من الصعب أن يحب المرء جميع الأشخاص الذين يقابلهم. ومن المرجح أكثر ألا تكون علاقتك على ما يرام مع كل الأشخاص في مكان عملك. فالناس يختلفون في شخصياتهم، وأهوائهم، وقيمهم، وطموحاتهم، واهتماماتهم، وكل ذلك يؤثر على كيمياء علاقاتهم.
وإذا أضفت إلى كل ما سبق الضغوطات التي يفرضها مكان العمل، فمن غير المفاجئ على الإطلاق أن ترتفع التوترات ما بين الزملاء في العمل. لكن عندما لا تكون العلاقات على ما يرام بين كبار المدراء، فإن التأثيرات السلبية يمكن أن تنتشر لتعم أرجاء المؤسسة بأكملها. ويمكن لهذه النزاعات أن تقلل من إنتاجية عشرات الأشخاص بل المئات، وتخفض من معنوياتهم.
لنأخذ المثالين الحقيقيين التاليين: في إحدى المؤسسات الصناعية، أُخبر ثلاثة من أعضاء فريق كبار المدراء أنهم على القائمة القصيرة التي سيُنتقى منها الرئيس التنفيذي القادم. وأدت المنافسة الناجمة عن ذلك إلى تفاقم في العلاقات القائمة بينهم، والتي كانت متوترة أصلاً، إلى درجة أنهم كانوا بالكاد يكلّمون بعضهم خارج نطاق الاجتماعات الرسمية. الموظفون العاملون تحت إمرة هؤلاء المدراء، وبإيحاء من هذه العلاقات المتوترة، لجؤوا إلى تشكيل "معسكرات" وإلى التقليل من مستوى النقاشات والتعاون ما بين الأقسام والوظائف المختلفة.
أما المثال الثاني، فهو من شركة للخدمات المالية تملك تاريخاً من الوحدات التجارية المستقلة ذاتياً. إحدى كبار المدراء في هذه الشركة كانت قد كُلّفت بوضع مقاربة مشتركة لتطوير أحد المنتجات. ولكن بعد أن ضغط عدد من كبار القادة في المؤسسة للعودة إلى المقاربة التقليدية، قامت هذه المديرة بإلغائهم من حسبانها وعمدت إلى العمل مع الأقسام الودودة والمتعاونة.
من السهل أن يقول المرء في كلتا هاتين الحالتين إن الرئيس التنفيذي كان يجب أن يتدخل ويُجبر الناس على العمل معاً بطريقة أكثر فعالية. لكن الواقع في العديد من المؤسسات، يكون كما يلي: إما أن يكون الرئيس التنفيذي غير مدرك لهذه الأحداث الدائرة في مؤسسته، أو أنه لا يعرف ما الذي يجب فعله، أو يختار تجاهلهم، معتقداً بأن كبار المدراء يجب أن يكونوا قادرين على التوصل إلى حل لهذه المسائل بمفردهم. وفي حالات أخرى، كما في المثال الأول الذي أوردناه، فإن الرئيس التنفيذي قد يعزّز المنافسة وكأنه بصدد إجراء تجربة مخبرية لرؤية ما الذي سيحصل.
لذلك ما الذي بوسعك فعله إذا كنت جزءاً من فريق إدارة يشعر أفراده بالمرارة، إما كشخص يُسهم مباشرة في التوتر، أو كمراقب لحالة العجز؟ فيما يلي نقدّم لك اقتراحين للإجابة عن هذا السؤال:
أولاً، حاول نبش الحقائق من تحت الركام وإخراجها إلى النور. فلا شيء يشكّل عائقاً لفريق الإدارة مثل وجود أشخاص يشكلون العائق الدائم في الغرفة وفي المؤسسة، دون أن يعترف أحد بوجودهم. تجاوز مؤامرة الصمت من خلال الحديث إلى الأطراف الرئيسة عما يجري، إما على انفراد، أو ضمن مجموعات صغيرة، أو كفريق. لكن انتبه. فهذا أمر يجب أن يجري بطريقة حذرة وحساسة، دون إلقاء اللوم على أي شخص، أو توجيه أصابع الاتهام (وهو أمر قد يؤدي إلى تفاقم الأمور). لكن الأحاديث يجب أن تبدأ بهدف تحسين وضع الشركة والعمل.
ثانياً، للتعامل مع أوضاع كهذه حاول استعمال أسلوب ودود لإجبار الأشخاص المتنازعين على العمل معاً على المشاريع أو القضايا المهمة للشركة. بعبارة أخرى، عندما يضطر كبار المدراء إلى التعامل مع "قضايا أكبر" فإن ذلك يساعدهم على تجاوز الخصومات والخلافات الشخصية بغية تحقيق الهدف الأوسع.
ليس هناك أي قاعدة تقول إن أعضاء فريق القيادة يجب أن يحبّوا بعضهم البعض. لكنهم يجب أن يدركوا أنهم عندما لا يتآلفون مع بعضهم فإن علاقاتهم غير الودودة مع بعضهم يمكن أن ينتشر صداها وتؤثر هذه العلاقات على عمل الشركة بأكملها. والمسؤولية عن الحيلولة دون حصول ذلك تقع على عاتق الفريق برمته.