7 ممارسات تضمن تحقيق رفاهة الموظفين

5 دقائق
شركة ويل بيز
shutterstock.com/GoodStudio

تسألني شريكتي في العمل، سيتشل، السؤال نفسه قبل كل رحلة: "هل سيكون الأمر مختلفاً هذه المرة؟"، وتعني بذلك: هل لدى جميع المتخصصين في الموارد البشرية على مستوى العالم التوقعات والتطلعات نفسها؟ وفي كل مرة أجيبها ضاحكة: "إن الأمر سيكون مثل كل مرة يا سيتشل". شاركت في الشهرين الماضيين في فعاليات حول الموارد البشرية في المملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة وأميركا وتركيا كراعية ومنظِّمة لتمثيل شركة ويل بيز (Wellbees). وقد وجدت أن احتياجات العاملين في كل بلد متشابهة، وهي وثيقة الصلة بالممارسات المعتمدة في إدارة الموارد البشرية على المستوى العالمي: يريد المتخصصون في شؤون الموظفين أن يحتفظوا بالموظفين وأن تعمل الشركات بكفاءة أكبر.

تؤدي ديناميات الثقافات والشركات دوراً مهماً بالتأكيد، لكن يبدو أن التوجهات الكبرى متشابهة في جميع المجالات في عام 2023.

بيّنت موجات الاستقالات المستمرة في جميع أنحاء العالم أننا بحاجة إلى اتباع نهج مختلف إزاء رفاهة الموظفين، وأنه يجب القيام بذلك الآن، ولكن ممارسة اليوغا كل خميس لن تكون كافية. إذ يجب أن تكون الرفاهة جزءاً من الاستراتيجية، وأن تتم مناقشتها على جميع الأصعدة، وأن تكون المعيار الجديد الذي نستخدمه عند التفكير في تجربة الموظف، أو ما يسميها الخبراء "تجربة الرفاهة". وتُعد البيانات ضرورية لبناء هذه التجربة؛ إذ من المستحيل تغيير التجربة دون مراعاة الأرقام، على الرغم من أنه أمر يتسبب في شعور الكثيرين بالقلق (فماذا لو تَبين أن لا أحد يشعر بالسعادة!). إذاً، ما الذي يمكننا استخلاصه من البيانات العالمية؟

1. الرفاهة المهنية: هل تنطبق عليك علامات "الاستقالة الصامتة"؟

هل سمعت عن الاستقالة الصامتة؟ يتم الحديث عن هذا الموضوع كثيراً الآن. تختلف مستويات إنتاجيتنا وطاقتنا من وقت لآخر في العمل. وهذه ظاهرة من الممكن رؤيتها في جميع الشركات. تعتمد الشركات الكبيرة "تحليل المشاعر"، وهو ينطوي على قياس المشاعر داخل الشركة عن طريق استطلاعات الرأي أو قراءة المحتوى دون الكشف عن الهوية. توضح البيانات كل شيء، بما في ذلك مدى الانخراط في العمل والنفور منه. ولكن يجب أن نفكر في الكيفية التي ينطبق بها ذلك على مؤسساتنا في كل حالة.

2. الرفاهة البدنية: أدِر طاقتك لا وقتك

كنا نحلم منذ الثورة الصناعية بأفراد سيعملون باستمرار وبالكفاءة نفسها من التاسعة صباحاً حتى السادسة مساءً، وقد هيَّأنا بيئات العمل بناءً على ذلك. ومع ذلك، كشف تحليل المشاعر أنه من المستحيل أن يكون الأداء ثابتاً على مدار اليوم وبصورة منتظمة وخلال الفترات نفسها. ونصيحتنا المستقاة من عالم الرفاهة: احرص على إدارة طاقتك لا وقتك.

المصدر: شركة ويل بيز

3. الرفاهة الوظيفية: ربما نحتاج إلى تغيير الوظيفة وليس الموظف

إذا كان هذا يبدو نظرياً للغاية، فلننتقل مباشرة إلى الموضوع التالي. ضمن نطاق مشروع جي دبليو آي (GWI) الذي تم إطلاقه مؤخراً، عرض فريق شركة جوش بيرسن (Josh Bersin) بالتعاون مع الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية بشركة بروفيدنس (Providence) (أحد أكبر المستشفيات والأنظمة الصحية في أميركا)، غريغ تيل، أعمالهم الوقائية. ويتوقعون أنه سيكون هناك نقص في عدد الممرضين يقدّر بـ 6 ملايين ممرض في الولايات المتحدة بحلول عام 2025. ووفقاً لذلك، من الممكن سد 60% من هذا العجز باستخدام العناصر الثلاثة الأولى من نموذجهم المكون من 4 عناصر: التوظيف وصقل المهارات والاحتفاظ بالموظفين. العنصر الرابع مثير للاهتمام. تنبأ تيل وفريق شركة بيرسن، بمساعدة الذكاء الاصطناعي، بكثافة المرضى في المستشفيات من خلال التنبؤ بعدد المرضى الذين سيأتون إلى مستشفياتهم وفي أي وقت من اليوم. عندما يبدؤون في التنبؤ بهذا بدقة تصل إلى 90%، فإنهم يقسمون الورديات بحيث تتحول من فترات عمل قياسية (عادية) مدتها 8 ساعات إلى ورديات مدتها 4 ساعات في المستشفيات المشمولة بالتجربة لتقديم خدمة أفضل للمريض يومياً. وبذلك فهم يضربون عصفورين بحجر واحد، وقد أدى ذلك إلى تقليل العجز المتوقع في عدد الممرضين فجأة. إذ تستيقظ الممرضة وتحضر إلى العمل الذي تُستغَل فيه مهاراتها وطاقتها بكفاءة مع التخطيط المناسب للعمل بدلاً من أن تحضر إلى العمل في الصباح وتشرب القهوة وتعمل بجهد أكبر بأربع مرات نظراً إلى وجود عجز ونتيجة لذلك تصاب بالإنهاك. وماذا عن المرضى؟ أصبحوا أسعد لأنهم يتلقون الرعاية المناسبة من العدد الصحيح من الممرضين. لنكشف الغطاء عن العنصر الرابع: إنه إعادة التصور. يقول بيرسن وفريقه إن المؤسسات ستحل مشكلة الوظائف التي تحتاج إلى إعادة هيكلة كبيرة باستخدام هذا المنظور.

4. الرفاهة المهنية: هل تتمتع بمرونة في عملك أم لا؟ هذا هو بيت القصيد

لنفترض أنه ليس من المنطقي إعادة تصور العمل لأننا نحتاج إلى قدرات رقمية، فما الذي يمكننا فعله في هذه الحالة؟ كشف أحدث تقرير أعدته منصة لينكد إن عن المواهب على مستوى العالم أن المنشورات التي تتناول "المرونة" قد زادت بأكثر من 300% مقارنة بما كانت عليه قبل عامين، كما زادت إعلانات التوظيف التي تحتوي على الكلمة ذاتها بنسبة 80%. ومع ذلك، أظهرت دراسة أجريت الشهر الماضي على 5 آلاف شخص أن هذا جزء منها فقط. وفقاً لهذا البحث، فإن توقعات الموظفين لا تتعلق بالمرونة فقط؛ إذ إنهم يبحثون أيضاً عن بيئة عمل يستخدمون فيها هذه المرونة بحرية. بعبارة أخرى، لنتخيل عالماً يمكننا أن نقول فيه: "نتوقع أن تحضر إلى المكتب يومين في الأسبوع" بدلاً من "الحضور إلى المكتب من الثلاثاء إلى الخميس إلزامي". أيعجبك ما قرأته؟ إنه جزء من بحث في الأوساط الأكاديمية حول "نظرية تقرير المصير" (Self-Determination Theory).

5. الرفاهة العاطفية: دعم المدراء للموظفين أمر أساسي

أظهر بحث أجرته مؤسسة غالوب (Gallup) ونُشر في عام 2022 أن 70% من رفاهة الفِرق تعتمد على المدراء. إذ إن سبب عدم شعور الموظف بالرضا الكامل يتوقف بنسبة 70% على تفاعل مديره معه وعلى شعور المدير تجاهه. وباستخدام هذه البيانات. يرمز اللون الأبيض إلى رفاهة المدراء والأزرق إلى رفاهة الفِرق. الاختلاف بين رفاهة المدراء ورفاهة الفِرق لا يتجاوز 5%، أي أن الاختلاف ليس له أهمية من الناحية الإحصائية. هذه معلومات واضحة نعرفها بالفعل، ولكنها تجعلنا نفكر ونتنفس بعمق عندما نتذكرها. للمدراء أهمية بالغة في عملنا من حيث خلق ثقافة الرفاهة.

6. الرفاهة الاجتماعية: للأصدقاء المقربين دور مهم

يقول الأستاذ بكلية كينغز، الدكتور نيل غرينبيرغ: "لا تنبع القدرة على الصمود من الأفراد، بل من التفاعلات بينهم". توصلت دراسة تناولت تحليل مشاعر نحو ألف مطوّر برمجيات يعملون بنظام العمل الهجين على مدار 18 شهراً، إلى أن التفاعلات الاجتماعية لها دور كبير في تعزيز رفاهة الموظفين، إذ وحسب نتائج هذه الدراسة، كان الفترة التي شعر فيها الموظفون أنهم في أفضل حالتهم عندما نظّم المدير العام تحدياً عن طريق تطبيق الهاتف المحمول، ولكن كيف يكون للتنشئة الاجتماعية مثل هذا التأثير المباشر على الرفاهة؟ نرى في عملنا، تماماً كما يقول الدكتور غرينبيرغ، أنه حتى التفاعلات الاجتماعية البسيطة لها أكبر الأثر على الموظفين.

7. الرفاهة المالية: المسألة الكبيرة التي يتجاهلها الجميع

يخشى الكثيرون منا الحديث عن المال. وفي 90% من الثقافات، حتى ذِكر المال يجلب افتراضات سلبية إلى الذهن. وتسهم موجة التضخم التي يمُر بها العالم في ذلك أيضاً. ماذا لو سألنا أحد الموظفين: كيف يمكنني دعمك مالياً؟ فأجاب: "لا تسألني ما إذا كنت أحتاج إلى المال بل أعطني إياه"؟ أجرى المعهد المعتمد لتطوير الموظفين (CIPD) استقصاءً مذهلاً عام 2022 شمل 2,000 موظف. وأظهر الاستقصاء أن الموظفين يشعرون بشعور أفضل حتى إن لم يكن لدى الشركة سوى سياسة مكتوبة وغير مطبَّقة للرفاهة المالية. يمكن أن يكون الإجراء بسيطاً: الشركات التي لديها فرص ضئيلة يمكن أن تبدأ بدفع الرواتب وتحسين السياسات. كانت الرئيسة التنفيذية لشؤون الموارد البشرية بشركة مسافي (Masafi)، إيما ديفيز، مهووسة بالرفاهة المالية في أثناء الجائحة. تأمّل هذا المثال: سألت إيما موظفيها عما يحتاجون إليه من الشركة مالياً؟ اتضح أن هؤلاء الأفراد، وكثير منهم من بلدان مختلفة، يذهبون إلى البنك في اليوم الذي يلي حصولهم على رواتبهم ويرسلون الأموال إلى عائلاتهم التي تعيش في بلدان أخرى مقابل دفع عمولات مصرفية عالية، ويأخذون جزءاً من يوم العمل إجازة، وينتظرون في طابور في البنك، ويقلقون على صحتهم لأن تعرضهم للخطر قد يجعلهم عاجزين على العمل. حصلت إيما على عروض مختلفة من البنوك، واختارت أنسبها مقابل معدل عمولة أقل، ورتبت حضور أحد موظفي البنك إلى المكتب مرة واحدة في الشهر، واتفقت على تركيب جهاز صراف آلي بالشركة. وماذا كانت النتيجة؟ مشكلات تم حلها، وموظفون سعداء، وبيئة عمل أفضل!

لماذا نهتم كثيراً بالرفاهة؟ تُظهر البيانات أن موظفي أي مؤسسة يبدؤون في الشعور أنهم أسوأ حالاً بنسبة تصل إلى 20% قبل شهر من مغادرتهم. إذ تقل حركتهم، وينامون لساعات طويلة، ويشعرون أن حالتهم أصبحت أسوأ. فهناك علاقة مباشرة بين الاستقالة والرفاهة. والطريقة الوحيدة للاحتفاظ بالموظفين والعمل بجد وتحقيق النجاح هي استخدام البيانات لمناقشة هذه المسائل. ويجب أن يتكيف القادة مع ذلك. حصل الرئيس التنفيذي لمستشفى فقيه الجامعي (Fakeeh University Hospital)، الدكتور فاتح محمد غول، على مسمى وظيفي جديد: الرئيس التنفيذي لتجربة الموظفين. فما هي المسميات الوظيفية الجديدة التي ستنشئها في شركتك من أجل مستقبل تضع فيه الموظفين في مقدمة أولوياتك؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي