كيف تتغلب على مقاومة التغيير بمحادثتين اثتنين؟

3 دقائق
علاج مقاومة التغيير

أظهرت الأبحاث أن بين 50 إلى 75% من جهود التغيير التنظيمي في المؤسسات تفشل، وأن معظم محاولات علاج مقاومة التغيير الناجحة لا تحقق أهداف رؤيتها الأصلية. فلماذا يُعتبر التغيير أمراً صعب المنال؟ ولماذا تفشل جهود علاج مقاومة التغيير؟ لا يشكل تحديد السبب تحدياً، سواء كان التغيير استراتيجية جديدة أو كان عمليات أو أنظمة أكثر كفاءة، أو بنية جديدة تلبي احتياجات المؤسسة المتنامية بطريقة أفضل. إذاً ما هو السبب؟ يبدو أنها الطبيعة البشرية.

حيث مساعدة الآخرين في التغلب على الطبيعة البشرية المتأصلة في الرغبة الشديدة بالحفاظ على الوضع الراهن. تُعتبر جزءاً رئيسياً من عملك بصفتك قائداً.

كيف يمكن للقادة التغلب على مقاومة الناس للتغيير؟

وخلال مسيرة عملنا في قيادة التغيير ضمن مجال التعليم العالي وتعليم الطلاب والمدراء التنفيذيين، اكتسبنا خبرة عميقة للأسباب الكامنة وراء مقاومة الناس التغيير، وكيف يمكن للقادة التغلب على هذه المقاومة.

تحديد مصادر المقاومة

لمعرفة الأسباب الكامنة وراء مقاومة الناس التغيير والتغلب على هذا الأمر، يجب عليك تحديد الأفراد أو الجماعات الذين يملكون أكبر إمكانيات لتعطيل التغيير الإيجابي، ثم تحييد رغباتهم تلك. ويجري ذلك عبر فهم وجهات نظرهم. وبحسب تجربتنا هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء مقاومة الأشخاص للتغيير.

المصدر الأول: هو الاختلاف في الجوهر مع رؤيتك. إذ حتى لو أشركت مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة في تحديد الاتجاه الجديد لمؤسستك أو مشروعك أو فريقك، فلا شك في أن البعض سيكون مختلفاً مع رؤيتك. قد لا يتفقون مع تحليلك للمشكلة، أو يعتقدون أن لديهم خبرات وتجارب فريدة أو معلومات لم تؤخذ بالاعتبار جيداً. ولحل هذا النوع من المقاومة عليك الاستماع والانفتاح لتغيير طريقتك بناءً على ما تعلمته منهم.

أما المصدر الثاني للمقاومة، فهو الحاجة الإنسانية إلى الاحترام، التي كثيراً ما تتزايد في فترات التغيير. وينطبق هذا خاصة على الموظفين الذين عملوا لفترات طويلة ضمن الشركة، ويمتلكون قدراً كبيراً من النفوذ في مرحلة ما ويعتقدون أنهم ما زالوا كذلك. فإذا لم يشعر أولئك أن لرأيهم ثقله وأهميته أو أنهم قادرون على التأثير في رؤيتك، فسيعتقدون أن منظوراً مهماً غاب عن رؤيتك، وأي تصرف حينها لا يكون صحيحاً ما لم يتم مشاورتهم به. مجدداً، ويكمن الحل في الاستماع إليهم باحترام.

في حين أن المصدر الأخير لمقاومة التغيير هو أن الناس يشعرون بأنهم مدفوعون بهذا الاتجاه بسرعة، ولا يملكون الوقت الكافي لفهم الاتجاه الجديد أو التعامل مع هذا الوضع عاطفياً، فنحن البشر نعمل بسرعات مختلفة. في هذه الحالة، يجب أن يكون هدفك عبارة عن معرفة ما إذا كان يمكن تعديل الجداول الزمنية للحد من بعض هذا الإجهاد الناجم عن الوقت.

التحدث مع مقاومي التغيير

عندما تبداً محادثاتك مع مقاومي التغيير ضع في اعتبارك أربع قواعد أساسية لتستطيع تحقيق الهدف المطلوب من الحديث.

إنسَ الكفاءة. حيث يتطلب تحفيز التغيير الحقيقي محادثات هادئة ومباشرة وجهاً لوجه، وفرداً لفرد. ولا يمكن للبريد الإلكتروني أو المذكرات أو البث الصوتي عبر شبكات الإنترنت أن يحل محل تلك المحادثات. يجب عليك أخذ الوقت الكافي للتحدث مع مجموعات العمل أو الأشخاص فيما لو كانوا مهمين لمستقبل شركتك ومقاومين للتغيير المطلوب في آن معاً. وافعل ذلك تحت أدنى ضغط زمني ممكن.

ركز على الاستماع. مهما كانت خطتك رائعة وحججك مقنعة، فيجب التأكد أن الجميع يشعرون بفهم وجهات نظرهم، ويتحقق ذلك بالاستماع لهم. وحينما تكون في محادثة ما، حاول عدم التكلم أكثر من 20% من الوقت، وعندما تتحدث حاول تكرار ما سمعته قدر الإمكان.

كن منفتحاً لتغيير أفكارك. لأن المقاوم الذي يستشعر بأنك تستمع إلبه فقط لتحصل على ما تريد، لن ينفتح بحديثه معك وبالتأكيد لن ينحاز إلى جانبك لاحقاً. إذ يجب التمتع بموقف منفتح، والاستعداد للتعلم، بل وتعديل الخطط إن لزم الأمر. وأظهر اهتمامك بآراء ومشاعر المقاومين من أجل إعادة تشكيل أفكارك وأفعالك.

أجرِ محادثات متعددة. حيث وجدنا الحوار الفعال مع المقاومين يتطلب محادثتين على الأقل بحد أدنى. فعند المحادثة الأولى تستمع لهم وتحدد أسباب المقاومة. أما في المحادثة الثانية، فيتحول هدفك إلى توضيح التغييرات التي نتجت عن استماعك السابق، وانعكاس ذلك على نهجك إزاء التغيير، وماذا غيرت أو لم تغيّر ولماذا. إذ توصلنا إلى أنه حتى لو لم تتغير الخطة الشاملة، فإن مجرد الاستماع الصادق إلى المقاومين سيغير تفكيرهم بطريقة ما. وبالتالي يمكنك الاستماع لهم بكل جوارحك على الأقل.

يُعتبر الوقت الفاصل بين هاتين المحادثتين أمراً بالغ الأهمية. إذ نوصي بيومين على الأقل بين المحادثتين بما يتناسب وحجم التغيير، لأن إجابتك الفورية في غضون ساعات قليلة بعد انتهاء المحادثة الأولى، سيجعل المقاومين لا يعتقدون أنك أخذت بوجهة نظرهم. ومن جهة أخرى، لا تؤخر محادثتك الثانية لأكثر من سبعة أيام، لأن ذلك سيدفع الأشخاص إلى الاعتقاد بأنه تم نسيانهم أو رفضهم.

أخيراً، يمكننا القول إن الإدارة الفعالة للتغيير أمر بالغ الحساسية لحيوية المؤسسات وتقدمها ولعلاج مقاومة التغيير فيها. وعلى الرغم من ذلك، ينتهي الأمر بالعديد من الأشخاص إلى الفشل في إدارة التغيير بفعالية. إذ يتطلب القيام بإدارة التغيير القدرة على الاستماع إلى الآراء المخالفة والمعارضة لك. وتحديد السبب وراء ذلك. وأخذ أفكار المقاومين ومشاعرهم بعين الاعتبار. وشرح أثرها في تغيير تفكيرك. صحيح أن عملية علاج مقاومة التغيير تستغرق الكثير من الوقت، لكنها عملية فعالة. وكما قال جيم ماكنيرني، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "بوينغ"، ذات مرة في أحد فصولنا الدراسية: "يحدث التغيير مرة في غرفة المؤتمرات ومرة أخرى في المكتب، ومرة واحدة فقط في كل مرة".

اقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع مقاومة التغيير لدى الموظفين في المؤسسة؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي