تحدثت الأسبوع الماضي عن مشكلة مستشار التسويق أيمن، لم يكن على عِلم بما سيحدث في الخطوة القادمة لأن العميل المحتمل، عدنان، لم يعاود الاتصال به. اقترحت على أيمن التواصل مع عدنان مرة واحدة فقط ثم نسيان هذا الأمر.
في هذه الحالة، لم يكن أيمن وعدنان يعرف أحدهما الآخر جيداً (فقد التقيا مرة واحدة)، ويعلم الجميع أنه في أي عملية بيع، هناك احتمال كبير ألا تتلقى رداً من العميل المحتمل.
ولكن كيف ستكون الحال لو أن عدنان وأيمن قد أنجزا الكثير من العمل معاً؟ فربما كانا زميلين، أو صديقين. ماذا لو لم يكن من السهل نسيان الأمر، بل ربما كان مستحيلاً من الناحية النفسية؟ ماذا لو لم يستطع أيمن التوقف عن التفكير في الأمر؟
أولاً، قد تتساءل عن سبب عدم قدرة أيمن على التوقف عن التفكير في الأمر، فهو شخص ناضج، أليس كذلك؟
قال لي أيمن لاحقاً: "الصمت هو أسوأ أنواع الردود وأشدها ضرراً". فالردود الفعالة واضحة ومحددة، أما الصمت فهو غامض وعام، ويمكن أن يعني أي شيء. تابع أيمن قائلاً: "لا نعرف سبب صمت الشخص الآخر، ما يدفعنا إلى الاستسلام لمخاوفنا".
لماذا يحدث ذلك؟ لأننا نعلم أن الأشخاص يُحجمون عن توصيل الرسائل السلبية. إذا لم يتصل بنا شخص ما، فحينها نقول لأنفسنا: لا بد أنه لا يريد إخبارنا بخبر سيئ، أو يريدنا ببساطة أن نتوقف عن إزعاجه ونغرب عن وجهه. ونفترض أيضاً أنه إذا كان الشخص يريد العمل معنا، فمن مصلحته الاتصال بنا وإخبارنا بذلك.
لذلك، عندما لا نتلقى رداً من شخص ما، نتخيل رداً، ويبدو كالآتي: "السبب هو التصرف السيئ الذي فعلته في ذلك اليوم. وبالمناسبة، لا أستلطفك كثيراً".
وليس هذا بالطبع ما يريد الشخص الآخر إخبارك به عادة، لكن نادراً ما يحدث سوء الفهم بسبب الكلمات نفسها، بل يحدث بسبب الفجوة بين الكلمات؛ كلما زادت الفجوة، كانت مساحة سوء الفهم أكبر.
من الصعب تجاهل هذه المشكلة لأن ذلك يحدث طوال الوقت بين الأشخاص الذين يتعين عليهم مواصلة العمل معاً: مدير وموظف، موظف وعميل داخلي، موظفان من قسمين مختلفين يعملان معاً على مشروع ما.
وما يجعل هذه المشكلة خطيرة جداً هو عدم اليقين. لسنا متأكدين من أن الشخص الآخر يعتقد أننا لم نؤدِّ عملاً جيداً، ولسنا متأكدين من أنه لا يستلطفنا. وهذا يجعلنا نتساءل عما يجري باستمرار، ما يجعل الصمت صعباً للغاية. ينشأ القلق من انعدام اليقين؛ إذا تيقنَّا فسوف نتقبل الأمر ونتجاوزه، ومن دون التيقن فسننتظر ونتساءل ونتوتر.
إذاً، كيف نتعامل مع عدم اليقين الناتج عن الصمت عندما يكون نسيان الأمر غير مستحسن (أو غير ممكن ببساطة)؟ اتبع هذه الخطوات الثلاث:
- اعترف أنك لا تعرف معنى الصمت، وقاوم إغراء وضع استنتاجات.
- اعترف للشخص الآخر أنك لا تفهم معنى صمته، واطلب منه توضيح السبب.
- بغض النظر عما يقوله، تصرف كما لو أنه يقول الحقيقة.
معظم الناس لا يسألون الآخرين عما يعنيه صمتهم لأنهم يخشون أن يبدوا ضعفاء، لكن العكس هو الصحيح. إذا لم تجرِ هذه المحادثة، فسينتهي بك الأمر إلى فعل أشياء، مثل إرسال رسائل عبر البريد الإلكتروني كل بضعة أيام أو إرسال 5 رسائل نصية، وهذا سيجعلك تبدو أضعف. والحقيقة هي أنك عندما تطلب من شخص ما أن يعرب عن أفكاره بوضوح فهذا علامة على الثقة، ويُظهر أنك لست خائفاً من الإجابة.
إذا حصلت على إجابة لا تصدقها، فتظاهر أنك تصدقها على أي حال؛ إذا أخبرك أنه كان مشغولاً، وهذا هو السبب الوحيد، فاسأله عن الوقت المناسب لاستئناف المحادثة.
ماذا إذا لم تتمكن من الوصول إلى الخطوة الثانية لأنه لا يرد على الإطلاق؟ بعد إرسال رسالتين عبر البريد الإلكتروني أو رسالتين صوتيتين وعدم رده عليهما، يجب إرسال رسالة أخيرة بصيغة مماثلة لما يلي: "لا أقصد مطاردتك، لكنني فكرت في التواصل معك مرة أخيرة. يُرجى إعلامي إن كنت تود مواصلة النقاش. إذا لم أتلقَّ رداً منك، فسأفترض أنك غير مهتم".
عادة ما تجذب رسالة البريد الإلكتروني الأخيرة هذه انتباه الشخص. ولكن إذا لم يرد بعد كل ذلك، فسيكون من الأسهل نسيان الأمر لأنك تعلم أنك فعلت كل ما في وسعك.
بعد إرسال الرسالة الأخيرة، لا ترسل أي رسالة أخرى مهما حدث. التزم بما قلته: افترض أن الشخص غير مهتم.
فماذا إذا كنت أنت الشخص الآخر الذي يتلقى كل هذه الرسائل، بما فيها الرسالة الأخيرة، ولا يرد؟ فكّر في الرد. وإذا كنت لا تعرف ما ينبغي لك قوله، فلا بأس من قول ذلك، حتى لا تترك الشخص الآخر يتخبط في أفكاره، وأخبره بأنك سترد عليه عندما يسمح وقتك بذلك.
كيف تُذكِّر نفسك بالتواصل مع شخص ما عندما لا يكون لديك ما تقوله له؟ إليك خدعة: اربط تواصلك بالشخص لا بالمعلومات؛ أحتفظ بقائمة تضم كل من لدي معه مسألة غير محسومة، وأتصفح هذه القائمة مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وإذا لاحظت أني لم أتواصل مع أحد هؤلاء الأشخاص خلال أسبوع أو اثنين، فأُرسِل له رسالة إلكترونية تستغرق لحظات من وقتي لأقول له إنه لا يزال على قائمتي.
هذا يذكرني أن عليّ إرسال بضع رسائل إلكترونية.