ملخص: يجب على جميع كبار القادة الذين يتولون مناصب جديدة تطوير استراتيجية لتعزيز علاماتهم التجارية القيادية أو تغييرها وتنفيذ تلك الاستراتيجية قبل "يوم عملهم الأول". ويعرض الكاتب عدة خطوات يمكن للقادة اتخاذها للتأكد من اتباعهم المسار الصحيح. قيّم أولاً نظرة أصحاب المصلحة الرئيسيين عنك، لا سيما فريقك الجديد وأقرانك. ثم فكّر في الآمال أو المخاوف التي قد تتملّك الموظفين إبان تعيينك. وأخيراً، قرر بالاعتماد على الرؤى الثاقبة التي توصلت إليها حول نظرة الآخرين عنك ما إذا كنت ترغب في تعزيز علامتك التجارية القيادية الحالية أو تغييرها والطرق التي ستتبعها في ذلك.
كان هاني سعيداً عندما حصل على ترقية إلى منصب رئيس سلسلة التوريد في شركة منتجات غذائية عالمية. كان قد بدأ مسيرته المهنية في ألمانيا بقطاع السيارات قبل أن يتولى مهمة تغيير عمليات التصنيع في إحدى شركات المنتجات الغذائية. وقاد عمليات تحول ناجحة من خلال استبدال كل أعضاء فريق القيادة تقريباً، وإعادة هيكلة الشركة والتعهيد الخارجي للإنتاج، وخفض عدد الموظفين بنسبة 20%.
وسيكون هاني في منصبه الجديد مسؤولاً عن سلسلة التوريد بأكملها في أكبر منطقة تخدمها الشركة وأكثرها ربحية. ومع ذلك، كان الموظفون الذين سيتولى هاني قيادتهم في منصبه الجديد متخوفين من أسلوب قيادته. كانوا يعتقدون أن أداء مؤسسة سلسلة التوريد جيد، ولا يتطلب إجراء أي عمليات تحول. اكتسب هاني بعد نجاحه في تحويل عمليات التصنيع سمعة بأنه شخص غير صبور، ويتشبث برأيه بغرور، ويتخذ نهجاً صارماً في قيادة التغيير. وساورهم القلق من أن يفرض عليهم النهج ذاته.
تتشكل سمعتك، أو بعبارة أخرى، علامتك التجارية القيادية في أي منصب جديد استناداً إلى سلوكك في المناصب السابقة، شئت أم أبيت. إذ سيبحث الموظفون المتأثرون بقرار تعيينك عند انضمامك إلى مؤسسة جديدة عن معلومات عنك تفيدهم من أي مصدر. على سبيل المثال، قد يتواصل موظفوك الجدد مع زملائك الذين عملوا معك في المؤسسة السابقة ويبحثون عن ملفك الشخصي على منصة "لينكد إن" ووسائل الإعلام الأخرى للحصول على معلومات عنك. وهو رد فعل طبيعي تماماً تجاه حالة الغموض والمخاطر الكبيرة المرتبطة بتغييرات القيادة. وستشكّل تلك المعلومات توقعاتهم عنك بطرق قد تجعل نجاحك أسهل أو أكثر صعوبة. فإذا خلقت المفاهيم الخاطئة عن قيادتك حواجز أمام نجاحك، فيجب عليك تغييرها لئلا تتشوه سمعتك وتتقوض فعاليتك منذ البداية.
يجب على جميع كبار القادة الذين يتولون مناصب جديدة تطوير استراتيجية لتعزيز علاماتهم التجارية القيادية أو تغييرها وتنفيذ تلك الاستراتيجية قبل "يوم عملهم الأول". ومن الضروري في بيئة العمل الهجينة اليوم أن تتبع نهجاً استباقياً إذا لم تتمكن من مقابلة كثير من الموظفين في مؤسستك شخصياً؛ فالافتقار إلى التواصل الفاعل يجعلهم يؤكدون معتقداتهم عنك. جرب اتباع هذه الخطوات قبل أن تبدأ العمل في منصبك الجديد لتتأكد من اتباع المسار الصحيح منذ البداية.
1- ضع نفسك مكان الآخرين
تنطوي الخطوة الأولى على تقييم نظرة أصحاب المصلحة الرئيسيين عنك، لا سيّما فريقك الجديد وأقرانك، وذلك بأن تضع نفسك مكانهم وتتوقع ماهية المعلومات التي قد يحصلون عليها وكيفية تفسيرهم لها. سيحاول بعضهم الحصول على رؤى ثاقبة من مصادر عبر الإنترنت، لكن غالباً ما يحصلون عليها "من خلال التواصلات غير الرسمية"؛ أي عندما يتواصل الموظفون في مؤسستك الجديدة مع أشخاص يعرفونهم في مؤسستك السابقة. ونظراً لأنهم يحصلون على تلك المعلومات شفهياً، من المحتمل أن تكون غير كاملة أو متحيزة بطرق سلبية. ومن المهم عندما تجري ذلك التقييم أن تكون صادقاً جداً مع نفسك بشأن المعلومات التي قد يحصل عليها الآخرون عنك.
عندما وضع هاني نفسه مكان زملائه وموظفيه المستقبليين، توقع أن يُسبب تعيينه كثيراً من القلق. وأدرك بعد قراءة مقالات إعلامية عن نفسه والتحدث إلى زملائه في القطاع أن فريقه الجديد لا يعرفه إلا من منظور عمليات التحول الصعبة التي قادها في منصبه السابق.
2- تحديد العوائق المحتملة للنجاح
فكّر بعد أن تصبح على دراية بآراء الموظفين عنك في آمالهم أو مخاوفهم بشأن تعيينك. ما هي الآثار المترتبة على قدرتك على تحقيق النجاح؟ ومجدداً، من الضروري أن تواجه الحقيقة وألا تنخرط في التمني، إذ عندما تكون غير صادق مع نفسك فأنت تعيق تقدمك فقط.
على سبيل المثال، أدرك هاني أن عمليات التصنيع لا تتطلب عمليات تحول شاملة. من جهة أخرى، لم تكن تلك العمليات في وضع يمكنها من الحفاظ على النجاح كما اعتقد كثيرون في المؤسسة. كان يدرك ضرورة بذل جهود مكثفة لتنفيذ عمليات أكثر صرامة وبناء ثقافة تُعنى بوضع حلول استباقية للمشكلات بدلاً من إضاعة الوقت في حلها. وأشار إلى أن سمعته "كقائد عمليات تحول" قد تولّد موقفاً دفاعياً غير منتج وتشكّل عائقاً كبيراً في وجه العمل الذي يجب عليه أداءه لإعادة تنظيم الأعمال التجارية.
3- اتخذ إجراءات عملية
وأخيراً، قرر مسلحاً بالرؤى الثاقبة التي توصلت إليها حول نظرة الآخرين عنك ما إذا كنت ترغب في تعزيز علامتك التجارية القيادية الحالية أو تغييرها والطرق التي ستتبعها في ذلك. إن الاستفادة من علامتك التجارية تعني تعزيز عناصرها الأساسية مع أصحاب المصلحة الرئيسيين في وقت مبكر. لنفترض مثلاً أن سمعتك تقول إنك "قائد يتحمل المسؤولية ويميل إلى اتخاذ إجراءات عملية". تُعد تلك الصفة أحد أهم أصولك إذا كنت تتولى إدارة عمليات التحول، وستعزز بذلك من سمعتك بدلاً من أن تضطر إلى تغييرها. ولتعزز سمعتك بالفعل، يمكنك أن تبدأ بصياغة رسالتك على نحو توضح فيه إحساسك بضرورة الاستعجال واستعدادك لبدء العمل بحماس وقدرتك على اتخاذ قرارات صعبة. ويمكنك في التفاعلات المبكرة مع فريقك تسليط الضوء على خطورة المشكلات التي يواجهها العمل التجاري وتقديم خطتك سريعاً بهدف تقييمها واتخاذ الإجراءات اللازمة "لوقف الأضرار".
أما إذا كانت سمعتك تشكل مصدر إحراج لك بدلاً من اعتبارها أحد أصولك، كما هو الحال مع هاني، فيجب عليك التوصل إلى طريقة لتغييرها. لكن كن على دراية أن ذلك سيتطلب منك بذل جهود متضافرة، إذ يجب عليك أن تعمل على تغيير تصورات أصحاب المصلحة الرئيسيين عنك من خلال التواصل معهم بانتظام واتخاذ إجراءات تتعارض مع السمعة التي افترضوها عنك. وضع في اعتبارك أن الإجراءات المبكرة التي تتخذها في منصبك الجديد ستنطوي على تأثيرات كبيرة، إما للأفضل أو للأسوأ، إذ سيقوم الموظفون في الأسابيع والأشهر القليلة الأولى لك في المنصب الجديد بتكوين انطباعات وإصدار أحكام عنك بناءً على معلومات قليلة نسبياً، ومن المحتمل أن "يركزوا" على السلوكات التي تؤكد معتقداتهم السابقة. وبالتالي، يجب أن ترسل كلماتك وأفعالك الرسائل الصحيحة من البداية.
أدرك هاني مدى قلق أفراد المؤسسة بشأن تعيينه، لكنه طمأنهم أن عمله في هذه المؤسسة لا ينطوي على إجراء عمليات تحول. وعزز تلك الفكرة من خلال مواصلة تأكيده على أنه سيأخذ وقته للاستماع إليهم والتعلم منهم قبل التوصل إلى أي استنتاجات. كما أنه شجع نفسه على تسليط الضوء على إنجازات المؤسسة ولم يركز كثيراً على مشكلاتها. وبعد أن بدأ الاستقرار في منصبه الجديد، اختار تحديد المواهب داخل الشركة وتعزيز أدائهم قدر الإمكان بدلاً من توظيف أشخاص من خارج المؤسسة. وعلى الرغم من أن الأمر استغرق وقتاً، غيّر أفراد المؤسسة وجهات نظرهم حوله وتقبّلوا إجراء التغيير المطلوب.
لذلك، إذا كنت بحاجة إلى تغيير علامتك التجارية القيادية كما فعل هاني، فيجب عليك تعزيز العلامة التجارية المرغوبة في جميع تفاعلاتك مع فريقك وأقرانك وأصحاب المصلحة الرئيسيين الآخرين، سواء كان ذلك خلال اجتماعات الشركة أو المناقشات غير الرسمية. قد يستغرق تغيير الآراء في الاتجاهات المرغوبة بعض الوقت، لكن كن على ثقة أنك ستنجح في النهاية.