لماذا تحتاج شركتا أوبر وإير بي إن بي لرؤساء تنفيذيين مختلفين؟

5 دقائق

امتلكت شركتا "أوبر" و"إير بي إن بي"، منذ تأسيسهما قبل بضع سنوات وحتى يومنا هذا، العديد من الأمور المختلفة عن تلك التي عهدناها في الشركات الناشئة، بدءاً من معاناتهما مع المشرعين، إلى تحديهما لصناعتي سيارة الأجرة والفنادق، مروراً بتلقيهما استثمارات استثنائية من مستثمري رأس المال المغامر (أو ما يسمى برأس المال الجريء). كما أسهمتا إلى حد كبير في تشكيل طريقة تفكيرنا تجاه النقل ضمن المدن والسفر. يكشف كاتب موقع "بلومبيرغ" التقني المخضرم براد ستون في كتابه "الادعاء: كيف لشركة أوبر وشركة إير بي إن بي وذا كايلر المنضمين لوادي السيليكون أن يغيروا العالم؟" (The Upstarts: How Uber, Airbnb, and the Killer Companies of the New Silicon Valley Are Changing the World) النقاب عن عدة حقائق مرتبطة بصعود هاتين الشركتين. أجرت "هارفارد بزنس ريفيو" لقاء معه للاطلاع على الأمور التي تجعل هذا الجيل من الشركات التقنية الناشئة مختلفاً عما سبقه من أجيال.

لقد تم تحرير الحديث من أجل الطول والوضوح:

هارفارد بيزنس ريفيو: لقد كشفت تفاصيل جديدة تتعلق بكيفية نشوء كلتا الشركتين. لماذا يعتبر هذا مهماً؟

ستون: تبسّط كل شركة قصة تأسيسها، وهو أمر منتشر بكثرة، خاصة في وادي السيليكون. لكن غالباً ما تكون قصص التأسيس الحقيقية فوضوية وتتضمن العديد من الأشخاص ممن غادروا الشركة في فترة مبكرة من التأسيس، وهو ما يجعل قصص التأسيس تتطور تدريجياً. وُصف تأسيس شركة "أوبر" على أنه جاء بطريقة استثنائية ومبدعة، لكنني علمت أنهم استلهموا الفكرة في الواقع من مشهد ظهر في فيلم جيمس بوند الذي يحمل عنوان "كازينو رويال" (Casino Royale) في العام 2006. في الفيلم، كان هناك مشهد لدانيال كريغ يستخدم فيه هاتفه، من طراز "سوني إريكسون"، لتتبع مسار السيارة باستخدام "نظام تحديد المواقع" (GPS)، وهو ما أعطى غاريت كامب، أحد مؤسسي "أوبر"، فكرة استخدام الهواتف للسماح للمستخدمين برؤية مواقع سيارات الخدمة. أما القصة الأصلية لتأسيس موقع "إير بي إن بي"، فتدور حول قرار اثنين من طلاب كلية التصميم استقبال ضيوف في شقتهما والسماح لهم بالنوم على فراش يتم ملؤه بالهواء. ربما كانت بدايات يشوبها الحظ، لكن يجب ألا ننسى أنهم كانوا في الأساس رواد أعمال يبحثون يائسين لفترة من الوقت عن فكرة.

كيف يختلف المدراء التنفيذيون لشركتي "إير بي إن بي" (برايان تشيسكي) و"أوبر" (ترافيس كالانيك) عن باقي مدراء الشركات التقنية في زمانهما؟

تطلب مني الأمر بعض الوقت لإدراك أن هذا يجب أن يكون الموضوع الرئيسي للكتاب. غطيت الأخبار التقنية لفترة زادت على 20 عاماً قابلت فيها أناساً مثل مارك زوكربيرغ ومؤسسي شركة "جوجل" في وقت مبكر من حياتهم المهنية. كانوا سيئين جداً في مجال التواصل وحذرين للغاية من الصحافة. لم يكونوا رواة قصة جيدين لأن أعمالهم كانت تنتشر لوحدها كالنار في الهشيم وما يقدمونه يتحدث عن نفسه. كانت شركتا "أوبر" و"إير بي إن بي" مختلفتين، إذا واجها معارك تشريعية مع المدن مع انطلاقهما. تلقت "أوبر" أول أمر بإيقاف أعمالها عندما كان لديها 6 موظفين فقط. بسبب هذه التحديات، تطلبت هذه الشركات نوعاً مختلفاً من المدراء التنفيذيين. بمعنى آخر، أشخاص منفتحون على الخارج وبارعون في الحديث وسياسيون ويمكنهم بطريقة سحرية جذب العملاء لقضيتهم.

تواجه هاتان الشركتان مخاطر وتحديات كثيرة تتعلق بقانونية خدماتهما. كيف أمكن لأصحاب رؤوس الأموال المغامر تقييم المخاطر لمعرفة إن كان عليهم الاستثمار فيهما أم لا؟

هناك عدة مفارقات نراها في حالة هاتين الشركتين، حيث عزفت عدة شركات رأس المال المغامر عن تمويلهما. وكان من اللافت هنا عدم ثقة بعض حكماء وادي السيليكون في إمكانية نجاح هاتين الشركتين، إذ رفضت عدة شركات، مثل "آندرسن هورويتز" (Andersen Horowitz)، تمويل هاتين الشركتين في جولات طلب التمويل الأولى قبل اتخاذ قرار بتمويلهما لاحقاً. كان سبب عدم التمويل مخاوف متعلقة بقانونية عملهما وذلك لأنهما كانا على وشك بدء معركة قانونية في كل مدينة، إضافة إلى أن هؤلاء المؤسسَين لم يشبها مارك زوكربيرغ، والذي يمثل نوع المؤسسين الذين اعتادوا على تقديم الدعم.

كيف ساعدت جماعات الضغط هذه الشركات على التوسع؟

عينت كلتا الشركتين جماعات ضغط في وقت مبكر، وهو أمر شائع لدى شركات "الاقتصاد التشاركي"، لدفع الحدود التشريعية. لقد رأينا مؤخراً انتقال عدد كبير من جماعات الضغط المهنية إلى شركات التكنولوجيا، وكثيراً منهم عملوا في إدارة الرئيس السابق أوباما، لأنهم رأوا فرصة لمساعدة هذه الشركات على النجاح (وكسب أسهم بدء تشغيل مربحة).

ينبع جزء من نجاح شركتي "أوبر" و"إير بي إن بي" في التعامل مع المشرعين من حقيقة أنهما حظيا بالدعم بين المستهلكين بما يمثل قوة سياسية؟

عانت كلتا الشركتين من مواجهات مع جهات منظمة وذات نفوذ كبير، حيث كانت "أوبر"، على سبيل المثال، تواجه شركات سيارات الأجرة الماهرة في الضغط على الحكومات المحلية. وانطبق الشيء نفسه على شركة "إير بي إن بي" والتي كانت تواجه أصحاب الفنادق. كان على هاتين الشركتين فعل شيء ما حيال ذلك. فكر كالانيك بمراسلة كل مستخدمي" أوبر" في واشنطن عبر حملة ضخمة بريدية وهاتفية وعلى "تويتر" يطلب فيها منهم الضغط على مجلس المدينة. نجحت الحملة لأن الناس يحبون "أوبر"، بالتالي هبوا للدفاع عنها. لو لم يكن لدى كلا الشركتين تواصل عميق مع المستهلكين، لما تمكّنا من تنظيم حملاتهما بأسلوب الضغط القوي هذا.

هل كانت مصادفة ظهور شركتين ناشئتين تعتمدان على نماذج أعمال تتصادم مباشرة مع المشرعين؟

كان للأمر علاقة كبيرة بظهور هاتف "آيفون" ونظام "أندرويد" ومتاجر التطبيقات وانتشار نظام تحديد المواقع. علاوة على سهولة الدفع الرقمي واستخدام "فيسبوك" لإنشاء هويات حقيقية للناس في المعاملات عبر الإنترنت. ساعدت كل هذه الأمور على تسهيل إنشاء الاتصال بين غرباء، وهو ما أدى بدوره إلى إنشاء تلك الشركات ووضعها في حالة صدام مع التشريعات القائمة.

واجهت الشركتان انتقادات تتعلق بحوادث مرتبطة بالسلامة (حوادث مرورية واعتداءات جنسية وإقامة غير آمنة وغير ذلك). ما مدى جودة معالجتهما لهذه القضايا؟

في البدايات، لم تكن الشركتان مستعدتان، وهو أمر مؤسف. لم يكن من الصعب تخيل أن طلب أشخاص غير المتخصصين بالعمل سائقي أجرة وتصفحهم هواتفهم الذكية في أثناء القيادة يمكن أن يؤدي إلى وقوع حوادث مأساوية، أو أنه عندما يحوّل أشخاص عاديون شققهم إلى غرف فنادق، قد لا تتوفر تدابير السلامة (مثل كاشفات الغاز). حاولت كلتا الشركتين التصرف أمام تلك المآسي، إذ وزعت "إير بي إن بي" أجهزة كشف عن الدخان إلى العوائل المسجلة في خدماتها، في حين كثفت "أوبر" الفحص النافي للجهالة من خلفية السائقين والأمان. هناك مشكلات لا مفر منها للشركات العاملة ضمن آفاق عالمية ضخمة، لكن باتت الشركتان في وضع أفضل تجاه التعامل معها والتواصل حولها.

كان آخر كتاب لك السيرة الذاتية لمؤسس "أمازون" جيف بيزوس. بالمقارنة معه، يبدو أن تشسكي وكالانيك ذي طموحات أصغر وأقل تغييراً للعالم.

هذا صحيح حالياً. لكن تذكّر أن عمر هذه الشركات أقل حتى من نصف عمر شركة "أمازون". عندما كانت "أمازون" في السنة نفسها التي فيها الشركتان الآن، كان لا يزال وقتها موقعاً بسيطاً حيث لم يكن يقدم آنذاك خدمات "كيندل" أو "برايم" أو خدمات الويب. أرى هذا الكاتب على أنه الجزء الثاني لكتاب "متجر كل شيء" (The Everything Store). إن تشسكي وكالانيك هما تلميذان لبيزوس، وقد استثمر الأخير شخصياً في "أوبر" و"إير بي إن بي". لقد تعلما الكثير من جيف، وطورا الشركتين على نمط شركة "أمازون" نفسه. تحاول كلا الشركتين الدخول في مجال أعمال جديد: تعمل "أوبر" على مشاريع سيارات من دون سائق وتوصيل المواد الغذائية، في حين أطلقت "إير بي إن بي" خدمتي "خبرة" (Experiences) و"تريبس" (Trips)، لتصبح شاملة في مجال الرحلات. لا يبدو أن بإمكان كلتا الشركتين تغيير حياتنا بالطريقة التي فعلتها "أمازون"، ولكن عليك منحهما الوقت.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي