ملخص: يُعد تحقيق "توافق الغايات"، أي المواءمة بين رسالة الشركة وأهداف كل موظف من موظفيها، من ركائز نجاحها. وعوضاً عن فرض الشركة لرسالة موحدة، ينبغي لها تعزيز بيئة عمل تتناغم فيها الأهداف الشخصية وأهداف الشركة. ولتحقيق هذا التقارب، تُنصح الشركة بما يلي: 1) تيسير التعرف على أهداف الموظف خلال مرحلتي التوظيف والإلحاق بالعمل. 2) تشجيع التعريف بالأهداف لمزيد من التعاون ولتحديد الأهداف المشتركة. 3) تشجيع "تكامل الغايات" من خلال صياغة أدوار كل منصب بما يوفق بين طموحات الموظفين وطموحات الشركة. 4) تنفيذ آلية "تذكير بالغايات" في الأنشطة المعتادة. من خلال إضفاء طابع شخصي على رسالتها، تعزز الشركة الإنتاجية وترفع مستوى الرضا الوظيفي، بما يعود بالنفع عليها وعلى موظفيها.
فالغاية ركن جوهري؛ للشركة وللموظف على حد سواء. تؤكد العديد من الشركات الكبرى، مثل جوجل وشيفرون، على وضوح رسالتها بما يبرز أهمية أهدافها، ولكنها لا تولي الأهمية نفسها للهدف الشخصي لكل موظف.
فمن المهم للشركة أن توفق قدر الإمكان بين رسالتها وأهداف الموظف، وصولاً إلى ما نسميه تطابق الغايات. ولا نعني بذلك فرض رسالة شركتك على صغار الموظفين، مثل أب يجبر طفله على تناول الخضروات. هنا يحدث ما يسمى بـ "التجانس القسري"، الذي ربما يؤدي إلى مزيد من "التفكير الجمعي" والحد من الإبداع والتنوع. ولكن المراد من "تطابق الغايات" هو تشجيع بيئة يتعايش فيها هدف الموظف في تناغم مع رسالة الشركة، فيعزز كل منهما الآخر في أغلب الحالات.
وحتى تحقق الشركة تطابق الغايات، عليها أن تشجع الموظف على تبني رسالتها؛ أي أن يكون له رأي في أسلوب تنفيذها في مهامه اليومية وكيفية دمجها مع هدفه الشخصي. ولكن، ينبغي أن يجد الموظف تشجيعاً من الشركة ودعماً في سعيه لتحقيق هدفه الشخصي، دون أن تكون رسالة الشركة عائقاً أمامه. وهو ما يعني أن تطابق الغايات يستدعي زيادة التركيز على المواءمة (بين رسالة الشركة والهدف الشخصي) والتنوع (تمكين الموظف من تعزيز غايته)، بما ينطوي عليه ذلك من تناقض. وبقدر ما يتوافق هدف الموظف مع رسالة الشركة، تُلبى احتياجات الطرفين، ويتحقق النجاح لكليهما.
من هذا المنطلق، نرى أن هناك فرصة كبيرة لمساعدة الموظف على تخصيص هدفه بدرجة أفضل في أنشطته اليومية، علاوة على مزيد من التوضيح لرسالة الشركة (وهو ما تحقق لعديد من الشركات فعلاً). وللشركات أن تكون أكثر تفهماً وجديةً في تيسير سعي الموظف لتحقيق هدفه الشخصي من عمله، وتنمية شعوره بأن هدفه يتطابق مع رسالتها.
إليك أربع توصيات لتبني نهج ذي صبغة شخصية أعمق بغية تحقيق رسالة شركتك:
تمكين الشركة من التعرف على أهداف موظفيها
خلال إجراءات التوظيف، بدايةً من اختيار الموظف، وانتهاءً بخطوات إلحاقه بالعمل، على الشركة أن تفصح لموظفها الجديد بوضوح عن التزامها دعمه في تحقيق هدفه الشخصي من الانضمام إليها. وعلاوة على صراحة بيانات الشركة في هذا الشأن، امنحه وقته الكافي واستقلالية تفكيره لتحديد هدفه الخاص، وكيف يتسنى له ربطه برسالة الشركة. لك خلال مقابلات التوظيف أن تخصص وقتاً لمناقشة ما يريده المرشح من وظيفته، وتوخى أن تكون أسئلتك بعيدة قدر الإمكان عن الإجابات التي تدرب عليها مسبقاً. ولك أن تمنح الموظف خلال أوقات التدريب الأولي وقتاً للتفكير في الطريقة التي يمكن بها لوظيفته أن تعزز شعوره بوجود غاية لحياته. ساعده في التفكير بعمق في هذا الجانب.
تشجيع الموظفين على تبادل التعريف بأهدافهم
بينما يحدد الموظف هدفه الشخصي من العمل ويعمل على تطويره، شجعه على مشاركة هدفه مع زملائه ورؤسائه ومرؤوسيه. عندئذ، يتعزز التواصل بين الموظفين متماثلي الأهداف والدوافع ويتحسن التعاون فيما بينهم. كما يؤدي تحديد التفضيلات المبنية على الأهداف إلى إيجاد فرص وتحديد مهام عمل مناسبة أو أنسب.
وبطبيعة الحال، تكون تلك المشاركة غير رسمية، ولكن من المناسب كذلك أن تعقد ورش عمل لمجموعات صغيرة من الموظفين أو تنفذ تدريبات بناء فريق عمل حيث يتاح لأفراد الفريق في الإدارات المختلفة أو ما بين الإدارات التفاعل مع الزملاء لاستيعاب وجهات نظرهم حول رسالة الشركة وغايتها وأهدافهم الشخصية، والبحث معاً عن سبل تطوير السعي إلى تحقيق تلك الأهداف في مهام العمل اليومية. بالإضافة إلى ذلك، بوسعك تحويل المناقشات حول الأهداف الشخصية في العمل إلى جزء روتيني من الحوار بين الموظفين ومن يشرف عليهم، وموضوعاً رسمي الطابع يجري تناوله في اجتماعات مراجعة الأداء الدورية مع المدراء. وانتبه إلى أن محور هذه الجهود هو اعتقاد أساسي بأن الشركة ملتزمة بجدية تجاه مساعدة كل موظف في تحقيق هدفه.
تيسير سبل تكامل الغايات
لكي تستمر أي علاقة عمل، يجب على كل من الشركة والموظف تحقيق منفعة متبادلة. وعلى الموظف مساعدة شركته في تحقيق رسالتها أو غايتها، وللشركة أن تساعد موظفيها في تحقيق أهدافه. فالنموذج المثالي هو ذلك الذي نجد فيه الموظف قادراً على دمج رسالة الشركة في هدفه الشخصي. وحتى تيسر تطابق الأهداف، وتتمكن من توظيف الأفراد الأنسب، تعاون مع موظفيك في وضع أو تطوير التوصيف الوظيفي لكل منهم، أي قائمة مهامه وواجباته ومزايا وظيفته، بطريقة توفق رسالة الشركة مع واجبات كل منهم وتسمح لهم بالسعي إلى تحقيق أهدافهم في الوقت نفسه.
وربما تكون بداية هذا التعاون حواراً بسيطاً حول سبل توافق مهام الموظف في مشروع معين مع هدفه الشخصي وأهداف المشروع. ومن الممكن تحديد الأنشطة ذات التأثير القوي والتي تحقق الهدف الشخصي للموظف، ومن ثم جعلها أولوية. والقصد هنا أن يتعاون المدراء والموظفين في دمج الأهداف الشخصية ورسالة الشركة في قوام المهام اليومية للوظيفة، وإيجاد روابط فعلية بين المسؤوليات اليومية وما يريد الموظفون إحداثه من تأثير تكون من نتائجه تحقيق أهدافهم.
تطبيق آلية تذكير بالغايات
من الطبيعي أن تتزايد أهمية الهدف طالما أصبح في قمة الأولويات ومحور التفكير. ابحث عن سبل تذكير الموظفين بأهدافهم ورسالة شركتك وامنحهم المجال والوقت للتفكير فيها. ويمكنك إدراج آلية التذكير هذه لتكون بنداً رسمياً في مراجعات الأداء، وخطوات تحديد الأهداف، وخلال اجتماعات فرق العمل، وحوارات التوجيه، ومراجعات تنفيذ مشروع أو مهام بعينها. ساعد الموظف عند تحديد غايات منشودة أو صنع قرارات رئيسية، على سبيل المثال، في التفكير في سبل توافق تلك الغايات والقرارات مع قيمه وأهدافه الشخصية. فطالما تذكر الموظف هدفه وفكر فيه بينما يعمل، يمتلك حافزاً أقوى ويحقق إنتاجية أكبر ويرتفع مستوى رضاه الوظيفي.