قانون هيك: ضاعف مبيعاتك بتقليل منتجاتك

5 دقيقة
قانون هيكس
shutterstock.com/eamesBot

لنفترض أنك قررت تجربة مطعم لأول مرة، أو أنك قصدت مقهى لم تعتد الطلب منه باستمرار، سيكون حجم قائمة الطعام "منيو" (Menu) عاملاً مهماً في تحديد الوقت الذي تستغرقه لاتخاذ قرار بشأن ما تريد تناوله، فكلما كانت قائمة الطعام كبيرة؛ زادت احتمالية ترددك واستغراقك وقتاً أطول في الاختيار، وعلى العكس من ذلك، إذا كانت القائمة صغيرة؛ أصبح الاختيار أسهل وستحدد بسرعة ما تريد.

هذه ليست مجرد حالة من التردد تمر بها وحدك. فبحسب قانون هيك، عندما تزداد الخيارات المعروضة على الأشخاص، فإنهم يستغرقون وقتاً أطول لاتخاذ القرار.

ما هو قانون هيك؟

جاءت تسمية القانون نسبةً إلى عالمي النفس البريطاني ويليام إدموند هيك والأميركي راي هايمان، ويشرح العلاقة بين عدد المحفزات ورد فعل الفرد لأي منبه معيّن، وينص القانون في الأساس على أنه كلما زادت الخيارات المتاحة؛ زادت المدة المطلوبة لاتخاذ القرار.

عندما يتعرض الشخص إلى حمل زائد من المعلومات نتيجة وفرة الخيارات المتاحة، فمن المرجح أن يتخذ قراراً سيئاً ويشعر بالقلق والاكتئاب، وهو ما يسميه الخبراء بمفارقة الخيار.

من الناحية التسويقية، فإن تقديم الكثير من الخيارات يمكن أن يحد من قدرة المستهلك على اتخاذ القرار السليم، قد يبدو أن تقديم مجموعة واسعة من الخيارات يمنح الشخص هامش حرية أكبر للاختيار بين بدائل كثيرة ويخلق رضا متصوراً عن هذا الاختيار. ومع ذلك، تبيّن بعض الدراسات أن لتعدد الخيارات عواقب سلبية مثل الحمل الزائد للمعلومات، وزيادة الجهد المعرفي، وصعوبة الاختيار وتجنبه.

وعليه، اعتمد قانون هيك على كيفية عمل دماغ البشر لفهم تأثير عدد الاختيارات على عملية صنع القرار، وركز على مفهومين أساسيين:

التحليل المعرفي: عندما نستخدم منتجاً ما، تخزن ذاكرتنا القصيرة المدى المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات. لكن إذا احتوت هذه الذاكرة على الكثير من الخيارات، فلن تتمكن أدمغتنا من معالجتها جميعها لاتخاذ القرار، ويتطلب كل خيار إضافي معالجة عقلية جديدة، ما يسهم في تعقيد عملية صنع القرار.

الإرهاق العقلي: مع وفرة الخيارات، قد يعاني الأفراد الإرهاق العقلي، ما يجعل من الصعب عليهم التوصل إلى قرار. ويقر قانون هيك بأن كفاءة اتخاذ القرار تنخفض كلما واجه متخذ القرار المزيد من البدائل.

خيارات أقل مبيعات أكثر

في عام 2000، أجرى عالما النفس شينا إينجار ومارك ليبر من جامعتي كولومبيا وستانفورد تجربة بحثية تضمنت عرض 24 نوعاً مختلفاً من المربى على مجموعة من المشاركين، وفي يوم آخر عرضا على مجموعة أخرى 6 أنواع مختلفة فقط من المربى، وكانت النتيجة أنه في الفترات المعروض فيها 24 صنفاً توقف 60% من المارة لاستعراض الخيارات واشترى منهم 3% فقط، أما في الفترات المعروض فيها 6 أصناف فتوقف 40% من المارة لاستعراض المنتجات لكن أقدم 30% منهم على الشراء.

وهذا يدل على أن كثرة الخيارات تجذب العملاء لاستكشاف المنتجات، في حين أن قلتها تساعدهم على اتخاذ قرار الشراء. وبينت التجربة أيضاً أن وجود خيارات أقل يعزز السعادة، ويقلل الشعور بالندم، ويزيد احتمال تكرار الشراء.

وفي دراسة أخرى موسعة نشرتها مجلة علم نفس المستهلك في عام 2015، حلل الباحثون ما مجموعه 99 "دراسة اختيار" وركزوا تحديداً على الحالات التي ساعد فيها تقليل الخيارات على تعزيز المبيعات، وتوصلوا إلى 4 معايير تحفّز المستهلكين على الشراء، وهي: عند اتخاذ خيار سريع وسهل، وعندما يكون المنتج معقداً حيث تساعد الخيارات الأقل المستهلك على اتخاذ القرار، وعند صعوبة المقارنة بين البدائل، وعندما لا يكون لدى المستهلكين تفضيلات واضحة.

نجد أن ما ينص عليه قانون هيك وما توصلت إليه التجارب البحثية السابقة يتعارض مع نظرية خيار المستهلك التي تنص على أنه كلما زادت الاختيارات أمام المستهلك، تمكّن من خفض الأسعار باختيار البديل المناسب لقدرته الشرائية، ومن ثم الشعور بالسعادة.

6 طرائق للاستفادة من قانون هيك في ترويج منتجاتك رقمياً

تتمثل بساطة القرار في السهولة التي يمكن بها للمستهلكين جمع معلومات موثوقة حول المنتج وتقييم خيارات الشراء الخاصة بهم بثقة وكفاءة، وإحدى الطرق الواضحة لزيادة بساطة القرار هي تقديم خيارات وعدد منتجات أقل للمستهلكين. لكن بساطة القرار تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك.

فيما يلي أهم 6 طرائق عملية طرحها المؤلف يمان بن عدنان العرضي في كتابه "سيكولوجية المنتجات الرقمية"، ستمكّنك من الاستفادة من قانون هيك في بناء تجارب رقمية متميزة تسهم في زيادة معدلات الشراء:

1. تقليل المحتوى المعروض

يمكن تلخيص المبدأ الأساسي لقانون هيك في 3 كلمات: "الأقل هو الأسرع"؛ أي أنه من خلال توفير الخيارات الأساسية فقط، يمكنك تسريع وقت استجابة المستخدم.

نستخدم صفحات الهبوط (Landing pages) لشرح مميزات التطبيق أو الموقع وتكون مرتبطة بهدف مثل التسجيل أو شراء منتج محدد، وتزداد فعالية الصفحة، كلما ركّز المحتوى على عناصر محددة مفيدة للمستخدم، وتقوم شركة نتفلكس (Netflix) بذلك بفعالية، إذ تقدم مجموعة مختارة بناءً على سجل العرض والتفضيلات الخاصة بالمستخدم عند تسجيل الدخول، ما يقلل العدد الهائل من الاختيارات مقارنة بعرض المكتبة كلها مقدماً، بالإضافة إلى ذلك، تقدم مرشحات تساعد المستخدم على تحديد أنواع الأفلام التي يرغب في مشاهدتها.

ويمكن تقليل خيارات المستخدم من خلال:

  • اختصار نصوص الشروح بما لا يخل بالوضوح.
  • التركيز على المميزات المهمة فقط والاهتمام بجودتها وأهميتها للمستخدم أكثر من عددها.
  • تحديد هدف واحد فقط من صفحة الهبوط، وعدم طلب عدة أفعال من المستخدم، لأن هذا قد يشتته فلا يأخذ أي خطوة.

2. تبسيط القوائم والخيارات

إن تقسيم العمليات المعقدة إلى خطوات أصغر يخفف عن المستخدم عبء اتخاذ القرار، بالتالي يمكنك تبسيط عملية الدفع إلى خطوات أصغر، من خلال السماح للمستخدمين بعرض سلة التسوق الخاصة بهم وتحريرها على صفحة واحدة، ثم إدخال معلومات الشحن الخاصة بهم في الصفحة التالية، ومعلومات الدفع الخاصة بهم في الصفحة التي تليها.

وعند بناء قائمة منسدلة (Dropdown Menu) حاول دراسة تحسين هيكلية المعلومات ووضع خيارات أقل فيها، حتى إن تطلب ذلك تقسيمها إلى عدة قوائم منسدلة، مثلاً إذا كانت القائمة حول اختيار البلد، يمكن تقسيم القارات أولاً حيث إن هناك 7 قارات فقط، بالتالي سيأخذ المستخدم ثانية أو جزءاً منها في الاختيار، ثم ينتقل إلى قائمة أخرى ليختار الدولة داخل هذه القارة، وهكذا.

3. توفير خيار البحث

في حالة الاضطرار لوضع قائمة منسدلة طويلة أمام المستخدم بحيث لا يمكن تقليلها أو تقسيمها إلى عدة مراحل، سيكون وجود خيار البحث جيداً لأنه يوفر الكثير من الوقت على المستخدم، بدلاً من الاضطرار لقراءة كامل القائمة للاختيار.

4. استخدام لغة مفهومة

عندما يكون هناك إجراء أو فعل على المستخدم تنفيذه، استخدم لغة بسيطة تناسب الفئة المستهدفة، بحيث تقلل العبء الذهني المطلوب لتفسير المعلومات وتحليلها، فاستخدام المصطلحات الفنية التي لا يفهمها الشخص البسيط تطيل عملية الاختيار، وبالتالي تزيد احتمالية توقف المستخدم عن استكمال الإجراء المطلوب منه.

أيضاً، يتسبب وجود العديد من العبارات التي تحث المستخدمين على اتخاذ إجراء معين بإرباكهم وتشتيت انتباههم، لذا فكر في التقليل من عدد هذه العبارات، سواء كان ذلك على صفحات الخروج أو الصفحات المقصودة أو صفحات المنتج أو في رسائل البريد الإلكتروني.

على سبيل المثال كانت شركة نيم أون (NameOn) للبيع بالتجزئة، تخسر أكثر من 30% من عملائها، واكتشفت أن وجود 9 عبارات تدعو إلى اتخاذ إجراء على صفحة سلة التسوق كان يربك المستخدمين، فاعتمدت عبارة واحدة فقط على الصفحة تدعو إلى اتخاذ إجراء، ما أدى إلى زيادة الإيرادات بنسبة 11.4%.

5. الكشف التدريجي للمعلومات

عندما يتم طلب تعبئة نموذج (Form) طويل من المستخدم، فمن الأفضل عدم وضعه بالكامل أمامه في الصفحة نفسها. على سبيل المثال، إذا كان النموذج يحتوي على 20 مدخلاً تجب تعبئتها فأظهرها تدريجياً على عدة صفحات، أو أجعلها مخفية وتظهر عقب إكمال المستخدم للمدخل الذي أمامه.

6. تسهيل الفحص السريع والمقارنة بين الخيارات

إذا أردت أن يختار المستخدم بين مجموعة خيارات، وكل خيار يحتوي على مميزات أو خصائص مختلفة (مثل باقات الأسعار)، فاستخدم التمثيل البصري لتسهيل عرض المعلومات ومقارنتها بسلاسة بالنظر السريع المختصر دون الحاجة إلى قراءة كل التفاصيل.

يتعرض المستهلك إلى العديد من الخيارات والمعلومات يومياً، وقد تجذبه كثرتها في البداية، ولكنها غالباً ما تؤدي به إلى الندم وصعوبة اتخاذ القرار، لمنع حدوث ذلك، اتبع قانون هيك، وضع في الاعتبار أن تقليل العبء المعرفي لا يقتصر فقط على تقليل عدد الخيارات التي تقدمها لعملائك؛ بل يرتبط أيضاً بجعل عملية التسوق واتخاذ القرار بالكامل سهلة قدر الإمكان.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي