فضائح شركتك ستطالك حتى لو لم تكن متورطاً فيها

3 دقائق

قبل بضع سنوات، أطلقنا أنا وفريقي برنامجاً لتطوير القيادات لصالح أحد الزبائن. ولكن قبيل إطلاق النسخة التجريبية من البرنامج، تعرضت الشركة إلى ضربة قوية جراء فضيحة هزتها. فقد افتضح أمر اثنين من المدراء التنفيذيين الفاسدين وقبض عليهما متلبّسين وهما يعبثان بمالية الشركة بينما اختفت ملايين الدولارات. وقد عصفت هذه الفضيحة بشركة كانت يوماً تعتبر من كبريات الشركات، ممّا لطخ سمعتها شر تلطيخ. وقد وجّه الاتهام قانونياً إلى هذين المديرين.

وعندما شرعنا بالبرنامج التجريبي بعد بضعة أشهر من هذه الحادثة، سرعان ما تحولت هذه الفضيحة إلى شيء لا يرغب أحد بأن يسأل عنه أو يسمع أي شيء عنه. كان من الواضح أن المشاركين بحاجة إلى منتدى للتعبير عن آرائهم الشخصية فيما يتعلق بهذه الأحداث. ومن جانبنا كنا نشعر بمقدار الغضب الكامن الذي يعتمل في صدورهم، وأدركنا أنه يتعيّن علينا مساعدتهم في تنفيس حالة الاحتقان هذه من خلال الحديث عنها علانية.

اعترف العديد من المشاركين بأنهم لم يشعروا بالحرج نتيجة عملهم لصالح الشركة. بينما قال آخرون إنهم كانوا يشعرون يوماً بالفخر بعملهم لدى هذه الشركة وبأنهم الآن يشعرون بالفراغ في دواخلهم. وكان هناك مجموعة أخرى من القادة، لديهم إحساس حقيقي بالاستياء والامتعاض، وكانوا يخشون من أن سمعة جميع قادة الشركة قد تلطخت سلبياً، عدا عن أنهم كانوا أصلاً قد رصدوا تغيّراً في العلاقات مع الزبائن والموردين. وبدا أن الثقة قد تآكلت.

لقد كانت العبرة التي خرجت بها من هذه التجربة هي أن جميع الموظفين قد تأثروا بالفضيحة. وقد لاحظت على مدار السنين أنه عندما تصل قصص الفضائح إلى وسائل الإعلام، فإن الاهتمام ينصب غالباً على القادة السيئين المتورطين – وفي بعض الأحيان قد يقتصر الأمر على الرئيس التنفيذي – أو يكون التركيز على تأثير تضرر سمعة الشركة على آفاقها المالية. فذكريات القصص المتعلقة بشركة "جنرال موتورز" غالباً ما تستهدف الرئيسة التنفيذية الحالية للشركة ماري بارا؛ أما النقاشات الخاصة بأخلاقيات شركة "أوبر" فإنها تطال عدداً قليلاً من المدراء التنفيذيين؛ وفي الماضي، فإن السجالات حول شركتي "إنرون" و"ليمان براذرز" ركزت على عدد قليل من الأطراف الأساسيين.

لكن الفضيحة تؤثر على جميع موظفي الشركة تأثيراً هائلاً. في الواقع، هناك بحث جديد يشير إلى أن أثر فضيحة ما أكثر أهمية بكثير مما يعتقده أي منا، خاصة على الموظفين ذوي المراتب الدنيا.

يطلق الباحثون على هذه الظاهرة اسم "تأثير العدوى المعنوية". في ورقة بحثية نشرت في مجلتي "علم النفس الاجتماعي" و"علم الشخصية البشرية"، بيّن كل من تاكويا ساووكا وبينوا مونان ما يحصل عندما يجد الأشخاص الجيدون والأخلاقيون أنفسهم مرتبطين بمؤسسات غير أخلاقية. فقد وجدوا في سلسلة من الدراسات، أنه وبغض النظر عن نوع الانتهاك المرتكب – سواء كان كذبة ترمي إلى تحقيق مكاسب شخصية مثل تضخيم شخص معين لأدائه للحصول على علاوة أكبر، أو كذبة تهدف إلى خدمة مصالح المؤسسة مثل الكذب على أحد الزبائن لتعزيز الإيرادات – فإن زملاء الشخص المرتكب للانتهاك لا يزالون واقعين في دائرة الشك للآخرين، حتى لو لم يعملوا مباشرة مع هذا الشخص.

وقد وجد كل من ساووكا ومونان تأثيراً أقوى لهذا النوع من العدوى المعنوية عندما يكون المرتكب من أصحاب المناصب القيادية. ففي هذه الحالة، كان يُنظر إلى زملائه بسلبية أكبر حتّى – ناهيك عن أن احتمال توظيف شركة أخرى لهم يصبح أقل – لمجرّد أنهم عملوا في الشركة نفسها.

المحزن في الأمر، هو أن هذا البحث من المرجح ألا يؤدي إلى تغيير في سلوك قادة الشركات الذين هم مصدر الفضيحة. فهؤلاء القادة هم بطبيعتهم إما أنانيون جداً لا يهتمون كثيراً بمن يتأذى من سوء أفعالهم؛ أو هم أشخاص حمقى لا يتوقعون أبداً أن يُفتضح أمرهم؛ أو هم أشخاص غير أخلاقيين لا يفهمون لماذا يعتبر ما يفعلونه خاطئاً. لذا، فإن الطلب إلى هؤلاء القادة بأن يفكروا في الأضرار الجانبية التي ستلحق زملائهم في العمل هو بالأصل طلب غير منطقي ببساطة.

ولكن في القصص الخاصة بمعظم فضائح الشركات ستجدون حالات وقف فيها الأشخاص الجيدون موقف المتفرج ولم يفعلوا شيئاً أو لم يحركوا ساكناً وهم يرون الأشخاص السيئين يغشون الآخرين، أو يسرقون المال منهم، أو يهددّونهم، أو يحتالون عليهم. هل سيقنعهم هذا البحث برفع صوتهم عالياً عند وقوع أدلة على سلوك غير أخلاقي أو حتى غير قانوني في أيديهم؟

في بعض الأحيان، يمكن حتى للقادة الجيدين إقناع أنفسهم بأن دق ناقوس الخطر تجاه تصرفات أحد زملائهم ليس من مسؤوليتهم. ولكن كما يوضح البحث المذكور أعلاه، فإنك إذا امتنعت عن دق ناقوس الخطر، على الأرجح سوف تتلطّخ بالمقدار نفسه مثل أولئك الذين ارتكبوا تلك الأفعال الخاطئة.

بالنسبة لأي قائد، لا يكفي أن يتحلى هو شخصياً بالأخلاق. بل يجب عليه التأكد من أن زملائه أخلاقيين. إذا لم يكن فعل الشيء الصائب دافعاً كافياً بحد ذاته، فليتذكّر بأن سلوك هؤلاء السيئين سيؤذي سمعته.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي