النتيجة ذاتها. عندما أريد من جمهوري التركيز على نقطة رئيسة، سأتعمد تخفيض صوتي حدّ الهمس، لأدفع الجمهور إلى التركيز بإمعان لفهم ما أقوله. حتى إني أتعمد أحياناً التوقف عن الحديث لبضع ثوانٍ، فيترتب على ذلك شعورهم باللهفة لمعرفة ما سأقوله بعد ذلك. تنجح هذه الطريقة بالتأثير في الجمهور خصوصاً بعد طرح سؤال استنكاري. على سبيل المثال، قد تقول: "قد يبدو الاستحواذ على 40% من الحصص السوقية أمراً بعيد المنال، إذاً، كيف نحقق ذلك؟" يضيف التوقف في الوقت المناسب قدراً كافياً من التشويق لجعل الجمهور يترقب الإجابة.
ناقشنا حتى الآن التقنيات الجسدية التي تعيد جذب انتباه الجمهور. ولكن لهذه التقنيات تأثير محدود في حال كان سبب فقدان تركيز الجمهور هو الطابع التقني أو المضجر للعرض. على سبيل المثال، قد يكون العرض التقديمي المثالي بالنسبة لقسم الهندسة شديد التفصيل بالنسبة لفريق القيادة. لذلك، فالتقنية الأخيرة هي إعادة التواصل مع الجمهور من خلال تقديم قصة أو اقتباس مثال من الواقع يوضحان وجهة نظرك.
وحتى إذا لم يكن جمهورك خبيراً بمواصفات تقنية معينة، سيكون بإمكانهم فهم الفرق بين قطار "أمتراك" الإقليمي وقطار فائق السرعة. وسيساعدك اقتباس مثال من أرض الواقع على توضيح وجهة نظرك على نحو يفهمه الجميع (إذا سيحقق استثمار مليون دولار إضافي في قسم البحث والتطوير أداء "فائق السرعة"، فقد يكون ذلك عرضاً مغرياً للغاية).
يحرص المتحدث المؤثر على انتباه جمهوره عند إلقائه لخطابه. فإذا كنت ترغب حقاً بتثقيف جمهورك أو تعليمه أو إلهامه، فيجب عليك تعلم الطرق التي ستجذبه وتساعدك على استعادة انتباه الجمهور عند اللزوم. ومن خلال اتباع هذه الاستراتيجيات، ستتمكن من التغلب على أي مقاطعات أو مشتتات لتضمن أن رسالتك وصلت إلى جمهور كله آذان صاغية.
اقرأ أيضاً: