طريقة إيلون ماسك في حل المشكلات

3 دقيقة
تصميم نانو بانانا، جيميناي

"من أراد القتال فعليه أولاً أن يحسب التكلفة"

  سون تزو، كتاب "فن الحرب"

 

هذه عينة من نشرة د. حمود، للمدراء والطامحين للقيادة

اشترك مجاناً لتصلك كل أسبوع عبر الإيميل، من خلال الرابط التالي

 

فكرة

الموظفون لا يستقيلون بسبب المهام، بل بسبب الغموض

لا يعني انشغال الموظف واندماجه في العمل بالضرورة أنه يخطط للبقاء. كشفت دراسة حديثة نشرت في مجلة الشرق الأوسط للإدارة في ديسمبر 2025 أن الموظفين الذين تمنحهم المؤسسات مساحة لإعادة تشكيل وصفهم الوظيفي، أو ما يعرف بتشكيل الوظيفة والتحكم بجدول عملهم، قد يواصلون الأداء بنشاط، لكن ذلك لا يعكس بالضرورة رضاهم عن مسارهم المهني.

عندما يشعر الموظف بأنه وصل إلى حالة من الجمود الوظيفي، أي أنه لم يعد يرى فرصة حقيقية للنمو أو التقدم، تبدأ نية الاستقالة بالتكون تدريجياً وبصمت. وتتفاقم هذه النية إذا أدرك أن السوق خارج الشركة يوفر فرصاً أفضل من حيث التطور أو التقدير.

تظهر المؤشرات غالباً في صورة تراجع الحماس تجاه الأهداف طويلة المدى، والتركيز على تنفيذ المهام اليومية دون مبادرة، إضافة إلى اهتمام مفاجئ بفرص مهنية خارج المؤسسة.

أما ما يجب على المدير فعله، فيتمثل في مراقبة ما هو أبعد من مستوى الأداء. يحتاج المدير إلى فهم علاقة الموظف بمستقبله داخل الفريق. فالموظفون لا يغادرون المهام، بل يغادرون الغموض.

(مستند إلى بحث: The Impact of Job Crafting on Turnover Intentions، مجلة الشرق الأوسط للإدارة، ديسمبر/كانون الأول 2025).

 

خلاصات مفيدة

طريقة إيلون ماسك في اتخاذ القرارات عبر تفكيك المشكلات

يتخذ كثير من المدراء بالاستناد إلى ما فعله الآخرون قبلهم. يقلدون النموذج القائم، ويحسنون عليه قليلاً، ثم يظنون أنهم يبتكرون. لكن هناك من كسر هذه القاعدة تماماً، وأعاد تعريف مفهوم اتخاذ القرار من جذوره.

يعد رائد الأعمال ومؤسس شركتي تسلا وسبيس إكس، إيلون ماسك، أبرز من طبق هذا النهج. استلهم ماسك طريقته مما يعرف بتفكير المبادئ الأولى، وهي طريقة مأخوذة من فلسفة أرسطو في تفكيك المشكلات، وهو أسلوب يقوم على تفكيك المشكلات إلى عناصرها الأساسية، ثم إعادة بنائها اعتماداً على الحقائق، لا على العادات أو ما هو سائد.

تجنب التقليد وفكك المشكلة

يرى ماسك أن أغلب الناس يعتمدون في قراراتهم على التفكير القياسي، أي محاكاة ما اعتاد عليه الآخرون. أما هو، فيبدأ من الصفر.

في مثال شهير، كان سعر البطاريات الكهربائية ثابتاً تقريباً عند 600 دولار لكل كيلوواط ساعة. لكن ماسك لم يتقبل هذه الفكرة. سأل نفسه: مما تتكون البطارية فعلياً؟ وعندما فحص المواد الخام مثل الكوبالت والنيكل والألومنيوم والكربون، وجد أن كلفتها تقارب 80 دولاراً فقط.

قاد هذا التفكيك الجذري إلى إعادة تصميم بطاريات تسلا بتكلفة أقل كثيراً، ما أسهم في تغيير معادلة السيارات الكهربائية بالكامل.

كيف تطبق هذا الأسلوب كمدير؟

ابدأ بهذين السؤالين

يمكن لأي مدير تطبيق هذا النهج عبر طرح سؤالين أساسيين قبل اتخاذ القرار:

أولاً، ما الحقائق الأساسية المؤكدة في هذه المشكلة؟

لا تفترض أن التكلفة أو الزمن أو طريقة التنفيذ ثوابت لا يمكن المساس بها. فككها كما فعل ماسك مع مكونات البطارية أو الصاروخ.

ثانياً، ما الافتراضات الموروثة التي يمكن كسرها؟

هل المدة فعلاً لا يمكن تقليصها؟ هل الميزانية حقاً غير كافية؟ أم أن القرار قائم على تصورات قديمة لم يعد لها مكان؟

مثال تطبيقي

عندما أراد ماسك إرسال صاروخ إلى المريخ، وجد أن شراء صاروخ جاهز يكلف نحو 65 مليون دولار. لكنه عاد إلى السؤال الجوهري: مما يتكون الصاروخ؟ وبعد حساب تكلفة مواده الخام مثل الألومنيوم والتيتانيوم والألياف الكربونية، اكتشف أنها لا تتجاوز 2 في المئة من السعر.

بناءً على ذلك، أسس شركة سبيس إكس، وبدأ تصنيع الصواريخ داخلياً، ما خفض التكلفة إلى أقل من عشر السعر السائد.

خطوات ماسك 

لا يقوم هذا الأسلوب على تحسين تدريجي لما هو موجود، بل على تفكير يبدأ من الصفر. يفكك المشكلة إلى حقائقها الأولية، ثم يعاد بناء الحل اعتماداً على ما هو صحيح، لا على ما هو شائع. وتعتمد طريقته على الخطوات العملية التالية.

التنفيذ العملي

  • فكك المشكلة إلى عناصرها الأولية.
  • لا تبدأ من التكلفة أو الشكل الخارجي. اسأل: مما تتكون المشكلة فعلياً؟

مثال من ماسك: المواد الخام للصاروخ لا تمثل سوى 2 في المئة من سعره.

للمدير: ركز على الوظيفة لا الشكل، واسأل ما الذي نشتريه فعلياً.

  • لا تسلم بما هو شائع، بل بما هو صحيح.
  • لا تفترض أن السوق دائماً على حق.

مثال: رفض ماسك فكرة ارتفاع تكلفة البطاريات، وفكك عناصرها حتى خفضها جذرياً.

للمدير: اختبر الفرضيات بنفسك، ولا تكرر ما يفعله الآخرون دون تمحيص.

  • افصل بين الشكل والوظيفة.
  • لا تنخدع بالمظاهر، وابتكر حلولاً وظيفية حتى لو لم تبد جديدة. مثال: لم تزود الحقائب بعجلات حتى سبعينيات القرن الماضي، لأن الجميع كان يحسن الحقيبة لا طريقة نقلها.
  • اسأل ما الهدف، وهل توجد طريقة أبسط وأقل كلفة لتحقيقه.
  • اجمع بين أجزاء غير متوقعة.
  • قد يولد الإبداع من دمج عناصر لا تبدو مترابطة. يعتمد ماسك على دمج تقنيات من صناعات مختلفة لبناء حلول جديدة. لذلك، استلهم من مجالات خارج تخصصك، وركب الحل بنفسك.
  • لا تبدأ من حيث انتهى الآخرون.
  • ابدأ من الغاية الأساسية، لا من النسخ أو التعديل. يسأل ماسك دائماً: ما الهدف؟ وهل يمكن تحقيقه بطريقة مغايرة؟
  • لذا، لا تنطلق مما تمت تجربته سابقاً، بل مما يحتاج فعلياً لإعادة النظر.

ابدأ من الأساسيات

تبني كثير من المؤسسات قراراتها على ما اعتادت عليه، فتكتفي بتحسين تدريجي بدل إعادة النظر الجذرية. لكن طريقة إيلون ماسك تقدم بديلاً واضحاً: لا تكتف بالتطوير، بل ابدأ من الأساس.

في كل قرار، اسأل نفسك: هل هذا هو الحل الأفضل فعلاً، أم أننا نكرر ما فعله غيرنا؟

فربما لا يكون الطريق الأقصر في التحسين، بل في إعادة التفكير من جديد.

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي