هل تساعد البيانات على فهم طبيعة عمل الموظفين في الشركات؟

3 دقائق
فهم طبيعة عمل الموظفين

يبدو أن استخدام علم البيانات للتنبؤ بكيفية تغيير الموظفين في الشركات ضرباً من الخيال. وكما كتبنا مؤخراً، لا تزال إدارة التغيير واحدة من المجالات القليلة التي لم تمسها الثورة القائمة على البيانات. ولكن، على الرغم من أننا قد لا نُحيل إدارة التغيير إلى "علم عملي"، فإن بعض الشركات تستفيد بالفعل من الإمكانات التي تكفلها تلك التقنيات المسيّرة بالبيانات من أجل فهم طبيعة عمل الموظفين بشكل صحيح.

كيفية فهم طبيعة عمل الموظفين

ومن أبرز عوامل التمكين في هذا الصدد: تحليل حركة مرور رسائل البريد الإلكتروني وواصفات بيانات التقويم (الروزنامة). إذ يطلعنا ذلك على الكثير بخصوص من يخاطب من، وفي أي الأقسام، ويساعدنا ذلك في التعرف على الاجتماعات الجارية وموضوعاتها ومدة انعقادها. وتعين هذه الأنواع من التحليلات شركة "إرنست آند يونغ"، التي يعمل فيها بعضنا، باستخدام تحليلات محل العمل لشركة "مايكروسوفت" (Microsoft Workplace Analytics)، على مساعدة العملاء في التنبؤ بإمكانية الحفاظ على المواهب الرئيسة إثر عملية الاستحواذ على شركة أخرى، ووضع استراتيجيات لتعظيم الحفاظ على الموظفين إلى أقصى حد ممكن.

اقرأ أيضاً: 3 طرق يمكن أن تضللك بها لوحات متابعة البيانات

ويمكننا باستخدام بيانات رسائل البريد الإلكتروني والتقويم تحديد الأنماط المتعلقة بالأشخاص الذين ينخرطون في العمل مع بعضهم بعضاً، وأي الأقسام في المؤسسة تتعرض لضغوط، وأي الأفراد أكثر نشاطاً ودأباً في تجاوز القيود التي تفرضها الشركة.

ومن المعلوم أنه ربما تكون هناك مجموعة مخاوف تتعلق بالخصوصية حول التحقق من رسائل البريد الإلكتروني لشخص ما وتقويمه حتى في سياق العمل. لكن، يمكنك أيضاً استخلاص رؤى متعمقة بالاستعانة بواصفات البيانات المجهولة المصدر، حيث تُزال أسماء الأشخاص والمحتوى المتعلق بهم.

ويمكن تحليل البيانات الوصفية لأفكار المحتوى وتواتر التواصل بين الأقسام، والربط بين هذه البيانات وبين مؤشرات أكثر تقليدية لفعالية العملية، وزمن دورة العمل وإنجاز العمل على النحو السليم من أول مرة، وما إلى ذلك.

ثمة مثال مبكر مُستخلص من إعادة هيكلة مؤسسة كنا بصدد إنجازها. هذا النوع من المشروعات عادة ما تُحفزه رغبة في تحسين تنفيذ الاستراتيجية وتقليص التكاليف. ومن المتعارف عليه أن العنصر المالي فقط هو القابل للقياس، الأمر الذي يمكن أن يساعد بسهولة على صنع القرار.

بالنسبة لأحد عملاء شركة "إرنست آند يونغ"، فإننا نستخدم علم البيانات لاتخاذ قرارات متعلقة بالتصميم المؤسسي من شأنها تسريع أهداف الاستراتيجية. وأراد العميل أن يزيد من التعاون فيما بين الأقسام، مثلاً بين قسم المبيعات وقسم تطوير المنتجات.

وتكمن إمكانات هذه التقنيات في تغيير الطرق التي يتفاعل بها المدراء مع الموظفين. واليوم، فإن أغلب المدراء يبذلون قصارى جهدهم لإشراك الموظفين وتحفيزهم.

ومع ذلك، يتعين علينا انتظار "المحفزات الرسمية" قبل أن نتمكن من الاستجابة، مثل استطلاع آراء الموظفين أو اجتماع فردي مع المدير. ويسمح لنا تحليل نشاط حركة مرور البريد الإلكتروني أيضاً بالتدخل أسرع بكثير واكتشاف ما إذا كان ما ننجزه يُجدي نفعاً أم لا.

"تحليل مشاعر الموظفين في الزمن الحقيقي"

يمكن أن يُصبح ذلك أشبه بـ "تحليل لمشاعر الموظفين في الزمن الحقيقي"، ويحدث ثورة في جودة الرؤى المتاحة لدى المدراء ليتصرفوا فيها كما أرادوا.

لننظر، على سبيل المثال، إلى الأمر التنفيذي الأخير الذي أصدرته الولايات المتحدة الأميركية وفرض حظر سفر على 7 دول مسلمة. كان ذلك مصدر قلق كبير للعديد من شركات التقنية التي لديها عدداً كبيراً من الموظفين من حملة تأشيرة (H1-B) للعمالة الماهرة المنتمين إلى الدول المعنية بالحظر وإلى الدول المجاورة لها في آسيا والشرق الأوسط. لو كانت الشركات تستخدم حلاً يعمل بالذكاء الاصطناعي ويقدم رؤى في الزمن الحقيقي، لكان بوسعها مراقبة مستوى القلق في المؤسسة، وربما استطاعت التنبؤ بأنواع الهموم التي تشغل بال الموظفين.

كثير من أرباب الأعمال يعقدون جلسات للحوار مع موظفيهم للإجابة عن بعض الأسئلة والتعامل مع أسباب قلقهم. إن الدليل الوحيد الذي بحوزتنا على أثر تلك الجلسات دليل سردي. وفي ظل وجود نظام لرصد "مشاعر الموظفين في الزمن الحقيقي"، سيكون بوسعنا التخمين بدقة والاستجابة وفقاً لتخميناتنا، وقياس أثر تلك الاستجابات.

اقرأ أيضاً: 3 طرق تساعدك على شرح المغزى من بياناتك

سنحتاج دائماً إلى مدراء خبراء بالتغيير لتفسير هذه البيانات وتصميم الطرق السليمة للعمل مع الموظفين في أثناء فترة التحول أو خلال الأحداث الطارئة الخارجية، مثل حظر السفر.

إن ما يمكن لأدوات علم البيانات تحقيقه هو جعل استجاباتنا أسرع وأكثر تركيزاً على الهدف، وإطلاعنا على ما كان مجدياً بطريقة أسرع وأكثر موثوقية وأقل تدخلاً مما كان يمكن إنجازه من قبل.

استغرق الأمر ثلاثة أسابيع فقط لإعادة الهيكلة للمؤسسة المشار إليها أعلاه، وذلك، لتحليل بيانات سلوكية لعام كامل، على أن يتم إلحاق هذا التحليل بتصميم العمليات المستقبلية والهيكل المستقبلي.

لو عدنا إلى الماضي، لكنا عوّلنا على التقنيات التدخلية، مثل المقابلات الشخصية واستطلاعات آراء الموظفين، التي لا تستغرق وقتاً طويلاً فحسب، بل تنطوي على جميع أنواع التحيز المحتملة أيضاً في سبيل فهم طبيعة عمل الموظفين بدقة. ونصيحتنا لمدير التغيير المستقبلي أن يجعل من البيانات رفيقاً له، وألا يبادر مطلقاً بإعادة التنظيم من دونها.

اقرأ أيضاً: 10 خطوات لخلق عقلية الاعتماد على البيانات في الشركة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي