من المحتمل أن تقضي ما بين ثلث ونصف ساعاتك التي تكون مستيقظاً فيها كل أسبوع في العمل، ونتيجة لذلك، قد تصبح علاقاتك مع الأشخاص في العمل من بين أكثر العلاقات أهمية في حياتك. وفي الواقع، فإن التمتع بعلاقات جيدة مع الزملاء يُعتبر أحد أقوى المؤشرات على سعادة الأشخاص في العمل.
ومع ذلك، هناك سلبيات محتملة لامتلاك أصدقاء جيدين في بيئة العمل.
إن أهم أمر يجب مراعاته يتعلق بقاعدة أخلاقية في العلاج النفسي يطلق عليها مبدأ "العلاقة الثنائية"، إذ ينص هذا المبدأ على أنه إذا عمل أحدهم معالجاً لمريض ما، لا يمكن أن يقيم أي علاقة أخرى مع المريض، فلا يمكن أن يكونوا أصدقاء أو زملاء عمل أو عائلة أو تجمعهم علاقة عاطفية.
ويُعتبر السبب الكامن وراء هذا المبدأ هو أن لكل علاقة مجموعة أهداف مرتبطة بها، وعندما يكون لديك أكثر من علاقة واحدة، فإن هذه الأهداف قد تتعارض وتسبب مشاكل خطيرة للعمل العلاجي. على سبيل المثال، يحتاج المعالج إلى أن يكون قادراً على التحدث بصراحة وأمانة مع كل مريض وأن يقول أشياء قد لا يشعر بالارتياح عند قولها لصديق أو زميل أو شريك.
لا تنطبق هذه القاعدة مباشرة في عالم الأعمال، فليس هناك ما يدعو بالضرورة نفسها إلى تجنب جميع أنواع العلاقات الثنائية. لذا، فإن العديد من الأشخاص هم زملاء عمل وأصدقاء أو حتى زملاء عمل وأزواج. ولكن من المفيد التفكير في كيف يمكن أن تؤدي الصداقات مع الزملاء إلى خلق توترات في مكان العمل، وكيف يمكن أن يؤدي تأسيس أكثر من علاقة واحدة إلى تعارض الأهداف. ولهذا الأمر أهمية خاصة عندما يترقى شخص إلى دور إداري، ويكون الأشخاص الذين اعتادوا أن يكونوا أقران له هم الآن مرؤوسون مباشرون.
عندما تكون هناك بعض المسافة بينك وبين صديق ما في التسلسل الهرمي للشركة، يمكن أن تتعارض مسؤوليات عملك مع صداقتك. إذ يكلّف المسؤولون في أدوار الإدارة موظفيهم بمهام، وعليهم تقييم الأشخاص الذين يعملون لديهم، وفي بعض الأحيان، يتعيّن عليهم نقد أدائهم. من الصعب على صديق القيام بهذه المهام، ويمكن لذلك أن يؤذي العلاقة بين الصديقين.
علاوة على ذلك، غالباً ما يستمتع زملاء العمل بمشاركة القليل من التذمر الودي بشأن مدرائهم، حتى وإن كان مكان العمل متآلفاً عموماً. ولكن عندما يحصل شخص على ترقية إلى رتبة أعلى، فإنه ينتقل من كونه "واحداً منا" إلى "واحداً منهم". وهذا يعني أنه قد يتعين على الأصدقاء الآن أن يكونوا حذرين فيما يقولونه عن العمل في المواقف الاجتماعية لتجنب الإساءة.
هذا لا يعني أنه عند حصول شخص على ترقية يجب أن يفقد كل أصدقائه القدامى. بل يعني ذلك أنه من المهم أن تكون حساساً للضغط الذي قد يفرضه الانتقال إلى الدور الجديد على الصداقة. ولذلك، ابذل جهداً للخروج مع بعض أصدقائك والتحدث معهم عن بعض ضغوطات المنصب الجديد ومسؤولياته، وساعدهم على فهم بعض التوترات التي تشعر بها. قد تفترض أن أصدقاءك سوف يفهمون ضمناً التوترات التي تشعر بها، ولكن من المحتمل أن يكونوا أكثر تعاطفاً معك إذا أجريت معهم محادثة صريحة.
إن الأمر بطبيعة الحال ليس بهذا السوء، فهناك إيجابيات قد تنتج عن هذه العلاقات. في بداية مشوارك المهني، قد يكون من المفيد الحفاظ على علاقة مع الموظفين الذين يسبقونك وسيحصلون على ترقية لمعرفة ما قد يخبئه لك المستقبل. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون شبكتك الاجتماعية مصدراً قيماً للمعلومات بشأن ما يجري في مؤسستك عندما تضم أشخاصاً أدنى رتبة أو أعلى.
أخيراً، وكما هو الحال في كل علاقة، من المهم التواصل، فقد تتفق على تجنب مناقشة الموضوعات المتعلقة بالعمل مع أصدقائك، أو ربما تسمح لأصدقائك بمعرفة الموضوعات التي ترغب في تجنبها في المواقف الاجتماعية، فإذا كانوا يجتمعون على أمل التحدث عن بعض هذه القضايا يمكنهم القيام بذلك دونك. يمكن أن تكون الصداقات في مكان العمل مجزية للغاية طالما أنك تُبقي عينيك يقظة للمشاكل المحتملة التي قد تنشأ.