كيف تستخدم الإدارة نحو الأعلى عندما يغرق مديرك في التفاصيل؟

5 دقائق
القيادة

ملخص: مرَّ العديد منا بمواقف حيث كنا ندير مشروعاً ما أو نطور مبادرة جديدة في العمل وانهمك القادة المشرفون علينا في التفاصيل غير الضرورية. كيف تستخدم الإدارة نحو الأعلى (إدارة رؤسائك) بحيث لا يفقد المشروع زخمه؟ يقدم المؤلفون ثلاث استراتيجيات لمساعدة القادة على عدم الخوض في تفاصيل المشروع غير الضرورية باستخدام سيناريو حقيقي حول كيفية بناء مدير في شركة تكنولوجيا "نموذج الميل" (Propensity Model) لتبسيط المبيعات وتقديمه لقادته وإلى مندوبي المبيعات الذين يستخدمونه: 1) اعمل مع "المستخدمين"، و2) ركز على الصورة الكبيرة في أثناء البيع، و3) أنشئ محتوى الخدمة الذاتية.

 

خلال فترة النمو المرتفع، شعر مندوبو المبيعات في شركة تكنولوجيا عالمية بالارتباك بشأن الحسابات (الزبائن) والفرص التي يجب التركيز عليها. كان رامي، وهو مدير إدارة صاعد في فريق طرح المنتج في الأسواق، يقود مشروعاً لوضع نموذج الميل لحل هذه المشكلة. وقد تناول النموذج نقاط بيانات متعددة عبر أنظمة متفرقة ليمنح مندوبي المبيعات دلالات توجيهية. كان القادة متحمسين بشأن النموذج والمشكلة التي يمكنه حلها، لكن غالباً ما انتهى بهم الأمر عالقين في التفاصيل خلال العروض التقديمية. لذا، بدأ رامي يشعر بالإحباط. كيف يمكنه إخراج قادته من الوضع الحرج ليستمر في إنجاز هذا العمل المهم؟

سيواجه الأفراد على جميع المستويات في المؤسسات مواقف يتوه فيها القادة عن الصورة الكبيرة. وهذا أمر واجهناه ضمن مسيراتنا المهنية، منذ البداية عندما كنا نعمل مع مدرائنا على مشاريع صغيرة ولاحقاً أيضاً عندما عرضنا على مجالس الإدارة حول البرامج التحويلية. وبينما تختلف الأسئلة المحددة في هذه المواقف، يظل التحدي الأساسي كما هو. فبناءً على أكثر من 30 عاماً من قرارات القيادة المؤثرة، نوصي بثلاث خطوات يمكن للأفراد اتخاذها لإعادة إطلاق المحادثة مع القادة. وسنشرح هذه الخطوات مع مثال من الحياة الواقعية حول ما فعله رامي، مدير الإدارة الصاعد في شركة تقنية عالمية تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار، ليستمر في تطوير عمله بنجاح وسط سلسلة من الأسئلة التفصيلية.

التعثر

كان رامي يسمع الأمر نفسه في أثناء الحديث مع مندوبي المبيعات: "أجهل على ماذا يجب عليّ التركيز". فقد كان لدى معظم مندوبي المبيعات عشرات الحسابات، كما أن الشركة كانت قد باعت مجموعة من المنتجات بإصدارات جديدة تصدر شهرياً، ما يعني أن البعض شعروا بالإرهاق مما يتعين عليهم بيعه. ونتيجة لذلك، لم يكن مسار مبيعات الشركة يتطور وفقاً للتوقعات، وبدأت القيادة تشعر بالتوتر.

كان رامي قد أتم عامه الأول في الشركة وكان قد تلقى ترقية للتو. كان لديه الدعم الداخلي والرغبة في إيجاد حل لمشكلة كبيرة، وكان يعتقد أن الأمر يقتصر على ذلك. ومن خلال العمل مع عالِم بيانات، تغلب رامي على تحديات تقنية كبيرة، لينشئ بسرعة لوحة معلومات تظهر لمندوبي المبيعات الفرص المتوافرة في مناطقهم بوضوح. وقد كان مندوبو المبيعات متحمسين عندما تم إطلاق لوحة المعلومات على نطاق ضيق، بينما رغب القادة في معرفة المزيد عنها. إلا أن الاجتماعات سرعان ما أصبحت محبطة، مع تركيز العديد من القادة على بيانات تبني الابتكار (وهو واحد من أنواع البيانات المستخدمة في النموذج) ومشاكل الأنظمة، نظراً لامتلاك الشركة العديد من وسائل الإبلاغ. وقد كانت مخاوفهم مُحقة، لكن رامي لم يعتقد أنها يجب أن توقف العمل. التجأ إلى تغيير أسلوبه مدفوعاً بخيبة أمله تجاه سير الأمور.

المضي قدماً

بعد سلسلة من الاجتماعات الداخلية مع القادة، تبنى رامي نهجاً يتكون من ثلاثة مسارات أساسية. وقد وجدنا أن هذه الأساليب تنطبق على العديد من المواقف حيث يواجه القادة صعوبات تعيقهم عن التقدم.

1. اعمل مع "المستخدمين"

يجب أن يعتبر الأفراد أنفسهم مدراء منتجات، وأن يتعاملوا مع عملهم على أنه "منتج"، وأن يتحركوا مع تحركات مستخدميهم. ومن النادر أن يكون القادة الذين يعلقون في التفاصيل هم المستخدمون النهائيون لهذا العمل. لذا يجب على الأفراد متابعة العمل مع مستخدميهم، ومعرفة متطلباتهم، وتطوير التحسينات، وإثبات القيمة. وينبغي ألا يشكل غياب دعم القيادة الكامل عائقاً. بل على العكس، حيث سيكون القادة أكثر دعماً مع وجود حماس واحتفاء ملحوظين من المستخدمين الفعليين.

في حالة شركة رامي، وبالرغم من أنه كان يقدم العروض إلى القيادة، فإن مستخدمي عمله كانوا في قسم المبيعات. لذا قرر رامي أن يتابع العمل مع مندوبي المبيعات لفهم ما إذا كانت لوحة المعلومات تعجبهم أو لا وما الذي يجب تحسينه، تماماً كما لو أنه هو مدير المنتج. واستمر في تطوير الأداة بناءً على تقييماتهم. بالإضافة إلى ذلك، عندما قدم تدريبات التمكين للمبيعات أو كان في اجتماعات مع القادة، حضر مندوبو مبيعات معه. وقد أظهرت هذه التعليقات الإيجابية للقادة قيمة المشروع وأدت إلى استثمار المزيد من الوقت في التفكير في كيفية توسيع نطاق العمل وتقليص الوقت المستغرق في التساؤل عن الفروق الدقيقة في البيانات.

2. ركز على الصورة الكبيرة في أثناء البيع

عند تقديم العروض، يلجأ قادة المشروع أحياناً إلى التحدث عن العمل في سياق إدارة المشروع حيث سيفترضون أن الرؤية ستنال الدعم ثم سيتوجهون إلى جوانب التنفيذ بينما يشاركون مخططات غانت ويناقشون الأدوار والمسؤوليات. ولكن هذا خطأ؛ يجب على الأفراد بدلاً من ذلك وضع مخطط يتناول كيف سيحل العمل مشكلة ملحة من خلال مناقشة الرؤية وحالات الاستخدام، وربط العمل بأولويات القيادة.

وبعد القليل من المناقشات المبدئية مع القادة، أنشأ رامي عرضاً تقديمياً منفصلاً لهم. وقد ركز هذا العرض على الكيفية التي ستسهل بها هذه الأداة عمل مندوبي المبيعات، الذي بدوره سيحسن مسار المبيعات ويرفع معدلات رضا الموظفين ويخفض معدلات دوران الموظفين، والتي تشكل أولوية لدى القيادة. كما أنه كان مستعداً للتحدث حول جداول مواعيد الإطلاق ومالكي مسارات العمل، لكنه لم يتطرق إلى هذه النقاط. بدأ الاجتماع بالسير على نحو أكثر سلاسة، وشعر المسؤولون التنفيذيون بالارتياح لامتلاك مبادرة قد تساعد على الحد من استقالات الموظفين الكثيرة.

3. أنشئ محتوى الخدمة الذاتية

يجب على مدراء المشاريع ابتكار محتوى الخدمة الذاتية الذي يجيب عن الأسئلة التقنية. فإذا طرح قائدان أو أكثر السؤال نفسه، فهذا مؤشر جيد على أنه سيُطرح لاحقاً مرة أخرى. لذا يجب على الأفراد أن يجهزوا قائمة بسيطة للأسئلة الشائعة، والتوصيفات، أو إعداد مقاطع فيديو تعليمية بسيطة تتناول هذه المشاكل، ويجب عليهم نشرها في منتدى يمكن الوصول إليه. هذا سيقلل الوقت الذي يقضونه في الإجابة عن الأسئلة ذاتها. تضمّن نموذج الميل بيانات حول تبني المنتج، نظراً لأن إحدى أولويات الشركة كانت مراقبة تبني العملاء للمنتجات الأحدث. وقد أدرك رامي أن القادة كانوا يعلقون عند كيفية احتساب بيانات تبني المنتج. لذا عمل مع عالم بيانات وفريق المنتج لإنشاء صفحة لتعريف المصطلحات وأخرى للأسئلة الشائعة حول البيانات، ثم قام بنشرهما على موقع داخليّ تابع للشركة. وبالنسبة للجمهور ذي المعرفة التقنية الأعمق، أرسل لهم محتوى الخدمة الذاتية في وقت سابق للعروض التقديمية. قلّت أسئلة القيادة حول التبني إلى حد كبير، وتمتع رامي بقدرة أفضل على تركيز الاجتماعات على العناصر الرئيسية.

النتائج التصاعدية

بالتأكيد، ستواجه التحديات في أثناء العمل مهما كانت. فقد ترغب القيادة في إجراء تغييرات على العمل أو أنها سترغب في ربطه بمشاريع أخرى مشابهة قيد التطوير. لكن، ما هذا إلا جزء من العمل على مبادرة مهمة. في حالة رامي، أراد القادة في الأساس أن يوافق رامي عمله مع مبادرات أخرى متعلقة بالبيانات كانت تجري داخل الشركة. إلا أن هذه المبادرات كانت بطيئة التقدم، وموافقة العمل معها بشكل كامل كان ليجازف بقدرة المشروع على تحقيق قيمته بسرعة. ومع تطبيق رامي للأساليب الثلاثة بنجاح، بدأ القادة يتفقون معه ويُرشدون مدراء المشاريع الآخرين باتباع عمله -بدلاً من أن يتبعهم هو.

إن فوائد تخطي هذه التحديات مهمة للغاية. فالشركة ستكون أفضل حالاً عند تنفيذ هذا النوع من العمل، وسيحصد الفريق الذي يكمل العمل الفوائد. والأهم من ذلك، أن الأفراد في المشروع سيكونون قد طوروا مهاراتهم بعد أن تغلبوا على العقبات الداخلية واكتسبوا دعم القادة في هذه العملية. في دراسة الحالة هذه، استغرق التغيير وقتاً. لكن بعد أسابيع من تطبيق هذه الأساليب، أدرك رامي أن الصفة الطاغية على اجتماعات القيادة هذه قد تحولت تدريجياً من التشكيك إلى الحماس. وبالرغم من أن إمكانات مشروعه لم تتحقق بالكامل بعد، لكنه علم أنه طور مجموعة مهارات جديدة وأن قادة الشركة كانوا يقفون إلى جانبه ويدعمونه تماماً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي