علم البيانات عاجز عن حل مشاكل التوظيف (حتى الآن)

3 دقائق
علم البيانات في التوظيف

إن مدراء التوظيف بحاجة ماسة إلى أدوات جديدة، لأن الأدوات الموجودة حالياً، مثل المقابلات غير المنظمة واختبارات الشخصية والإحالات الشخصية، لم تعد فعالة بما يكفي. التطور الأحدث حالياً في عالم التوظيف هو ظهور الخوارزميات القائمة على علم البيانات لإيجاد المرشحين للعمل وتقييمهم، وهو تطور واعد ومقلق في آنٍ واحد. بحسب اطلاعي، هنالك أكثر من 100 بائع يصنعون هذه الأدوات ويبيعونها للشركات. فكيف يمكن استخدام علم البيانات في التوظيف؟

علم البيانات في التوظيف

لسوء الحظ، ما يزال علم البيانات في مرحلة مبكرة جداً من التطور حين يتعلق الأمر بإيجاد الموظفين والتوظيف، وهو بالتالي ليس الحل الشامل الذي يأمل جهات التوظيف إيجاده.

اقرأ أيضاً: طريقة مبتكرة تستند إلى البيانات لتوظيف الموهوبين

يقدم باعة هذه الأدوات الجديدة وعوداً أنها ستساعد على تقليل الدور الذي يلعبه التحيز الاجتماعي في عملية التوظيف. ويقولون إن الخوارزميات قادرة بالفعل على التعرف على مرشحي العمل الأكفاء والذين كانوا سيستثنَون مسبقاً بسبب عدم توافر التحصيل العلمي الكافي أو النسب الاجتماعي. ولكن هذه الأدوات قد تحدد استخدام المتغيرات التنبؤية أو تروج لها على الرغم من أنها متغيرات تثير (أو قد تثير) المشاكل.

بما أن معظم علماء البيانات لا يعرفون الكثير عن سياق عملية التوظيف، فإن استخدام أدواتهم عادةً ما يكون أسوأ من عدمه. على سبيل المثال، يبني نسبة هائلة منهم نماذجهم عبر البحث ببساطة عن خصائص "أفضل أداء" في أماكن العمل ومن ثم تحديد أي من مرشحي العمل يملكون هذه الخصائص ذاتها. يستخدمون جميع الأمور التي يسهل قياسها: مثل تعابير الوجه واختيار الكلمات والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي وما إلى ذلك. ولكن الفشل في التأكد من وجود أي فرق حقيقي بين الموظفين ذوي الأداء العالي والأداء المنخفض من خلال هذه الخصائص يحدّ من فائدة تلك الأدوات. علاوةً على ذلك، فإن البحث عن بيانات من وسائل التواصل الاجتماعي أو المواقع الإلكترونية التي زارها الناس يطرح أسئلة مهمة عن خصوصية الأشخاص. صحيح أنه يمكن الوصول إلى هذه المعلومات بشكلٍ قانوني؛ ولكن لم ينوِ الأفراد الذين بثوا هذه المنشورات استخدامها لهذه الأسباب ولم يسمحوا بذلك. وأيضاً، هل من العدل أن يحدد أحد المنشورات التي نشرتها حين كنت طالباً خوارزمية توظيفك بعد مرور عقودٍ من الزمن؟

تبني جهات التوظيف لنهج الخوارزميات

إحدى المشاكل الأخرى المتعلقة بنهج التعلم الآلي هي أن قلة من جهات التوظيف تجمع البيانات الهائلة التي تحتاجها الخوارزميات لتنتج توقعات دقيقة، مثل عدد مرات التوظيف وتقويم الأداء وغيرها. على الرغم من أن الباعة يستطيعون التغلب على تلك العقبة عبر تجميع البيانات من العديد من جهات التوظيف، إلا أنهم لا يعرفون ما إذا كانت ظروف كل شركة مختلفة بما يكفي عن غيرها بحيث تكون التوقعات المستندة على بيانات من عدة جهات مناسبة لكل واحدة منها.

اقرأ أيضاً: علم البيانات المدفوع بالفضول

إحدى المشاكل الأخرى هي أن جميع المقاربات التحليلية التي تهدف إلى انتقاء المرشحين تعمل بشكلٍ رجعي، أي أنها تستند على نتائج حصلت في الماضي. (تعتمد الخوارزميات بشكلٍ خاص على التجارب الماضية، ويرجع ذلك بشكل جزئي إلى أن بناءها يتطلب الكثير والكثير من الملاحظات - أو بيانات الأداء في العمل التي تراكمت عبر العديد والعديد من السنوات حتى بالنسبة لجهة توظيف كبيرة). ووفقاً لموقع أمازون، فقد يكون الماضي مختلفاً كثيراً عن المستقبل الذي تسعى إليه. اكتشف الموقع أن خوارزمية التوظيف التي كان يعمل عليها منذ عام 2014 منحت درجات أدنى للنساء - بل حتى للخصائص المتعلقة بالنساء، كالمشاركة في البرامج الدراسية الأنثوية - لأن أفضل الموظفين في الشركة تاريخياً كانت أغلبيتهم من الرجال. لذا بحثت الخوارزمية عن الأشخاص المشابهين لهم. توقفت الشركة عن استخدام الخوارزمية في عام 2017 حيث لم تتمكن من إصلاح المشكلة تلك. مع ذلك، لا تزال العديد من الشركات الأخرى تستخدمها.

التحدي الأساسي لعلماء البيانات هو أن عملية التوظيف ببساطة ليست كمحاولة توقع متى سيفشل لاعب كرة مثلاً في التهديف، وهذه مسألة سيحلها أي إجراء توقعي. لكن التوظيف مترابط منطقياً بشكل كبير لدرجة أنه ليس محكوماً فقط بالأطر القانونية بل بمفاهيم العدل الأساسية أيضاً. حقيقة أن بعض المعايير مرتبطة بأداء العمل الجيد هو أمرٌ ضروري ولكنه ليس كافيا ليحدد عملية التوظيف.

خذوا بعين الاعتبار أحد المتغيرات التي وجد علماء البيانات أنها ذات قيمة تنبؤية مثل المسافة الواجب قطعها للوصول إلى العمل. وفقاً للبيانات، يعاني الناس الذين يتنقلون لمسافات أطول من معدلات أعلى من الإنهاك. ولكن، تعتمد مسافة التنقل على مكان إقامتك - وهو أمر تتحكم به أسعار المنازل، وهذا يتعلق بالدخل أيضاً. إن انتقاء موظف بحسب المكان الذي يعيش فيه له على الأغلب أثر عكسي فيما يخص المجموعات المحمية كالأقليات.

اقرأ أيضاً: صناعة المياه وتبني البيانات والاستفادة منها

طالما ليس هنالك معايير تتوقّع بشكلٍ أفضل من المعيار المستخدم - وهذا أمرٌ يصعب تحديده للغاية بالنسبة للخوارزميات التي تتعلم آلياً - فإن الشركات تخرق القانون لو استمرت باستخدام معيار التوظيف الذي يأتي بآثار عكسية. حتى في تلك الحالة، لكي يستمر العمل بشكلٍ قانوني، على هذه الشركات أن تثبت أن هذا المعيار ينتج أداءً جيداً. قد يكون ذاك ممكناً في حالة وقت الانتقال إلى العمل، ولكنه غير ممكن حالياً على الأقل بالنسبة لتعابير الوجه ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي أو غيرها من الإجراءات التي لا يمكن للشركات أن تثبت أهميتها.

وفي نهاية الحديث عن استخدام علم البيانات في التوظيف، العائق أمام استخدام الخوارزميات هو أننا نحاول استخدامها بثمن زهيد أي إننا نبنيها استناداً على أفضل الموظفين أداءًَ فقط بدلاً من تفقد جميع الموظفين، ونستخدم قياسات من السهل العثور عليها، ونعتمد على ادعاءات الباعة بأن الخوارزميات تعمل جيداً في أماكن أخرى بدلاً من أن نلاحظ النتائج التي ظهرت على موظفينا. قد لا تجد مردوداً جيداً من خلال تجربة ذلك، بل قد تكون أفضل حالاً حتى إن لم تجرب.

اقرأ أيضاً: عقلية العمل المعتمد على البيانات تبدأ من القمة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي