ريما هي الرئيسة التنفيذية لأكبر مؤسسة مستقلة وغير ربحية تقدم الرعاية الصحية والسكنية للمسنين في بلدي وتوفر الرعاية ما بعد التقاعد والدعم المنزلي. أُسست المؤسسة منذ أكثر من 100 عام وتمسكت بالعديد من الطرق التي تتبعها، ومنها طريقة وضع الأهداف الاستراتيجية. لكن ريما لم تكن راضية عن هذه العملية، فسألتها عن السبب.

أوضحت قائلة: “عندما نجتمع معاً لمناقشة اتجاهنا المستقبلي بوصفنا مؤسسة، نصل دائماً إلى النقطة التي نحتاج فيها إلى كتابة أهدافنا. إذا كنا نكلّف ميسّراً بذلك، وعادة ما نفعل ذلك، فسوف يذهب هذا الشخص إلى اللوح الورقي القلاب أو السبورة البيضاء ويكتب كلمة ‘الأهداف’ في الأعلى. ثم يُجري الجميع عصفاً ذهنياً لإنتاج قائمة طويلة للغاية من الأهداف”.

سألتها: “وهل تقلصون تلك القائمة؟”.

أجابت قائلة: “نعم. ثم تبدأ المناقشة والتصارع بهدف تقليل الأهداف إلى نحو 6 أهداف. وبعد مرور وقت طويل، يكون زملائي المرهقون والمحبَطون سعداء للغاية لانتقالنا إلى البند التالي من جدول الأعمال”.

أوضحت ريما كيف أن فريقها لا يكون عادة راضياً عن النتيجة. وأضافت: “ولا أنا، لأن قائمة الأهداف تحتوي دائماً على مزيج من الأنشطة والمستحسنات وبيانات نوايا غامضة”. أطلعتني ريما على أحدث النتائج:

  • لنصبح جهة العمل المفضلة.
  • لتنمية الأعمال من خلال فتح مراكز إضافية.
  • للحفاظ على الاستقرار في رعاية المقيمين والعملاء.
  • لإدارة المخاطر والأزمات بفعالية.
  • لضمان الامتثال للسلطات التنظيمية.
  • لتحسين العمليات من خلال اعتماد تكنولوجيات إضافية.

ربما أثمرت مساعيك عن قائمة مماثلة، وقد تتساءل: ما المشكلة في ذلك؟ والإجابة هي: أنها كثيرة.

يجب أن تحدد أي استراتيجية تضعها ريما ما يمكن للشركة فعله لتلبية احتياجات كل مجموعة من أصحاب المصلحة الرئيسيين: المقيمين والعملاء والموظفين والموردين والمساهمين والمجتمع. هذا يعني أن مؤسستها يجب أن تحدد العوامل المهمة لكل من هذه المجموعات. على سبيل المثال، يجب على فريق الإدارة وضع سياسة بشأن ظروف العمل والأجور وثقافة المؤسسة وما إلى ذلك للموظفين. فما الذي يجب أن يوجّه هذه القرارات؟ وكيف ستعرف ريما إذا ما كانت القرارات تؤدي إلى إحراز تقدم في المؤسسة؟ وكيف ستقيس ذلك؟

يجب أن تكون الإجابات هي قائمة أهدافها الاستراتيجية. لكن المزيج الذي لدى ريما لا يرسم خطاً واضحاً بين الموقف التنافسي للشركة لكل مجموعة من أصحاب المصلحة الرئيسيين والنتائج. فكيف يمكنك معرفة إذا ما كانت الاستراتيجية تؤتي ثمارها؟ يبدو الأمر كما لو أن قائمة الأهداف موجودة في ثقب أسود.

غيّر طريقة تفكيرك في عملية وضع الأهداف

يتطلب الخروج من هذا المأزق تغيير وجهة نظرك وتحديد ما تريده مؤسستك من أصحاب المصلحة الرئيسيين. (وهذه لحظة اكتشاف يمُر بها معظم المدراء). وستكون هذه هي أهدافك الاستراتيجية. على سبيل المثال، ضع في اعتبارك الإيرادات المتأتية من العملاء، وثمرة ابتكارات الموظفين، والدعم الذي يقدمه المجتمع. يجب أن يتحول تفكيرك ليصبح من الخارج إلى الداخل إذا كنت تريد وضع أهداف استراتيجية ناجحة. إذا كنت تتخيل عملية وضع أهداف المؤسسة بهذه الطريقة، فستتمكن من رؤية كيف يمكن تقسيمها إلى تمرين لكل صاحب مصلحة على حدة.

الخطوة الأولى: حدد نتيجة سلوكية لكل مجموعة من أصحاب المصلحة.

للتوضيح، اسمحوا لي أن أشارك قصة. يرأس أحد الرؤساء التنفيذيين الذين أقدم لهم المشورة، غسان، بنكاً مشتركاً مع “أعضاء”. وقد عقدت ورشة عمل له ولمدرائه. حددنا أصحاب المصلحة الرئيسيين في الاتحاد الائتماني، وكان أحدهم، بطبيعة الحال، من الأعضاء. لاجتياز عملية العصف الذهني التقليدية، طرحت على المجموعة سؤالاً يبدو بسيطاً: “ما الذي تريدون أن يفعله أعضاؤكم؟”.

نظرت المجموعة إلى ذلك على أنه نهج جديد ومدهش، ودفعهم إلى التفكير بعمق أكبر. وبعد بعض المناقشة، حصلنا على هذا: “تشجيع الأعضاء على اقتراض المزيد، وجعْل الأعضاء المحتملين أعضاء لدينا”. وشرحت لماذا أسمي ذلك “نتيجة سلوكية”.

الخطوة الثانية: حوِّل النتائج السلوكية إلى أهداف مؤسسية.

ثم قدت مجموعة غسان إلى الخطوة الثانية، وهي تحويل هذه النتيجة السلوكية إلى هدف مؤسسي. وهو يبدأ عادة بـ “لزيادة” أو “لخفض”. وبعد دراسة ومناقشة متأنية، وافقت المجموعة على ما يلي: “لزيادة الإيرادات المتأتية من الأعضاء الحاليين والمستقبليين”، لاحظ كلمة “المستقبليين”. سيكون هذا الهدف مدفوعاً بالتركيز على العوامل الاستراتيجية ذات الصلة بالأعضاء.

لماذا لم أبدأ من الخطوة الثانية؟ لأن العملية تسفر دائماً عن مزيج من الأهداف وأشياء أخرى. ولكن تحديد النتيجة السلوكية لكل مجموعة من أصحاب المصلحة الرئيسيين أولاً يرسّخ أهداف المؤسسة، التي تصبح بعد ذلك واضحة وقابلة للقياس.

الخطوة الثالثة: حدِّد مقاييس.

يقودني هذا إلى الخطوة الثالثة: تحديد مقاييس، وهي قائمة قصيرة يُشار إليها عادة بمؤشرات الأداء الرئيسة (KPIs). قد يكون هذا صعباً، إذ تُصنَّف جميع أنواع الأشياء على أنها مؤشرات أداء رئيسة في تمارين مثل هذه. كانت مؤسسة غسان تصنف الإجراءات التي يتخذها الأفراد وأوصاف البرامج على أنها مؤشرات أداء رئيسة. لذلك، كنت بحاجة إلى الإشارة إلى أن مؤشر الأداء الرئيس هو مقياس أداء رئيس.

كانت النقطة الحاسمة لغسان ومجموعته هي عندما أوضحت أن هناك 3 طرق فقط لقياس النتائج في مجال الأعمال وأنه يمكن تلخيصها بدقة من خلال 3 رموز: $ (أو العملة المحلية) و# (العدد) و% (النسبة المئوية). لم يستخلص لهم أي شخص نتائج مكثفة بهذه الطريقة من قبل.

ميزة ذلك هي أن غسان وفريقه لديهم الآن هدف موجه صوب أصحاب المصلحة للأعضاء ويمكن قياسه. إذ يمكن لغسان قياس إجمالي الإيرادات المتأتية من الأعضاء الجدد والحاليين، وعدد الأعضاء الجدد والحاليين، والنسبة المئوية للبنك من الحصة السوقية. ويمكن تقييم أي استراتيجيات تهدف إلى خلق ميزة تنافسية (في مجموعة المنتجات وخدمة العملاء والتسعير، على سبيل المثال) باستخدام هذه النتائج الدقيقة.

أفعل ذلك لكل من أصحاب المصلحة الرئيسيين في المؤسسة: العملاء والموظفين والموردين وما إلى ذلك. وهو دائماً ما يدفع الفريق الإداري إلى استكشاف ما تحاول المؤسسة تحقيقه حقاً.

رحلة وضع أهدافك

إذا كنت ترغب في وضع استراتيجية محددة الأهداف بوضوح، يجب عليك ببساطة تجنب الممارسة التقليدية المتمثلة في العصف الذهني للحصول على قائمة بالأهداف الاستراتيجية. فهو يؤدي إلى مزيج من عناصر يصعب قياسها، كما يتضح من تجربة ريما. بدلاً من ذلك، أعد التفكير في رحلتك من خلال تحديد أصحاب المصلحة الرئيسيين، وما تريده منهم.

إذ سيحقق لك ذلك نتائج واضحة وقابلة للقياس ستساعد في تركيز المواقف الاستراتيجية لمؤسستك بالنسبة لكل من أصحاب المصلحة الرئيسيين. وسيكون الوضوح الاستراتيجي هو الثمرة التي ستجنيها.