يمكنكم الاستماع إلى هذا البرنامج الصوتي (بودكاست) والاشتراك فيه عبر أبل بودكاستس | جوجل بودكاستس | آر إس إس
أجرت هارفارد بزنس ريفيو مقابلة صوتية (بودكاست) مع أستاذا "كلية هارفارد للأعمال" (Harvard Business School) ريبيكا هندرسون وجورج سيرافيم.
وناقش الجانبان جهود هيرو ميزونو، الرئيس التنفيذي للاستثمار بصندوق التقاعد الاستثماري الحكومي الياباني "GPIF"، أحد أهم أضخم أوعية رأس المال في العالم، في دمج المشكلات البيئية والاجتماعية والإدارية في جميع عناصر الحافظة الاستثمارية للصندوق. حيث يؤمن ميزونو أن الطريقة الوحيدة للوفاء بمسؤولياته تجاه المستفيدين من الصندوق هي تحسين أداء الاقتصاد بالكامل، من خلال تحسين الحوكمة المؤسسية، وزيادة معدل الإدماج والتنوع بين الجنسين، وتقليل مستوى الضرر البيئي الناجم عن التغير المناخي. لكن هل سيكون ذلك كافياً لتغيير العالم؟ أو هل ينبغي لصندوق تقاعد أن يحاول تغيير العالم؟ تناقش هندرسون وسيرافيم هذه الأسئلة وغيرها في دراستهما التي تحمل عنوان "هل ينبغي لصندوق تقاعد أن يحاول تغيير العالم؟ دراسة تبني صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي الياباني للقضايا البيئية والاجتماعية والحكومية".
وإليكم مقتطفات من هذه المقابلة الصوتية:
النص
بريان كيني: الجميع يحبون شخصية الوغد، أو هكذا يقولون في هوليوود. ومنذ فجر صناعة السينما، وجد المؤلفون والمخرجون نماذج جاهزة لذلك في وول ستريت. خذ مثلاً شخصية جوردون جيكو، التي أداها مايكل دوغلاس في رائعة أوليفر ستون لعام 1987 "وول ستريت". جيكو، والذي اشتق اسمه من اسم سحلية، هو أحد صيادي الشركات القساة، والذي صارت صورته تعبيراً رمزياً للجشع الذي لم تستطع وول ستريت نفيه أبداً. إنها صورة نمطية بالتأكيد، لكن ثمة مبرر لوجودها، لأنه سواء كان ذلك فن محاكاة للحياة أو غيره، كانت الأعمال دائماً مدرجة في خانة الشر. فهل بالإمكان قلب هذه الصورة؟ هل مر بنا زمن كانت الشركات تلعب فيه دور البطل؟ سوف نتحدث اليوم مع أستاذين جامعيين، هما ريبيكا هندرسون وجورج سيرافيم، حول دراسة لهما بعنوان "هل ينبغي على صندوق التقاعد محاولة تغيير العالم؟ دراسة تبني صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي الياباني للقضايا البيئية والاجتماعية والحكومية". معكم بريان كيني، وأنتم تستمعون إلى برنامج "كولد كول" الذي سُجل على الهواء مباشرة في استوديو "كلارمان هول" (Klarman Hal) في "كلية هارفارد للأعمال" (Harvard Business School).
يستكشف عمل ريبيكا هندرسون كيفية تفاعل المؤسسات مع التحولات التكنولوجية الواسعة، وآخرها ما يتعلق بالطاقة والبيئة. وهي أيضاً مصممة الدورة التدريبية بعنوان "إعادة تصور الرأسمالية" في برنامج ماجستير إدارة الأعمال، الذي تدرِّس مقرراته بالاشتراك مع ضيفنا الآخر، جورج سيرافيم، الذي تركز بحوثه على قياس الأداء المؤسسي ودفعه وأثره الاجتماعي. مرحباً بكما.
ريبيكا هندرسون: مرحباً بريان. يسعدني حضوري معكم.
جورج سيرافيم: شكراً لك بريان على استضافتنا.
بريان كيني: ريبيكا، هذه هي المرة الثانية لك معنا في برنامج "كولد كول"، وتلك إذاً هي المرة الأولى التي نستضيف فيها جورج، سيكون هذا رائعاً بلا شك.
ريبيكا هندرسون: سيكون لقاء رائعاً بكل تأكيد.
جورج سيرافيم: الحديث معك ممتع دائماً.
بريان كيني: ريبيكا، هلا تفضلتِ بعرض الحالة. مَن يلعب دور البطولة؟ وما الذي يدور بخلده؟
ريبيكا هندرسون: بكل سرور. هيرو ميزونو هو من يلعب دور البطولة، إنه الرئيس التنفيذي للاستثمار في صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي في اليابان. يتحكم الصندوق في أصول تقدر بنحو 1.6 تريليون دولار. وهذا مبلغ كبير للغاية لدرجة أن الصندوق يمتلك حوالي 10% من سوق الأسهم اليابانية، وحوالي 1% من سوق الأسهم العالمية. وهو أحد أكبر أوعية رأس المال في العالم. وتبدأ الحالة حين استقر هيرو في مقعده بالطائرة، وخلفه تتوارى مدينة سان فرانسيسكو، عندها أخذ يقول لنفسه "هل ما أقوم به صواب؟ هل أدفع الأشخاص الذين يديرون هذا المال للتفكير بجدية في المشكلات البيئية والاجتماعية والإدارية. هل تلك فكرة صائبة؟ هل هذا ما يجب عليَّ فعله؟" وكان على يقين تماماً من أن ذلك ما يجب عليه فعله، فما كان يتساءل بشأنه حقاً هو ما إذا كان هذا كافياً حقاً لتغيير العالم أم لا. لكن المسألة أيضاً تتعلق بما "إن كان هذا هو الصواب فعلاً" فإن كان منوطاً به إدارة ذلك المال، ألا ينبغي عليه أن يركز فقط على جني المال؟ لماذا يشغل نفسه بالمشكلات البيئية والاجتماعية ومشاكل الحوكمة؟ كانت تلك هي المعضلة حقاً بالنسبة له.
بريان كيني: هذه أفكار راديكالية، سوف نتناولها مع توسعنا في نقاش تلك القضية. فما الذي حفزكما على الكتابة عنها؟ ما الذي سمعتماه عن صندوق التقاعد الحكومي الاستثماري وعن طبيعة عمله؟
ريبيكا هندرسون: الحق أنني سمعت عنه من جورج، كانت تلك فكرته في الأساس، لكني كنت من استقللت الطائرة وسافرت إلى اليابان. وقد ركزت بحوث جورج لفترة طويلة على ما إن كان بإمكان القطاع المالي لعب دور كبير في خلق اقتصاد أكثر استدامة وعدالة، وكيف يمكنه ذلك. ووجه اهتمامه إلى مجموعة من المستثمرين الذين نطلق عليهم المستثمرين العالميين. فهؤلاء هم مَن يملكون أموالاً كثيرة للغاية، إما لأن لديهم أموالاً كثيرة جداً أو أنهم استثمروا أموالهم فيما نسميه الصناديق السلبية، حيث لا يمكنك نقل الأموال التي يتم استثمارها فيها. يجب أيضاً أن تكون من الصامدين، ولنقل ضمن الشركات المصنفة على قوائم "فورتشن 500" (Fortune 500). كان جورج مهتماً فعلاً بما إذا كان لهؤلاء المستثمرين القدرة على تغيير العالم فعلاً أم لا، لأنه بالنسبة لهؤلاء - وهذا هو جوهر المسألة - لو سيطروا على كل سهم في هذا الكوكب، ما أمكن بأية حال التملص من المخاطر التي تواجه الاقتصاد كله. أما بالنسبة لهيرو، فإن مخاطر التغير المناخي ليست شيئاً نظرياً مجرداً قد يُصيب بعض الشركات ويترك بعضها، فهو يرى أن الاقتصاد بكامله عرضة للخطر، وبالتبعية يكون الاقتصاد الياباني أيضاً عرضة للخطر. والسؤال المحوري هنا، وهو السؤال المطروح للبحث، هو ما إذا كان بمقدور أصحاب الأصول الضخمة هؤلاء أن يمثلوا قوة هائلة في سبيل خير هذا العالم؟
بريان كيني: اسمح لي إذاً أن أسألك يا جورج، ما دمت أنت مَن جئت بفكرة صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي إلى ريبيكا. أين هو موضع صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي من الساحة، لا أقول ساحة الاقتصاد الياباني، بل الاقتصاد العالمي، وما موقعه من صناديق التقاعد؟
جورج سيرافيم: هذا سؤال رائع، بريان. ودعنا نضع هذا السؤال في سياق فهمنا لسوق رأس المال كله. لعلك تفكر في الاستثمار التقليدي، وفي الاستثمار التقليدي يكون التفكير على النحو التالي "هل تشتري بيبسيكو أم كوكاكولا؟" وتفكر في الساحة التنافسية لهذا القطاع، أليس كذلك؟ كذلك نميل إلى التفكير في الأمر على المدى القصير. ثم تشتري، وقد تشتري هذه الأسهم لأشهر أو لعام أو شيء في هذه الحدود، ومن ثم تتابع تحريك محفظتك الاستثمارية من جديد. لكن حين نفكر في مؤسسة مثل صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي أو غيره من صناديق التقاعد الضخمة التي أطلقت عليها ريبيكا اسم المقرضون العالميون، نجد أنها على أقصى طرفي هذين المقياسين فيما يتعلق بالمخاطرة، بالنسبة للقطاع أو بالنسبة للسوق، أو المخاطرة طويلة المدى حين يتعلق الأمر بالملكية. حين تكون لديك مؤسسات ذات آفاق بعيدة المدى، ولها ملكية شديدة التنوع مثل صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي، فإن كثيراً من الأمور التي تُعتبر عادة من مشكلات السلعة العامة، ومشكلات الراكب المجاني (مشكلات سوء الاستهلاك لعدم دفع مقابل)، لن تكون موجودة لأنك صرت الآن مهتماً بالسوق. هذا في المحور الأفقي الخاص بالأفق الزمني، والمحور الرأسي الخاص بالملكية المشتركة لمتنافسين داخل القطاع، وهناك مجموعة من المستثمرين على طرفي النقيض من هذا. ويعد صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي أحد هؤلاء المستثمرين، بعد ذلك تجد مستثمرين آخرين إلى جوارك، ويمكنك حينها التفكير في صناديق التقاعد الكبيرة الأخرى، لكن إضافة إلى المؤسسات الاستثمارية الكبرى، خصوصاً شركات إدارة الأصول مثل "بلاك روك" و"فانغارد"، وغيرها الكثير من تلك المؤسسات التي تظهر فيها هذه السمات. وأنا أميل إلى إجمال ألوان هؤلاء المستثمرين كلهم معاً تحت مسمى خُدّام العامة، لأن خدمة العامة تتسق بالنسبة لهم مع كونهم خداماً لأصول العميل. فأنت تهتم بجودة السوق في مثل هذه الأشكال من المؤسسات.
بريان كيني: هذا يرتبط بشدة بعملك في المعايير البيئية والمجتمعية ومعايير الحوكمة، وسوف أطلب منك شرحاً لما تعنيه. وكذلك بياناً لعملية التسلسل الإداري التكاملي؛ لأنها أصبحت جانباً مهماً من هذه القضية. فهلا عرضت لنا المفهومين.
جورج سيرافيم: بكل سرور. نحن نركز هنا على المشكلات البيئية والاجتماعية ومشكلات الحوكمة. في الجانب البيئي قد يخطر ببالك تغير المناخ، ومشكلة المخلفات، ومشكلات المياه، وما إلى ذلك. وفي الجانب الاجتماعي، لدينا المشكلات المتعلقة بالموظفين، وسلامتهم، ورضاهم، واندماجهم، لكننا نبحث في هذا الجانب أيضاً مشكلات تنوع الموظفين، وبالطبع ما يتعلق بالعميل، مثل سلامة المنتج، والوصول للمنتج، والقدرة على شراء المنتج، وهكذا. وعلى مستوى الحوكمة، لدينا مشكلات تنوع مجلس الإدارة، مشكلات مكافحة الفساد، وبعض السمات الخاصة بالحوكمة. ثم يأتي السؤال الذي دائماً ما طرحناه عن مدى كون هذه المشكلات ذات طبيعة مالية أم أنها متعلقة بالصالح العام. وأظن أن الإجابة التي وصلنا إليها هي "على حسب"، فالأمر فعلياً يتوقف على نوع المجال الذي تعمل من خلاله. والآن بدأنا في تطوير فهم يتعلق بما يجعل من هذه المشكلات ذات طبيعة مادية داخل القطاع، وبالتالي ذات أهمية للمستثمر. وهو شيء ينبغي لصناديق التقاعد الاستثماري الحكومي أن تنتبه إليه وأن تحاول توجيه الأداء المؤسسي نحو هذا التسلسل الإداري التكاملي. دعنا نبدأ بقول إن التفكير التكاملي هو الأكثر أهمية، والتسلسل الإداري التكاملي هو انعكاس لما يجري داخل الشركة فيما يتعلق بالتفكير التكاملي. فما هو التفكير التكاملي؟ هل هو إدارة رأسمالك الاجتماعي ورأسمالك الطبيعي، ورأس المال البشري، وعدم الاكتفاء بإدارة الأموال فحسب؟ من خلال هذه الإدارة إذاً يدور الأمر حول بيان كيفية الإدارة المشتركة لهذه الأشكال من رؤوس الأموال جميعها، والقدرة على إظهار العلاقة المهمة بينها. وهذا ما يفترض بالتسلسل الإداري التكاملي أن يكون عليه: أن يعكس التفكير التكاملي داخل الشركة. وهذا مهم للغاية. على مدى السنوات العشر الماضية، رأينا تطوراً هائلاً فيما يتعلق بالتسلسل الإداري التكاملي. والآن مع آلاف من المؤسسات الضخمة التي تصدر نوعاً من التسلسل الإداري التكاملي ذاتي التوصيف، هناك بالطبع اختلافات هائلة عندما يتعلق الأمر بجودة هذه التقارير.
بريان كيني: أنا على يقين من وجود هذا الفارق، الناس جميعاً معتادون على رؤية تقارير سنوية، فتلك ممارسة شائعة معروفة، ورغم أن التركيز غالباً ما يقتصر على الجوانب المالية، إلا أن ما تصفه هنا مختلف تماماً عن ذلك.
جورج سيرافيم: هو مختلف فعلاً، إنه شيء له مقاييس ملموسة، وله آلية محاسبية، وله مستهدفات، ويتمتع بنظرة مستقبلية، وهو يركز على ما هو مادي بالنسبة للأعمال وكيف لها أن تدفع الأداء باتجاه بعض من مقاييس الجوانب البيئية والاجتماعية، وجوانب الحوكمة، لينتهي بها المطاف لدفع الأداء في الأعمال نفسها فيما يتعلق بالعائد على رأس المال، وفيما يتعلق بالنمو، وما يتعلق بكلفة رأس المال، وبعض هذه الأمور.
بريان كيني: وقد صار هذا مهماً في سياق ما يريد صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي القيام به، ولذا نريد الحديث أكثر عن هذا أيضاً. ريبيكا، هل يمكن أن تصفي نظام التقاعد العام في اليابان لنا بصورة بسيطة؟ إنه كبير ومعقد بلا شك. لقد اندهشت كثيراً لما وجدته من تفاصيل تخص صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي وغيره من اللاعبين في نطاقه، لكن دُهشت أيضاً بشأن ما ورد من مخاوف تبدو قائمة فعلاً، والانتقادات الموجهة لتوجه الصندوق.
ريبيكا هندرسون: بكل سرور. بلا شك أن السبب الذي دفعنا للتوسع في تفاصيل طبيعة خطة التقاعد هو أننا نأمل في استفادة خطط التقاعد الفعلية من هذه الأوضاع. إن كنت تعمل لصالح صندوق تقاعد، فإنك بحاجة لمعرفة ما يجري، وعليه، وباختصار تبلغ قيمة أصول صندوق التقاعد في اليابان ما يقرب من ثلاثة تريليونات دولار. يدير الصندوق نصفها تقريباً. كل شخص في اليابان لديه نظام معاش إلزامي عام، سواء كان موظفاً في عمل خاص أو كانوا أشخاصاً طبيعيين يمثلون أنفسهم. ويدير صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي اثنان من هذه الصناديق الضخمة، والتي تمثل نصف مجمل صناديق التقاعد. ثمة هاجس في اليابان من عدم وجود ما يكفي من الأصول في الصندوق لتغطية المدفوعات، ولذا، فإن الصندوق واقع تحت ضغط لإظهار ما سيفعله بشأن الفوائد طويلة الأجل الخاصة بالمتقاعدين، وما يدره من عوائد مالية ضخمة.
بريان كيني: بينما ندرس هذه الحالة، وجدنا بعض التفاصيل عن تقييم صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي وتقييم استراتيجيته. هلا وصفت لنا يا جورج الاستراتيجية أولاً، ثم نعرج للحديث عن المهمة الجديدة.
جورج سيرافيم: أول ما يجب عليك معرفته هو أن صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي مؤسسة فعلية عملاقة حقاً حين يتعلق الأمر بالأصول، لكنها تعتبر مؤسسة صغيرة نسبياً حين يتعلق الأمر بالأفراد، وعددهم. وهذا الوضع يؤدي إلى جملة من التعقيدات. على سبيل المثال: إنك لا تستطيع إدارة المؤسسة الآن بأصولها الحالية من خلال هيئة داخلية. ونتيجة لذلك، تختار مدراء خارجيين، ثم يصبح اختيار هؤلاء المدراء الخارجيين مسألة بالغة الأهمية من حيث طبيعة الأشخاص الذين تختارهم، وقدرتك على الاختيار بحكمة. تقليدياً، ما كان يحدث في صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي هو أن معظم الأصول كانت تتجمع في سندات ودخل ثابت. ولزمن طويل، أدى هذا - حسب ظني - إلى تدهور الأداء فيما يتصل بالآجال القريبة للصندوق، وليس ما يتعلق بأنواع توقعات العوائد التي تحتاج إليها كي تغطي الالتزامات المستقبلية التي أشارت إليها ريبيكا. ونتيجة لذلك، جرى إعادة تقييم للممارسات الاستثمارية، وكان من بين التوصيات: التوجه بشكل أكبر نحو حصص الأسهم والاتجاه أيضاً نحو تنويع المحفظة الاستثمارية خارج اليابان، ومن ثم زيادة حجم المخاطرة الأجنبية. وبالطبع لكي تفعل هذا فإنك بحاجة لاختيار مدراء الأصول المناسبين. ويتمثل جزء من هذا في تبني استثمارات الجوانب البيئية والاجتماعية وجوانب الحوكمة كممارسة وكأداة لتغيير صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي ثقافياً، ليصبح بعقلية أكثر تفتحاً في اتجاه الفرص الجديدة من أجل دفع الأداء قدماً.
بريان كيني: كانت هناك حكاية طريفة وردت في الدراسة حول ما حفّز ميزونو للبدء في التفكير بشأن الجوانب البيئية والاجتماعية وجوانب الحوكمة بصورة أكثر جدية. هلا حكيتها لنا؟
جورج سيرافيم: دار حوار رائع فعلاً مع سكرتير عام الأمم المتحدة حينها كوفي أنان على مأدبة للعشاء، إذ سأله أنان عن سر عزوف الناس في اليابان عن الـ ESG (سياسة الجوانب البيئية والاجتماعية والحوكمة). فسأله هيرو "وما هي الـ ESG؟" لأن المختصر يشير لأشياء عديدة أخرى. وبمجرد أن فهم المعنى المقصود، قال له "لا أظن أن الناس لا يهتمون، بل أعتقد أنهم يهتمون فعلاً بهذه المسائل". ثم عاد إلى اليابان. كانت مسيرته المهنية قبل ذلك في لندن، وبعدما عاد إلى اليابان، أدرك أن مدراء الأصول اليابانيين، وكذلك مجتمع الأعمال عموماً، ليسوا متطورين فيما يتعلق بمشكلات الحوكمة والمشكلات البيئية والاجتماعية. ولم يكن لديه مصدر معلومات عن الأمر، فقد كان عدد من الشركات يدير داخلياً مسائل الحوكمة والمشكلات البيئية والاجتماعية ويعد التقارير بخصوصها وينشر معلومات عنها. في الوقت ذاته، كان معظم مدراء الأصول لا يهتمون كثيراً بمثل هذا النوع من المشكلات.
بريان كيني: ريبيكا، من خلال عملك، وبالبحث في الشركات من مختلف الأطياف، إلى أي حد كانت تلك فكرة راديكالية ليقوم هيرو بعرضها؟ أن يقول للناس دعونا نفكر في هذه الموضوعات الثلاثة المتداخلة بصورة مختلفة.
ريبيكا هندرسون: كان هذا مثيراً، الجزء الراديكالي كان في التفكير في القضايا الثلاث معاً. كان كثير من مدراء الأصول والمستثمرين اليابانيين قلقين بشأن الحوكمة. وتاريخياً، لم يكن اليابانيون يرحبون بمدخلات المستثمرين لأسباب يمكننا الحديث عنها، وثمة أدلة كثيرة على أنها أثرت سلباً على الأداء. هناك الكثير والكثير من التركيز على الحوكمة "يا إلهي، ما الراديكالي في هذا أصلاً". كانت الفكرة أن تشمل التركيز على الجانبين البيئي والاجتماعي كذلك، فكان لسان حال الجميع "انتظر، لماذا تفعل هذا؟" كان هذا فقط مناقضاً للثقافة السائدة.
بريان كيني: من الأمور اللافتة في الثقافة اليابانية أن العلاقة مع البيئة كانت دائماً جانباً أساسياً منها، وتعود لأكثر من ألف سنة مضت.
ريبيكا هندرسون: جزء مما كان واقعاً فعلاً أن معظم اليابانيين هم بالأساس محبون للبيئة ومن أهم دعاة حمايتها، فالشوارع نظيفة، والناس لا ينتجون الكثير من المخلفات السامة. لكن الأمر تحول إلى الوقود الحفري، فمثلاً تعتبر اليابان دولة متقاعسة جداً بين مجتمع الدول المتقدمة في هذا الصدد. والسبب في هذا يعود إلى حد ما لكارثة فوكوشيما. لقد خفضوا نسبة الطاقة النووية من 10% من إجمالي الطاقة في اليابان إلى 1% فقط. و92% من الطاقة في اليابان مستمدة من الوقود الحفري، وهي نسبة غير عادية فعلاً. واليابانيون لا يتقبلون هذا. إنهم لا يتصورون أن لديهم أصلاً مشكلة بيئية.
ريبيكا هندرسون: بالنسبة للجانب الاجتماعي، فإن أكثر القضايا التي تحظى بتركيز هيرو هي إدماج النساء في العمل. فاليابان من أكثر البلدان تأخراً في المساواة بين الجنسين في العالم، فترتيبها هو 105 من أصل 136 دولة وفق أحد المقاييس، وتأتي في المركز 114 من أصل 144 بمقياس آخر.
بريان كيني: هل يرتبط هذا بثقافة اليابان أيضاً؟ هل ثمة تقليد راسخ يجعل من الصعب على المرأة الحصول على المساواة في بيئة العمل.
ريبيكا هندرسون: المسألة معقدة، لكنْ ثمة عنصرين أساسيين فيها. الأول أن المرأة لم تلعب تاريخياً أدواراً مهمة في الحكومة أو في عالم الأعمال. والثاني أن المرأة لديها مسؤولية عظمى في رعاية الأطفال، ويعمل الرجال لساعات عمل طويلة جداً. وهذه لا تزال ثقافة العمل هي السائدة، ومن أهم علامات النجاح فيها، وأعني العمل لساعات طويلة جداً في القطاعات كلها، في حين يفترض بالمرأة المكوث في البيت لرعاية الأطفال. وبصفتي كنت أماً عزباء، فإن فكرة أن تذهبي للعمل بدوام كامل ثم تعودين للبيت لتقومي بأعمال رعاية الأطفال كلها هو أمر شاق للغاية، ثم إن النظام الضريبي يعزز فكرة بقاء المرأة في المنزل. ولذا، فإن النساء اللائي يحصلن على مؤهلات تعليمية ممتازة، وكثير منهن يلتحقن بالجامعة بالمناسبة، حين ينضممن إلى عالم الأعمال يتم تحويلهن إلى مسار ثانٍ. فهناك مساران: مسار الإدارة، ومسار الوظائف المكتبية، وغالباً ما تحشر المرأة في المسار الوظيفي المكتبي. عندما تزور طوكيو - وقد دهشت فعلاً لذلك - ستجدها أجمل مدينة في العالم، وستدخل ناطحات سحاب عملاقة من الخرسانة والزجاج بإطلالات رائعة، وما إن تدخل المكاتب، حتى تجد رجلاً يقدم لك التحية محاطاً بباقة من النساء الذكيات رائعات الثياب، يقدمن لك الشاي. فما هذا؟
بريان كيني: يبدو هذا نمطاً غريباً للغاية، أليس كذلك؟
ريبيكا هندرسون: هو بالفعل نمط شديد الغرابة حسب المعايير الغربية. من الأمور التي تحدث هناك هو أن إدارة رئيس الوزراء شينزو آبي تدرس الأزمة الديموغرافية التي تواجه اليابان، لأن معدلات المواليد تنخفض على نحو أسرع من أي دولة في العالم، وهم ليسوا منفتحين على الهجرة من الخارج. ولذا، فإن أحد حلول الأزمة الديموغرافية دمج المزيد من النساء في العمل. ولهذا كان الجانب الاجتماعي من منظومة التركيز على قضايا الحوكمة والقضايا البيئية والاجتماعية. إنها مشكلة كبيرة لكنها جدلية.
بريان كيني: جورج، سوف أمرر لك أنت هذا السؤال. كيف يمكن لصندوق التقاعد الاستثماري الحكومي... كيف لميزونو وفريقه أن يؤثروا في هذا الوضع؟ هل هي الشركات التي يريدون الاستثمار فيها؟ هل هم مدراء الأصول الذي يعملون معهم؟ ما منهجهم في معالجة هذا الجانب؟
جورج سيرافيم: أنت إذاً تسأل عما لديهم من أدوات تأثير؟ لديهم العديد في الواقع. من بينها على سبيل المثال صنع مؤشر، بل مؤشرات جديدة. وسبب فائدة هذه الطريقة في حالات معينة فإنك في الواقع تعزل بعض الشركات التي لم يتم ضمها لهذه المؤشرات. فمثلاً، أنشأوا أحد المؤشرات الذي يدور حول النساء بشكل خاص، حول مشكلة التنوع التي ذكرتها ريبيكا. ما يحدث في هذا المؤشر هو أن الشركات التي لا تفعّل ممارسات لدمج المرأة في القوى العاملة ولتنويع قوة العمل، لا يتم إدراجها في مؤشر سوق الأسهم. وهذا في الواقع ما حفز التغيير داخل بعض الشركات. والأمر معقد، فالبعض يرون أن السبب في التغيير هو أن الشركات خجلت من ألا يتم إدراجها في المؤشر. وقد يرى البعض الآخر أنه إن دخل ما يكفي من المستثمرين إلى المؤشر ولم يستثمروا فيها فإن ذلك قد يرفع من كلفة رأس المال لهذه الشركات، وهكذا. لذلك، هناك آليات متعددة. وليس واضحاً أي من العوامل هو المؤثر، إلا أنه يوجد العديد من الآليات في الواقع. لكن من الأشياء التي اكتشفناها من خلال الحديث مع بعض الشركات، هو تأكيد أن هذه السياسة مثلت ضغطاً، وحفزت الشركات على الشروع في ممارسات التغيير، وأخذ ذلك بعين الاعتبار. وثمة مكون آخر دفع مدراء الأسهم نحو الانخراط الفعال في الشركات التي يستثمرون فيها. ليس تحاشيها، بل الاستثمار في الشركات التي تريد دفع التغيير، ثم الانخراط في الشركات التي تدفع للتغيير في بعض من هذه المشكلات.
بريان كيني: وهذا يختلف عما كان في الماضي.
جورج سيرافيم: هذا مختلف بالفعل. إنه مختلف، وأظن أنه مختلف فعلاً بالنسبة لكثير من مدراء الأصول. لكن المثير والمثير حقاً في هذه الحالة هو "كيف ترى المشاركة من قبل مدير صاحب رؤية سلبية؟" إن لديك بالفعل مدراء إيجابيين يبحثون ويختارون الأسهم وما إلى ذلك، وهم يفهمون الشركات لأنهم في موقع إدارة إيجابي. ولكن، كيف يمكن تحفيز مدراء سلبيين فعلاً بخلق المؤشرات لدمج الشركات فيها؟ لأن هؤلاء لا يقومون بالبحث اللازم، فهم لا يفهمون أي شركة بعمق. كذلك فإن رسوم إدارة الاستثمار لديهم منخفضة جداً. ولتقريب الصورة لك بريان، أقول إن المدير الإيجابي يحصل على 80 نقطة أساس، أو 1% كمعدل نفقات لرسوم إدارة الصندوق، لكن المدير السلبي قد يحصل على عشر نقاط أساس أو خمس نقاط. فما نموذج الأعمال في هذا؟ وكيف يتم تعويض الناس مقابل اندماج الشركات؟
بريان كيني: كيف عالجتم هذا الأمر؟ تبدو لي مشكلة ضخمة.
جورج سيرافيم: إنها كذلك حقاً، وهي كذلك أيضاً حين تُعرض في الصف الدراسي. يمكنني التأكيد على هذا. حين نسأل الطلاب "ما نموذج الأعمال؟ صمم لي محتوى لنموذج الأعمال"، فما حدث هو أن هيرو ضغط على مدراء الأصول، وخصوصاً السلبيين منهم، لأن يخرجوا باتفاق، وأن يخرجوا بحل لهذا. وكانوا يُبدون الكثير من المقاومة قائلين "هيرو، أنت تدمر نموذج الأعمال. نحن لا نفهم لماذا نفعل هذا أو كيفية فعله". وأعتقد أن هيرو كان محقاً في رده قائلاً "أنا عميل. وعليكم أن تصنعوا هذا لي، أن تأتوني بنموذج أعمال واتفاق". وبانتهاء الدراسة، ما حدث هو أن ثلاثة من مدراء الأصول المختلفة عادوا إليه بثلاثة نماذج مختلفة للانخراط، ونتيجة لذلك، رُبطت رسوم الإدارة بنتائج نماذج أو أنشطة الانخراط. وكانت تلك نقطة مفصلية مهمة للدراسة، والتي هي "ما الذي ترونه بشأن تصميم الاتفاق؟" مثلاً، هل ترون أنه يجب وضع الاتفاق بناء على المدخلات أم بناء على النتائج؟
بريان كيني: كلما زاد ما نسمعه عن هذا، ريبيكا، ظهر تعقيد شديد في محاولة صندوق التقاعد الاستثماري الحكومي تحقيقه. تبدو لي حركة تحول أكثر منها مجرد دعوة لتجربة أسلوب جديد. هل أرادوا حقاً نقل السوق بكاملها معهم؟ هل كان هذا هو هدف هيرو؟
ريبيكا هندرسون: بكل سرور. كان يحاول التحول بجميع مالكي الأصول الكبار للتركيز على هذه المسائل ذاتها. وهذا من أسباب محبتي لتلك الحالة. لأنه حين يتكلم الناس عن المسؤولية الاجتماعية للشركات أو القيمة المشتركة يبدو الأمر سهلاً "نعم، هيا بنا نكسب المال ونغير العالم في الوقت ذاته". إن ما أحببته في هذه الدراسة هو أن لدينا فيها بطلاً يحاول جاهداً تغيير العالم. وهو في سفر طوال الوقت. يتحدث للناس. رجل ذو شأن، يحمل هماً ثقيلاً، لأنه يدير 1.6 تريليون دولار.
بريان كيني: لديه الرافعة اللازمة.
ريبيكا هندرسون: إنه يقول "أي شخص في العالم يرد على مكالماتي الهاتفية". إنه يحاول بحق إبراز طريقة تفكير جديدة في الاستثمار، ويأمل أن ينتقل هذا إلى غيره من مُلاك الأصول الذين لديهم سمات مشابهة.
بريان كيني: هذا سؤال لكليكما. كيف تربطان هذا بمادة "إعادة تصور الرأسمالية" التي تدْرسانها وهل تلك هي الفكرة المحورية خلف هذه المادة الدراسية؟
جورج سيرافيم: تلك من الأفكار التي أتدبرها. إن طريقة فهم هذا المنهج هي محاولة فعلية لخوض وحدة تحليل مختلفة للطلاب. إحداها هو مستوى الشركة الفردي. ما الذي تستطيع شركة منفردة فعله؟ وفي هذا، نقدم أمثلة عديدة على تحقيق نتائج جيدة بالقيام بالعمل الجيد. فنقوم بإبداع نماذج أعمال، ونمارس الإبداع، ونغير فعلياً من العمليات القائمة، ومن نموذج أعمالك، ومنتجك، ونعيد ابتكار منتج اجتماعي جيد، وفي الوقت ذاته نزيد من المكاسب المالية. لكن، ما نقوله دائماً "إن هذا ليس كافياً"، لماذا؟ لأن كل شركة أو عمل سوف ينخرط بالحد المعقول بالنسبة له، بالحد الاقتصادي المفهوم، من منظور عائد الاستثمار. ولذا فإنك قد تجد شركة خدمات كهربية تساير هذا المنهج باستخدام 5% من مصادر الطاقة المتجددة، لكن لن تصل النسبة إلى 50%، أليس كذلك؟
بريان كيني: هذا صحيح.
جورج سيرافيم: كذلك قد تجد حالات تنخرط فيها الشركات في هذه المسائل ذات القيمة، فقط من منظور العائد على الاستثمار. وعندما نسأل عما يمكنه فعلاً تحريك النظام، فستكون حينها بحاجة للبدء بالتغلب على بعض مشكلات الراكب المجاني وكذلك مأساة المشكلات العامة. وهكذا نحاول رفع وحدة التحليل إلى مستوى السوق. ثم نجد بعضاً من هذه المؤسسات التي تكون مصالحها متسقة مع مصلحة السوق بشكل عام لا بالشركة المنفردة. وأعتقد أن ما يجسد هذه الحالة، وما يجسد هذه النقطة، هو أن المجتمع به مؤسسات تأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل الخارجية ثم يستوعبونها. وأظن، وربما أجزم، أننا جميعاً نحب استثمار أموالنا فيما نود رؤية نتائجه بعد ستين أو خمسين أو حتى أربعين سنة، باعتبارنا متقاعدين في نهاية المطاف. ونتيجة لذلك، فإن كثيراً من هذه القضايا، مثل الدمج والتغير المناخي والحوكمة الرشيدة، ومؤسسات السوق القوية، هي عناصر تشكل صورة النتائج الاقتصادية على المدى البعيد لأية دولة، ومن ثم رخاء الدولة، بالتبعية.
بريان كيني: إذاً، فإن قصر الأمد مشكلة علينا تجاوزها لترسيخ أفكار من هذا النوع؟
ريبيكا هندرسون: أعتقد أن هناك مشكلتين. الأولى هي الأفق الزمني، والثانية هي السلوك الجماعي، لأنه في الوقت الذي قد أبالي فيه بما إن كان التغير المناخي سوف يغير العالم حقاً، إذا توقفت عن الطيران أو توقفت عن تناول اللحوم، ويبقى الآخرون على حالهم من استخدام الوقود الحفري ولا يبالون، فإن سلوكي لن يمثل فارقاً، ولذا فإن علينا التركيز على المدى الطويل، وعلى إيجاد سبيل للحركة الجماعية الفاعلة. اللافت في حالة صناديق التقاعد الاستثماري الحكومي هو أن لدى هيرو أفقاً زمنياً طويلاً للغاية، فهو قائم على أموال تقاعد للمائة سنة المقبلة، ولديه القدرة على حشد الجهود. ولأنه يمتلك جزءاً كبيراً للغاية من السوق... فإنه إن تحرك، أحدث فارقاً، وزاد من فرص تحرك الباقين.
بريان كيني: التغيير المؤثر على مستوى السوق عنصر أساسي.
ريبيكا هندرسون: على المستوى المؤسسي. قد تبدو تلك عبارة ترهيب، لكنك إن فكرت في الأمر، فستجد أن إحدى مشكلاتنا في الرأسمالية بشكل عام هي أننا نركز على أنفسنا كأفراد، وفي اللحظة الحالية، في حين أن لدينا مشكلات طويلة الأمد وهي مشكلات جماعية وليست فردية. نحن لا نفكر في المصلحة الجماعية. فكيف قمنا تاريخياً نحن البشر بحل تلك المشكلة؟ حسناً، من خلال العائلات. تعلم أننا نقضي وقتاً طويلاً في تعليم صغارنا أن عليهم أن ينظروا إلى المدى الأبعد، وألا ينظروا إلى الأمور بأنانية. إن المجتمعات المحلية والتراث الإيماني والحكومات وجميع تلك المؤسسات تحت ضغط كبير الآن، ولذا فإن أحد الأسئلة الكبرى في المنهج الدراسي هو: "هل يمكن لعالم الأعمال أن يتقدم خطوة ويقدم العون أو ينشئ مؤسسات جديدة قد تساعدنا في التركيز على العمل على المدى البعيد وعلى المصلحة الجمعية؟".
بريان كيني: وبالعودة إلى صناديق التقاعد الاستثماري الحكومية تحديداً، فإن لديهم بعض الوقت لتجريب هذا النهج، فكيف هو أداؤه؟
ريبيكا هندرسون: على خير حال حتى الآن. أظن أن هيرو سيكون أول من يقول إن هذا عمل يستلزم منظومة عمل كاملة، لكننا بالقطع نرى قطاعاً كبيراً من الشركات اليابانية تغير سلوكها. وكما قال جورج، بقاؤك خارج المؤشر، يجعل الجميع يشعرون ببعض القلق، ولذا فإن العديد من الشركات تغير من سلوكها. لقد انتقل مدراء الأصول من عقلية "أنت تمزح بلا شك" إلى "أنت جاد تماماً فيما تقول"، وبدأ كثير منهم بالفعل تطوير قدراته للانخراط مع الشركات. وأرى أن هذا مشجع تماماً، وأتصور أن مجرد تحقيق صناديق التقاعد الاستثماري الحكومي لهذا التقدم ستكون له آثاره في أرجاء العالم كلها. إنني أسمع بما تحققه هذه الصناديق حين أتحدث إلى مدراء أصول آخرين في جميع أرجاء العالم.
بريان كيني: جورج، سوف أمنحك القول الفصل في هذا الموضوع. لقد درست هذه الحالة في مقرراتك من قبل، وذكرت بعض نقاط التحول في تلك المقررات، فهل من مفاجآت كبرى سمعت بها من الآخرين؟ هل صادفت طالباً يابانياً لديه رؤية متفردة شاركها معكم؟
جورج سيرافيم: اللافت حقاً بشأن هذه الحالة - بريان - أن معظم الطلاب لم يعتادوا التفكير على المستوى المؤسسي. إنهم بارعون جداً في التفكير على مستوى الشركات الفردية وتطوير استراتيجيات خاصة بهذه الشركات الفردية، لكن تطوير فهم حول كيفية تسيير النظام وتطوير أنظمة تفكير يُعتبر شيئاً جديداً بالنسبة للعديد منهم. فمثلاً، صارت كيفية تغيير المحفزات من مراقبي الأصول أمراً مهماً. وصارت كيفية تأسيس هذه المؤشرات أيضاً أمراً مهماً. وصارت كيفية الاندماج مع الشركات وعمق الحوار معها مسألة بالغة الأهمية، من أجل الوصول إلى نتائج تريدها، وألا تحدث الحوافز أثراً عكسياً غير مقصود، ثم نأتي بعد ذلك إلى كيفية تطوير هذه الجهود وتعظيمها. كيف تأتي بصناديق تقاعد أخرى، ومالكي أصول آخرين إلى هذه الطاولة؟ لقد صار هذا إجراءً تدريبياً أساسياً في الصف الدراسي.
ريبيكا هندرسون: هل لي بإضافة؟
بريان كيني: بكل سرور.
ريبيكا هندرسون: لقد سألت الطلاب في صفي عن أي دراسة وأي بطل أحبوه أكثر، وقد شرفنا هيرو بالقدوم إلى بوسطن وحضور صفنا حين كنا ندرِّس هذه الحالة. لقد كان هو البطل المفضل لدى الطلاب. وقد سألتهم عن السبب، فأجابوا: هناك أمران، "إنه رائع"، والأمر الثاني "هو ذلك العمل الرائع الذي قام به".
بريان كيني: هل يمكن أن يبشر هذا بشيء جديد مستقبلاً.
ريبيكا هندرسون: بالتأكيد.
بريان كيني: شكراً جزيلاً لكما.
جورج سيرافيم: كان من دواعي سروري.
ريبيكا هندرسون: كان من دواعي سروري. شكراً لك.
بريان كيني: إذا استمتعتم بهذه الحلقة من برنامج كولد كول (Cold Call)، فيمكنكم الاستماع إلى البرامج الصوتية الأخرى المقدمة من كلية هارفارد للأعمال، بما في ذلك آفتر آورز (After Hours) وسكاي ديك (Sky deck) وماناجينغ ذا فيوتشر أوف وورك (Managing the Future of Work). يمكنكم العثور على هذه البرامج في تطبيق "أبل بودكاستس" أو غيره من البرامج التي تستمعون إليها. أشكركم مرة ثانية على الانضمام إلينا. كان معكم مقدّم البرنامج، بريان كيني، وكنتم تستمعون إلى برنامج "كولد كول"، وهو برنامج صوتي رسمي صادر عن كلية هارفارد للأعمال، وهو جزء من شبكة إتش بي آر برزنتس (HBR Presents).