دراسة حديثة: التوصيات الشفوية ما زالت أداة ناجعة جداً في التسويق

4 دقيقة
عدوى الإحالة
shutterstock.com/Andrii Yalanskyi

ملخص: يكشف بحث جديد عن القوة المذهلة لما يسمى "عدوى الإحالة" (referral contagion) أو "التوصيات الشفوية"؛ إذ لا يشتري العملاء الذين ينضمون عن طريق الإحالة مزيداً من المنتجات أو الخدمات فحسب، بل يصبحون أيضاً مصدراً قوياً لإحالة عدد أكبر من العملاء الجدد بنسبة تتراوح بين 30 و57% مقارنة بالعملاء الآخرين. ترجع هذه الظاهرة، التي لوحظت في القطاعات المختلفة، إلى عوامل اجتماعية مثل إدراك عملية الإحالة بوصفها سلوكاً مناسباً ومرغوباً على الصعيد الاجتماعي والرغبة في تكوين علاقات صداقة مع أشخاص مشابهين. أظهرت تجربة بسيطة أن تذكير العملاء الذين ينضمون عن طريق الإحالة بمصدر إحالتهم أدى إلى زيادة الإحالات الناجحة بنسبة 21%، ما يسلط الضوء على إمكانية الاستفادة من علم نفس الإحالات لتعزيز فعالية برامج الإحالة. تدعو هذه النتائج الشركات إلى إعادة تقييم استثمارها في برامج الإحالة، مع مراعاة الإمكانات الكبيرة والتأثير القوي للعملاء الذين ينضمون عن طريق الإحالة. على الرغم من وجود بعض المخاطر، مثل انتشار الآراء والتصورات السلبية، فإنه من الممكن التخفيف من حدّة هذه التأثيرات من خلال اتباع نهج تسويقي متوازن.

لطالما كانت الإحالات من الطرق التسويقية الناجحة والفعالة، وذلك بسبب ثقة العملاء في التوصيات المقدمة من الأصدقاء والعائلة، وعلى الرغم من ذلك، فإن بحثنا الجديد يشير إلى أن قيمة إحالات العملاء تتجاوز ما كان يعتقده خبراء التسويق والباحثون سابقاً.

اكتشفنا من خلال تحليل بيانات أكثر من 41 مليون عميل ممن يستخدمون تطبيقاً لاسترداد جزء من المال عند شراء السلع أو الخدمات، أن العملاء الذين انضموا من خلال الإحالات ينفذون عمليات شراء أكثر مقارنة بالعملاء الذين انضموا من خلال طرق أخرى. بالإضافة إلى زيادة عمليات الشراء، تُشير نتائجنا إلى أن العملاء الذين انضموا عن طريق الإحالة يجلبون أيضاً عملاء جدداً أكثر بنسبة تتراوح بين 30% و57% من خلال الإحالات مقارنة بالعملاء الآخرين، حتى عند ضبط تأثير العوامل والأنشطة الأخرى لهؤلاء العملاء.

نطلق على هذه الظاهرة الجديدة اسم "عدوى الإحالة" (referral contagion)، وهي رغبة العملاء الذين ينضمون عن طريق الإحالة في إحالة عملاء جدد أكثر. باستخدام بيانات من منصة ماي يوغا تيتشر (My Yoga Teacher)، وهي منصة تربط الأشخاص الذين يتعلمون اليوغا بالمدربين الشخصيين، كررنا هذه النتيجة وأظهرنا أن العدد الأكبر من الإحالات الناجحة التي نلاحظها يرجع إلى إرسال العملاء الذين انضموا عن طريق الإحالة دعوات إحالة أكثر. باستخدام بيانات إضافية من موقع إمباكت/أدفوكيت (Impact.com/advocate)، الذي يوفر برمجيات التسويق عن طريق الإحالة، وجدنا أن عدوى الإحالة تظهر عبر مجموعة متنوعة من القطاعات بدءاً من السلع المنزلية وصولاً إلى التأمين وغيره.

ما هي العوامل التي تؤدي إلى انتشار ظاهرة عدوى الإحالات؟ تشير بياناتنا إلى وجود عدة تفسيرات محتملة تسهم جميعها على الأرجح في حدوث هذه الظاهرة. على سبيل المثال، يُعتقد أن مفهوم "التجانس الاجتماعي" (homophily)، الذي يشير إلى انحيازنا نحو بناء شبكات اجتماعية مع أشخاص يتشابهون معنا، يؤدي دوراً أساسياً في انتشار هذه الظاهرة؛ أي أنه عندما يحب أحد العملاء علامتك التجارية، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى زيادة احتمالية إحالة أصدقائه المشابهين المستعدين أيضاً لتجربة منتجاتك.

بالإضافة إلى التجانس الاجتماعي، استطعنا من خلال إجراء تجارب محكّمة تحديد عامل رئيسي آخر يسبب ظاهرة عدوى الإحالات؛ إذ يرى العملاء الذين انضموا عن طريق الإحالة أن عملية الإحالة تُعد سلوكاً اجتماعياً مناسباً وموصى به. تشير الأبحاث السابقة إلى أن العديد من العملاء يترددون في إحالة أصدقائهم بسبب قلقهم بشأن احتمالية تعرّض هؤلاء الأصدقاء لتجربة سلبية. بالإضافة إلى ذلك، في حال وجود حافز للإحالة (وهو أمر شائع الحدوث)، فقد لا يرغب العملاء في الظهور بمظهر الأشخاص الذين يمتلكون أهدافاً شخصية ودوافع بديلة بخلاف تقديم المساعدة، ما قد يعرّض سمعتهم للخطر أمام أصدقائهم. لكنّ العملاء الذين انضموا في الأساس من خلال الإحالة يكونون أقل قلقاً بشأن هذه التكاليف الاجتماعية. تؤدي حقيقة انضمام هؤلاء العملاء في الأصل عن طريق الإحالة إلى ترسيخ مبدأ اجتماعي تُعد فيه الإحالة سلوكاً مناسباً ومقبولاً في هذا السياق. يؤدي هذا الاعتقاد دوراً مهماً في زيادة استعداد هؤلاء العملاء لإحالة الآخرين.

حددنا أيضاً تدخلاً بسيطاً لزيادة معدل الإحالات، استناداً إلى رؤيتنا وفهمنا لعلم نفس الإحالة. في تجربة شملت أكثر من 10 ملايين عميل، أرسلنا إلى نصف العملاء الذين انضموا عن طريق الإحالة إشعاراً فورياً تقليدياً يطلب منهم إحالة أصدقائهم وأرسلنا إلى النصف الآخر الإشعار نفسه، لكننا أضفنا تذكيراً بأنهم انضموا في الأصل عن طريق الإحالة. أدت إضافة هذا التذكير البسيط إلى زيادة عدد الإحالات الناجحة التي نفذها العملاء الذين انضموا عن طريق الإحالة بنسبة 21%. يستفيد هذا الإجراء من علم نفس الإحالة من خلال تسليط الضوء على مبدأ الإحالة وتوضيحه في أذهان العملاء، ما يؤدي إلى زيادة شعورهم بالرضا والارتياح عند إحالة أصدقائهم.

تقدم هذه النتائج رؤى مهمة لأصحاب الشركات ومدراء التسويق، فهي تسلط الضوء على ضرورة إعادة تقييم الاستثمار في برامج الإحالة، مع مراعاة القيمة المباشرة للعملاء الذين ينضمون عن طريق الإحالة، بالإضافة إلى إمكاناتهم الكبيرة وقدرتهم على جلب مزيد من العملاء من خلال عدوى الإحالة.

على الرغم من فعالية برامج الإحالة الكبيرة، فإنها قد تنطوي على بعض المخاطر المحتملة. يمثل أحد المخاوف المحتملة من الاعتماد بشدة على الإحالات لاكتساب العملاء في إمكانية انتشار الآراء والانطباعات السلبية عبر القنوات نفسها التي تعزز العدوى الإيجابية؛ أي أنه إذا قرر أحد العملاء عدم الاستمرار في التعامل مع علامة تجارية معينة، فمن المحتمل أن ينتشر شعوره بالاستياء وعدم الرضا عبر شبكته الاجتماعية، ما يؤدي إلى انسحاب الأشخاص الذين أحالهم أيضاً.

لحسن الحظ، يوفر تحليلنا الذي شمل أكثر من 41 مليون عميل، ممن يستخدمون تطبيقاً لاسترداد جزء من المال عند شراء السلع أو الخدمات، بعض الأفكار والنتائج المطمئنة؛ إذ إنه على الرغم من توقف بعض العملاء أحياناً عن استخدام التطبيق، فإننا لم نجد أي دليل على أن مثل هذه القرارات تؤثر بدرجة كبيرة على مستوى تفاعل الأشخاص الذين انضموا عن طريقة إحالة هؤلاء العملاء. يشير هذا إلى أنه على الرغم من إمكانية انتشار الآراء السلبية عبر شبكات المعارف والأصدقاء، فإن اكتساب العملاء من خلال التوصيات الشفهية لا يبدو أنه يؤدي إلى زيادة حدّة هذه التأثيرات وفقاً لبياناتنا. على الرغم من ذلك، فإن تحقيق التوازن بين برامج الإحالة القيّمة هذه والجهود التسويقية الأخرى سيضمن عدم اعتماد العلامة التجارية بصورة مفرطة على طريقة واحدة في التسويق وسيحميها من تقلبات آراء العملاء.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي