في خضم السباق المحموم للحصول على التمويل، لا يستقصي رواد الأعمال بالشكل اللازم المتعمق - أو حتى أي لون من الاستقصاء اللازم - حول شركات رأس المال المغامر (أو ما تسمى بشركات رأس المال الجريء) التي يتقدمون إليها بعروضهم. والفِرق المؤسسية المتشوقة لجمع المال من أجل تنمية شركاتها تقيم شراكات طويلة الأجل مع شركات رأس المال المغامر التي لا يعرفونها تمام العلم. وهذه استراتيجية خطرة يمكن أن تُقحم الرؤساء التنفيذيين في شراكات منحرفة ذات توقعات مخالفة للواقع.
ولكي يفهم رواد الأعمال مستثمريهم فهماً أفضل، عليهم البدء بطرح الأسئلة الأربعة التالية:
ما هو سجل إنجازات شركة رأس المال المغامر؟
يختار غالبية رواد الأعمال إقامة شراكة مع أفضل شركات رأس المال المغامر من ناحية الأداء، إذا أُتيح لهم التعرف على أداء كل شركة منها. وعلى أي حال، فإن أفضل شركات رأس المال المغامر، بحكم تعريفها، تتمتع بخبرة في تمييز فِرق العمل الأعلى أداءً والتعاون معها، ومساعدة الشركات الناشئة على النمو سريعاً، وتوجيهها خلال عملية إنهاء الشراكة الناجحة.
وتُعد شركات رأس المال المغامر ذات الأداء المتدني أو غير المُتحقق الشريك الأكثر خطورة على رواد الأعمال. وهم عرضة لخطر أعظم يتمثل في خسارة شركاء الاستثمار - بما في ذلك، بشكل مبدئي، الشريك الذي دافع عن شركتهم - نظراً لاقتصاديات التمويل غير الجاذبة، مثل المستويات المتدنية لتكلفة التمويل. ومن المحتمل أن تواجه شركات رأس المال المغامر صاحبة الأداء الضعيف صعوبة أكبر في جمع المال لاحقاً، الأمر الذي يترتب عليه تكريس وقت ومجهود أكبر من جانب الشريك لجمع المال بدلاً من وضع محفظة استثمارية بالشركات. ومن الممكن أن تواجه تلك الشركات أيضاً صعوبات فيما يتعلق بحشد جولات لاحقة من التمويل لو ارتأت شركات رأس المال المغامر الأخرى أنها تخسر شركاءها، أو اشتبهت في أنها شركات "متعثرة" عاجزة عن جمع الأموال لاحقاً. وتعي شركات رأس المال المغامر هذه الآليات، وتعمل جاهدةً على الإبقاء على سرية الأرقام المعبرة عن أدائها.
وبدلاً من النظر إلى عوائد التمويل للحكم على شركات رأس المال المغامر، يتعامل رواد أعمال كثيرون مع العلامة التجارية للشركة أو شعارها على أنه دليل على الأداء. وسردية هذا المنهج هي أن أفضل رواد الأعمال سوف يسعون للحصول على رأسمال من شركات رأس المال المغامر ذات العلامة التجارية البارزة، مما يمكّنها من الاستثمار في أفضل الشركات، وتحقيق أفضل العوائد في نهاية المطاف. وهذه فرضية مثيرة للاهتمام، غير أنه لا توجد بيانات فعلية عن العوائد تدعمها. يحصل المستثمرون في صناديق رؤوس الأموال المغامرة على بيانات العوائد من مجموعة كبيرة جداً من الشركات، وأرقام الأداء هذه تبين أن عدداً كبيراً من شركات رأس المال المغامرة "ذات العلامات التجارية البارزة" تفشل بشكل منتظم في تحقيق الحد الأدنى من معدلات عائد رأسمال المجازفة.
إن الحد الأدنى "لمعدل العائد على رأس المال المغامر" الذي يتوقع المستثمرون الحصول عليه من صندوق رأس المال المغامر يُقدر بضِعف الأموال التي استثمروها، بعد استقطاع الرسوم ومخصصات الفوائد. وينبغي ألا ينسى رواد الأعمال أنّ شركات رأس المال المغامر موجودة حصراً لتحقيق إيرادات ضخمة لمستثمريها، مما يعني أن عليها التفوق على أسواق الأسهم العامة بـ 300-500 نقطةِ أساس سنوياً بحد أدنى. وغالبية شركات رأس المال المغامر تفشل بفارق كبير في تحقيق الحد الأدنى من تلك العوائد.
لتقييم سجل إنجازات شركة رأس المال المغامر، يستطيع رواد الأعمال الاستفسار عن الأداء الفعلي. فكثير من شركات رأس المال المغامر تتحرى الأمانة في تعاملاتها مع رواد الأعمال الذين يستفسرون عن عوائد شركاتها. وحذار من الذين يمتنعون عن منحك رؤية شاملة للأمور، أو الذين يركزون على عدد محدود من قصص التخارج الناجحة دون التعاطي مع الأداء الكلي للصندوق. فالعوائد القوية الناجمة عن عملية تخارج أو اثنتيْن لا تعني عوائد عظيمة للصندوق، و"استثمار واحد أو استثماران في الشعارات الرنانة" - فتستثمر شركات رأس المال المغامر في الشركات الرائجة لمجرد إضافة شعاراتها إلى محفظتها الاستثمارية - لا يعني شيئاً ما لم تستوعب حجم الاستثمار والوقت الذي أُنفق فيه وقيمته.
وتوجد وسيلة أخرى للاستفسار عن الأداء تتمثل في تحديد توقيت وحجم حملة جمع الأموال الأخيرة. فالشركات التي لم تجمع أموالاً منذ أكثر من أربع سنوات، أو التي تجمع أموالاً أقل فأقل تدريجياً، من الممكن أن تعاني من مشكلات في الأداء. ويستطيع رواد الأعمال أيضاً أن يجدوا كمية مفاجئة من بيانات أداء شركات رأس المال المغامر عبر مستثمرين عموميين، مثل صناديق المعاشات التقاعدية مثل "نظام التقاعد لمعلمي ولاية كاليفورنيا" (CALSTRS) وجامعات مثل "جامعة تكساس" (University of Texas). وعادةً ما يُطلب من هؤلاء المستثمرين العموميين الإفصاح عن أداء صناديق رأس المال المغامر التي يستثمرون فيها. والقوانين تختلف باختلاف الولايات، ولكن لو لم تُتح نتائج المحفظة الاستثمارية على شبكة الإنترنت (وكثير منها متاح)، فسوف يُسمح لك التقدم بطلب بسيط إلكتروني بموجب قانون حرية الحصول على المعلومات بالحصول على تلك النتائج. والبيانات ليست مثالية، وهي قديمة نوعاً ما، لكنها أفضل من لا شيء.
ما حجم الأموال التي تستثمرها شركة رأس المال المغامر شخصياً؟
ينطلق رواد الأعمال بقوتهم كلها مالياً عندما يؤسسون شركة ما، ويحصلون على رواتب منخفضة نسبياً، على أمل تحقيق نمو ضخم إذا تكللت جهود الشركة بالنجاح. ونتيجة لذلك، فإن رواد الأعمال يلتزمون بالكامل بالأداء الاقتصادي لشركتهم. وغالبية شركات رأس المال المغامر لا تُقْدم على مستوى قريب من المخاطرة المالية، لأنها لا تستثمر رأسمال شخصي كبير في صناديقها والشركات الموجودة في محفظتها الاستثمارية.
لطالما كان المعيار القياسي لهذه الصناعة أن 1% فقط من أموال رأس المال المغامر تُجمع من الشركاء أنفسهم، على النقيض من المستثمرين الخارجيين. وهذا القصور في "المشاركة" المالية يعزل شركات رأس المال المغامر عن أي قصور في أداء الصندوق. ويخلق هذا القصور أيضاً تضارباً في المحفزات الاقتصادية بين رائد الأعمال ورأس المال المغامر قد يفضي إلى خلافات حول استراتيجية الشركة وجمع الأموال والمواعيد الزمنية للانسحاب.
وكثير من شركات رأس المال المغامر تزيد من الأموال التي تستثمرها في صناديقها لإضفاء شعور قوي بالإيمان والثقة الشخصية بأدائها، وخلق توافق أفضل مع مستثمريها وشركاتها الموجودة في محفظتها الاستثمارية. وعلى رواد الأعمال أن يسألوا شركات رأس المال المغامر عن حجم استثماراتها شخصياً في صندوقها، والفرار من الصناديق التي لم تتحمس شركة رأس المال المغامر في تخصيص كمية هادفة من رأسمالها الشخصي، لا الإعراض عنها فحسب.
ما حجم صندوق رأس المال المغامر؟
يؤثر حجم الصندوق أيضاً على التوافق الاقتصادي بين شركة رأس المال المغامر ورائد الأعمال. تتلقى شركات رأس المال المغامر تعويضات وفق قاعدة '2 و20' التي تمنحها رسومات إدارية سنوية ثابتة نسبتها 2% من رأس المال المُخصص، و20% من مخصصات الفوائد على أرباح الاستثمار (إن وُجدت). ويعتمد شركاء رأس المال المغامر في الصناديق الأصغر حجماً على مخصصات الفوائد في غالبية تعويضاتهم، طالما أن تدفق الرسوم الإدارية ليس كبيراً بما يكفي ليضمن لهم رواتب أكبر من المعتاد. وترتبط تعويضاتهم بشكل وثيق بأداء محفظتهم الاستثمارية، وبالتالي فهم متوافقون بأكبر قدر ممكن مع رواد الأعمال الذين يستثمرون فيهم. وفي صناديق رأس المال المغامر الأكبر، يحصل الشركاء على رواتب عالية من الرسوم الإدارية الثابتة، بغض النظر عن أدائهم الاستثماري.
هل لديك قائمة بالرؤساء التنفيذيين للشركات المُدرجة ضمن المحفظة الاستثمارية؟
ينبغي على رواد الأعمال التحقق من مستندات أي شركة رأسمال مغامر يدرسون الاستعانة بها كمستثمر. تحدّث إلى ما بين 3 و5 رؤساء تنفيذيين على الأقل ممن استثمرت شركة رأس المال المغامر في شركاتهم - من المدرجين في قائمة المرجعيات ومن خارجها - واسأل عن مستوى مشاركة شركة رأس المال المغامر، وإسهامها في آليات عمل مجلس الإدارة، والجوانب التي كانت فيها عوناً (أو لم تكن كذلك) في نمو الشركة ودعم الرئيس التنفيذي. واحرص على مخاطبة المؤسسين الذين جاء أداء شركاتهم قوياً، وكذلك المؤسسين الذين تعثروا وعانوا الأمرّين. فغالبية شركات رأس المال المغامر تدعم الاستقصاء اللازم لرواد الأعمال، وسوف تشجعك على مخاطبة فِرق الشركات المُدرجة ضمن محفظتها الاستثمارية. وإذا قاومت إحدى شركات رأس المال المغامر هذه العملية، فاعلم أن هذا ناقوس خطر.
تُقدم هذه الأسئلة الأربعة نقطة انطلاق للاستقصاء اللازم لرواد الأعمال بخصوص المستثمرين المحتملين. ويجدر الانتباه إلى سلوك شركة رأس المال المغامر وأجوبتها عند طرح هذه الأسئلة. فإذا لم تقدم شركة رأس المال المغامر محل النظر أجوبة بصراحة وبسرعة، فربما هو الوقت لأن تسأل نفسك ما إذا كانت شركة رأس المال المغامر تلك هي المستثمر والشريك المناسب لشركتك.