إذا كنت تسعى إلى توظيف عالم بيانات لينضم إلى شركتك، فلا تظن أنك الوحيد المهتم بموضوع أنواع علماء البيانات ضمن الشركات. نحن في شركة "ذا داتا إنكيوبيتور" (The Data Incubator)، نتعامل مع مئات الشركات الباحثة عن علماء بيانات من خلال برنامجنا للزمالة. وبناء على تجربتنا في هذا المجال، اكتشفنا أن معظم المرشحين لهذا المنصب يأتون من مجالين اثنين: مجال الحوسبة، ومجال الإحصاء.
أنواع علماء البيانات وفقاً لأقسام الشركة
غالباً ما يكون المرشحون من ذوي الخلفية العلمية، أو الحسابية القوية، وقد تلقوا تدريباً إحصائياً مكثفاً في التمييز ما بين الإشارة والتشويش، وبمقدورهم أن يعرفوا متى يقومون "بالإفراط في مطابقة" نموذج معقد. أما بالنسبة للمرشحين من أصحاب الخلفية في علوم الكمبيوتر، فهم غالباً ما يمتلكون المهارات التقنية اللازمة لهندسة البرمجيات، ليتولوا معالجة كم ضخم من البيانات، بالاستفادة من الحوسبة الموازية والموزعة. وبينما يجب أن يكون جميع علماء البيانات فاعلين في المجالين، وجدنا أن للأشخاص القادمين من كلتا الخلفيتين نقاط قوة وضعف مختلفة تماماً. إذاً، ما طبيعة الخلفية التي يجب عليك البحث عنها عند رغبتك في توظيف عالم بيانات؟ يعتمد ذلك على شركتك، وما إذا كنت توظف لقسم رقمي، أو غير رقمي.
اقرأ أيضاً: ما الأخطاء التي ترتكبها الشركات عند توظيف البيانات في مجال التنوع؟
أنواع علماء البيانات والأقسام الرقمية المتخصصة
فكر في أقسام الاقتصاد الرقمي التي تتمتع بوفرة منتظمة في البيانات المتولدة من مصادر الهواتف النقالة، والأجهزة اللوحية والمحمولة، وحواسيب سطح المكتب. وتُعد الشركات العاملة في مجالات تطبيقات الهواتف النقالة، والتجارة الإلكترونية، والأجهزة الإلكترونية القابلة للارتداء، والإعلان الرقمي، مجرد قلة قليلة من الشركات المندرجة تحت هذه الفئة. حين يتوافر كم هائل من البيانات، غالباً ما تستفيد التحليلات من التأثير غير المنطقي للبيانات، أي الفكرة التي تقول: "بما أننا قادرون على التعلم من البيانات، فنحن قادرون كذلك على تحقيق نماذج أكثر دقة". والقيام بذلك يتطلب حتماً معرفة عميقة بالإحصاء. مع ذلك، فإن الحاجة إلى خلفية حاسوبية قوية أكثر إلحاحاً. كثيراً ما تستفيد هذه الشركات من توظيفها علماء بيانات بخلفيات في مجال هندسة البرمجيات، إذ يستطيعون أن يبنوا بسرعة أنظمة قادرة على تعلم التوجهات الجديدة بالزمن الحقيقي.
لاحظ أن الأمر لا يتعلق بتعيين في حجم شركة، وإنما بتعيين لقسم. في العادة، تمتلك شركات ما يعرف بـ "الاقتصاد القديم" أقساماً رقمية تدير المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهواتف النقالة، حتى إن كانت أعمالها الأساسية غير رقمية. على سبيل المثال، نتعامل مع مؤسسة مالية كبرى تقدّم خدمات للمستهلكين، وتوظف زملاءنا علماء للبيانات في قسمها للإعلانات الرقمية. وبغض النظر عن الصناعة التي تنتمي إليها الشركات، غالباً ما تحتوي أقساماً رقمية غنية بالبيانات.
الأقسام غير الرقمية
توظف المؤسسة المالية التي نتعامل معها أيضاً زملاءنا لقسمها للائتمان، الذي يخاطر بالاضطلاع بالخدمات المالية، لكن مواصفات مرشحها الأمثل للوظيفة مختلفة تماماً. ففي هذا الإطار، يتباطأ ورود البيانات ويصبح جمعها أصعب. والسبب؟ تؤدي الديون المتعثرة إلى الخسارة المباشرة لرأسمال المستثمر، وقد يصبح المدينون الذين كانوا في البدء جديرين بالثقة، عاجزين عن السداد لشهور، أو سنوات، بعد اتخاذ القرار الأول بشأن المديونية.
ونظراً إلى تأخر التقييم، يجب على المرء أن يكون حذراً للغاية في الدراسة المسبقة للنماذج. في هذه الحالة، لن تكون هندسة البرمجيات المحضة مفيدة لاستمرارية الشركة، بقدر إفادتها الشركات الرقمية. بدلاً من ذلك، ربما تضمن خلفية قوية في مجال الإحصاء تحمّل نماذج الائتمان والتدقيق الإحصائي الصارم، وعدم الإفراط في مطابقة البيانات. بالنسبة إلى العديد من الشركات غير الرقمية، تحتاج الجهات الناظمة إلى الشعور بالرضا، فتعتمد جولة إضافية من التدقيق والصرامة الإحصائية. على سبيل المثال، في احتساب الجدارة الائتمانية، يُمنع على الدائنين التمييز على أساس الفئات المحمية المختلفة (مثل العرق أو الجنس). ومن خلال تطبيق مبدأ التأثير المتباين، أو "اختبار التأثيرات"، يجب على الدائنين توخي الحذر في تجنب الاعتبار الصريح لفئة محمية في نموذجهم، بالإضافة إلى تجنب استخدام عوامل قد تكون ضمنياً متغيرات بديلة. من ذلك، على سبيل المثال، أن عوامل مثل الرمز البريدي للمنطقة والحي الذي توجد فيه المدرسة ترتبط بشدة بالعرق، مع أنها قد لا تكون عرقية بوضوح. وقد تكون الغرامات والتشهير الصحافي الناجمان عن نموذج متحيز لعِرق أو جنس، كارثيين للشركة.
اقرأ أيضاً: لماذا يحتاج علم البيانات إلى موظفين ذوي خبرة عامة وليس إلى موظفين متخصصين؟
وعلى الرغم من انتماء مجموعتي الأقسام الرقمية والائتمانية إلى الشركة نفسها، فإن حاجاتها البيانية تختلف بشدة، فالأقسام التي يكون جمع البيانات فيها مكلفاً (إما عبر التكاليف المدفوعة مسبقاً، أو الخسارات المحتملة)، والتي ترد إليها البيانات ببطء، أو تحتوي تدقيقاً رقابياً مشدداً، سوف تستفيد من وجود علماء بيانات ذوي خلفية أقوى في مجال الإحصاء. أما الأقسام التي تتوافر فيها البيانات بغزارة وبكلفة منخفضة، والتي ترد إليها البيانات بسرعة، أو تلك التي لا ترتبط برقابة قوية، فهي الأقسام التي عليها البحث عن مرشحين أكثر مهارة في هندسة البرمجيات.
كيف يتصرف المدير الموظف إذاً؟
كخطوة أولى، يجب على المدراء الموظفين البحث عن تلك المهارات في السير الذاتية للمرشحين للوظيفة والانتباه إلى أنواع علماء البيانات المتوافرة. ولكن لا تنس أن مطالعة السير الذاتية وحدها غير كافية على الإطلاق. على سبيل المثال، قد يكون لدى حامل درجة الدكتوراه في الفيزياء خلفية قوية في الإحصاء أو الحوسبة بكل سهولة. في شركة "ذا داتا إنكيوبيتور"، نقطع شوطاً إضافياً، فنقيّم مهارات المرشحين من خلال إخضاعهم لتحديات تقنية تجبرهم على أن يبينوا لنا نقاط قوتهم، ولا يكتفوا بإخبارنا بها. والشركات التي تستخدم برنامجنا في التوظيف، تجري اختباراتها التقنية الخاصة أيضاً.
اقرأ أيضاً: ما سبب إخفاق البيانات في إصلاح المنظومة التعليمية الأميركية؟
عند تدريب أنواع علماء البيانات، أو توظيفهم، من المهم تذكّر السياق الأوسع للشركة، الذي سيضطر علماء البيانات إلى العمل فيه (هل سيقوم عالم البيانات الذي ستوظفه مثلاً، بتحليل الآلات أو البشر؟). لا يكتفي المدراء الجيدون بتوظيف علماء البيانات خريجي الجامعات الشهيرة، أو الذين يمتلكون خبرة عملية في أفضل الشركات، بل يدرسون مهارات كل موظف محتمل وخبراته، ليتأكدوا من أن مهاراته تتلاءم مع احتياجات الشركة.
اقرأ أيضاً: لكي تنطلق في عمل مستند إلى البيانات ابحث عن شريك متفهم