اعتدنا جميعاً طلب المساعدة من بعضنا بعضاً، بدءاً من الطلبات البسيطة مثل طلبنا من شخص ما الحضور نيابة عنا في مكالمة جماعية وصولاً إلى الطلبات الأصعب مثل طلبنا من شخص ما أن يساعدنا في التواصل مع شخص يعمل في شركة مرموقة. يسلّط المؤلف كيث فيرازي في كتابه الأكثر مبيعاً بعنوان "لا تأكل بمفردك" (Never Eat Alone) الضوء على أهمية الروابط والعلاقات الشخصية في حياتنا الشخصية وفي بيئة العمل. نظراً لطبيعتنا البشرية، فإننا نعتمد على شبكة معارفنا من الأصدقاء والعائلة والزملاء لمساعدتنا في الحياة. لا يستطيع أي فرد تحقيق النجاح وتخطي الصعوبات بمفرده.
يُعد التخطيط الجيد للطريقة التي تطلب بها ما تحتاج إليه أو تريده عاملاً مهماً في نجاح مساعيك وتحقيق النتائج المرجوة. فيما يلي 3 خطوات أساسية تجب عليك مراعاتها عند طلب خدمة أو مساعدة:
- تهيئة الأجواء والبيئة المناسبة: "لدي طلب أرجو منك تلبيته"
- تقديم سبب مقنع لطلبك
- إعطاء الشخص الذي تطلب منه الخدمة فرصة للرفض أو الانسحاب
تهيئة الأجواء والبيئة المناسبة
إن عبارة "لدي طلب أرجو منك تلبيته" هي جملة بسيطة لكنها قوية؛ فهي توحي باتفاق غير رسمي، إذا ساعدتني الآن، فسأكون مستعداً لرد هذا الجميل لاحقاً. يشير الاعتراف بأن طلبك هو خدمة وليس واجباً مفروضاً إلى وجود علاقة تبادلية قائمة على الأخذ والعطاء بينك وبين الطرف الآخر، بحيث لا يشعر الشخص الذي تطلب منه الخدمة بالاستغلال.
يمنح ذلك الطرف الآخر مهلة (وإن كانت قصيرة) لتقييم طلبك والاستعداد للرد عليه وتلبيته. سواء كان رد الفعل الأولي لصديقك أو زميلك هو الاعتذار عن تلبية طلبك أو قبوله، فمن المفيد أن تكون شفافاً وأن توضح للشخص الآخر سبب طلبك قبل أن تطلب الخدمة نفسها.
تأمل المثالين التاليين:
- "أحمد، هل يمكنك أن تحضر عشاء العمل نيابة عني الليلة؟ لأنني لن أتمكن من مغادرة المكتب؟"
- "أحمد، لدي طلب أرجو منك تلبيته، هل يمكنك أن تحضر عشاء العمل نيابة عني الليلة؟ لأنني لن أتمكن من مغادرة المكتب؟"
في السيناريو الأول قد يتفاجأ أحمد بالطلب، أما في السيناريو الثاني فإنه يحصل على تنبيه سريع ومهلة قصيرة لتجهيز ردّه. من المهم ملاحظة أن الطلب الأول قد يُفسَّر على أنه أمر إجباري. أما في العبارة الثانية، فمن الواضح أنك تقدّر وقت أحمد وجهده وتلمّح إلى استعدادك لرد هذا الجميل في المستقبل.
تقديم سبب مقنع لطلبك
يشير عالم النفس، روبرت تشالديني، في كتابه الشهير "التأثير" (Influence)، إلى أن طلب المساعدة مع تقديم سبب مقنع يزيد من فرص الموافقة؛ إذ يتفاعل الناس بطريقة إيجابية مع كلمة "لأن". حتى لو كان السبب غير منطقي أو لا علاقة له بالطلب، فإن الناس يفضّلون معرفة سبب طلب المساعدة منهم. من المفترض أن يكون السبب الذي تقدمه منطقياً ومرتبطاً مباشرة بطلبك، لذلك، لا تتردد في مشاركته.
يُمكن للمرء أن يتخيّل مدى صعوبة الموافقة على الطلب السابق في حال صياغته دون توضيح الأسباب على الشكل التالي: "أحمد، هل يمكنك أن تحضر عشاء العمل نيابة عني الليلة؟" ربما تكون احتمالات موافقة أحمد على طلبك دون وجود سبب مقنع لمجرد أنه شخص رائع وطيب ضئيلة جداً.
إعطاء الشخص الذي تطلب منه الخدمة فرصة للرفض أو الانسحاب
الناس طيبون بطبيعتهم ويحبون تقديم المساعدة. يُقال إن العطاء يمنحنا قدراً أكبر من الرضا والسعادة مقارنة بالأخذ. لذلك، تذكّر أن يكون هدفك مزدوجاً عند طلب المساعدة: الحصول على ما تطلبه وتحقيق ذلك بطريقة تمنح الشخص الآخر شعوراً بالرضا تجاه تقديمه المساعدة. أفضل طريقة لتحقيق ذلك هي أن تمنح الطرف الآخر دائماً فرصة الرفض بسهولة ولباقة. لا يشعر أي شخص بالرضا أو السعادة عندما يُجبر على تقديم خدمة أو مساعدة. إذا لم تكن لديك حرية الاختيار بين رفض تقديم الخدمة أو قبوله، فلا تُعد هذه الخدمة مساعدة حقيقية بمعنى الكلمة بقدر ما تكون التزاماً أو أمراً إجبارياً.
بعد تقديم طلبك مباشرة، تأكد من إضافة الجمل التالية:
- أتفهم تماماً أنك قد لا تستطيع تقديم المساعدة، لكنّني فضّلت طرح السؤال على أمل أن تتمكن من ذلك.
- أتفهم تماماً احتمالية عدم قدرتك على تلبية طلبي؛ لأنني أعلم كثرة المشاغل وازدحام جدول الأعمال هذا الأسبوع بالنسبة للجميع.
- أود أن أتعرّف إلى سلمى، لكن إذا كنت لا تفضّل مساعدتي أو تشعر بعدم الارتياح تجاه مشاركة المعلومات المتعلقة بها لأي سبب من الأسباب، فلا بأس. لا أريد أن أسبب لك الإزعاج أو الإحراج.
لا تتوقع أن يكون الناس على استعداد لتقديم المساعدة دائماً، لذلك، يجب عليك عدم تذكر تلك التجارب السلبية، أي يجب عدم رفض طلب شخص ما لمجرد أنه لم يُقدم لك المساعدة سابقاً. على الرغم من ذلك، يمكنك أن تبذل قصارى جهدك لتطلب المساعدة من الناس بطريقة تُظهر الامتنان وتعزز فرصك في الحصول على ما تحتاج إليه أو تريده حقاً؛ إذ إنه من المفترض أنك سترد الجميل في المستقبل.