6 طرق مثبتة لكسب ثقة موظفيك

7 دقائق
الثقة
shutterstock.com/Nicoleta Raftu
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

غالباً ما يُنظر إلى الثقة بصفتها الركيزة الأساسية لنجاح الشركة، إذ يربطها كثيرون بوجوب إيمان العملاء بالشركة ومنتجاتها وخدماتها، لكن الثقة داخل المؤسسة مهمة بالقدر نفسه؛ يجب أن يثق الموظفون بعضهم ببعض، ومن دون هذه الثقة، سيتأثر التواصل والعمل الجماعي والأداء على نحو سلبي حتماً. على سبيل المثال، أوضح ناشر نيويورك تايمز، آرثر سولزبرغر، بعد طرده محررة الصحيفة جيل أبرامسون في مايو/أيار عام 2014، أنه حذرها مراراً وتكراراً من أنها تفقد ثقة غرفة التحرير. إذاً كيف يمكن بناء الثقة في مكان العمل؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

يقول أستاذ علم النفس في جامعة نورث إيسترن ومؤلف كتاب “حقيقة الثقة” (The Truth About Trust)، ديفيد ديستينو، إن الثقة شيء يتطور زيادة أو نقصاناً بمرور الوقت،  ولكنه ضروري لتعزيز اندماج الموظفين ودافعيتهم وصدقهم. عندما يثق الموظفون بمديرهم، من المرجح أن يلتزموا بتحقيق الأهداف التي حددها ويتحدثوا بوضوح وشفافية أكبر عن التحديات التي يواجهونها على مستواهم. ويقول المحاضر الأول في كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا والرئيس التنفيذي المخضرم للبرمجيات، جيم دوغيرتي، إن المدراء لن يعرفوا أبداً حقيقة ما يجري في شركاتهم إلا إذا وثق موظفوهم بهم، لذلك من المهم جداً أن يعزز المدراء جدارتهم بالثقة باستمرار. إليك الطريقة.

إنشاء روابط شخصية

يُعد إنشاء الصلات الشخصية إحدى أهم استراتيجيات بناء الثقة الفعالة، وخصوصاً بالنسبة للمدراء. يقول ديستينو: “مع زيادة صلاحيات الفرد، تقل مصداقيته بنظر الآخرين لأنه يبدو أقل اعتماداً عليهم، وسيبدو بالتالي أقل جدارة بالثقة”. يمكنك بصفتك المدير مواجهة هذه النظرة من خلال التعرف على موظفيك في فريقك والسماح لهم بالمقابل بالتعرف عليك أيضاً. قد يعني ذلك الدردشة حول مسقط رأسك المشترك أو الإعجاب بالفريق الرياضي نفسه، وقد يشمل أيضاً استضافة جلسات التدريب غير الرسمية في فترة الغداء أو المشاركة أحياناً في إجراء بعض المكالمات مع فريق خدمة العملاء. ينصح دوغيرتي بفعل ما يجعل أعضاء فريقك يشعرون أنك واحد منهم، فذلك يعزز الشعور بأنكم جميعاً تتشاركون العمل لتحقيق الهدف نفسه على الرغم من أنك المدير.

احرص على الشفافية والصدق

يجب أن تشارك موظفيك ما أمكنك من معلومات حول الوضع الحالي للشركة وأهدافها المستقبلية، وإلا فستجد نفسك تحارب الشائعات التي تنتشر بينهم باستمرار. يقول دوغيرتي في هذا الصدد: “إذا كانت هناك فجوة في المعلومات، فسيعمل الموظفون على ملئها بافتراضات ومعلومات سلبية دائماً”. ربما لا يمكنك مشاركة بعض المعلومات، مثل التعويضات، ولكن تقديم معلومات مهمة أخرى بانتظام -مثل النتائج المالية ومقاييس الأداء والملاحظات التي تصدر عن اجتماعات مجلس الإدارة- يظهر ثقتك بموظفيك، ما يعزز بدوره ثقتهم بك. تنطوي الشفافية أيضاً على التحلي بالنزاهة لقول الحقيقة، حتى لو كان ذلك يعني نقل أخبار سيئة. يقول ديستينو: “إذا لم يكن بمقدورك نقل الأخبار السيئة لموظفيك بشفافية، فلن يثقوا بك”.

شجِّع موظفيك بدلاً من إصدار الأوامر

يمكن للموظفين التمييز بين تلقي الأوامر والتشجيع. يقول دوغيرتي إن إصدار الأوامر للموظفين استراتيجية غير ناجحة على المدى الطويل، وبدلاً منها يجب تحفيزهم. إذا شعر الموظفون بالتمكين للنجاح وكانوا يؤمنون بأن أهدافهم تتوافق مع أهداف الشركة، فسيعملون بجد وبفعالية أكبر. يتطلب تحقيق ذلك من المدراء تفويض مهامهم لموظفيهم ومنحهم أكبر قدر ممكن من الاستقلالية، مع توضيح توقعاتهم وكيفية قياس الأداء بعد ذلك. يقول دوغيرتي إن الموظفين سيثقون بك إذا وثقت بهم.

تحمَّل اللوم، وامنح الفضل لمن يستحقه

لا يفضل الموظفون مديراً ينسب الفضل كله في النجاحات لنفسه، ولكنه يوجه انتقادات لاذعة للآخرين عندما تسوء الأمور. يقول دوغيرتي إن أفضل طريقة لتشجيع السلوك الجيد هي إسناد الفضل إلى من يستحقه، ما يعزز الشعور بأن الجميع يعملون لتحقيق أهداف مشتركة وليس فقط لتحقيق أهداف المدير ومنفعته الشخصية. بدلاً من إلقاء اللوم على تسريح العاملين أو ضعف الأرباح، شدد على أن الشركة -وقيادتك أيضاً- بحاجة إلى تحسين، يقول ديستينو إن ذلك يشير إلى أنك، بصفتك المدير، لا تعتقد أنك فوق القواعد المختلفة التي تنطبق على أي شخص آخر في المؤسسة.

لا تفضِّل أحداً على آخر

محاباة موظفين معينين هي طريقة مؤكدة لفقدان ثقة الموظفين الآخرين بك. يقول دوغيرتي إن الموظفين سيلاحظون المحاباة والمحسوبيات في العمل على الفور، فإذا كانت معاملتك لبعضهم أفضل منها للآخرين فستفقد ثقة موظفيك بك حتماً. على سبيل المثال، إذا كنت تمنح معلومات أو مهام معينة لموظفين معينين دون غيرهم دائماً، أو إذا دعوت قلة مختارة فقط لتناول الغداء معك أو مشاركتك في مباراة رياضية مثلاً، فستقوض جهودك كلها لبناء الثقة. يجب عليك أيضاً تجنب التشهير بالآخرين في غيابهم مهما كان الثمن، لأن ذلك يوحي بأنك منافق. يقول ديستينو إن الموظفين يحتاجون إلى الشعور بأنهم يتفاعلون مع شخصيتك الحقيقية، فإذا سمعوك تتحدث بصورة سلبية عن زميل من وراء ظهره، فسيفترضون أنك تفعل الشيء نفسه معهم بمجرد مغادرتهم الغرفة.

أظهِر الكفاءة

إذا لم تكن جيداً في عملك، فلن تتمكن من كسب ثقة موظفيك. يقول ديستينو إنه حتى لو كان الجميع معجباً بك، يجب أن تكون أهلاً للثقة، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال تحسين مهاراتك الخاصة بانتظام والوفاء بالتزاماتك. يجب عليك أيضاً تجنب محاولة إظهار أنك خبير في كل شيء، لأن أصحاب الخبرة سوف يكتشفون أنك تدّعي المعرفة على الفور. بدلاً من ذلك، كن متواضعاً واطرح الأسئلة وعبّر عن رغبتك في التعلم، وحينئذ ستعمل أنت وموظفوك بفعالية أكبر. يقول ديستينو: “في النهاية، يمكن أن يؤدي العمل مع الآخرين والاعتماد على خبراتهم إلى إنجاز أكثر مما ستنجزه لو عملت بمفردك”.

مبادئ عليك تذكّرها

ما يجب أن تفعله

  • شدد على القواسم المشتركة مع موظفيك لمساعدتهم على الشعور بأن أهدافهم تتماشى مع أهدافك.
  • شارك أكبر قدر ممكن من المعلومات مع موظفيك لأنهم عندما يشعرون أنك تثق بهم سيثقون بك بالمقابل.
  • اعترف بالأخطاء وتحمّل المسؤولية.

ما يجب ألا تفعله

  • إصدار الأوامر فقط. بل عليك تحفيز موظفيك على النجاح بمفردهم، ما يساعدك على كسب ثقتهم.
  • التحدث بسلبية عن الآخرين عند غيابهم، إذ سيفترض الموظفون تلقائياً أنك ستتحدث عنهم أيضاً بالطريقة نفسها عند غيابهم.
  • التظاهر بالمعرفة، إذ يحتاج موظفوك إلى رؤيتك مؤهلاً بما يكفي للاعتراف بأنك لا تعرف كل شيء وبأنك تفتقر إلى بعض المهارات.

دراسة حالة رقم 1: أبقِ الباب مفتوحاً

عندما تولّت جين ماكنتاير منصب الرئيسة التنفيذية للمؤسسة غير الربحية، يونايتد واي أوف ذا سنترال كارولايناز (United Way of the Central Carolinas) عام 2009، كانت المؤسسة تعاني فضيحة مدوية، إذ واجهت اتهامات بسوء الإدارة الفادح، وكانت سلف جين قد غادرت فجأة وسط جدل حول راتبها السخي ومزايا التقاعد التي حصلت عليها، ما أثار غضب المجتمع حينها، وتراجعت التبرعات إلى حد خطير، وشعر الموظفون بالارتباك والغضب. ثم ساء الوضع أكثر بعد اندلاع الأزمة الاقتصادية، ما استدعى تسريح العاملين وخفض الميزانية. تقول جين متذكّرة ذلك الوقت: “سادت المؤسسة فوضى عارمة”.

في أول يوم لها بصفتها الرئيسة التنفيذية، أدركت جين أن عليها فعل شيء هادف لتُظهر للموظفين الذين يواجهون صعوبات عدة أنها تستحق ثقتهم. عندما اجتمع الموظفون للترحيب بها، سألها أحدهم عن أولويتها الرئيسية. تقول ماكنتاير: “كان هناك باب زجاجي يفصل بين الردهة ومكاتب المسؤولين التنفيذيين، وكان هذا الباب مغلقاً دائماً. لذلك قلت لذلك الموظف؛ هل ترى هذا الباب؟ لن يكون مغلقاً أبداً. وعلا تصفيق الموظفين في تلك اللحظة”.

على الرغم من أن جين كانت مضطرة إلى اتخاذ قرارات صعبة لخفض التكاليف في الأشهر القليلة التالية، لكنها كانت حريصة على أن تُتخذ القرارات كلها بشفافية وأمانة. أنشأت جين اجتماعات إلزامية لجميع الموظفين إيماناً منها بأن عليها التواصل معهم شخصياً، خاصة عندما يتعلق الأمر بنقل أخبار صعبة إليهم، وأعادت أيضاً تنظيم الإدارات لتعمل بفعالية أكبر وتعزز التواصل بين الموظفين، وأعادت القدرة على إرسال الرسائل الإلكترونية العامة إلى جميع الموظفين -وهي ميزة كانت سلفها قد عطلتها- من أجل تحسين مشاركة المعلومات عبر الشركة بأكملها،

كما أثبتت أنها لن تستثني أحداً من قرارات تخفيض التكاليف حتى في أعلى مستويات المؤسسة، وكشفت علناً أن راتبها كان أقل من نصف راتب سلفها. كما خفضت عدد أعضاء مجلس الإدارة الذي كان متهماً بالموافقة على منح مزايا زائدة للمسؤولين التنفيذيين من 67 إلى 24 عضواً فقط. وجعلت جين إمكانية وصول موظفيها إليها سمة مميزة لها، وتقول في هذا الصدد: “إنه من المفيد جداً أن يعرف الموظفون أنه بمقدورهم الوصول إلى قائدهم”، وتضيف أن ذلك سبّب لها البطء في العمل قليلاً، لكنه كان مفيداً جداً في نهاية المطاف.

اليوم، تجاوزت المؤسسة أهدافها في جمع التبرعات وتوفر المزيد من المنح للهيئات الخيرية المحلية. لكن جين تعتقد أن التقدم الذي أحرزته في كسب ثقة الموظفين يتجلى بوضوح أكبر في المسار العام للاجتماعات العامة، تتذكر قائلة: “كانت هذه الاجتماعات عندما بدأت حزينة ومملة جداً، لم يكن يطرح الموظفون فيها أي أسئلة ولم يبدوا أي اهتمام أو حماس. لكن الاجتماعات أصبحت الآن حيوية وودية يضحك فيها الموظفون ويستمتعون بوقتهم. تسود روح الزمالة الآن بين الجميع”.

دراسة حالة رقم 2: مواجهة الأخبار السيئة مباشرة

قبل عدة سنوات، كان فريق الرئيس التنفيذي للتسويق في شركة البرمجيات، هبسبوت (Hubspot)، مايك فولبي، ينمو بسرعة كبيرة لدرجة أنه بالكاد كان قادراً على تذكّر أسماء الجميع، فقد زاد عدد أفراد فريقه في غضون 9 أشهر فقط من 20 إلى 50 فرداً تقريباً.  يتذكر مايك كيف كان يراقب اجتماعات الفريق ويرى العديد من الوجوه الجديدة في كل اجتماع، ويقول: “كانت فترة صعبة”.

اعتمد مايك على بعض الاستراتيجيات الرئيسية من أجل كسب ثقة العديد من الأشخاص الجدد في فريقه في الوقت نفسه. عززَ سياسة الشركة المتمثلة في تحقيق أعلى درجات الشفافية من خلال مشاركة البيانات والغايات المنشودة والأخطاء والأحداث الرئيسية مع الموظفين على جميع المستويات. يقول في هذا الصدد إنه لا حاجة إلى حجب المعلومات عن الموظفين، لأنك إذا فعلت ذلك، فكأنما تقول لهم إنك لا تثق بهم. كما منح مايك فريقه التسويقي مستوى عالياً من الاستقلالية والسيطرة على عمله. يقول: “عندما تدير فريقاً صغيراً مكونا من 15 أو 20 شخصاً، يمكنك أداء دور أكبر في اتخاذ القرارات المتعلقة بالعمل. ولكن بعد أن بدأ الفريق بالنمو سريعاً، أصبح ذلك عقبة كبيرة، وأدركت أنني بحاجة إلى الوثوق بالفريق لتولي المسؤولية. وجدت أن الموظفين يؤدون عملهم بصورة أفضل عندما تمنحهم الصلاحيات وتحمِّلهم المسؤولية اللازمة”.

كما جمع مايك الملاحظات بانتظام من موظفيه عبر أداة تُسمى “تايني بالس” (TinyPulse) تتيح استقصاء آراء الموظفين حول وظائفهم دون الكشف عن هويتهم. لاحظ مايك قبل عدة أشهر علامات على تراجع الثقة بين موظفيه من خلال تلك الاستقصاءات، ويقول إن ذلك حدث بعد تسريح بعض الموظفين -3 أو 4 موظفين لم يعودوا ملائمين للوظيفة- في الوقت نفسه تقريباً. ويضيف: “لم يكن توقيت التسريح مقصوداً. كانت مجرد مصادفة أن هذه الأحداث وقعت في الوقت نفسه بسبب تزامن عوامل مختلفة”. مع ذلك، وجد مايك من خلال الاستقصاءات السرية أن الموظفين باتوا يخشون على وظائفهم.

بادر مايك إلى معالجة المشكلة على الفور من خلال استخدام ميزة الردود السرية على تعليقات الموظفين في أداة “تايني بالس”، كما عقد اجتماعات عامة مخصصة ليسأله الموظفون عن أي شيء يريدونه. يقول مايك في هذا الصدد: “كنت منفتحاً وصادقاً مع الموظفين وأجبت عن الأسئلة الصعبة ولم أحاول تلطيف إجاباتي عنها. حاولت التعامل مع الأمر مباشرة موضحاً للموظفين أن حالات التسريح هذه لم تكن مؤشراً على اتجاه نحو تسريح المزيد من الموظفين”. كان لصدقه أثر إيجابي كبير على موظفيه، فقد أظهرت الاستقصاءات منذ ذلك الحين تعافي مقاييس السعادة كلياً بل وارتفعت عما كانت عليه في الفترة التي سبقت تسريح الموظفين.

يقول مايك: “أشعر بالرضا حقاً عن الطريقة التي تعاملنا بها مع الموقف الصعب الذي نجم عن تسريح بعض الموظفين. كان من الممكن أن يصبح أسوأ، ولكن نظراً إلى وجود نظام لتتبع سعادة الموظفين وعملية محددة لإجراء حوارات صادقة معهم، كان ما واجهناه مجرد مأزق بسيط أمكننا التعامل معه بسهولة دون أن يتحول إلى مأزق خطير”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .