ثمة ضجة هائلة حول الذكاء الاصطناعي وقدرته على تحويل الأعمال. ولا تعتبر المبيعات استثناء لهذا. فالذكاء الاصطناعي في المبيعات مرتبط في الغالب بالبيع عبر الإنترنت في شركات مثل "أمازون" و"نتفليكس". وأفادت مجموعة مقالات في الآونة الأخيرة عن قفزة صاروخية في العائد على الاستثمار الخاص بالذكاء الاصطناعي المصمم لتعزيز أداء فرق المبيعات الميدانية والداخلية. ومن كل قصص النجاح، يمكن للمرء أن يخلص إلى أن معظم فرق المبيعات في طريقها إلى تحقيق قيمة من الذكاء الاصطناعي، وأن الطريق معبدة لذلك.
استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال المبيعات
والحقيقة هي أنّ عدداً قليلاً فقط من فرق المبيعات تستخدم الذكاء الاصطناعي بنجاح. فبعض فرق المبيعات عالقة في جهود تمتد على مدار سنوات متعددة لبناء أنظمة لم تر النور بعد. ولم يتخذ معظمها الخطوة الأولى.
انظر في أحد التطبيقات الرئيسة للذكاء الاصطناعي في المبيعات والتي تهدف إلى زيادة إنتاجية مندوبي المبيعات في العثور على العملاء واكتسابهم وتحقيق الدخل منهم. (هناك العديد من التطبيقات الأخرى، لكننا سنركز على هذا التطبيق). يَعد الذكاء الاصطناعي بمساعدة مندوبي المبيعات في توليد بيانات فرص مبيعات أعلى جودة والتركيز عليها وتكوين رؤى حول احتياجات العملاء وتفضيلاتهم وتنسيق عملية البيع مع القنوات الأخرى ذات الصلة (مثل المؤسسات العاملة بالاتصال بالإنترنت والمؤسسات الشريكة) والعثور على فرص البيع المتقاطع والارتقاء بالمبيعات، إضافة إلى منع انتقال العملاء إلى مؤسسات أخرى، وأكثر من ذلك. وكانت النتائج المبلغ عنها مثيرة للإعجاب مثل ارتفاع المبيعات وانخفاض التكاليف وتحسن مكاسب الإنتاجية بصورة كبيرة وكذلك تحسن بيئة المبيعات.
تحديات استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي من قبل فريق المبيعات
وتُعتبر إمكانات الذكاء الاصطناعي لتطوير عملية البيع ضخمة وتُعد الفوائد حقيقية. لكن قصص النجاح التي تقرأ عنها نادراً ما تقدم رؤية كافية حول التحديات التي يتعين على الشركات التغلب عليها لتحقيق هذه الفوائد. وإليك أربعة تحديات رئيسة إلى جانب بعض الحلول المدهشة والمفاجئة في كثير من الأحيان.
تخصيص فريق متعدد الوظائف وتنسيق العمل بين أعضائه
يتطلب إدخال نماذج الذكاء الاصطناعي إلى الحياة وجود وظائف جديدة تتمتع بمجموعات معينة من المهارات. يؤدي أعضاء الفريق المتخصصون في المبيعات دوراً حاسماً في توجيه فريق المبيعات وتحديد المنتجات وتوصيف احتياجات العملاء. ويحتاج الفريق إلى خبراء في البيانات الكبيرة وعلماء في البيانات ومهندسين للتعلم الآلي وغير ذلك. ولتجميع كل هذه العناصر معاً، يحتاج الفريق أيضاً إلى عنصر ربط - أي إلى شخص يفهم كلاً من المبيعات والتكنولوجيا.
وعادة ما تكون فرق الذكاء الاصطناعي المتعددة المهام هذه أكثر فاعلية عندما تنبثق من الجهود المبذولة على مستوى القاعدة وليس من خلال توجيهات من الأعلى إلى الأسفل. مثلاً، عندما طورت إحدى شركات التكنولوجيا نظاماً للذكاء الاصطناعي لأحد فرق المبيعات لديها، جاء رائد المشروع من فريق المبيعات. وكان هذا الشخص قد عمل على غرس الإيمان والهدف المشترك في أهمية الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مضمار المبيعات، وكون فريق عمل يضم أكثر من 50 شخصاً من خمس وحدات عمل مختلفة.
دمج البيانات من مصادر متنوعة
تعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على كميات هائلة من البيانات. وتكون بعض البيانات مهيكلة (مثلاً، المعلومات السكانية وتاريخ الشراء) وبعضها غير مهيكلة (مثلاً، الكلمات الواردة في رسائل البريد الإلكتروني أو التسجيلات الصوتية). ومن الصعب تجميع هذه البيانات بغض استخدامها لمرة واحدة فحسب. وقد يكون إنشاء العمليات اللازمة لتحديث البيانات باستمرار أمراً شاقاً ومستهلكاً للوقت ومكلفاً.
لحسن الحظ، يمكن للذكاء الاصطناعي العمل على بيانات غير كاملة أو ناقصة، بشرط أن تكون البيانات خالية من التحيز المنهجي. وفي الواقع، يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين جودة البيانات، مثلاً من خلال توقع القيم المفقودة أو تحديد الأخطاء المحتملة. فلا تدع الكمال يقف حجر عثرة أمام إتمام العمل الحسن.
أراد أحد الفنادق استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الوصول إلى العملاء. وامتلك الفندق قواعد بيانات منفصلة لتتبع العملاء أصحاب مستويات الإنفاق العالية في الفنادق لاسيما إنفاقهم على الطعام والمشروبات والترفيه. وتوقع الفندق أن دمج كل هذه البيانات يحتاج بشكل تقديري إلى ستة أشهر من العمل، وحتى عندئذ سيكون قد اكتمل جمع 95%فقط من البيانات. لذلك، اختار الفندق التركيز على مجموعة فرعية من البيانات. وفي غضون أسبوعين، كانت لدى الفندق قاعدة بيانات متكاملة ومكتملة بنسبة 55% ويمكن تحديثها كل شهر. ومن خلال البدء بالبيانات الجزئية، حصل الفندق على العديد من الرؤى بسرعة.
تحقيق القيمة بسرعة
من البديهي أن ينطوي تنفيذ الذكاء الاصطناعي المعقدة على تصميم واختبار سريعين ومتدرجين ومتكررين، مع ضرورة تقديم ملاحظات مستمرة من فريق المبيعات. ومع ذلك، نرى في شكل متكرر مؤسسات تحاول بناء أنظمة شاملة لا يفحصها مندوبو المبيعات والعملاء الذين يمكنهم الاستفادة منها في شكل كاف. وغالباً ما يكون الخطأ قاتلاً. ويكون النظام الناتج عبئاً بنظر مؤسسة مبيعات متشككة تتطلع إلى رؤية قيمة ملموسة قبل استثمارها في تغيير طريقتها في البيع. ويجب أن يتضمن تنفيذ الذكاء الاصطناعي سلسلة من دورات التطوير السريعة وليست الماراثونية.
لقد عزت شركة للتكنولوجيا الحيوية نجاحها في تطبيق الذكاء الاصطناعي إلى قرارها بالبدء على نطاق صغير. ودعت الرؤية الأوسع نطاقاً للشركة إلى تطوير تطبيق من شأنه اقتراح إجراءات للمبيعات ومحتوى ورسائل للوصول إلى العملاء عبر قنوات متعددة للمبيعات. وبدأ الإطلاق بقناة مبيعات واحدة. وبُنى التطبيق على تطور النجاحات المبكرة لإثبات قيمة هذا النهج قبل توسيع البرنامج على نطاق أكبر.
تبني مندوبي المبيعات تقنيات الذكاء الاصطناعي
يختلف مستوى استيعاب مندوبي المبيعات وتقبلهم لأي أداة أو تقنية جديدة خاصة بالمبيعات. فكثيرون من مندوبي المبيعات يشككون بطبيعة الحال في الوعود الجريئة للذكاء الاصطناعي.
وتشجع العديد من الاستراتيجيات على اعتماد مندوبي المبيعات لأدوات الذكاء الاصطناعي. بداية، تأكد أن الأدوات تتوافق مع كيفية تنفيذ مندوبي المبيعات لأعمالهم اليومية، ثم قدم رؤى حول سير العمل الطبيعي. وقدم تفسيرات للتوصيات الموجه بالذكاء الاصطناعي. مثلاً، "من المرجح أن يشتري هذا العميل هذا المنتج لأن عملاء آخرين لديهم أنماط شرائية مماثلة قد اشترته في نهاية المطاف". كما يجب تشجيع مندوبي المبيعات على تقديم ملاحظات حول تلك التوصيات. مثلاً، "هل كانت التوصية مفيدة؟ وإذا لم تكن كذلك، فلم لا؟ هل انتهيت من معالجة هذا الأمر بالفعل؟ أو، ألم تكن الفكرة جيدة؟". تساعد تعليقات مثل هذه في تحسين نظام الذكاء الاصطناعي، لكن الأهم من ذلك أنها تجعل مندوبي المبيعات شركاء في بناء الأدوات.
يمكن أن يكون للذكاء الاصطناعي أثر كبير في المبيعات، ويمكن أن تكون الفوائد المحتملة التي تقرأ عنها ممكنة. لكن لا تقلل من الوقت والجهد المطلوبين لتحقيق ذلك. ومن خلال البدء بأشياء بسيطة، والحفاظ على رشاقة التطبيق، وإشراك الفريق المناسب، سترى النتائج.
اقرأ أيضاً: