شغلي الشاغل: تاكاشي موراكامي

3 دقائق
تاكاشي موراكامي

بعد أداء دراسي ضعيف لـ "تاكاشي موراكامي" في المرحلة الثانوية، التحق بكلية الفنون. لم تكن غايته من هذه الخطوة هي الانطلاق في مسيرة مهنية، وإنما لأنه كان يعتقد أن ذلك هو خياره الوحيد. ومع هذا، فقد تابع دراساته العليا ثم تدرّب لفترة في نيويورك حيث أنجز عمله الذي جعله مشهوراً "عندما يلتقي الشرق بالغرب" (East-meets-West). ينتج موراكامي، حبيب النقاد الذي تعاون مع مؤسسات مثل "إل في إم آتش" (LVMH)، و"كاني ويست" (Kanye West)، و"متحف الفن المعاصر"، أعمالاً فنية ويروج لها عبر شركته "كايكاي كيكي" (Kaikai Kiki).

هارفارد بزنس ريفيو: كيف طورت أسلوبك الفني؟

موراكامي: عندما ذهبت إلى نيويورك بموجب منحة لعام واحد حصلت عليها من المجلس الثقافي الآسيوي قلت لنفسي: "حسناً، لدي عام كامل لأقيم معرضي الأول". فقد فهمت أن ما كنت أفعله في اليابان لن ينجح في الأوساط الثقافية الأميركية. لذلك استكشفت أعمال ثلاثة فنانين بالتحديد هم: ريركريت تيرافانيجا، وهي فنانة تايلندية أقامت معرضاً قدمت فيه وجبات الكاري؛ وفيليكس غونزاليس توريس، الفنان الكوبي الذي ربما كان تعبيره عن أنه من أبناء الأقليات نابعاً من حالة نقاء، لكنه بالنسبة لي كان استراتيجية يتبناها؛ وأخيراً بوب فلانغان، وهو أميركي لديه إعاقة منذ أن كان شاباً – وبالتالي كان هو الآخر مهمشاً أيضاً – وكان قد أقام معرضاً في متحف. أدركت أنني أنا الآخر من أبناء الأقليات في نيويورك وسأحتاج إلى الاستفادة من خلفيتي أنا كما يقال باليابانية "أوتاكو" (otaku) أي شخص مهووس ومفعم بالحيوية. وهذا بات أسلوبي حتى يومنا هذا.

لماذا توجهت منذ ذلك الوقت إلى أعمال الاستديو القائمة على التعاون؟

عندما كنت طالباً في المدرسة الثانوية، كنت شخصاً بديناً. كنت أعشق مقرمشات "التشيتوز" وأتناول خمسة أكياس منها كل يوم. لم أكن طالباً ذا شعبية، وكنت أكتفي بالانهماك بألعاب الفيديو في المقاهي. أما عندما التحقت بالجامعة، فقد فقدت بعض الوزن، وانضممت إلى نادي الرسوم المتحركة وبذلت جهداً لكي أكون طالباً نظامياً، ونجحت في نهاية المطاف في تكوين الكثير من الصداقات. وقبل التخرج، كان على الجميع أن ينجزوا مشاريعهم الخاصة، وكان مشروعي أنا هو لوحة أسماك تقليدية تتضمن رسومات بأحجام مختلفة. لكنني لم أكن قادراً على إنهاء المشروع في الوقت المحدد لذلك تطوع أصدقائي لمساعدتي. وعندما استُكمل العمل، كان الجميع في منتهى السعادة.

انتقلت بعدها إلى كلية الدراسات العليا وحصل أن تأخرت أيضاً في إنجاز رسالة التخرج. في ذلك الوقت، كنت أدرّس في مدرسة تحضر الطلاب لامتحانات دخول الجامعة وقد أسأت استعمال منصبي على ما اعتقد عبر الاستعانة بعشرين طالباً تقريباً لمساعدتي في إنجاز العمل. كنت أطعمهم الأرز المقلي وكانوا سعداء بمعاونتي في إنجاز المهمة.

أدركت وقتها أن سعادتي لا تكمن في اكتمال عمل ما، وإنما عندما يحتفل جميع من شاركوا فيه. لذلك ربما تكون مسيرتي كفنان فردي هي مهنة وليست شغفاً، وما كنت استمتع به حقاً هو العمل الجماعي الذي يبدع المشاركون فيه معاً شيئاً ما. اعتباراً من تلك اللحظة كنت أجمع الناس معاً وعندما بلغت من العمر السابعة والثلاثين أو الثامنة والثلاثين، بدأت أجني المال وأدفعه للجميع. ثم حصل أن تلقيت رسالة من مكتب الضرائب وأخبرني المحامي أنني بحاجة إلى تأسيس شركة أدفع فيها الرواتب وأسدد عنها الضرائب بطريقة نظامية. لذلك اضطررت إلى بناء هذه المنظومة.

عندما أستمد إلهامي وأبدع لا يكون ذلك نابعاً من عملية عميقة. وإنما الأمر أقرب إلى أنه لدي هوائي يلتقط شيئاً ما مثل كلمة أو صورة ثم أكتب مذكرة صغيرة أو أرسم مسودة صورة.

لكنك تجيد التعامل مع الجانب التجاري للفن على ما يبدو.

يمتلك بعض الناس، سواء من الرياضيين أو الفنانين، قدرات مذهلة وهم قادرون على فعل المطلوب منهم فحسب. وثمة آخرون يعشقون اللعب لكنهم ليسوا عباقرة. لذلك فإنهم يبذلون قصارى جهدهم لكي ينجوا بأنفسهم ضمن مجالهم. أنا أعرف نفسي وأعرف قدراتي وأعلم أنني لست عبقريا لا أستطيع التعامل مع الأمر إلا من منظور استراتيجي وأراقب الطريقة التي تُلعب اللعبة بها.

بعد أن بعت عملي الأول، اصطحبني صاحب صالة العرض إلى عشاء وشرح لي بلغة إنجليزية شديدة البطء والوضوح لكي أفهم قائلاً: "عملك بيع اليوم، وهذا يعني أننا قد استفدنا نحن الاثنين، وهذه هي الطريقة التي تتعزز بها العلاقة بين صالة العرض والفنان". المشهد الفني الحقيقي عبارة عن تجارة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي