تقرير خاص

كيف تحقق الشركات أرباحاً مع تبنيها لدورها في المسؤولية الاجتماعية؟ شركة ذيب لتأجير السيارات نموذجاً

4 دقيقة
شركة ذيب لتأجير السيارات

لم تعد أعمال المسؤولية الاجتماعية للشركات (CSR) مجرد مشروعات تنتهجها الشركة من باب الإحسان أو لتحسين صورتها، بل باتت ضرورة لاستمرار أعمال الشركات في الأسواق، بعدما أضحى الجميع بارعاً في محاسبة الشركات على النتائج الاجتماعية المترتبة على أنشطتها لدرجة تصل إلى المقاطعة والخسارة، مثل الحملة الشرسة التي تعرضت لها شركة شل حينما أغرقت منصة نفطية قديمة في بحر الشمال، والخسارة التي لحقت بفولكس فاغن بسبب تزييفها اختبارات انبعاثات عوادمها.

تسعى الشركات اليوم إلى تبني ممارسات المسؤولية الاجتماعية، وعلى الرغم من حجم الإنفاق الضخم، فمثلاً تنفق شركات فورتشن غلوبال 500 (Fortune Global 500) نحو 20 مليار دولار على أنشطة المسؤولية الاجتماعية للشركات، فلا تحدث جميعها التأثير نفسه، إذ أصبح المجتمع أكثر وعياً حول إذا ما كانت هذه الاستجابات تجميلية تُصنف من باب العلاقات العامة والحملات الإعلامية، أو أن الشركة صادقة في نواياها وتريد حقاً إحداث أثر إيجابي. وقد استطاعت شركات مختلفة إقناع الجمهور، حكومة ومستهلكين وناشطين، بجدية أعمالها، ومن هذه الشركات، شركة ذيب لتأجير السيارات (Theeb Rent a Car)، التي صُنفت ضمن أهم 50 علامة تجارية سعودية في مجال المسؤولية الاجتماعية، وفقاً للمركز الوطني للمسؤولية والدراسات وفوربس الشرق الأوسط.

حددت شركة ذيب لتأجير السيارات مجالات تخصصاتها فيما يتعلق بدورها المجتمعي، إذ نوّعت بين قطاعات إنسانية تسهم في حل مشكلات اجتماعية محلية، مثل مساعدة مؤسسات رعاية الأيتام وكذلك مؤسسات الاستقرار الأسري، وقطاعات تتعلق بنوعية أعمالها، مثل التوعية بالسلامة المرورية وكذلك تقديم تسهيلات تتعلق بالسيارات المجهزة لشرائح محددة من العملاء مثل المسنين وكبار السن، إضافة إلى ذلك تتبّع ممارسات الاستدامة البيئية في أعمالها.

وتعد شركة ذيب لتأجير السيارات من أهم الشركات على مستوى المملكة والمنطقة في قطاع تأجير السيارات، إذ بدأت عملها في القطاع منذ أكثر من 30 عاماً، وتحديداً في عام 1991، ليصل عدد فروعها إلى ما يزيد عن 55 فرعاً، وبأسطول يتجاوز 33 ألف سيارة، وتتنوع خدماتها بين تأجير المركبات للأفراد والشركات والمصانع، وتوفر أنواع المركبات كافة من السيارات وحتى الشاحنات، كما توفر خدمات لبيع السيارات المستخدمة أيضاً.

أعلنت شركة ذيب برنامج "ذيب الخير" الذي تندرج تحته الأنشطة الاجتماعية المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية كافة، ووضع البرنامج أهدافاً محددة تخدمها هذه الأنشطة، تتضمن هذه الأهداف الإسهام الفعال في خدمة المجتمع ونموه، ودعم الفعاليات الاجتماعية والطبية والتعليمية، ودعم الجمعيات الخيرية والإنسانية، ودعم الشباب والشابات الموهوبين في المجتمع في مختلف التوجهات، والإسهام في توعية المجتمع بالسلامة المرورية، ورعاية البيئة والإسهام في التخفيف من التلوث، ودعم الرياضات المختلفة.

فعلى سبيل المثال، ضمن هدف دعم الجمعيات الخيرية والإنسانية، أطلقت ذيب مبادرة "كهاتين" التي تتعاون من خلالها مع عدد من المؤسسات الخيرية لرعاية الأيتام، مثل الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام "إنسان"، ومنصة "إحسان"، وهي المنصة الوطنية للعمل الخيري، وبموجب هذه المبادرة تتبرع ذيب بمبلغ ريال واحد لكل جهة منهما عن كل عقد إيجار أفراد تبرمه، إلى جانب كفالة 25 يتيماً من جمعية إنسان سنوياً واحتضانهم لتلبية شاملة في كل ما تتطلبه شروط الكفالة، و25 يتيماً من جمعية بناء لكفالة الأيتام، كما أبرمت ذيب برنامجاً آخر مع مؤسسة رعاية أيتام أخرى "إخاء"، وهو برنامج سنوي يضم 30 من أبناء المؤسسة لتوفير احتياجاتهم المعيشية والحياتية والارتقاء بمستواهم الثقافي ومستواهم التعليمي بما يمكّنهم من الاندماج في الحياة الاجتماعية والاعتماد على ذواتهم، إضافة إلى رعاية بعض المسابقات داخل الجمعية في مختلف الأنشطة الخيرية والإنسانية.

وفي هدف توعية المجتمع بالسلامة المرورية، تطلق ذيب في شهر رمضان حملة من أكثر الحملات الذائعة الصيت "ترفق يالذيب" لتينّي مفهوم السلامة المرورية، وتتضمن توزيع مليون وجبة إفطار صائم عند الإشارات المرورية، للتوعية بالسلامة المرورية خاصة في شهر رمضان قبل موعد الإفطار حيث تكثر الحوادث. وفي هدف خدمة المجتمع، أطلقت ذيب خدمة "راحة" التي توفر مركبات مخصصة ومجهزة لخدمة المسنين وذوي الاحتياجات الخاصة، كالسيارات العائلية المجهزة بالكراسي المتحركة بلا رسوم إضافية.

تسهم مثل هذه المبادرات الإنسانية ليس فقط في تعزيز صورة الشركة مجتمعياً بل في تحسين أدائها وزيادة إيراداتها من عدة جوانب أيضاً، إذ تحسّن سمعة الشركة وتزيد شهرتها، فقد أفاد نحو 80% من المستهلكين للشركات التي تبذل جهوداً في المسؤولية الاجتماعية بأنهم يخبرون عائلاتهم وأصدقائهم عن جهود تلك الشركات، إلى جانب زيادة عدد العملاء المحتملين للشركات، إذ إن 68% على استعداد لدفع المزيد مقابل المنتجات المستدامة، وتصل هذه النسبة إلى 91% من جيل زد (GEN Z) الذين يقولون إنهم يريدون الشراء من الشركات المستدامة.

وتمتلك المبادرات البيئية دوراً كبيراً أيضاً، مثلها مثل المبادرات الاجتماعية، في تعزيز صورة الشركة لدى عملائها، إذ يدفع 70% من المتسوقين علاوة إضافية بنسبة 35% لكل تكلفة مقدمة للمشتريات المستدامة، مثل السلع المعاد تدويرها أو الصديقة للبيئة، وأبدى 57% منهم استعدادهم لتغيير عاداتهم الشرائية للمساعدة في تقليل التأثير السلبي على البيئة. وينطبق هذا الأمر على المستهلك السعودي، إذ توصلت دراسة إلى أن من أکثر جوانب المسؤولية الاجتماعية تأثيراً في اتخاذ قرار الشراء عند المستهلك السعودي هو ضرورة تبنّي الشرکات لاستراتيجيات جادة وواضحة للمسؤولية الاجتماعية ذات خطط زمنية وتشغيلية محددة، والإعلان عنها لعملائها.

وأظهرت شركة ذيب اهتماماً واضحاً بالتأثير البيئي سواء من خلال المبادرات البيئية أو من خلال اتباع الممارسات البيئية في عملياتها، فقد أسهمت في حلم التحول الوطني لتشجير مدينة الرياض بإطلاق مبادرة "الذيابة للتشجير" بالتعاون مع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، والمشاركة في "المبادرة الفلبينية للسعودية الخضراء" لجمع القمامة والنفايات في الصحراء والحدائق لبيئة خالية من الشوائب. إضافة إلى ذلك، تسعى ذيب إلى تطبيق مبادئ الاستدامة في أعمالها، فعلى سبيل المثال، كانت ذيب أول شركة في السعودية تمتلك سيارات كهربائية للإيجار، بل مصنَّعة في السعودية. ويعزز هذا الاتجاه صورة الشركة لدى المستهلك السعودي الواعي جيداً بقضايا البيئة، إذ أشارت نتائج مسح البيئة المنزلي الذي أجرته الهيئة العامة للإحصاء ونشرته إلى أن 84.1% من الأسر السعودية تهتم بقضايا ومواضيع متعلقة بالبيئة.

على الرغم من خطط شركة ذيب لتأجير السيارات بشأن زيادة أسطولها بشكل دوري، غير أنها تحرص خلال عملية شراء السيارات الجديدة على مراعاة أمور مهمة مثل كفاءة الطاقة، ومدى ترشيد استهلاك الطاقة الذي تتمتع به السيارات، وحجم إسهاماتها في الانبعاثات الكربونية، وبناءً على هذه الأسس ضمن معايير تشغيلية أخرى، تتخذ قرارات الشراء.

ما فعلته شركة ذيب لتأجير السيارات في تحديد أهدافها للمسؤولية الاجتماعية، وتنفيذها تنفيذاً جاداً، ثم الإعلان عنها لعملائها تعد استراتيجية فعّالة لنجاح الشركات في الاضطلاع بدورها المجتمعي، وفي الوقت نفسه تحسين أداء الشركة، وهما هدفان، كما أوضحنا سابقاً، غير متعارضين. فكما يقول الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة فورد، ويليام كلاي فورد الابن: "إنشاء مشروع تجاري قوي وبناء عالم أفضل ليسا هدفين متعارضين، فكلاهما عنصر أساسي للنجاح على المدى الطويل".

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي