كيف تهيئ الموظفين العاملين عن بُعد لتحقيق النجاح منذ اليوم الأول؟

7 دقائق
عملية إعداد الموظفين الجدد
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يكتنف عملية إعداد الموظفين الجدد الكثير من المصاعب عند تطبيق سياسة العمل عن بُعد، بخلاف إعدادهم وجهاً لوجه في المقرات المكتبية الذي يبدو أسهل كثيراً. لكن الأهداف تظل كما هي: مساعدة الموظف على الانطلاق بأسرع ما يمكن وبناء علاقات قوية مع رؤسائه وزملائه في العمل وفهم ثقافة المؤسسة والتعرّف على التوقعات.

يعرف معظم المدراء أن إعداد الموظفين الجدد من خلال الوسائل الافتراضية أمر صعب للغاية، ويدرك الكثيرون الأثر بعيد المدى الذي يمكن أن تخلّفه هذه التجربة على موظفيهم إذا لم تكن على المستوى المطلوب. ويجب ألا نخلط هنا بين إعداد الموظفين الجدد والخدمات اللوجستية، مثل الحرص على توفير جهاز كمبيوتر لموظفك الجديد. فالمسألة أكبر من هذا، حيث يتوقف نجاح أو فشل عملية إعداد الموظفين الجدد على عدد من العوامل التي تشمل كلاً مما يلي:

  • الانطلاق بسرعة لمنح زملائك الجدد الشعور بالراحة والثقة في أنفسهم في المراحل المبكرة لعملهم بالشركة، ما يجعلهم يشعرون بأنهم موضع ترحاب.
  • إرساء أسس علاقات قوية بين المؤسسة والموظف.
  • التأكد من فهم الموظف الجديد للثقافة المؤسسية وكيفية إنجاز العمل.
  • وضع توقعات واضحة وربط عمل الفرد برسالة المؤسسة ورؤيتها وأهدافها الأسمى.

وقد اتضح أن العقلية هي أكبر عائق يحول في الغالب دون الخروج بتجربة إعداد الموظفين الجدد بالشكل المطلوب وإنجازها على نحو متميز. ويمكن تشبيه الأمر باختراع التلفزيون، إذ كان لا بد من مرور بعض الوقت إلى حين العثور على أفضل الطرق لاستغلال هذه الوسيلة الإعلامية الجديدة (والقفز إلى مرحلة ما بعد البرامج التلفزيونية الأولية التي لم تكن تزيد في الحقيقة عن مجرد برامج إذاعية تم تصويرها بالكاميرات)، وبالمثل سيكون على الشركات أيضاً أن تطوّر برامج داخلية لإعداد الموظفين الجدد مصممة خصيصاً بما يناسب أدوات العصر والتكنولوجيا.

نجاح عملية إعداد الموظفين الجدد

وسواء كنّا نتحدث عن شركة صغيرة تُعيّن موظفين جدداً بأعداد محدودة للغاية من حين لآخر، أو كانت شركة كبرى تُعيّن مجموعات من الموظفين الجدد بأعداد أكبر على فترات متقاربة، فإن التوصيات الأربع التالية يمكن أن تسهم في إنجاح برامج إعداد الموظفين الجدد:

1. الانطلاق بأسرع ما يمكن

فكّر في يومك الأول في وظيفتك الحالية. ربما لم تنم جيداً في الليلة السابقة، ولم يكف عقلك عن الدوران بدافع الترقب والشك وعدم اليقين. تزداد حدة هذه الأعراض بصفة خاصة لدى الموظف الذي يلتحق بوظيفة جديدة يكتنفها غموض البيئات الافتراضية. فحتى لحظات السلوى القليلة التي كانت تتاح عادةً في بواكير يوم العمل التي تشهد تبادل السلامات والتحيات على وجه السرعة مع زملائك في الردهة أو تلتقي خلالها بمديرك الجديد أو زملائك في الفريق الذين يصطحبونك لتناول الغداء، كل هذه اللحظات ليست متاحة في سياق العمل عن بُعد.

الأدهى من ذلك أن الموظف الجديد الذي يلتحق بالعمل في مؤسستك اليوم لم يسبق له على الأرجح أن خاض عملية إعداد الموظفين الجدد بالوسائل الافتراضية كلياً، لأن الشركات كانت تُفضّل في كثير من الأحيان تنفيذ عملية إعداد الموظفين الجدد وجهاً لوجه في مقراتها المكتبية قبل انتشار الجائحة، حتى إن كانت لديها قوة عمل عن بُعد. عليك إذاً أن تراعي هذه الحساسيات وأنت تضع خططك، بحيث تستفيد من مختلف الاستراتيجيات التي يمكن أن تخفف من حدة التوتر العصبي في اليوم الأول وتسمح لموظفيك بالشعور بالترحيب واكتساب الثقة في أنفسهم منذ البداية.

تحديد وسيط مخصص لإعداد الموظفين الجدد وتعريفهم به. من الجيد أن يكون هناك شخص ما يضطلع بدور الموجه غير الرسمي لدعم الموظف الجديد، حتى إن كنتم تعملون في المقرات المكتبية، ولكن أهمية هذا الموجه تزداد في حال العمل عن بُعد لأن القائد الجديد لن يجد من حوله زملاء يطرحون الأسئلة بشكل عفوي عند ظهورها على السطح. ومن المهم أن يكون هذا الموجه غير الرسمي شخصاً آخر غير مدير الموظف نفسه، حتى لا يشعر الموظف الجديد بالقلق عند طرح أي سؤال، كبيراً كان أم صغيراً. فأي موظف جديد لديه أسئلة لا نهاية لها ويجب أن يطرحها، فآخر ما تريده أن تدفعه إلى الشعور بالغموض حيال الطرف الذي ينبغي أن يوجّه إليه أسئلته. وحبذا لو بادر وسيط إعداد الموظفين الجدد بالتواصل مع الموظف الجديد قبل اليوم الأول وعرّفه على نفسه مؤكداً له أن بإمكانه اللجوء إليه في أي شيء وفي أي وقت أراد.

كوّن علاقة تربط الموظف بالشركة قبل اليوم الأول. بمجرد قبول المرشح لعرض العمل، استغل أي فرصة سانحة لجعله يشعر بأنه جزء من أسرة العمل بالشركة. ومن هذا المنطلق دأبت شركة “ريكيت بينكيرز” (Reckitt Benckiser) المتخصصة في المنتجات الاستهلاكية العالمية على إرسال صندوق يحوي مستحضرات العناية الصحية إلى عناوين الموظفين الجدد قبل تاريخ التحاقهم بوظائفهم. يشتمل الصندوق على منتجات الشركة بالإضافة إلى رسالة لطيفة تربط المنتجات برسالة الشركة.

احرص على إعداد التجهيزات التكنولوجية قبل تاريخ البدء. يمكن التخفيف من حدة القلق الذي يعتري الموظف في اليوم الأول من خلال عقد جلسة بين الموظف الجديد ومسؤولي قسم تكنولوجيا المعلومات لتعريفه على كيفية عمل منصة مؤتمرات الفيديو وقنوات التواصل وغيرهما من أنظمة الشركة. يؤدي اتخاذ هذه الخطوة قبل تاريخ بدء العمل إلى الحد من المشكلات الفنية ويمكّن الموظفين الجدد من التركيز على العمل بكل كيانهم والتعامل بأريحية في يومهم الأول. وترسل بعض المؤسسات إلى موظفيها الجدد جهاز كمبيوتر محمول جديداً أو هاتفاً جديداً قبل تاريخ البدء وتُثبّت عليه كل البرمجيات وبروتوكولات الأمان المستخدمة في الشركة. يؤدي كل هذا إلى خلق علاقة قوية بين الموظف الجديد والمؤسسة ويقلل من شعور الموظف بالقلق.

2. إرساء أسس علاقات قوية بين المؤسسة والموظف

لا يمكن التعويل كثيراً في البيئات الافتراضية على بناء العلاقات الطبيعية والعفوية التي تتم في الممرات وخلال وجبات الغداء وفي المناسبات التي تقام في المقرات المكتبية. لذا يُفضَّل أن تبادر بإعداد مزيج من التفاعلات الثنائية الرسمية وغير الرسمية بين الموظف الجديد وزملائه ورؤسائه في الشركة. من المهم أيضاً أن تعمل على تنظيم مزيج من المناقشات الجماعية المختلفة بحيث يستطيع الموظف الجديد تطوير فهم سياقي لديناميات الفريق. وأخيراً، فإن إحدى مخاطر العمل الافتراضي تتمثل في أنه قد يغري الفرد أو القائد بالعمل في صوامع منعزلة أو التعاون مع شبكة الأشخاص ذاتهم بصورة منتظمة. وحينما ينشئ المسؤول التنفيذي شبكة علاقات أساسية قوية وشبكة واسعة من العلاقات عبر المؤسسة، فإن ذلك سيسمح له بأن يكون أكثر نجاحاً على المدى البعيد. وإذا أردت تحقيق هذه الغاية، فاعمل على تشكيل سلسلة مختلطة من الخبرات الرسمية وغير الرسمية التي تهدف إلى إنشاء منظومة مجتمعية وبناء نقاط التواصل.

اعمل على بناء علاقات ثنائية قوية. للتغلب على ظاهرة انعدام الفرص العفوية التي تسمح بإجراء أحاديث جانبية بسيطة، وغيرها من فرص بناء العلاقات التي تُتاح عادةً في المقرات المكتبية، شجّع الموظف الجديد وزملاءه في الفريق على التخطيط لإجراء مزيج من المحادثات الرسمية التي تتناول القواعد الحاكمة والمسؤوليات المنوطة بهم وأهداف العمل، إلى جانب التفاعلات غير الرسمية والبسيطة التي تتم في أثناء احتساء القهوة أو تناول الغداء أو تجاذب أطراف الحديث حول ما دار في الاجتماع المنعقد مؤخراً. وكما هي الحال في مقابلات التوظيف الافتراضية، فإن إحدى ميزات إعداد الموظفين الجدد عبر الوسائل الافتراضية تتمثل بصفة عامة في سهولة التقاء الزملاء عبر الفيديو، لذا لا بد من تسهيل تحديد مواعيد هذه الاجتماعات.

تعرّف على ديناميات الفريق وبناء شبكة واسعة من العلاقات. أثبتت الأبحاث أن امتلاك شبكة واسعة أفضل من وجود شبكة عميقة من العلاقات، خاصةً إذا تقلّد المرء منصباً رفيعاً في المؤسسة. وحينما يتقلد القائد منصباً جديداً، فيجب على المؤسسة أن تبذل كل ما في وسعها لمساعدته على بناء شبكة واسعة من العلاقات، على أن تبدأ هذه الجهود من الداخل. وعلى الرغم من قوة مفعول الاجتماعات الثنائية لإرساء أسس العلاقات التأسيسية وتوطيد أواصر لثقة المتبادلة وتغذية الشعور بالألفة بين الموظفين، فإن تشجيع الموظف الجديد على خوض نقاشات جماعية منذ اليوم الأول سيساعد هذا الموظف على تعريض الأفراد للسياق العام الذي يتعرف من خلاله على كيفية إنجاز العمل. وقد لجأ بعض الشركات إلى تنظيم ما يُعرف باسم “أسبوع الظل” الذي يقتضي حضور الموظف الجديد مجموعة متنوعة من اجتماعات الفريق واجتماعات أصحاب المصلحة، حتى تلك التي قد تبدو أنها لا ترتبط ارتباطاً مباشراً بالمسؤوليات الأساسية للموظف الجديد.

3. شرح ثقافة الشركة وكيفية إنجاز العمل بها

يجب أن يتعرّف الموظفون الجدد على ثقافة الشركة منذ البداية. خصّص وقتاً أطول من ذلك الذي تخصّصه عموماً في بيئة العمل التقليدية للحديث عن أطر العمل النموذجية وغير النموذجية قياساً على مختلف المحاور الثقافية. وخصّص حيزاً مناسباً لزملائك الجدد ليطرحوا ما يشاؤون من أسئلة أيضاً حول الطريقة التي يتم إنجاز العمل بها.

صرّح بالافتراضات المسكوت عنها. يعتمد الكثير من المؤسسات على طرق أساسية للتعريف بتاريخ المؤسسة ومعاييرها المشتركة. وسواء تم ذلك عبر الوسائل الافتراضية أو غيرها من السبل، فإن التعريف بتاريخ الشركة في مقاطع الفيديو ضمن قسم “نبذة عنا” على الموقع الإلكتروني للشركة وفي الوثائق الرسمية، يسهم في تسريع العملية التي قد تستغرق وقتاً أطول للتعرف على سلسلة التفاعلات العديدة مع الأعضاء القدامى في المؤسسة. وحتى لو شعرت بالارتباك، فسوف تستفيد بكل تأكيد من وضوح المبادئ التوجيهية حول المعايير التي غالباً ما يتم اعتبارها أمراً مفروغاً منه، كأسلوب عمل الشركة ومستوى الإجراءات الشكلية وقواعد الملبس وآداب السلوك الافتراضية في مؤتمرات الفيديو وقواعد المراسلة ومواعيد العمل. المهم ألا تترك الموظفين الجدد حيارى يحاولون أن يخمنوا بأنفسهم أسلوب التعامل مع هذه القضايا لأن ذلك قد يؤدي ببساطة إلى خلق حالة من الغموض والتوتر.

عيّن مساعداً للثقافة المؤسسية. قد يكون تعيين مساعد يستطيع الموظف الجديد أن يطرح عليه ما يدور في ذهنه من أسئلة حول ثقافة الشركة خطوة ممتازة إلى أبعد الحدود. بمقدور هذا المساعد أن يلخّص المعلومات التي تخرج بها النقاشات الجماعية المهمة، ويبلغ الموظف الجديد بالإجراءات التي لا تتماشى مع ثقافة الشركة أو رأي الآخرين في أسلوبه.

4. وضع توقعات واضحة وربط عمل الفرد برسالة المؤسسة ورؤيتها وأهدافها الأسمى

يجب أن يكون لدى الموظف الجديد التصوّر الواضح لمفهوم النجاح في أول 100 يوم وما يليها. يجب أن يلمس الموظفون الجدد العلاقة الترابطية بين مسؤولياتهم والمفهوم العام للنجاح في الشركة. وعندما ينضم عضو جديد إلى الفريق، فيجب على مدير التعيينات مشاركة المخاطبات والعروض التقديمية الرئيسية التي أعدّتها قيادة المؤسسة حول اتجاه الشركة وأهدافها، حتى يتمكن الموظف الجديد من التعرّف على طبيعة عمله في السياق العام للمؤسسة.

إذ يعتبر وجود مجموعة واضحة من المسؤوليات والنتائج أمراً بالغ الأهمية لمساعدة الموظف الجديد على تحديد أولويات العمل وتسلسله وتحقيق بعض المكاسب السريعة التي تخلق أساساً وزخماً قويين لنجاح الفرد في المستقبل. وعلى الرغم من احتمالية تطور دور الموظف وتغيّره ليصبح أكثر تعقيداً وغموضاً على المدى البعيد، فإن الوضوح منذ البداية سيخلق أساساً يستطيع الفرد اتخاذه نقطة انطلاق للتكيف مع المستجدات بسهولة.

تعتبر عملية إعداد الموظفين الجدد أحد أهم العوامل المؤثرة في نجاح الموظف. إذ تخلق البداية القوية حالة من الزخم الإيجابي، في حين أن البداية السيئة تؤدي إلى تحطيم ثقة الموظف الجديد في نفسه وتدفع المؤسسة إلى الشك في قدراته. وتتميز الشركات التي تنفّذ عملية إعداد الموظفين الجدد بأفضل صورة ممكنة، على المستويين الشخصي والافتراضي، بأنها تتخذ خطوات محسوبة ولا تتجاهل الأمر بعد الأسبوع الأول أو بعد أول 30 يوماً أو حتى أول 100 يوم. ويجب أن يكون برنامج إعداد الموظفين الجدد مجرد بداية لمؤسسة تواكب التطورات المتلاحقة وتواصل تعزيز التواؤم الثقافي لموظفيك وتوطيد العلاقات بين المؤسسة والموظف وتعمل على تطوير مستوى أدائه باستمرار.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .