إنّ تحقيق أدنى قدر من الإنجاز خلال موسم الإجازات يبدو مهمة شاقة وشبه مستحيلة. فقد لا يصلح ترتيب اجتماع هام لأنّ المعنيين بالاجتماع غائبون في إجازتهم. ولا تعثر على بيانات أنت في أمس الحاجة إليها، لأنك لا تستطيع التواصل مع الموظف المسؤول عن ذلك. أو لن تتمكن من إنهاء العرض التقديمي لأن مديرك غير متوفر ليمنح الموافقة عليه. وهكذا يصبح وجودك في مكان العمل بلا جدوى ويتسلل إليك الإحباط حين تجد أنك الوحيد الذي يسعى لتسيير الأمور في الشركة.
لكن كيف يمكنك في حر الصيف وما يجلبه من شعور بالخمور والكسل أن تحافظ على حماستك في العمل وتحقق الفائدة من وقتك في المكتب؟ إليك ثلاث استراتيجيات يمكنك تذكرها في مثل هذه الحالات.
اتبع فكرة "العمل العميق"
يرى أستاذ علم الحاسوب في جامعة جورجتاون كال نيوبورت أنّ "العمل البسيط"، أي تلك الأعمال الرتيبة التي نقوم بها بلا بذل الكثير من الجهد الذهني، كالرد على رسائل البريد الإلكتروني مثلاً، يعد ضرورياً لتجنب الطرد من العمل. ولكنه يقول من جهة أخرى إنّ سرّ التفاوت بين الأشخاص في تحصيل النجاح المهني يكمن في القدرة على الانخراط في ما يدعوه هو "العمل العميق". يرسل الأشخاص المهنيون ويستقبلون 122 رسالة بالبريد الإلكتروني بالمعدل يومياً، وربما يبدو من الصعب تخصيص الوقت الكافي للعمل على المهام الأكثر أهمية، كتطوير استراتيجيات الذهاب إلى السوق، أو إطلاق بودكاست جديد. ولكن حين يكون الجميع في إجازاتهم، فإنّ عدد الرسائل الواردة ينخفض بشكل كبير، ما يمنحك الفرصة لتخصيص مساحات متواصلة من الوقت للتعامل مع مشاريع هامة كنت تؤجلها من قبل وهي ذات أهمية كبيرة لك على المستوى المهني.
حاول الانتهاء من المهام الصغيرة
إذا كنت تشعر بالكسل بعد استراحة الصيف ولا ترغب في الخوض عميقاً بالعمل، يمكنك استغلال وقتك باستراتيجية هي عكس الأولى، وذلك عن طريق تخصيص يوم أو يومين للانتهاء من بعض المهام الصغيرة التي كانت تعيق إنتاجيتك خلال العام. لدى كل واحد منا قائمة بالمشاريع التي ينبغي إنجازها، وهي تشتمل على مهام على قدر أدنى من الأولوية. يمكن أن تكون هذه المهمة مثلاً هي ترتيب مكتبك كي تتمكن من العثور على ملفاتك بشكل أسرع حين تحتاجها بدل تضييع الوقت كل يوم بالبحث بين أوراقك المبعثرة وأكوام الملفات على مكتبك. أو تكون في التدقيق في بعض تقارير النفقات التي يطالبك بها قسم المحاسبة منذ فترة، أو كتابة رسالة توصية لأحد المتدربين السابقين، أو تحديث ملفك الشخصي على موقع لينكدإن. صحيح أنّ هذه المهام لن ترقى لأهمية الجهود المركزة التي تبذلها على أولوياتك الاستراتيجية، ولكنك ما تزال تحتاج إلى الفراغ منها. فإن فقدت الحماسة للعمل بشكل مؤقت، فإنّ إتمام هذه المهام سيمنحك شعوراً بالإنجاز حين تجد أنّ كتيبة من المهام البسيطة سقطت عن قائمة واجباتك.
طوّر شبكة علاقاتك ومعارفك
إنّ توسيع قاعدة معارفك وعلاقاتك تعد من المهام ذات الأهمية لدى العديد من الناس، ولكنها لا تكون أولوية حين يشتد ضغط العمل. وحين يكون العديد من زملائك في إجازاتهم خارج المكتب، فإنّ هذا يعني أنّ عدداً أقل من العملاء يتوقعون تلقي رداً سريعاً على رسائلهم، كما أنّه لا أحد في المكتب يحسب لك كم تمضي في استراحة غدائك. قد تكون أيام الصيف بكسلها وخمولها الفرصة المثالية للتواصل مع زملاء آخرين داخل مؤسستك أو خارجها، وإن كان بعضهم ما يزال في المدينة فقد تجدهم منفتحين لتقبل فكرة اللقاء شخصياً والتعارف وجهاً لوجه. فهذه هي الفرصة لتعزيز علاقاتك وتحصيل معلومات جديدة عن السوق قد تساعدك على أن تكون أكثر فائدة وقيمة في نظر زملائك حين يعودون من إجازاتهم.
ربما يكون من المحبط أن تتلقى على كل رسالة ترسلها إجابة آلية تذكرك أنك أنت الوحيد الذي ليس في إجازة. ولكن ما تناله من تحمل المسؤولية أثناء غياب الآخرين هو تلك الفسحة الكبيرة من الوقت لأداء مهام جدية، أو ترتيب الفوضى التي كانت تعيقك عن الإنجاز في مكتبك، أو فرصة التواصل مع زملائك وبناء علاقات جديدة في السوق. هذه أمور يجدر القيام بها خلال العام، ولكن كثيراً ما يحول دون الانتهاء منها تلك الطلبات المستعجلة في خضم العمل.
لا شك أنك ستحصل على قدر أكبر من المتعة لو كانت الإجازة من نصيبك أنت، ولكن ما يزال في وسعك أن تجني بعض الفوائد أثناء حصول الآخرين على إجازاتهم.