يعمل مندوبو المبيعات بفعالية أكبر عندما يتوفر طاقم الدعم المناسب معهم. فكم هو بالضبط عدد موظفي الدعم الذي تحتاجه شركة ما، وكيف يجب هيكلة هذا الفريق؟ وماذا عن فرق المبيعات وأدوار الدعم؟ سنسمي المبدأ الذي يحكم هذه المسألة مبدأ الاعتدال: إذا وفرت عدداً قليلاً جداً من عناصر الدعم، فلن يتمكن مندوبو المبيعات من إنجاز عملهم جيداً، وإذا كان عدد عناصر الدعم كبيراً جداً، فإنك ستهدر المال. عليك إذاً توفير العدد المناسب من عناصر الدعم وستؤدي جهودُ البيع إلى المزيد من الإنتاجية والنمو.
استطعنا من خلال النظر في البيانات التفصيلية للمبيعات لأربعين شركة من شركات قطاع التكنولوجيا أن نحدد المبادئ التوجيهية لعدد ونوعية عناصر دعم المبيعات وإدارتها. وتشمل هذه البيانات كل المناصب التي لا تخضع لنظام الحصص في المؤسسة، مثل الدعم المخصص لمناصب التعامل المباشر مع العملاء، وعمليات المبيعات وتدبيرها، وإدارتها.
وبعد تقييم عيّنة هذه الشركات المتخصصة في إنتاج أجهزة الحاسوب، والآلات والتجهيزات الصناعية، وتقنيات المعلومات والتواصل، وجدنا فرقاً شاسعاً في حجم فرق دعم المبيعات التي توظفها هذه المؤسسات. كما تتباين أيضاً على نطاق واسع فعالية أقسام المبيعات التي تم قياسها بناء على العائد على الاستثمار المحصل من المبيعات (الهامش الإجمالي مقسوماً على هامش تكلفة المبيعات)، حيث تحقق أفضل 25% من الشركات التي حللنا نتائجها عائداً على الاستثمار من المبيعات يفوق مرتين ما تحققه أسوأ 25% منها. وتتوفر أفضل الشركات أداء على مستوى دعم للمبيعات أعلى بنسبة 30% من باقي الشركات الأخرى.
أساسيات فرق دعم المبيعات
يتوقف تحقيق الهيكلة والمعدل المناسبين لفرق دعم المبيعات على أربعة أمور:
بلوغ العدد المثالي من موظفي دعم المبيعات
لقد وجدنا أن تخصيص ما بين 50% إلى 60% من موظفي المبيعات لمهام الدعم هو الأفضل. وتخصص العديد من الشركات ذات العائد المنخفض على الاستثمار أقل من 30% من طاقم المبيعات لمهام الدعم. لكن توفر عدد أكبر من عناصر دعم المبيعات له تأثير سلبي على العائد على الاستثمار المحصل من المبيعات لأنه يرفع ببساطة الكلفة الأساسية دون أن يقدم دعماً إضافياً للخطوط الأمامية. فأغلب الشركات التي تخصص ما بين 60%-80% من طاقمها للدعم جاءت في أدنى قائمة 75% من الشركات حسب العائد على الاستثمار المحصل من المبيعات.
النسبة الممتازة من الشركات التي تخصص عدد موظفين للدعم يتراوح بين 50% و60% من فريق المبيعات تحقق عائداً عالياً على الاستثمار.
يمكن أن تستفيد كفاءة المبيعات من المستويات العالية للدعم بطريقتين: أولاً، يحرر الدعم موظفي المبيعات في الخطوط الأمامية ليصبحوا أكثر إنتاجية. لقد جنى مندوب المبيعات العادي في إحدى أفضل الشركات التي حللنا نتائجها صافي عائدات للمبيعات يقدر بـ 5.7 ملايين دولار، في حين حقق المندوب العادي في الشركات الأخرى 1.7 مليون دولار فقط. ثانياً، إن الشركات التي تمتلك العدد المثالي من عناصر الدعم تتمتع بكفاءة أكبر على مستوى تخفيض الكلفة بالنسبة لمؤسسة المبيعات بالكامل نظراً لأن أفراد طاقم الدعم غالباً ما يتقاضون أجوراً أقل من مندوبي المبيعات الذين يعملون في الخطوط الأمامية. وأظهرت تحليلاتنا أن أفضل الشركات تحقق معدلاً أقل في كلفة موظفي المبيعات بنسبة تصل إلى 15% مقارنة بنظيراتها.
تشكيل فريق دعم المبيعات المناسب
لا يقل شكل فريق دعم المبيعات أهمية عن حجمه. لقد وجدنا أن أكثر الجوانب أهمية هي مستويات العمليات والدعم الإداري. فالشركات التي تحقق أفضل أداء على مستوى المبيعات لديها تقريباً العدد نفسه من موظفي الدعم المباشر مع الزبائن الموجود لدى نظرائها (30%)، لكنها تمتلك في المقابل ضِعف ما يمتلك نظرائها من موظفي دعم العمليات والجوانب الإدارية (27% في أفضل الشركات مقابل 12% في نظرائها).
تقع عمليات البيع والدعم الإداري أحياناً ضحية الطموح المفرط في جهود توفير الكلفة، لكنها تبقى مسائل ثمينة لأنها تمَكن الخطوط الأمامية وموظفي ما قبل البيع من قضاء المزيد من الوقت مع العملاء والتركيز على المبيعات والنمو.
ضبط نسبة الموظفين غير المدراء بالمقارنة مع المدراء
تظهر تحليلاتنا أن الشركات ذات الأداء الأعلى لديها 8 موظفين لكل مدير، في حين كانت النسبة في نتائج الشركات ذات الأداء الأدنى إما أكثر من 10 موظفين لكل مدير أو أقل من 5 موظفين لكل مدير.
وعند الإشراف على أكثر من 10 أشخاص تنخفض قدرة المدير على الإدارة الفعالة لطاقم المبيعات، ما يؤدي إلى انخفاض العائد على الاستثمار. ومن جهة أخرى، إن إدارة عدد من الموظفين يقل عن أربعة أشخاص يؤدي إلى ارتفاع التكلفة (لأنه يعني دفع رواتب أعلى للمدراء).
استعمال الأدوات الرقمية يجعلك "رشيقاً" خلال كل مراحل عملية المبيعات
لقد أظهرت خبرتنا أن رفع فوائد دعم المبيعات إلى أقصى حد يتطلب من الشركات التركيز على بناء مؤسسات سريعة التحول تكون فيها بعض أنشطة الدعم مؤتمتة أو مبسطة أو متوقفة بالكامل.
يمكن للشركات على سبيل المثال تطبيق تقنيات تحليلية متطورة، مثل نمذجة الميل إلى الشراء واستهداف الأسواق الكلية، لمساعدة طاقم دعم المبيعات على التعامل مع تأهيل العملاء المحتملين بطريقة أكثر فعالية. كما تعتبر رقمنة تخطيط المبيعات أيضاً فرصة كبيرة لتحسين العمليات. لقد قامت إحدى الشركات العالمية المتخصصة في التكنولوجيا الفائقة برقمنة عملية تخطيط مبيعاتها وخفضت تكاليف التخطيط بنسبة تتراوح ما بين 20-25% مع نمو في الإيرادات بنسبة 5% بفضل دقة أعلى في هذا التخطيط. ويمكن أن تؤدي رقمنة أنشطة الدعم إلى تحسين عملية إسناد مناقصات المبيعات للمندوبين المناسبين وتخفيض المدة المطلوبة التي يتم تخصيصها لكل مناقصة بنسبة 50%.
وعندما تحقق شركة ما هذه الأمور الأربعة، فإن النتائج تتحدث عن نفسها. لقد شهدت إحدى الشركات الأوربية المتخصصة في ترويج منتجات إلكترونية لعلامة تجارية عالمية نتائج باهرة عندما انخرطت في تحسين معدلات التوظيف في طاقم المبيعات ورقمنة عمليات دعم المبيعات. وقبل هذه المبادرة كان مندوبو مبيعات هذه الشركة يعانون من قلة الوقت المخصص للبيع الفعلي. إذ كانت 70% من جهودهم مخصصة للمهام الإدارية والمكتبية، كما لم يكن هناك هيكل موحد لدعم المبيعات وإدارتها. وكانت أغلب أنشطة دعم المبيعات تُنجز بشكل منفصل وغير متسق مع كل بلد على حدة، ما نتج عنه غياب التوحيد القياسي وتكرار أنشطة المناقصات والعروض.
ولتغيير هذا الوضع عدلت الشركة وظائف دعم المبيعات والإشراف الإداري لتناسب المعدلات المثالية التي حددناها. ثم أنشأت قيادة المبيعات مركزاً أوربياً مشتركاً للخدمة وأنشطة موحدة مثل معالجة الطلبات، والتحقق من الرصيد، وتسجيل الرخص، وإدارة حسابات المبيعات، وإصدار الفواتير. بينما تم الإبقاء على بعض الأنشطة في مكاتب البيع المحلية لتكون قريبة من العملاء نظراً لأنها تتطلب تعاملات معقدة مع العملاء أو تتطلب أوقات إنجاز سريعة، مثل تأهيل العملاء المحتملين وإدارة النزاعات وإدارة نقاط قوة المبيعات. وزادت المدة الزمنية المخصصة لأنشطة البيع المباشرة للعملاء بنسبة تتراوح من 30% إلى حوالي 50%.
وجاءت النتائج في شكل إيرادات إضافية وتكاليف مخفضة. وعرفت الشركة زيادة ما بين 5 و10% في نسب الربح بفضل تحسن رضا العملاء، وحققت انخفاضاً بنسبة 40% في المدة الزمنية اللازمة لعقد الصفقات. بفضل تجميع المهام في المركز المشترك للخدمات وملاءمة الأدوات وأنظمة تكنولوجيا المعلومات لمتطلبات الأسواق، تم تخفيض تكاليف عمليات البيع بنسبة 30% وتسجيل تحسن متواصل في الإنتاجية السنوية بنسبة تتراوح ما بين 2 و3% خصوصاً في أنشطة الخطوط الأمامية.
يعتبر موضوع فرق المبيعات وأدوار الدعم أمراً أساسياً، ولا يمكن أن تأمل الشركات في تحقيق النمو الأكبر من وراء مؤسسات البيع إلا بإرساء وتحسين الأنواع المناسبة من الدعم ومستوياته.