شارك
الرئيسية
4 دقائق 
ما الذي يميز حملات تسويق القضايا الاجتماعية؟ كيف تجعل الناس يتوقفون عن ممارسة العادات السيئة ويتبنون الجيد منها أو أن يهتموا بقضية اجتماعية أو صحية خارجة عن نطاق اهتماماتهم؟ وما هي أبرز عوامل نجاح التسويق الاجتماعي؟
في أثناء تطوير استراتيجية لإحدى الحملات الاجتماعية، اتبعنا نهجاً يتكون من 3 خطوات لدراسة خياراتنا المتعلقة بنبرة الصوت والمناشدة/الأسلوب وأكثر العناصر فاعلية. تبين من خلال النتائج أنه على الرغم من عدم وجود معادلة سحرية لضمان حملة اجتماعية مؤثرة، فإن هناك 5 أمور أساسية.
الخطوة الأولى هي تحليل الأمور الناجحة. يحدد مهرجان "كان ليونز" الدولي للإبداع سنوياً أفضل الممارسات المتبعة في الإعلان والتسويق حول العالم. إحدى الفئات هي الحملات الاجتماعية التي تسميها المؤسسة "جائزة الخير الكبرى". تضمنت هذه الفئة العام الماضي كل شيء ابتداء من حملات سلامة السكك الحديدية المرحة والفاعلة في الوقت ذاته مثل حملة (طرق سخيفة للموت) إلى حملات التوعية بشأن العنف المحلي مثل حملة (انظر إلي) ونقص المياه الصالحة للشرب في إفريقيا مثل حملة (في سباق الماء) وتزايد الحركات الفاشية مثل حملة (نازيون ضد النازيين) وتقص اليود عند النساء الهنديات (النقطة التي تنقذ الأرواح).
وبهدف تكوين فكرة عن الأسلوب والمناشدة أو الحجة المستخدمة في كل حملة، صمننا شبكة بسيطة ثنائية الأبعاد لتصنيف الحملات الـ 49 النهائية وفقاً لعدد من الأبعاد المهمة. يمثل محور "س" الأسلوب، وتتراوح فئاته بين "غريب" و"تهديدي"، بينما يمثل محور "ص" المناشدة أو الحجة وتتراوح فئاته بين "عقلاني" و"عاطفي". كان هدفنا تتبع تكتل الحملات في المناطق الأربع للشبكة.
5 عناصر أساسية لنجاح التسويق الاجتماعي
أظهر تحليلنا الأولي أنه وعلى الرغم من اتجاه الحملات للتكتل حول البعد العاطفي، فإن هناك عدداً جيداً من الحملات المنتشرة في جميع أقسام الشبكة. ماذا نستنتج؟ ربما لا يعتمد نجاح الحملة على المناشدة/الحجة وحسب. فإذا لم تتشارك هذه الحملات في الأسلوب والمناشدة/الحجة، فما هو المشترك بينها؟
بدلاً من الاكتفاء برسالة الحملة، قررنا البحث في النتائج التي أحدثها الحملات، وقد توصلنا إلى 5 عناصر:
1) إرسال رسالة ملهمة وبسيطة
تسمية الحملة أمر مهم جداً. كان لكل حملة اسم بسيط ومقنع: حملة "ليست مجرد عضة بعوضة" لمكافحة هجمات الطائرة دون طيار على المدنيين وحملة "لن ننساهم" للتوعية حول التعامل مع الأسلحة، وحملة "أتعرف إلى جسدي لأحميه" للتوعية حول سرطان الثدي.
2) سرد قصصي مرئي قوي
تظهر الدراسات أن الناس يقرؤون 20% فقط من الصفحات الموجودة على الإنترنت اليوم وأن صورة ما أو فيديو قصير يحركهم أكثر من مناشدة عقلانية تماماً.
انتهجت حملة "اليونيسيف" في تشيلي "طلقة واحدة من المضايقات الإلكترونية" نهجاً درامياً في التعامل مع الصور التقليدية للخوف والقهر وأضافت إليه لمسة عصرية. ظهرت مجموعة من الصور الدرامية بالأبيض والأسود تحمل عناوين "صاحب الوزن الزائد" و"المُجتهد" و"الضعيف" على اللوحات الإعلانية والمجلات تصور مجموعة من الطلاب المراهقين يوجهون هواتفهم الذكية على أقرانهم كما لو أنهم فرقة إطلاق نار. في واحدة من تلك الصور تظهر الضحية جاثية على ركبتيها ويداها خلف رأسها وظهرها إلى فرقة إطلاق نار تتكون من أقرانها.
3) عنصر فيزيائي أو معرض متحرك
على الرغم من أهمية الإعلام الرقمي إلا أنه لا ينقص من أهمية إدراج عنصر قابل للتجربة في العالم الحقيقي. على الرغم من أن البعض ربما تعرض لعناصر هذه الحملة، إلا أن العديد يمكنهم مشاهدتها وملاحظتها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي المكتسبة.
كانت الفكرة الكامنة وراء حملة "لن ننساهم" بسيطة ولكن مقلقة بصرياً. تماثيل العارضات بلا وجوه مرتدية ملابس ضحايا عنف السلاح في أرجاء مدينة شيكاغو في الأماكن التي تعرضت فيها الضحايا للقتل تماماً. هذا يمكن أصحاب الفضول من الاقتراب من كل منها بقدر يمكنهم من قراءة قصة موت الضحية التراجيدية.
4) تركيز شديد على المشاركة الاجتماعية والإعلام المكتسب
لم تعتمد الحملات الفائزة على نوع واحد لسرد القصص: بل قدمت إعلاماً متنوعاً يناسب العنصر الفاعل في كل قناة اجتماعية.
كانت حملة "طرق سخيفة للموت" حداً فاصلاً للحملات الاجتماعية من حيث التأثير الذي استطاعت إحداثه باستخدام أغنية رسوم متحركة مرحة. بل اجتاحت أيضاً وسائل التواصل الاجتماعي بالألعاب الرقمية والحملات الاجتماعية التي تعرض "مقتطفات" قصيرة من الفيديو الموسيقي وحتى بعض العناصر الفيزيائية مثل دمى الشخصيات الرئيسة وملصقاتها. وربما الأهم أنها دفعت الناس إلى الاعتراف بالحملة وإطلاق إبداعهم الخاص بإنتاج مقاطع فيديو تحاكي المقطع الأصلي.
5) ركز على قضية كبيرة واربطها بطلب شخصي بسيط
في حين أن معظم الحملات تلفت انتباه الناس إلى قضية كبيرة، إلا أنه يجدر بها أيضاً أن تدعوهم للقيام بعمل صغير كخطوة ثانية وكإشارة إلى الالتزام. تتسق هذه الفكرة تماماً مع عمل قام به بيجي فوغ حول تغير السلوك في مختبر ستانفورد "بيرسويسف تيك لاب" (Persuasive Tech Lab) والذي يدور حول أهمية العادات الصغيرة.
ويعد تحدي دلو الثلج من أفضل الأمثلة التي جمعت أكثر من 115 مليون دولار لأبحاث مرض التصلب الجانبي الضموري وقد سيطر على أخبار موقع "فيسبوك" على مدى عدة أشهر. كان الهدف المعروف الآن على نطاق واسع هو جعل الناس يفرغون دلواً من الماء المثلج على رؤوسهم مع تسجيل المشهد ثم تحدي ثلاثة من أصدقائهم لفعل الشيء ذاته بهدف زيادة الوعي. أما جمع التبرعات كان خطوة ثانية صغيرة أصبحت ممكنة أكثر بعد أن ارتبط الناس بالقضية. دعت أغلب الحملات الأخرى إلى نوع من التعهد الرقمي أو الالتزام.
كانت الخطوة الثانية هي الحصول على معلومات من الجمهور. في الوقت ذاته الذي كنا نحلل فيه الأسلوب والمناشدة/الحجة المستخدمة في أنجح الحملات الاجتماعية، أجرينا استطلاعاً سريعاً يشمل 1,000 مستهلك ويسألهم عن نوع الحملة الاجتماعية العالقة ببالهم. هل هي الحملات التي تضحكهم أم التي تخيفهم؟ هل هي الحملات التي تعرض الحقائق بطريقة مفاجئة أم مباشرة؟
وجدنا شيئاً لم نتوقعه أبداً: أخبرنا 69% من المستهلكين المشمولين في الاستطلاع أنه من المرجح أن يتذكروا إعلاناً لخدمة عامة يعرض الحقائق إما بطريقة مفاجئة أو مباشرة، في حين قال 11% منهم فقط أنهم يميلون إلى تذكر تلك الحملات التي تضحكهم، وأشار 20% إلى تلك التي تخيفهم.
كان الدرس الذي تعلمناه أنه لم يكن علينا التهرب من الحقائق لمجرد أن نكون مضحكين أو مخيفين، بل الأصل أن تكون الحقائق المدهشة أساس الحملة.
وأخيراً الخطوة الثالثة هي التحقق من نتائج الخطوتين الأولى والثانية من خلال الأبحاث حول علم أعصاب تغير السلوك. كشف بحث منشور في مجلة علم الأعصاب أن "إعلانات مكافحة التدخين، التي تضمنت حججاً قوية دون عناوين براقة جزءاً من الدماغ الذي يغير السلوك".
وأخيراً كنا قادرين بالاعتماد على نتائج استراتيجيتنا المكونة من 3 خطوات على توصية نهج إبداعي لعميلنا بكل ثقة.
إذاً، ما هو الدرس الذي تستفيد منه الفرق التي تحلم بإطلاق حملات اجتماعية تحمل الأثر الذي يرغبون به؟ بالنسبة لنا كان الدرس بسيطاً من أجل معرفة عوامل نجاح التسويق الاجتماعي: تتمثل استراتيجيتنا في التركيز على إشراك الناس في الخدمة العامة وليس مجرد الإعلان عنها. وهذا يعني أننا سواء اخترنا عرض الأفكار بطريقة غريبة أو مخيفة وبأسلوب عقلاني أو واقعي، سنتأكد دائماً من أن تتضمن حملاتنا العناصر الخمسة الموضحة في المقال وأن تتمحور حول فكرة أساسية بأن الوقائع من الممكن أن تكون مدهشة.