ضد الموظفين؟ هكذا يفكر المدراء

3 دقيقة
قضايا الموظفين
shutterstock.com/Black Creator 24

في عالم يميل إلى التعاطف مع الموظف وانتقاد الإدارة، يسلّط المقال الضوء على الجانب المنسي: كيف يفكر المدراء ولماذا يتصرفون بهذه الطريقة تجاه قضايا الرواتب والترقيات والمهام. ومن أهم هذه القضايا:

  • لماذا لم تقدم لك الشركة العرض المغري الجديد إلا عندما أبلغتهم بأنك تلقيت عرض…

إذا أردت أن تحصد الكثير من اللايكات والمشاهدات في منصات التواصل الاجتماعي، فاكتب منشوراً ينتقد المدير أو ينتقد الشركات، واتهم المدراء والمؤسسات بأنهم يمثلون السلطة التي تحاول أن تستبعد الموظفين وتمتص عرقهم بأبخس الأثمان.

لكنني اليوم سأصدمكم قليلاً وأقف مع المدراء والمؤسسات في كيفية التعامل مع الانتقادات والشكاوى التقليدية أو المظالم التي باتت معروفة ويتداولها الناس على منصات التواصل.

هناك مظلوميات تاريخية متعارف عليها لدى الموظفين في كل مكان تقريباً، فهم يتداولونها ويحبون منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التي تعبر عنها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

  • لماذا لم تقدم لك الشركة العرض المغري الجديد إلا عندما أبلغتهم بأنك تلقيت عرضاً من شركة أخرى؟
  • لماذا لا تقدم لك الشركة زيادة الراتب إلا حينما تطلبها أو تهدد بالاستقالة؟
  • لماذا لم تتم ترقيتي إلى المنصب على الرغم من أنني الأقدم؟
  • لماذا قررت الشركة زيادة مهام عملي دون أن تزيد راتبي؟

هذه فقط بعض المظالم التي يرى فيها الموظف المشكلة من منظوره، وهذا حقه بالطبع. ولكن من حقه أن يرى الجانب الآخر وهو وجهة نظر الشركة والمدير. وجهة النظر هذه لا يسمعها الموظف غالباً بسبب إما انشغال المدير، أو عدم اهتمام الموارد البشرية بتقديم مثل هذه التفسيرات، أو بسبب عدم وجود قدرة على شرح هذه الفكرة بطريقة فيها تعاطف مع الموظف والشركة؛ طريقة فيها الشرح المنطقي الذي يزيل الحاجز النفسي بين الموظف والشركة الذي يتم الترويج له على أنه "نحن وأنتم" أو أنا الموظف البسيط والمدير الرأسمالي الجشع.

استعد للإجابة

تحتاج بصفتك مديراً أو مسؤولاً في شركة إلى أن تؤمن أولاً بأن ترك هذه الأسئلة دون إجابات ليس من صالحك ولا صالح العمل، لأن هذا التجاهل يزيد الفجوة بينك وبين الموظفين الذين يشعرون بهذه المظلوميات بحسب جمعية إدارة الموارد البشرية.

تحتاج في البداية إلى أن تحدد قناعاتك تجاهها وتحدد سياسات واضحة تجاه زيادة الراتب والترقية والتعامل مع الموظف الذي يتلقى عرضاً، وذلك بحسب حجم الشركة التي تديرها. فإن كنت تدير شركة كبيرة فعليك مع مجلس الإدارة وفريق الموارد البشرية وضع سياسات واضحة حولها، وهو ما يسهل حياتك وحياة الموظفين، مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه السياسات في عالم الشركات اليوم من النادر أن تكون آلية، وتنطبق على الموظفين جميعهم دون تقدير من المدير المباشر لمدى أهمية الموظف ونجاحه ومثابرته وتطور مهاراته.

وإن كنت تدير شركة متوسطة أو صغيرة، فمن مصلحتك أن توضح هذه السياسات ولو بالعموم، على أن تكون مستعداً للإجابة عن أسئلتها بوضوح حتى ولو كان استيعاب الإجابة صعباً على الموظفين.

لماذا لا تزيدون راتبي دون طلب؟

من الإجابات التي أستطيع جمعها من خبرتي واجتماعاتي مع آلاف القادة، ومما درسته من حالات عملية، أقدم الإجابات عن هذه التساؤلات بشكل مختصر:

فقط الشركات التقليدية الكبيرة في الحجم والمؤسسات الحكومية يمكن أن يكون لديها نظام زيادة رواتب تقليدي ثابت وآلي، سنوي أو غير سنوي. عدا عن ذلك فإن الشركات اليوم تتعامل مع هذا الموضوع بناءً على تقدير المدير المباشر، وطلب الموظف، ولذلك تجد آلاف المقالات من هارفارد وغيرها من الأبحاث تدل الموظف على كيفية طلب الزيادة والتفاوض عليها، بل إن هناك مقالات ومنها هذا المقال من هارفارد بزنس ريفيو تدل الموظف على طرق لكي يقنع بها مدراءه بزيادة الراتب بعد أن رفضوا طلبه.

إذاً، الشركة لن تعرض على الموظف زيادة في الراتب غالباً إلا في حالات نادرة لموظفين معينين كبار تخشى من مغادرتهم. وفي حال تلقى موظف مهم عرضاً خارجياً لمغادرة الشركة، فعندها تحدث مفاوضة إذا كانت الشركة متمسكة بالموظف، وهذا طبيعي ويحدث في شركات ميتا (فيسبوك) وغوغل وغيرها باستمرار.

لماذا لا تتم ترقيتي؟

أما لماذا لا تتم الترقية للموظف على الرغم من أنه الأقدم، فهذه القاعدة انتهت من العالم، وإن كانت لا تزال في بعض المؤسسات الحكومية التقليدية، فهذا لا يعني أنها قاعدة غير مقبولة في عالم اليوم الإداري.

فالترقية لمن يحقق معايير قيادية وإدارية وفنية، وليست للأقدم. وإن كان مبدأ الأقدم موروثاً من القطاع الحكومي والعسكري، فهو في عالم شركات اليوم بما فيها الحكومي لا قيمة له.

حسناً، لماذا قررت الشركة زيادة مهامي دون زيادة راتبي. والجواب هو أن الزيادة يمكن أن تكون إذا زادت مسؤولياتك وليست مهام عملك، لأن زيادة مهام عملك ليست عبرة ما دامت ضمن وقت الدوام الرسمي لأننا في عالم اليوم استطعنا تخفيض زمن المهام السابقة بسبب التكنولوجيا، لذلك فإن ملء وقتك المخصص للعمل بمهام أخرى من حق المؤسسة التي تعمل بها.

لقد انتهى عصر الوصف الوظيفي كما ذكرت في مقال سابق، وظهر كتاب يحمل هذا العنوان، وباتت الشركات تفتح أمام موظفيها فرصة العمل على مهارات ومهام جديدة خارج الوصف الوظيفي بهدف نقلهم لاختصاصات جديدة فرضتها التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ولم يعد من المنطقي أن يلتصق الموظف بالوصف الوظيفي الذي يعود إلى عصر مضى، بل عليه أن يكون مرناً قابلاً لاختيار أشياء جديدة.

تقدير الموظف

أكثر وتر يعزف عليه منتقدو المدير والباكون على شكاوى الموظفين، هو "تقدير الموظف". وهو أمر مهم جداً، بل هو الأساس لاندماج الموظف بحسب الدراسات.

الشركة لا تقدّرني أو أين تقدير المدير؟

وفي هذا الموضوع، أعتقد أن أكثر الشكاوى في منطقتنا العربية تأتي من العاملين في القطاع الحكومي، إذ يخشى كثير من المدراء الذين وصلوا إلى مناصبهم عبر الواسطة من منافسة الموظفين الطموحين، فيعمدون إلى إسكاتهم وإحباطهم وعدم تقديرهم. لكن في القطاع الخاص، فأعتقد أنه نادراً أن تحدث مثل هذه الحالات، وإن حدثت فإنها ستنكشف قريباً وتعود بالسوء على المدير الذي يكبت ويحبط الموظفين الطامحين وأصحاب الإمكانات.

تقدير الموظف النشيط هو جزء من استثمار المدير في شركته التي يعمل بها، لأن استبدال الموظف الجيد مكلف. وعلى المدير أن يعرف متى وكيف يكافئ ويقدر أصحاب الأداء العالي، والتقدير ليس مادياً دائماً بل قد يكون بكلمة طيبة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2025.

المحتوى محمي