أهمية جدول فترات الاستراحة لزيادة الإبداع لديك

3 دقائق
أهمية الاستراحة في العمل

هل تعلم أهمية الاستراحة في العمل لزيادة الإبداع؟ إذا افترضنا أنك في عصر يوم الخميس، وقبل أن تغادر العمل لتبدأ عطلة نهاية الأسبوع، طُلب منك حل مشكلتين تتطلبان تفكيراً إبداعياً، فهل:

  • ستقضي النصف الأول من وقتك في محاولة حل المشكلة الأولى والنصف الثاني في محاولة حل الثانية؟
  • ستتنقل بين المشكلتين على أوقات منتظمة ومحددة مسبقاً، (على سبيل المثال، التنقل بينهما كل 5 دقائق)؟
  • ستتنقل بين المشكلتين كما يحلو لك؟

إذا كنت تشبه في طريقة تفكيرك مئات الأفراد الذين طرحنا عليهم هذا السؤال، فستختار التنقل بين المشكلتين كما يحلو لك. على كل حال، يسمح هذا النهج بأكبر قدر من الاستقلالية والمرونة، بحيث يمكنك تحويل مسار تفكيرك من مشكلة إلى أخرى عندما تصل إلى طريق مسدود.

أما إذا كنت تهدف للتوصل إلى حلول إبداعية، فإن هذا الأسلوب ليس مثالياً. وعوضاً عن ذلك، من المرجح أن يؤدي التنقل بين المشكلتين على فترات منتظمة ومحددة مسبقاً إلى تحقيق أفضل النتائج، وذلك وفقاً لبحث نشرناه في عدد شهر مارس/آذار الماضي، حول "السلوك المؤسسي وعمليات اتخاذ القرار البشري" (Organizational Behavior and Human Decision Processes).

لماذا إذاً لا يكون التنقل باختيار المرء، وهو الأسلوب الذي اتبعه معظم من شملتهم الدراسة التي أجريناها، والتي توصلت إلى النتائج الأكثر إبداعاً؟ عندما نحاول حل مشكلات تتطلب إبداعاً، فإننا في الغالب نصل إلى طريق مسدود دون إدراك ذلك. فنجد أنفسنا نحوم حول نفس الأفكار غير الفعالة ولا ندرك متى يحين الوقت للمضي قدماً بعيداً عن تلك النقطة. وعلى نقيض ذلك، يمكن أن يؤدي التبديل بانتظام بين مهمتين متتاليتين على فترات زمنية محددة مسبقاً إلى إعادة ضبط تفكيرك، بحيث يمكنك النظر إلى كل مهمة من زاوية جديدة.

في إحدى التجارب، وزعنا المشاركين عشوائياً على الأساليب الثلاثة. حيث زادت إمكانية انتقال المشاركين الذين طُلب منهم التنقل بشكل مستمر ومتتابع بين مشكلتين على فترة ثابتة بشكل ملحوظ أكثر من المشاركين الذين طُلب منهم الانتقال حسب رغبتهم أو في منتصف الوقت المخصص لحل المشكلتين.

وركزت دراسة ثانية على عملية خلق الأفكار الإبداعية. وفي تلك التجربة، لم تكن هناك إجابات صحيحة للمشكلات التي طرحناها. فقد أردنا اكتشاف ما إذا كانت فوائد الابتعاد عن مشكلة ما على فترات منتظمة ستنتقل إلى أنواع أخرى من المشكلات التي تتطلب الإبداع، على غرار العصف الذهني.

ومرة أخرى وزعنا كل واحد من المشاركين على أحد أساليبنا الثلاثة للتنقل بين المهام، وطلبنا منهم توليد أفكار إبداعية لمهمتين مختلفتين لتوليد الأفكار. وكما في الدراسة الأولى، اعتقد معظم الناس أن أداءهم سيكون في أحسن حالاته إذا تنقلوا بين مهمتي توليد الأفكار حسب رغبتهم. واكتشفنا مرة أخرى أن المشاركين الذين طُلب منهم التنقل بين مهمتي توليد الأفكار على فترات ثابتة قد توصلوا إلى أكثر الأفكار إبداعاً.

يبدو أن مشكلة آخر أسلوبين هي عدم قدرة الناس على اكتشاف متى يتسلل إليهم التفكير الجامد. كما تزداد إمكانية قيام المشاركين، الذين لم يبتعدوا عن المهمة على فترات ثابتة، بصياغة أفكار "جديدة" تشبه كثيراً تلك التي توصلوا إليها في المرة السابقة. وفي الوقت الذي يشعرون فيه بأن التوفيق حالفهم، فإن الواقع أثبت أنه من دون الاستراحات التي يوفرها التنقل المستمر بين المهام، فإن تقدمهم الحقيقي كان محدوداً.

ساندت بحوث أخرى الفوائد الابتكارية للتنقل بين المهام. حيث اكتشف ستيفن سميث (Steven Smith)، وزملاؤه، أن الأفراد الذين طُلب منهم سرد العناصر الموجودة في قوائم مختلفة، مع التنقل باستمرار بين تلك القوائم، توصلوا لأفكار ابتكارية بدرجة أكبر من الأفراد الذين سردوا العناصر الموجودة في قائمة ما قبل التنقل إلى العناصر الموجودة في القائمة التالية. وفي السياق ذاته، وجدت دراسات أخرى أن الحصول على استراحات قصيرة أثناء توليد الأفكار يمكنه الزيادة من تنوع الأفكار التي تم توليدها. وتشير نتائج تلك الأبحاث، علاوة على بحثنا، إلى أن ضوضاء وصخب حياتك المهنية يسهل من قدرتك على الإبداع إذا ما قادك إلى الابتعاد عن مهمة ما لتجديد تفكيرك.

عندما تضطلع بمهام تتطلب الاستعانة بالتفكير الإبداعي، عليك معرفة أهمية الاستراحة في العمل والحصول على استراحات لتجديد أسلوبك. اجعل تلك الاستراحات على فترات منتظمة، واستعن بمؤقت عند الحاجة لذلك. وعند انطلاق المؤقت انتقل من مهمة لأخرى: مثل ترتيب إيصالات استرداد المصروفات، أو فحص البريد الإلكتروني، أو تنظيف مكتبك، وبعد ذلك عليك العودة إلى المهمة الرئيسية. وإذا ترددت في الابتعاد عن المهمة لأنك تشعر بأن الحظ يحالفك، فعليك الانتباه إلى أن ذلك يكون شعوراً زائفاً. ذلك لأننا نميل إلى توليد أفكار زائدة عندما لا نحصل على استراحات منتظمة، ثم اسأل نفسك إن كانت آخر الأفكار التي توصلت إليها مختلفة من حيث الكيف. وأخيراً، لا تفوت استراحة الغداء، ولا تشعر بالذنب لحصولك على استراحات، وبخاصة عندما تشعر بوصولك إلى طريق مسدود. فالقيام بذلك يكون في واقع الأمر أفضل استغلال لوقتك.

اقرأ أيضاً:

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي