4 عوامل تنبئ بنجاح الشركة الناشئة وعامل واحد ينبئ بالعكس

5 دقائق
عوامل نجاح الشركات الناشئة

كيف تنجح شركات رأس المال المغامر (الجريء)؟ تأتي بعض البيانات الأكثر إثارة للاهتمام فيما يتعلق بهذا السؤال من تحليل نشرته شركة رأس المال المغامر (الجريء) "فيرست راوند كابيتال" (First Round Capital) في 2015. حيث تضم مجموعة البيانات الفريدة التي جمعتها الشركة معلومات حول أكثر من 300 شركة وما يقرب من 600 مؤسس، وتحوي بيانات عن المؤسسين مثل: العمر، والنوع، والتعليم، وموقع الشركة، والأعمال السابقة، والخبرة في الشركات الناشئة. وقد وجدت الدراسة حول عوامل نجاح الشركات الناشئة عدة عوامل مرتبطة بالنجاح، بعضها مطمئن وبعضها مفاجئ.

أولاً: معظم الشركات الاستثمارية عالية الأداء تضم على الأرجح امرأة واحدة على الأقل بين مؤسسيها. وهذا لا يثير الدهشة بالنظر إلى الأبحاث الأخرى التي أجريت حول أداء الفرق المختلفة، ويعد تذكرة في وقتها بأهمية زيادة ريادة الأعمال بين النساء، كما تذكّر المغامرين برأس المال بالفرصة التي قد تضيع منهم باستمرارهم في تمويل الذكور فقط بنسب غير متساوية مع غيرهم. كما توضح البيانات أن المؤسسين الأصغر سناً، والمؤسسين من ذوي الخلفيات التعليمية المرموقة أو الخبرة السابقة في شركات التكنولوجيا الكبرى، غالباً ما يكونون أكثر نجاحاً. وهناك دليل على أن نجاح الشركات الناشئة يتّسم بتنوع جغرافي، وليس حصراً في وادي السيليكون، حيث تتزايد الآن الاستثمارات الجيدة القادمة من مراكز التكنولوجيا المزدهرة في تكساس ونورث كارولينا.

عوامل نجاح الشركات الناشئة

هناك بعض التحفظات بالتأكيد، ونوضحها فيما يلي بالترتيب. العلاقة الترابطية ليست علاقة سببية: حقيقة تشارك الاستثمارات الناجحة في بعض النقاط قد تعني وجود علاقة سببية أو قد تعكس أهمية بعض المتغيرات الخفية. فرأس المال المغامر يعد بدرجةٍ كبيرة تدريباً على الحدس ومطابقة النمط. ورغم أن هذا النوع من البيانات ليس حكماً مطلقاً، فإن بإمكانه تقديم المعلومات الكافية للخروج بهذه الأحكام في حدود مساعدة المستثمرين في تحديد ما يرتبط بالنجاح. وقد تحدثت إلى شركة "فيرست راوند" عن بحثها، وجمعت هذه الرؤى بخبرتي كباحث في مجال التكنولوجيا وريادة الأعمال لأدرس ما تعنيه هذه النتائج لريادة الأعمال.

تجاوز أداء الشركات الناشئة المؤسَسة من قبل نساء الفِرق التي تضم ذكوراً فقط. حظيت مسألة النوع في ريادة الأعمال مؤخراً بمزيد من الانتباه المستحق. على مستوى العالم، يبلغ عدد رواد الأعمال من الرجال ضعف عدد النساء، إلا أن عدد رائدات الأعمال يتزايد بسرعة. وعلى الرغم من أن الشركات المؤسسة من قبل نساء تمثل نسبة أكبر من المتوسط في استثمارات شركة "فيرست راوند" على مستوى الدولة، فإن نسبة الشركات الناشئة التي تضم امرأة واحدة على الأقل بين مؤسسيها تبلغ 18% تقريباً من المشاريع الجديدة المدعومة برأس المال المغامر في الولايات المتحدة، ولهذا نجد أن هذه الشركات لا تزال تحظى بالعدد الأقل من الاستثمارات.

إلا أنه وفقاً لبيانات "فيرست راوند"، فإن الاستثمارات في الشركات التي تضم على الأقل امرأة واحدة بين مؤسسيها، فاق أداؤها بدرجة كبيرة أداء الاستثمارات في الفرق المكونة من ذكور فقط. ففي الواقع، قدمت الشركات التي تضم امرأة بين مؤسسيها أداءً أفضل بنسبة 63% من الاستثمارات في الفرق المؤسسة المكونة من ذكور فقط. (لأغراض هذا التحليل، يشير الأداء إلى التغير في القيمة السوقية بين استثمار "فيرست راوند" المبدئي وفي نهاية 2014). بين أعلى 10 استثمارات على الإطلاق قامت بها "فيرست راوند"، ثلاثة منها تضم على الأقل امرأة واحدة بين مؤسسيها، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة النساء المؤسسات في مجال التكنولوجيا في مجموعة البيانات، وذلك وفقاً للقيمة المحققة للمستثمرين. بصيغة أبسط، النساء رائدات أعمال بارعات ويجب تمويل المزيد منهن.

أداء فرق المؤسسين الأصغر سناً يفوق أداء الأكبر سناً. تناول البحث أيضاً عمر المؤسس وتعليمه وخبرته. يبلغ متوسط عمر رائد الأعمال حوالي 40 عاماً، وهناك ما يدعونا للاعتقاد أن رواد الأعمال يتحسنون بتقدمهم في العمر. لكن ماذا عن "فيسبوك" و"آبل" و"جوجل" و"مايكروسوفت"؟ كان متوسط عمر المؤسس في هذه الشركات 23 عاماً تقريباً. فيمكننا القول إن مجال التكنولوجيا يفضل الشباب، وهو ما تؤكده محفظة "فيرست راوند" الاستثمارية. حيث كان أداء الفِرق المؤسسة بمتوسط عمر تحت 25 عاماً (عندما استثمرت فيها "فيرست راوند") يفوق أداء متوسط الاستثمار بنسبة تبلغ 30%. ورغم أن متوسط عمر جميع المؤسسين المدعومين من قبل "فيرست راوند" هو 34.5، فإن متوسط العمر في أعلى 10 استثمارات هو 31.9. ففي قطاع التكنولوجيا، لا غنى عن رواد الأعمال الشباب كعامل أساسي لتحقيق النجاح.

قدم المؤسسون من خريجي الجامعات المرموقة أداءً أفضل. يتساءل بعض رواد الأعمال والمستثمرين البارزين مثل بيتر ثيل (Peter Thiel)، عن قيمة التعليم العالي في مجال ريادة الأعمال، خاصةً أن الكثيرين من المؤسسين المشاهير، مثل بيل غيتس (Bill Gates) ومارك زوكربيرغ (Mark Zuckerberg)، تركوا الجامعة دون أن يتموا تعليمهم. لذا درست "فيرست راوند" أثر الجامعة التي تخرّج فيها المؤسسون على أداء الشركة، وأوضحت هذه الدراسة أن الأداء الأفضل يكون للشركات التي تضم مؤسساً واحداً على الأقل ذهب إلى كلية مرموقة (حددتها "فيرست راوند" بـ "جامعات رابطة اللبلاب" (Ivy League) أو جامعة "ستانفورد" أو "معهد ماساتشوستس للعلوم والتكنولوجيا" (إم آي تي) (MIT)).

في المحفظة الاستثمارية لشركة "فيرست راوند"، تضم 38% من الشركات مؤسساً ذهب إلى واحدة من هذه المؤسسات التعليمية، وقد وجدت الدراسة أن أداء هذه الشركات كان أفضل بنسبة 220% من الفرق الأخرى. فرغم التكلفة العالية وصعوبة الالتحاق بجامعة مرموقة، فإن هذا قد يكون عنصراً في نجاح الشركة الناشئة. ويكمن التحدي في إقناع هؤلاء الأفراد الموهوبين الباحثين عن تمويل ومناصب استشارية في أخذ خطوة شجاعة وبدء مشروع جديد.

تُنبئ الخبرة في شركات التكنولوجيا الكبرى بنجاح المؤسس. قبل الإقدام على تأسيس شركة ناشئة، يجب على الخريجين الجدد التفكير في العمل لفترة في إحدى الشركات التكنولوجية الكبرى. وجدت "فيرست راوند" أن الفرق التي تضم مؤسساً واحداً على الأقل كان يعمل في "أمازون" أو "آبل" أو "فيسبوك" أو "جوجل" أو "مايكروسوفت" أو "تويتر"، كان أداؤها أفضل بنسبة 160% من الشركات الأخرى. كما أن وجود مؤسسين بخبرة في أي من شركات التكنولوجيا المذكورة جعل تقييمات الشركة قبل الاستثمار تفوق أقرانها بنسبة 50% تقريباً. وهذا يشير إلى أن المستثمرين يرون هؤلاء الأفراد قد خضعوا بالفعل إلى "عملية ترشيح مسبقة"، نظراً لصعوبة الحصول على وظيفة في هذه الشركات. (ومن المثير للاهتمام أنه رغم الترابط بين الجامعات المرموقة والعوائد المالية المرتفعة، فإن الجامعات المرموقة لا ترتبط بتقييم مرتفع قبل الاستثمار، وهذا قد يشير إلى أن المستثمرين لا ينظرون إلى التعليم كعامل مؤثر عند عملية الترشيح).

تتوقع شركات مجموعة "أمازون" على مستوى العالم أن يكتسب كثير من موظفيها قدرات فنية خلال ساعات العمل. ويتعلم الموظفون هناك المهارات الفنية كإدارة المشاريع، والمهارات الشخصية مثل سياسات العمل وتكوين العلاقات والتعارف. وصقل هذه المهارات لا غنى عنه لمعرفة الطريق بفاعلية في بداية رحلة الشركات الناشئة المليئة بالصعوبات.

لا تخرج كل الشركات الناشئة الناجحة من وادي السيليكون، فأين تنشأ أفضل المشاريع الجديدة؟

لا يبدو أن لموقع التأسيس أثراً كبيراً على الأداء وفقاً لمجموعة البيانات التي جمعناها. حيث بدأت شركات "فيرست راوند" خارج مدينة نيويورك، وقدمت منطقة خليج سان فرانسيسكو أداءً بنفس مستوى الشركات المؤسسة في المراكز التقليدية للمشاريع الجديدة. وقد أنشئت 25% من الاستثمارات المذكورة في مجموعة البيانات لدينا خارج هذه المدن، وأدت في المتوسط بصورة أفضل قليلاً من غيرها. وهذه أنباء جيدة لجميع مراكز شركات التكنولوجيا الناشئة الأصغر عمراً، التي تتكاثر في الولايات المتحدة من مدينة أوستن في ولاية تكساس حتى مدينة رالي في ولاية نورث كارولينا.

ويتصادف هذا مع حقيقة أن إيجاد الاستثمارات الجيدة صار أسهل. ففيما مضى كان المستثمرون الملائكة والمغامرون برأس المال يصلون إلى الاستثمارات المحتملة عبر معارفهم، إلا أن هذا تغير الآن. فقد انتبهت شركة "فيرست راوند" إلى استثمارات محتملة بدرجة عالية عبر مجموعة واسعة من المصادر، منها "تويتر" وتجمعات حضرتها بنفسها مثل "أيام العروض التجريبية" (Demo Days). وأثمرت هذه المصادر غير التقليدية شركات فاق أداؤها الشركات المقترحة من المعارف بنسبة 58.4%. كما أن المؤسسين الذين تواصلوا مباشرةً مع "فيرست راوند" بشأن أفكارهم، قدموا أداءً أفضل بنسبة 23%.

بدأ التمويل الأولي للشركات يشيع الآن كأحد عوامل نجاح الشركات الناشئة، وهو مصدر رئيسي لتمويل الجيل القادم من التكنولوجيا والخدمات المزعزعة. وقد لاحظنا بعض الأنماط في أكثر من 300 استثمار: لا شك في أهمية رائدات الأعمال النساء في الصناعات التي يسيطر عليها الذكور، وفي مزايا التعليم الجيد، وفي الخبرة العملية قبل بدء الشركة الناشئة. كما أن توزيع النطاق الجغرافي للعمل يمنح الثقة في تطوير مناطق ملائمة للشركات الناشئة في المدن على مستوى الدولة. ورغم أهمية الحدس والاستقصاء والتحري الواجبين، تشير هذه الدراسة إلى قيمة البيانات المستخدمة في صناعة قرارات تتعلق برأسمال ملكية الأسهم. فعلى الشركات الناجحة ومحافظها الاستثمارية أن تفهم استثماراتها بعمق أكبر من خلال جمع بيانات طولية وتحليلها. وستستخدم الشركات الذكية هذا لخلق فرصة تنافسية لها وللشركات الناشئة التي ترغب في الاستثمار فيها.

شكر وتقدير: جزيل الشكر لشركة "فيرست راوند كابيتال" على مساعدتها في إعداد هذا المقال.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي